في نهاية مايو الماضي، أعلن وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد، خلال زيارة قام بها إلى القاهرة، أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سيزور الخرطوم في شهر أكتوبر القادم بهدف "إبرام عدة اتفاقيات ثنائية"، بحسب قوله.
لم يوضح أحمد وقتها سبب اختيار أكتوبر تحديداً موعداً لهذه الزيارة، لكن مراقبين اعتبروا أن الهدف هو أن تكون هناك فترة زمنية كافية للوصول إلى تقارب في وجهات النظر بين البلدين بشأن العديد من الملفات التي سببت أزمات بينهما في الفترة الأخيرة.
لكن يبدو أن حل تلك الأزمات تم بأسرع مما توقع وزير الخارجية السوداني، إذ سيقوم السيسي بزيارة إلى الخرطوم في 19 يوليو، وهي الزيارة الأولى له إلى العاصمة السودانية بعد إعادة انتخابه مؤخراً لولاية رئاسية ثانية.
وبحسب ما أكده سفير السودان لدى مصر ومندوبه الدائم لدى جامعة الدول العربية عبد المحمود عبد الحليم، ستستغرق زيارة السيسي يومين.
واعتبر عبد الحليم أن الزيارة "تتميز بأهميتها توقيتاً ومضموناً" وتأتي في إطار التواصل المستمر بين قيادتي البلدين ورداً على الزيارة التي قام بها الرئيس السوداني عمر البشير للقاهرة قبيل الانتخابات الرئاسية.
وفي مارس الماضي، زار البشير القاهرة للمرة الأولى منذ عام 2016، العام الذي انفجرت فيه العديد من التوترات بين الجارتين، بشأن ملفات خلافية عدة.
ولم يخفِ البشير أثناء تلك الزيارة أن هناك توترات بين بلده وبين مصر، لكنه قال في مؤتمر صحافي جمعه بالسيسي إن هناك إرادة سياسية للتعاون لحل هذه التوترات، مضيفاً: "نحن أمام مرحلة مفصلية تاريخية ونشاهد ما تعانيه منطقتنا من مشاكل، وهذا يتطلب مزيداً من التقارب والتعاون".
قبل ذلك، في الثامن من فبراير الماضي، عُقد في القاهرة اجتماع رباعي ضم وزيري خارجية البلدين ورئيسي جهازي مخابراتهما، في محاولة لتقليل التوتر بين البلدين، وانتهى الاجتماع بعدة قرارات من ضمنها العمل على احتواء الأزمة الإعلامية التي كانت قد نشبت بين البلدين، ورفض التناول المسيء لأي من الشعبين أو القيادتين.
وعقد هذا الاجتماع الرباعي عقب لقاء جمع السيسي والبشير على هامش قمة الاتحاد الإفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وتم فيه الاتفاق على إنشاء آلية تشاورية رباعية بين وزارتي الخارجية وجهازي المخابرات العامة في البلدين.
أبرز الملفات الخلافية بين البلدين
أحد الخلافات بين البلدين يتعلق بانزعاج مصر الشديد من اتفاق بحري بين تركيا والسودان ظهر إلى العلن في ديسمبر 2017، حين أعلنت تركيا عن عزمها إعادة بناء ميناء سواكن التاريخي في السودان، على البحر الأحمر. و"صفقة" سواكن، التي أُعلن عنها خلال زيارة للميناء القديم قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هي واحدة من عدة صفقات تم الاتفاق عليها بين تركيا والسودان بقيمة إجمالية تصل إلى 650 مليون دولار. من ضمن تلك الاتفاقات واحد ينص على بناء حوض لصيانة السفن المدنية والعسكرية، وآخر ينص على التعاون العسكري بين البلدين.تقارب بين مصر والسودان بدأه جهازا المخابرات في البلدين... ما أسباب التوتر في الفترة الماضية؟ وما تأثير التقارب على المعارضين السودانيين المقيمين في القاهرةملف بارز آخر في الخلاف بين القاهرة والخرطوم هو ذلك المتعلق بسد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل، وهو مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية تخشى القاهرة أن يؤثر على حصتها من مياه النيل. ويدعم السودان بناء السد لأنه سينظّم الفيضانات فيه وسيوفر له الكهرباء والري. وعام 2017، حظر السودان استيراد جميع المنتجات الزراعية المصرية، في خطوة اعتبر مراقبون أنها ترتبط بدرجة كبيرة بملف خلافي شهير بين القاهرة والخرطوم، وهو النزاع على السيادة على منطقة حلايب وشلاتين الحدودية، في جنوب مصر حالياً.
هل تدفع المعارضة السودانية الثمن؟
يمكن القول إن فاتورة إنهاء التوتر وإصلاح العلاقات بين البلدين، ستدفعها المعارضة السودانية التي تتواجد داخل الأراضي المصرية. وأظهرت تقارير إعلامية طلب السلطات المصرية من معارضين سودانيين يقيمون على أراضيها عدم القيام بأي عمل سياسي "حفاظاً على الأمن القومي لوادي النيل". كما تحدثت قيادات في المعارضة السودانية عن تلقيها رسائل من الحكومة المصرية جاء فيها: "مصر بلدك وترحب بك مقيماً حيثما شئت، ومستعدة لتقديم أي عون إليك طالما بقيت بعيداً من ممارسة السياسة، ومعارضة الحكومة السودانية على الأرض المصرية". وبلغة تهديد غير مباشرة إضافت الرسائل: "مصر لها علاقات مهمة واستراتيجية مع السودان، تقتضي مراعاه ظروف أبعاده الإقليمية وأمنه القومي، والاتفاق بيننا هو ألا يمارس أي مصري أو سوداني نشاطاً معارضاً في البلد الآخر. إن تفهمك الأمر جزء مهم من تحقيق نظرية الأمن القومي لوادي النيل". وفي الأول من يوليو، منعت السلطات المصرية رئيس حزب الأمة السوداني المعارض الصادق المهدي من دخول البلاد، وطالبته بمغادرة المطار بعد أن بقي فيه عدة ساعات. وكان المهدي الذي توجه بعد ذلك إلى لندن، قادماً إلى مصر من برلين، بعد مشاركته في اجتماعات تكتل للمعارضة يُعرف باسم "نداء السودان" مع الحكومة الألمانية. وانتقل المهدي للإقامة في القاهرة منذ مارس، وسمحت له السلطات المصرية بالسفر والتنقل بحرية خلال الفترة التي قضاها على أراضيها. وما حدث مع الصادق المهدي الذي يرأس أيضاً "قوى نداء السودان"، وهو تحالف للمعارضة يضم أحزاباً مدنية وحركات مسلحة ومنظمات مجتمع مدني، مرشح بقوة للتكرار مع معارضين سوادانيين آخرين.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع