يعزو الكثير من الحجّاج الذين يتسللون من مختلف المدن السعودية إلى المشاعر المقدسة سبب تأديتهم مناسك الحجّ دون امتلاك التصريح الخاص به، إلى عجزهم عن دفع تكاليف الانضمام إلى حملات الحجّ، التي تعتبر المتطلب الأساسي للحجّ النظاميّ، وتوفّر للحجّاج مختلف الخدمات الضرورية خلال تنقلهم بين المشاعر المقدسة. من هذا المنطلق، يبدأ الحاج بالتفكير والتخطيط لتجنب الحواجز الأمنية المنتشرة على كلّ الطرق المؤدية إلى مكة والمشاعر المقدسة، والتي تمنع دخول الحجّاج الذين لا يمتلكون تصاريح.
إلا أن هذا العام باتت الأمور مختلفة. استحدثت سلطات الحجّ ما يسمّى برنامج "الحجّ منخفض التكلفة" لقطع الطريق على الحجّاج المخالفين للأنظمة. يسهّل هذا البرنامج على الحاج تلبية متطلبات الاشتراك فى إحدى الحملات الخاصة بالحجّ بأقل الأسعار، وهو ما يتيح له الحصول على التصريح الخاص بالحجّ.
وقد اتفقت وزارة الحجّ مع 45 شركة لتطبيق مشروع الحجّ المنخفض التكلفة هذا العام. يعمل المشروع على خدمة قرابة 45 ألف مواطن ومقيم بهدف تقديم الخدمات للحجّاج بأسعار مخفضة. تراوح أسعار حملات "الحجّ منخفض التكلفة" بين 2500 ريال وصولاً إلى 5000 ريال (ما يعادل 600 إلى 1300 دولار)، وتتضمّن: المخيمات الخاصة بالحجّاج، المأكل والمشرب، والمواصلات. في حين أن أسعار الحملات "العادية" الأخرى تتجاوز عتبة العشرة الآف ريال (نحو 2600 دولار) بحسب نوعية الخدمات التي تقدمها للحاجّ.
لكنّ عدداً من الحجّاج قد يخالفون هذه الأنظمة ويتجاهلون حملات "الحجّ منخفض التكلفة"، لزهدهم عن دفع تكاليف هذه الخدمات التي تؤمنها المؤسسات الخاصة أو لعدم قدرتهم على ذلك. يفترشون الطرق ويتنقلون مشياً، وهذا ما يتسبّب بحالة من الفوضى والازدحام، لا سيمّا في أوقات انتقال الحجّيج من مشعر إلى أخر.
تسعى السلطات إلى تحقيق التوازن بين أعداد الحجّاج والطاقة الاستيعابية للمشاعر المقدسة والقضاء على "ظاهرة الافتراش"، وتخفيض الازدحام على المسجد الحرام وجسر الجمرات. وهي عمدت في الأعوام الأخيرة إلى تعزيز حملات التوعية بين صفوف الحجّاج من داخل السعودية إلى ضرورة الحصول على التصريح الخاص بالحجّ لتجنب العقوبات التي من الممكن أن يواجهوها، لا سيما الحجّاج الأجانب المقيمين داخل السعودية.
وفي هذا السياق، حذّر قائد قوات الجوازات بالحجّ، اللواء عايض بن تغاليب الحربي، المواطنين والمقيمين من محاولة الحجّ بدون تصريح أو نقل المخالفين لأن ذلك سيعرضهم إلى عقوبات ستُطبّق هذا العام بكل صرامة، ومنها ترحيل الوافد الذي يحاول الحجّ بدون تصريح ومنعه من دخول المملكة مدة 10 سنين إضافة إلى غرامات مالية.
وكانت إمارة منطقة مكة المكرمة قد أقامت حملة إعلامية لتوعية المواطنين بضرورة الحجّ بتصريح تحت عنوان "الطريق الصحيح، الحجّ بتصريح". وكان أمير منطقة مكة المكرمة مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز، قد افتتح الحملة، مؤكّداً على ضرورة التقيّد بالأنظمة والتعليمات وعدم مخالفتها. يذكر أنّ من القرارت الجديدة التي اتخذت هذا العام، إلزام حجّاج دول مجلس التعاون الخليجي للمرة الأولى بالحصول على تصريح حجّ أسوة بالمواطنين السعوديين.
وكانت أعداد الحجّاج المخالفين وكذلك المهرّبين قد تراجعت بشكل لافت خلال موسم الحجّ الماضي مقارنة بالأعوام السابقة نظراً إلى باقة العقوبات التي تم التلويح بها، بالإضافة إلى عدد من العوامل الأخرى، منها تطبيق نظام البصمة الذي دُشّن خلال حجّ 2013 في كلّ المنافذ المؤدية إلى مكة المكرمة، وذلك بحسب عبد الله الحجّازي الذي يدير إحدى المؤسسات الخاصة بخدمة الحجّاج في منطقة مكة المكرمة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...