"مليارات، مليارات، مليارات…."، قد يختصر هذا الفيديو الساخر، الذي تمّ جمعه من خطابات مختلفة للرئيس الأمريكي، الطريقة التي يتحدث فيها الأخير عن المال.
جديده كان في اللقاء الأخير مع وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، حيث قارب رجل الأعمال والرئيس الحالي لأمريكا مسألة الصفقات بين البلدين، بطريقة استعراضيّة أثارت موجة سخرية واسعة، في وقت بدا لافتاً ضحك بن سلمان خلال اللقاء.
خلال استعراضه قيمة الصفقات العسكرية بين البلدين، وأنواع الأسلحة التي يتوقع أن تزود بها إدارته الرياض، حمل الرئيس الأمريكي لوحة (كرتونة) رُسمت عليها نماذج الأسلحة المدرجة في الصفقة، لافتاً إلى أن إجمالي المبلغ في لوحة واحدة يصل إلى مليار و525 مليون دولار.
وفي تعليق لا يُسمع عادة في التصريحات السياسيّة، قال ترامب "هذا المبلغ أشبه بفتات بالنسبة لكم"، فظهر بن سلمان ضاحكاً، قبل أن يواصل الاستماع إلى ترامب وهو يعدّد المبالغ التي دفعتها الرياض لواشنطن.
في اللوحة الثانية، شرح ترامب أن الصفقة تتضمن تزويد السعودية بنظام "ثاد" مقابل 13 مليار دولار و130 طائرة هيركليز بـ3.8 مليار دولار وطائرة "إبي 8 بوسيدون" مقابل 1.4 مليار دولار، بالإضافة إلى عربات ودبابات تصل إلى 1.2 مليار دولار.
أثار الفيديو ردود فعل مستنكرة وأخرى هازئة بالشكل الذي ظهر فيه الطرفان في الفيديو:
وقد أعاد هذا الفيديو التذكير بزيارة ترامب إلى الرياض العام الماضي، واستقبال الأخيرة له بحفاوة ظاهرة... وبصفقة قاربت الـ110 مليار دولار.
"الأعمال الكبيرة تجلب لي الأموال الكثيرة"
وإن كانت تلك المبالغ بالنسبة إلى السعودية، حسب ما يقول ترامب، "مجرّد فتات"، إلا أن علاقة الرئيس الأمريكي بها والطريقة التي يستخدمها للحديث عنها تعكس جانباً كبيراً من شخصيته، وهي تعود إلى ما قبل توليه رئاسة الولايات المتحدة.
لم يبدأ الرئيس الأمريكي من الصفر، بحسب ما تذكره سيرته الذاتيّة، التي كتبتها غويندا بلير، فهو ينتمي بالأساس إلى أسرة ثرية ساعدته كثيراً في بداية حياته.
وقد استطاع ترامب أن يثبت نفسه سريعاً في التوغل في عالم العقارات، التي شملت بنايات ضخمة ومراكز ترفيه ونوادي غولف، بينما امتدت إمبراطوريته خارج إطار العقارات لتضم كذلك مراكز التجميل وأغذية ومشروبات…
في تعليق لا يُسمع عادة في التصريحات السياسيّة، قال ترامب "هذا المبلغ أشبه بفتات بالنسبة لكم"، فظهر بن سلمان ضاحكاً، قبل أن يواصل الاستماع إلى ترامب وهو يعدّد المبالغ التي دفعتها الرياض لواشنطن
"دائماً كنت أركّـز على الأفكار الكبيرة التي تؤدي إلى الأعمال الكبيرة التي تجذب لي الأموال الكثيرة.. بدلاً من الاهتمام بأعمال صغيرة لا يهتم بها أحد، ولن يخرج أحد المال من جيبه للدفع من أجلها"... ترامب متحدثاً في "فن الصفقة"
وقد حرص ترامب على أن يكون اسمه علامة تجارية فارقة يستخدمها في حملته الانتخابية، وهو الذي قال مرة "الثقة بالنفس هي أساس اللعبة كلها. دائماً أميل إلى تسمية مشروعاتي باسمي، وأن أضع اسمي بلافتة عملاقة على أكبر مشروعاتي".
وخلال حملته الانتخابيّة، صرّح قائلاً "هذه البلاد ترزح تحت دين بـ19 الف مليار دولار وهي بحاجة إلى شخص مثلي لتسوية هذه المسألة".
ومن ضمن نصائحه التي قدمها في كتابه "فنّ الصفقة"، تحدث ترامب عن نظريته في "جذب الأموال الكبيرة"، حيث قال إن الأشخاص دائماً ما يضعون حواجزاً أمام عقولهم تجبرهم على التفكير بطريقة محدودة، بعكسه كما يقول "دائماً كنت أركّـز على الأفكار الكبيرة التي تؤدي إلى الأعمال الكبيرة التي تجذب لي الأموال الكثيرة.. بدلاً من الاهتمام بأعمال صغيرة لا يهتم بها أحد، ولن يخرج أحد المال من جيبه للدفع من أجلها".
وتبدو كلمات ترامب عن "تفاصيل اللعبة" شديدة التقارب مع ما يقوم به حالياً إذ يقول "عندما يقرّر الناس شراء أي شيء، وتحديداً الأثرياء منهم، ستجدهم دائماً يهتمون بالتفاصيل بشكل مبالغ فيه، ويدققون في كل صغيرة وكبيرة".
من هنا، والكلام لترامب في نصائحه، يصبح الأمر أشبه بأن تقوم ببيع سيارة مستعملة. "فقط إذا قمت بصرف 10 دولارات إضافية من جيبك لغسـل السيارة وإظهارها لامعة نظيفة، سينعكس ذلك بإضافة 200 دولار أخرى على سعرها الإجمالي تدخل جيبك دون عناء…اهتمامي بالتفاصيل ليس لأنني متفرّغ أو صبور، وإنما ببساطة لأنه سيجلب لي المزيد من الأموال…"، على حدّ قوله.
"وجه المال"
وكان ارتباط ترامب بالمال وحديثه الدائم عنه، قد دفعا الفنانين داريا مارتشينكو ودانييل غرين إلى تنفيذ صورة ضخمة له اسمها "وجه المال"، صنعاها من قطع نقدية وحجارة لعبة البوكر.
وبحسب مارتشينكو، فإن أكثر ما يبدو على وجه ترامب كان ملامح الفخر والاعتزاز. وقد ولدت هذه الفكرة حين طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من واشنطن تخفيض تمثيلها الدبلوماسي، فردّ عليه ترامب بالشكر قائلاً إن ذلك يوفّر المال على الولايات المتحدة.
وقال غرين حينها "عندما سمعت تصريح ترامب قلت: يا إلهي، إنه بخيل جداً، كيف أمكنه أن يكون رئيساً للولايات المتحدة، وحينها فكرت أن القطع النقدية هي أفضل طريقة لرسم وجهه".
"دائماً ضع في نصب عينيك الجائزة الكبرى، ركز دائماً على الذهب"، قال ترامب هذه الجملة في إحدى لقاءاته معتبراً أنها محركه الدائم لعدم الدخول في تفاصيل جانبيّة تلهيه عن الهدف الأساسي.
ليس جديداً أن المال هو المحرك الأساسي لرسم العديد من العلاقات بين الدول وتحديد خيارات رؤسائها إلا أن الحديث عنه يبقى ملطفاً عادة مقارنة بالطريقة المباشرة التي يتعامل بها الرئيس الأمريكي في حديثه عن الصفقات التي ينجزها والحيّز الذي يخصصه للكلام عن الأموال الناتجة عنها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه