تميم ومحمد بن سلمان... تنافس على التقرّب من اللوبي اليهودي
السبت 31 مارس 201803:28 م
تثير اللقاءات التي عقدها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مع ممثلين عن جماعات ضغط يهودية مخاوف من تقديم كل من الرياض والدوحة تنازلات لإسرائيل تضر بالقضية الفلسطينية، في مقابل تحقيق مساندة الإدارة الأمريكية لأحد الطرفين في النزاع الدائر بينهما.
وكشفت تقارير عدّة أن محمد بن سلمان عقد لقاءين أحدهما مع رجال دين يهود والآخر مع ممثلين عن جماعات ضغط يهودية، وذلك في نيويورك خلال جولته الأمريكية.
الاجتماع الأول عقده ولي العهد السعودي مع ممثلين عن ستة جماعات ضغط يهودية، بعد ظهر 27 مارس، في فندق بلازا في مانهاتن لبحث الخلاف السعودي-الإيراني، مسار السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومقاربة السعودية لقضية معاداة السامية.
ينتمي ممثلو المنظمات اليهودية إلى لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC)، ومنظمة مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى، ومنظمة الفدراليات اليهودية في شمال أمريكا، ورابطة مكافحة التشهير (ADL)، واللجنة الأمريكية اليهودية (AJC)، ومنظمة بناي بيرث. واستمر اللقاء أكثر من ساعة وفقاً لموقع ألغماينر الألماني.
وكشف موقع بلومبرغ أن ولي العهد السعودي عقد لقاء ثانياً مع رئيس "الاتحاد من أجل إصلاح اليهودية" الحاخام ريتشارد جاكوبس و"رئيس الكنيس المتحد لليهودية المحافظة" الحاخام ستيفن ويرنيك ونائب الرئيس التنفيذي لـ"الاتحاد الأرثوذكسي" آلان فاغن، في 28 مارس.
وأفاد موقع "فوروورد" التابع لجماعات الضغط اليهودية في واشنطن بأن ولي العهد السعودي لم يدعُ ثلاث من جماعات الضغط اليهودية وهي "جي ستريت" و"أمريكيون من أجل السلام الآن" وAmeinu.
وهذه المنظمات الثلاث شديدة الدعم لإسرائيل، لكنها تؤيد فكرة حل الدولتين وتروّج لأحزاب اليسار الإسرائيلي المعارضة لحزب الليكود وتناهض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو.
وقد يكون تجنب ولي العهد السعودي دعوة هذه المنظمات عائداً إلى رغبته في عدم إغضاب اليمين الإسرائيلي الحاكم والمنظمات الست التي التقى بها، كونها منظمات تميل نحو حزب العمل والمعارضة.
كما قد يكون السبب رغبته في الابتعاد عن منظمات تؤيد حل الدولتين في هذه المرحلة، هو الذي أكد أنه لا يحاول التركيز على أي شيء قد يثير التوتر في ما يتعلق بقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ماذا يريد اللوبي اليهودي؟
ماذا تريد الجماعات اليهودية الموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة من الأمير الشاب؟ تجيب صحيفة هآرتس بأن اجتماع ابن سلمان مع القيادات اليهودية يُعدّ "أمراً في غاية الأهمية" لأن السعودية تمنع بناء المعابد اليهودية ولا تسمح بظهور رموز غير إسلامية مثل نجمة داود. وتضيف الصحيفة أن لقاءات الأمير الشاب مع قيادات دينية مؤخراً في بريطانيا وأمريكا تأتي ضمن رؤية "2030" وما تتضمنه من "تشجيع التسامح الديني" والترويج لـ"الإسلام المعتدل". من جانبها، رأت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن الاجتماع بحد ذاته يشكّل نقطة تحوّل للجالية اليهودية الأمريكية التي افتقرت منذ عقود إلى أية قناة اتصالات مع القيادة السعودية "المعادية تاريخياً لإسرائيل"، على حد وصف الصحيفة. ونقلت الصحيفة عن قادة يهود في واشنطن أنهم يرون أن الاجتماع مع محمد بن سلمان علامة على جديته في توطيد العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل. ونشرت جيروزاليم بوست مقالاً للحاخام شمولي بوتيش، الناشط في صفوف الجالية اليهودية بنيويورك، يشيد فيه بإصلاحات ابن سلمان في مجال حقوق الإنسان والانفتاح ببلاده، إلا أنه وصفها في نهاية الأمر بـ"غير الكافية". يقول الحاخام في مقالته التي نشرها تعليقاً على لقاء الأمير الشاب مع ممثلي جماعات الضغط اليهودية إن الطريق أمامه لا يزال طويلاً وعليه إثبات حسن النية وتحسين ظروف صنع السلام عبر تطبيع العلاقات مع إسرائيل وإنه "اتخذ بعض الخطوات الإيجابية المشجعة، لكنه يحتاج إلى تحقيق القفزة النهائية والشجاعة"، وهي الاعتراف بإسرائيل. ورأى الحاخام اليهودي في مقالته التي نشرها بعنوان "الأمير السعودي يجب أن يهزّ العالم باعترافه باسرائيل" أن اعتراف الرياض بإسرائيل سيدفع كافة دول العالم إلى وقف مقاطعتها لها وسيدفع الفلسطينيين إلى تقديم التنازلات المطلوبة وأهمها الاعتراف بيهودية الدولة العبرية. ويضيف بوتيش، وهو من أصحاب الكتب الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة: "أصبح الجمهور السعودي أكثر تركيزاً على الداخل ويتطلع إلى تحسين رفاهيته... كان عدم وجود رد فعل لدى السعوديين على قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتجاهلهم لدعوات الفلسطينيين للاحتجاج، أحد المؤشرات على حدوث تغيير في تصورهم للقضية الفلسطينية". وتابع: "في الماضي موّل السعوديون حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية، مشجّعين عنفهم ضد إسرائيل... كانوا يقوضون السلام والاستقرار في المنطقة برفضهم تطبيع العلاقات مع إسرائيل".ماذا يريد ابن سلمان؟
ولكن ماذا يريد الأمير الشاب من إسرائيل وجماعات الضغط اليهودية؟ يجيب الكاتب في صحيفة هآرتس أنشيل بفيفير في مقال بعنوان "ولي العهد وإسرائيل: هناك أخبار جيدة وهناك أخبار مزعجة" بأن الأمير الشاب لديه هدف واحد يريد أن يحققه وهو أن يكون الشخصية الأقوى في الشرق الأوسط في العقود المقبلة. لكنّه يحذّر من أن هذا الهدف لم ينته بشكل جيد بالنسبة إلى الزعيم المصري جمال عبد الناصر والرئيس العراقي صدام حسين.ليس محمد بن سلمان وحده مَن يحاول التقرب من جماعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة. سبقه في ذلك أمير قطر الشيخ تميم بن حمد من أجل تحسين صورة بلاده في واشنطن
تثير اللقاءات التي عقدها محمد بن سلمان وتميم بن حمد مع ممثلين عن جماعات ضغط يهودية مخاوف... فماذا يريدان منهم؟وإضافة إلى التقارب السعودي الإسرائيلي في ما خص التصدي لنشاطات إيران في الشرق الأوسط، تريد المملكة ألا تتم عرقلة بعض أهدافها من قبل اللوبي اليهودي. وكتب مدير "مشروع الاستخبارات" في بروكينغز بروس ريدل أن إسرائيل تقف ضد مساعي السعودية الهادفة إلى تخفيف القيود الأمريكية عليها في ما خص مشروع بناء مفاعلات نووية على أراضيها، وأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو قام بضغوط ضد أي اتفاق مماثل مع المملكة، في بداية مارس. وتطالب المملكة بحقها في تخصيب اليورانيوم على أراضيها إسوةً بإيران. وقال ريدل إن حملة الضغط السعودية الهادفة إلى اكتساب بعض التكنولوجيات النووية ستواجه معارضة شديدة إذا قررت إسرائيل أنها تريد منع ذلك. واللقاءات الأخيرة لولي العهد السعودي ليست سابقة. فقد أشارت هآرتس إلى أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وابنه محمد كانا قد استضافا في السعودية مجموعة من قادة اليهود في الولايات المتحدة.