يلخّص المرشّحون للانتخابات الرئاسية في تونس، والمقررة في 23 نوفمبر، حملاتهم الانتخابية في شعارات تسعى إلى استمالة المواطنين. لذلك عملوا جميعاً على اختيار شعارات قادرة على جذب اهتمام الناخبين، وفيها تلخيص لتوجهاتهم السياسية وتوضيح لأولوياتهم في المرحلة المقبلة.
اختار الباجي قائد السبسي، مرشح حزب نداء تونس الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة، شعار "تحيا تونس". هو شعار قصير يختزل فكرة استمرار النموذج التونسي، ويأتي على نحو دعاء مع ما تحمله هذه الصيغة من معاني الحب والوفاء.
ورغم بساطة هذا الشعار من الناحية التركيبية، فإن السبسي يحاول ربط نفسه ببدايات المشروع الوطني مع الزعيم الحبيب بورقيبة، الرئيس العلماني المُعجب بالغرب، والذي كان يستعمل هذه العبارة بكثرة في خطبه السياسية. ولطالما تحدث السبسي عن تبنّيه للفكر البورقيبي، في مسعى منه لإقناع الناخب بأنه خير من يمثّل المشروع الوطني، والأقدر على إحيائه.
يقوم هذا الشعار على ضمير المتكلم الجمع "نحن". وهو أسلوب يسعى المرزوقي من خلاله إلى تعريف نفسه كأحد أفراد الشعب، على خلاف صيغة "الأنا" التي كانت ربما ستظهره منقطعاً عن القواعد الشعبية. أما الخاصية الثانية لهذا الشعار فتتلخص في فكرة "الانتصار" الحتمي. فتركيبة الشعار قائمة على احتمالين غير مختلفين، وبالتالي فلا خيار مطروح غير الانتصار.
ولكن هذا الشعار لا يحدد الجهة "المنتصَر عليها"، فربما المقصود بها المنظومة القديمة التي يحاول بعض رموزها العودة إلى السلطة، أو ربما المقصود بها الباجي قائد السبسي على وجه التحديد لأن المحللين يعتقدون أن المنافسة على كرسي قرطاج ستنحصر في نهاية الأمر بين السبسي والمرزوقي.
يحمل هذا الشعار في طياته معنى انتماء حمة الهمامي، مرشح الجبهة الشعبية، إلى عامة الشعب، وفي ذلك تأكيد أنه "منهم وإليهم". وجاء الشعار بلهجة عامية بسيطة ليؤكد اندماج المرشح مع قواعده الشعبية. يبتعد الهمامي عن أي تعقيدات لغوية قد تنتج عنها معانٍ لا تتماشى مع روح الجبهة الشعبية المنادية بالعدالة الاجتماعية وتحقيق التقدّم للطبقات الفقيرة.
ويقوم الشعار على تقابل رمزي بين مصطلحي "ولد الشعب" (ابن الشعب) و"رئيس"، فيظهر الهمامي في هذا التركيب وكأنه الوحيد القادر على وصل الهوة التي تفصل بين المعنيين، وبالتالي الأقدر على تحقيق ما يبدو مستحيلاً: أن ينتخب الشعب ابنه لمنصب رئيسه.
كلثوم كنو هي المرأة الوحيدة التي تخوض غمار الانتخابات الرئاسية في تونس (من بين 27 مرشحاً)، وهي مرشحة مستقلة لم تحظَ بدعم أي حزب سياسي. اختارت كلثوم كنو شعاراً يدعو إلى العمل لمصلحة تونس، مؤكدة أن هذه القيمة ستعود حتماً بالنفع على البلاد.
يحمل هذا الشعار في طياته تأكيداً على ضرورة العمل الدؤوب من أجل مستقبل أفضل. كما لا يخلو من دعوة إلى التغيير، والقطع مع عادة التكاسل وارتفاع وتيرة الإضرابات التي ميزت المرحلة السابقة. وفي ذلك مغازلة لصوت المواطن البسيط الذي ملّ كثرة الاحتجاجات والاعتصامات التي تؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني.
