بعد أسابيع معدودة على صدور تقارير تفيد بحدوث هجوم بأسلحة كيميائية في سوريا واتهام السلطات السورية باستخدام الغاز الكيميائي ضد المدنيين، كان بديهياً أن يثير تولي سوريا رئاسة "مؤتمر نزع السلاح" في جنيف كلّ هذا الغضب والاستنفار والتنديد. مع اقتراب يوم الاثنين 28 مايو، موعد تسلم سوريا الرئاسة لأربع أسابيع، بدأ الغضب يتصاعد من "هذا اليوم الأسود في تاريخ مؤتمر نزع السلاح"، على حدّ وصف سفير واشنطن في جنيف روبرت وود في تغريدة له. واكب ذلك غضب دبلوماسي عبرت عنه كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا… وصولاً إلى انسحاب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة في اليوم الثاني (الثلثاء 29 مايو) من المؤتمر، ما إن بدأ السفير السوري حسام الدين آلا الكلام، قبل أن يعود مع إنهاء الأخير كلمته ليصف الوضع بـ"المهزلة".
كيف تولت سوريا الرئاسة إذاً؟
"هل كان ما حدث كارثة علاقات عامة للأمم المتحدة؟ أو علامة على وجود خلل في المنظمة الدولية؟"، تساءلت "هيئة الإذاعة البريطانية مذكرة أن مؤتمر نزع السلاح هو نفسه الذي تفاوض بمشقة بشأن معاهدة حظر الأسلحة الكيمياوية التي وقعتها سوريا. بالاستناد إلى نظام تداول الرئاسة، الذي وضعته الدول الأعضاء أساساً من أجل منع الدول الأكثر قوة من التنافس باطراد على المنصب، تتولى سوريا رئاسة المؤتمر من سويسرا لأنها تأتي أبجدياً بعدها في قائمة الدول الأعضاء. وهكذا وفق مسؤول في الأمم المتحدة، تحدث لـ"بي بي سي" شارحاً النظام الداخلي،"لا يستطيع أحد ولا حتى الأمين العام نفسه تغيير النظام. ويجب أن تغيّره الدول الأعضاء". وكما ذكر البيان البريطاني الرسمي، فإن منع سوريا من تولي الرئاسة لم يكن بالأمر السهل، إذ يقتضي ذلك "إجماع الدول الأعضاء الـ65 في المؤتمر كلّها بما فيها سوريا حتى لا تتولى هي الرئاسة". وبينما حرصت بريطانيا على التأكيد أن "ما سوف نفعله هو أن نضمن ألا تؤدي رئاسة سوريا إلى أي أضرار بعمل المؤتمر أو الهيئات التابعة له"، كانت الخطوة الأمريكية بالانسحاب أكثر وضوحاً، فيما وعد وود أن تقوم بلاده "بكل شيء لمنع الرئاسة السورية للمؤتمر من اتخاذ مبادرات في الأسابيع المقبلة". كما حذر السفير من أنه خلال تولي سوريا للرئاسة "سنكون متواجدين في هذه القاعة لضمان أن سوريا لن تتمكن من القيام بمبادرات تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة، لكننا سنغير بشكل جوهري طبيعة تواجدنا في الجلسات العامة"، قبل أن يعود ليجلس في مقعد يخصص عادة للمساعدين. ومن المنتظر ألا تشارك الولايات المتحدة في اجتماعات الهيئات الفرعية الخمس، التي تم إقرارها في ظل الرئاسة السويسرية المنتهية في محاولة لفك الجمود عن هذا الهيكل الذي يُعاني من تعطل أشغاله منذ ما يزيد عن عشرين عاماً. وفي شهر مارس الماضي، كان أعضاء المؤتمر قرروا إطلاق خمس هيئات فرعية ضمن مؤتمر نزع السلاح الذي يُتفاوض داخله بشأن نزع السلاح النووي، والحيلولة دون نشوب نزاع نووي ومنع سباق تسلح في الفضاء وضمان عدم استخدام الأسلحة النووية.ما هو المؤتمر وكيف يعمل؟
بحسب النظام الداخلي له، المنشور على موقع الأمم المتحدة الرسمي، أنشئ المؤتمر عام 1979 بوصفه "محفل المجتمع الدولي للتفاوض المتعدد الأطراف لنزع السلاح"، نتيجة للدورة الجمعية العامة الاستثنائية الأولى المكرسة لنزع السلاح التي عقدت في العام نفسه.رغم الغضب الدولي، لم يكن منع سوريا من تولي الرئاسة بالأمر السهل، إذ يقتضي ذلك "إجماع الدول الأعضاء الـ65 في المؤتمر كلّها بما فيها سوريا حتى لا تتولى هي الرئاسة"
غضب دبلوماسي عبرت عنه كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا… وصولاً إلى انسحاب السفير الأمريكي ما إن بدأ نظيره السوري حسام الدين آلا الكلام، قبل أن يعود ليصف الوضع بـ"المهزلة" ويتوعد بالمواجهةوخلف المؤتمر محافل أخرى للتفاوض كانت جنيف مقراً لها، بما فيها مؤتمر اللجنة العشرية لنزع السلاح (1960) ومؤتمر اللجنة الثمان عشرية لنزع السلاح (من 1962 إلى 1968)، ومؤتمر لجنة نزع السلاح (من 1969 إلى 1978). والمدير العام الحالي لمكتب الأمم المتحدة في جنيف هو الأمين العام لمؤتمر نزع السلاح وهو أيضاً الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة لدى المؤتمر. أما اختصاصات مؤتمر نزع السلاح فتشمل عملياً جميع مشاكل التحديد المتعدد الأطراف للأسلحة ونزع السلاح. ويركز اهتمامه في الوقت الراهن على: وقف سباق التسلح النووي ونزع السلاح النووي، منع الحرب النووية، منع سباق التسلح في الفضاء الخارجي، اتخاذ ترتيبات دولية فعالة لتأمين الدول غير الحائزة للأسلحة النووية من استعمال الأسلحة النووية أو التهديد باستعمالها، الأنواع الجديدة من أسلحة الدمار الشامل والمنظومات الجديدة من هذه الأسلحة والشفافية في مسألة التسلح. ولمؤتمر نزع السلاح علاقة خاصة بالأمم المتحدة، فقد اعتمد نظامه الداخلي الخاص ولديه جدول أعمال خاص به، إلا أنه يأخذ بعين الاعتبار توصيات الجمعية العامة ومقترحات الدول الأعضاء فيها.
"مقاربة بناءة" أم تعطيل؟
في كلمته الإفتتاحية أمام الجلسة العامة، قال السفير السوري إنه يعتزم انتهاج مقاربة "بناءة" نافياً ما تتهم به سوريا من هجمات كيميائية، بينما أكد أن رئاستها للمؤتمر "لا يمكن أن تضر" بعمله. وبينما هنأ سفير الصين سوريا على الرئاسة، أشار الأمين العام للأمم المتحدة بحزن إلى تعطيل المؤتمر قضايا كثيرة لعدة سنوات، معتبراً أنه (المؤتمر) "لم ينتج إلا قليلاً" على مدى عقود، بينما دعا إلى "إعادة تنشيطه" كما تمنى ألا تؤثر رئاسة سوريا على المبادرات الرامية إلى نزع السلاح، مذكراً أن صلاحياته لا تخوله التدخل بهوية من يرأس المؤتمر. وكان مؤتمر نزع السلاح مناسبة لمواجهات عديدة بين أعضائه، مثل ما حصل مؤخراً بخصوص شبه الجزيرة الكورية أو بشأن الأسلحة الكيميائية. ومع أن اعتماد المؤتمر صيغة التوافق العام في أسلوب عمله يزيد من صعوبة الوصول إلى أي قرارات، يبقى العامل الرمزي هو أساس الاعتراض الذي رافق رئاسة سوريا للمؤتمر الذي كان أنتج معاهدة الأسلحة الكيميائية (المنبثقة منها منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية)، في وقت تحقق المنظمة حالياً بشأن تورط سوريا في حوالي 14 حالة يعتقد أن أسلحة كيمياوية استخدمت فيها ضد مدنيين.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع