أظهر القرار الذي اتخذته محكمة العدل الدولية، أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، في 23 يوليو، والذي ألزم الإمارات بالسماح بلمّ شمل أسر قطرية متضررة من الأزمة الخليجية، إلى حين البت النهائي في القضية التي رفعتها قطر، أن بعض وسائل الإعلام الخليجية تنشر فقط ما تتنماه وليس الحقائق.
وكان القطريون قد رفعوا أمام المحكمة، في يونيو الماضي، قضية تتهم الإمارات بالتمييز ضد المقيمين القطريين على أراضيها.
ودفعت الإمارات أمام قضاة المحكمة في 28 يونيو بعدم استحقاق النظر في القضية، مطالبة برفضها. لكن القضاة وافقوا على طلب قطر باتخاذ "تدابير وقتية" بغالبية ثمانية مقابل سبعة قضاة.
ويعني تعبير "تدابير وقتية" الذي جاء في الحكم، أن يتم رفع الضرر عن المتضررين، إلى أن يتم إصدار حكم نهائي في القضية.
ويلزم القرار الإمارات باتخاذ تدابير من شأنها لم شمل العائلات القطرية التي تأثرت بالمقاطعة، وبالسماح للطلاب القطريين باستكمال دراستهم في الإمارات، وللقطريين المتضررين بالتقاضي أمام القضاء الإماراتي.
وبحسب القضاة الذين أصدروا القرار، فإن "كثيراً من القطريين المقيمين في الإمارات اضطروا في ما يبدو إلى مغادرة محال إقاماتهم دون إمكانية عودتهم"، مضيفين أن "هناك خطراً وشيكاً من أن تمس الإجراءات التي اتخذتها الإمارات الحقوق التي تطالب بها قطر على نحو يتعذر إصلاحه".
وبدت تغطيات أشهر وسائل الإعلام الخليجية، المملوكة من قطر من ناحية، ومن الإمارات والسعودية من ناحية أخرى، لقرار محكمة العدل الدولية متناقضة إلى حد كبير.
مبالغة في الاحتفاء؟
فمن ناحية قطر، رأى إعلامها أن القرار "انتصار تاريخي"، أما بحسب وسائل الإعلام الإماراتية والسعودية فإن "محكمة العدل الدولية رفضت المطالب القطرية". واعتبر موقع فضائية الجزيرة الممول من الدوحة في تقرير له أن "الأحكام الملزمة للإمارات التي أقرتها محكمة العدل الدولية تشكل انتصاراً لقطر"، ونقل الموقع عن "خبير في القانون الدولي" قوله إن "هذه الأحكام انتصار قانوني وأخلاقي لقطر". كما نقل الموقع عن وكيل دولة قطر لدى محكمة العدل الدولية محمد الخليفي "سعادة بلاده بالحكم" الذي قال إنه "أنصف كل القطريين المتضررين من الإجراءات التعسفية التي اتخذتها أبو ظبي". ووصف مقال حمل عنوان "انتصار تاريخي" نشرته صحيفة الوطن القطرية قرار العدل الدولية بأنه "انتصار قطري قانوني وأخلاقي تاريخي، أنجز عبر العدالة الدولية". وبحسب هذا المقال، فإن "انتصار العدالة الدولية لقطر، وإنصافها للقطريين، تجلى بهذا القرار التاريخي". واعتبر صالح الكواري رئيس تحرير صحيفة الراية القطرية أن قرار المحكمة عرّى الإمارات أمام العدالة الدولية، معتبراً في مقال أن القرار "انتصار قانوني وسياسي جديد ولافت حققته دولة قطر ضد دولة الإمارات". وأضاف أن القرار "نصر جديد يضاف إلى انتصارات قطر السابقة ضد رباعي الشر، وضربة موجعة زلزلت الأرض من تحت أقدامهم وهزت عروشهم المهزوزة".إنكار للواقع؟
على الجانب الآخر، ظهر في بعض وسائل الإعلام الإماراتية والسعودية إنكار شديد لهذا الحكم، إذ عنون موقع سكاي نيوز عربية أحد أخباره بـ"الإمارات ترحب بقرار محكمة العدل الدولية الرافض لطلب قطر". وفي تفاصيل الخبر أن الإمارات رحبت بقرار محكمة العدل الدولية "الذي رفض طلباً من قطر بشأن التدابير المؤقتة بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري"."انتصار قانوني وسياسي جديد ولافت حققته دولة قطر ضد دولة الإمارات" أو "تمخض الجبل فولد فأراً"؟... معلومات مختلفة في الإعلام الخليجي عن قرار أصدرته محكمة العدل الدولية حول القطريين في الإمارات
بدت تغطيات أشهر وسائل الإعلام الخليجية، القطرية من ناحية، والإماراتية والسعودية من ناحية أخرى، لقرار محكمة العدل الدولية متناقضة إلى حد كبيرواعتبر الخبر أن "المحكمة رفضت منح جميع طلبات قطر للتدابير المؤقتة وبدلاً من ذلك وبأغلبية ضئيلة، أشارت المحكمة إلى بعض الإجراءات التي تتخذها الإمارات بالفعل". وأضاف أن "قرار المحكمة يعكس أن التدابير المؤقتة التي طلبتها قطر دون أساس صحيح ولم تكن مدعومة بأي أدلة". ونشر نفس الموقع أيضاً تصريحاً لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش بعنوان "قرقاش: العدل الدولية رفضت المطالب القطرية". اعتبر قرقاش، بحسب الخبر، أن قضاة محكمة العدل الدولية رفضوا المطالب القطرية، وطالبوا بإجراءات كانت الإمارات قد نفّذتها من قبل. ووصف قرقاش ملخص قرار محكمة العدل الدولية يوم 23 يوليو بأنه "تناول ما يعرف بالإجراءات الوقتية ورفض القضاة المطالب القطرية المقدمة". لم يختلف الوضع مع موقع فضائية العربية السعودية، فنشرت خبراً عن ترحيب الإمارات "بقرار دولي يرفض منح التدابير المؤقتة لقطر". أما صحيفة عكاظ السعودية فعنونت أحد أخبارها حول نفس القضية بـ: "في العدل الدولية.. تمخضت الشكوى القطرية فأنجبت ‘بؤساً’". وجاء في مقدمة الخبر: "يبدو أن المثل العربي الشهير ‘تمخض الجبل فولد فأراً’ أضحى الأقرب من حالة شكوى النظام القطري في محكمة العدل الدولية ضد الإمارات، إذ رفضت المحكمة منح جميع طلبات قطر التدابير المؤقتة". وقاطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطر، في يونيو 2017، متهمة إياها بدعم جماعات إرهابية وبالارتباط الوثيق بإيران، وهو ما تنفيه الدوحة. وقالت قطر التي رفعت القضية أمام المحكمة، في يونيو الماضي، إن الإمارات قامت أثناء المقاطعة بطرد آلاف القطريين وأوقفت حركة النقل وأغلقت مكاتب قناة الجزيرة القطرية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...