حاول كمال مرجان في هذا الشعار التأكيد أن منصب الرئاسة ليس وظيفة عادية، وبالتالي فهو ليس متاحاً للجميع. يوحي الشعار بأن تونس تحتاج إلى شخصية بمواصفات معينة لتشغل منصب الرئيس.
ويرى مرجان أنه الوحيد الذي تتوفر فيه تلك المواصفات، كونه يمتلك تجربة سياسية وخبرة ديبلوماسية. فقد عمل سنوات طويلة في الأمم المتحدة قبل أن يشغل منصب وزير دفاع ثم وزير خارجية في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
لا يخلو هذا الشعار أيضاً من معنى القدرة على الإنقاذ وتحقيق الرقي المنشود، فـ"الأمانة" تقتضي الإخلاص في الاعتناء بالشيء والمحافظة عليه. وفي الشعار تأكيد ضمني على أن تونس تحتاج إلى شخص "أمين" يرعاها ويحقق تقدمها.
وكثيراً ما يسوّق كمال النابلي لنفسه عبر هذه الفكرة لأن الرجل عرف بنظافة اليد أثناء تولّيه وظائف ومناصب كثيرة منها وزارات في عهدي الرئيسين بورقيبة وبن علي، إضافة إلى مناصب قيادية في مؤسسات دولية كبيرة.
اختار الصافي سعيد، وهو مرشح مستقل، أقصر شعار في هذه الانتخابات الرئاسية. ويقوم شعار "متحدون"، الذي جاء في صيغة المتكلم الجمع، على ضرورة التلاحم والتآزر بين أفراد الشعب للسير بالبلاد نحو غد أفضل.
لا يخلو الشعار من تلميح إلى المرحلة الماضية التي تميزت بتجاذبات سياسية كبيرة أحدثت انقسامات في صفوف الشعب على أسس متعددة، منها ما هو ديني ومنها ما هو جهوي، إلخ. وبالتأكيد على ضرورة الاتحاد، يبعث الصافي سعيد برسالة مفادها أن العمل على تقوية مشاعر الوحدة والعمل المشترك ستكون في صميم أولوياته إذا انتخب رئيساً.
يُلخص هذا الشعار بشكل دقيق مطالب شريحة واسعة من المجتمع التونسي. وربما اختار الهاشمي الحامدي، العائد أخيراً من لندن، بعد أكثر من 18 سنة في المنفى، هذا الشعار لمعرفته الجيدة بحاجات الشعب، خاصة أنه ينحدر من منطقة سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية.
من خلال مصطلح "العدالة الاجتماعية" الذي تضمّنه الشعار، يعد الحامدي بتحسين معيشة المواطن العادي، مثلما يعد بتحقيق الأمن والحرية للجميع، وفي ذلك إشارة إلى فشل أسلافه في تحقيق هذين الهدفين، ووعد بتحقيق ما لم ينجح غيره في تحقيقه.
يقوم هذا الشعار أيضاً على صيغة المتكلم الجمع، ويتحدث عن تونس التي يحلم بها جميع التونسيين. يحاول نجيب الشابي استمالة عاطفة التونسيين الحالمين بمستقبل أفضل، ويقدم نفسه على أنه الأقدر على تحقيق ذلك.
لا يخلو الشعار من إشارة إلى وضع تونس الحالي، الذي هو ليس "الوضع الذي نريد". وبالتالي وجب السعي إلى مستقبل أفضل، سيكون أحمد نجيب الشابي الضامن لتحقيقه.
ربما هذا الشعار هو أكثر الشعارات سطحيةً في الحملات الانتخابية. فهو يختزل برنامج سليم الرياحي، رجل الأعمال المعروف ومرشح الحزب الوطني الحر، بكلمة "الرئيس". يتضمن الشعار إحالة إلى المنصب الحالي الذي يشغله الرياحي وهو منصب رئيس النادي الأفريقي، أحد أهم الأندية الرياضية في البلاد والذي يتمتع بقاعدة جماهيرية واسعة. ومن خلال هذه الإحالة يغازل جماهير هذا الفريق ويحاول استمالتهم للتصويت له.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع