شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
أسرار صفقة الرهائن القطرية تُكشف لأول مرة… كيف استفادت إيران و

أسرار صفقة الرهائن القطرية تُكشف لأول مرة… كيف استفادت إيران و"حزب الله" منها مالياً واستراتيجياً؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 17 مارس 201807:56 م
في 16 ديسمبر عام 2015، أُعلن عن اختطاف 26 صياداً قطرياً، بينهم أفرادٌ من العائلة الحاكمة، جنوبي العراق، بعد 25 يوماً من توجههم إلى هناك لممارسة الصيد، حسب ما صرّحت الجهات الرسميّة العراقية آنذاك. لم تُعلن أي جهة المسؤوليّة عن اختطافهم حينها، وبقيت مسألة الخطف وتفاصيلها غارقة في الغموض، حتى تمّ تحرير الرهائن في أبريل عام 2017 بعد مفاوضات حُكي أن قطر دفعت خلالها مليار دولار، وأسهمت في إبرام صفقة إجلاء مدنيين ومقاتلين من أربع بلدات محاصرة في سوريا. بقي الغموض يلفّ كواليس تلك الصفقة، ليعود الصحافي الأمريكي روبرت ف. وورث بعد حوالي عام على تحرير الصيادين القطريين بتفاصيل وأسرار ما جرى، من مجريات التفاوض إلى كيفيّة نقل الأموال، وصولاً إلى الاتصالات القطرية مع الخاطفين وتمويلهم من خلال فدية ذهبت، حسب وورث، إلى الحرس الثوري الإيراني و"حزب الله" و"جبهة النصرة"، وأثّرت على مجريات الصراع في المنطقة.

ماذا جرى في مطار بغداد؟

يبدأ وورث من مطار بغداد الدولي، وتحديداً من صالة الشخصيات المهمة البعيدة عن ضوضاء صالة الوصول والمغادرة الرئيسيّة. كي تحظى بهدوء ذاك المكان النظيف في المطار، يقول وورث، كلّ ما تحتاجه معارف قوية وأن يكون بحوزتك 150 دولاراً تمكنك من الجلوس على إحدى الأرائك الجلديّة البيضاء بينما تحتسي الإسبرسو، وتتأمل حولك لتأخذ فكرة عامة عن الأشخاص المختلفين الذين يشاركون في حكم الشرق الأوسط. في يوم عادي، والكلام لوورث الذي شغل إدارة مكتب "نيويورك تايمز" في بيروت وعمل لفترة طويلة كمراسل للصحيفة، قد ترى في الصالة ضباطاً من الحرس الثوري بزيهم الرسمي وقد ترى دبلوماسيين أتراك وروس يحاولون رشوة المسؤولين العراقيين بطرق خاصة، وقد ترى "بارونات" النفط الخليجي… الجميع مرحب به هناك طالما يتكلّم بلغة المال. ولكن حتى في ذلك المكان، يقول وورث، إن ثمة حدود للمعاملة الخاصة، والمثال عن تلك الحدود كان ما جرى في 15 أبريل العام الماضي. في ذلك اليوم، وصل إلى صالة الشخصيات المهمة رجل قطري قادماً في رحلة مسائية من الدوحة. عند وصوله، أعلن أنه مبعوث رسمي رفيع المستوى، مؤكداً أنه لا يريد أن يتم تفتيش حقائبه هو والزملاء الـ14 القادمين معه. [full_width]INSIDE_QatarIraqSyria[/full_width] [br/]بعد جدال طويل، أصرّ مسؤولو المطار بأدب على تفتيش الحقائب الـ23 التي كانت بحوزة القطريين، خاصة أنهم لم يتمكنوا من رؤية ما في داخلها على الماسحات الضوئية، بينما واجه العتّالون صعوبة في حملها نتيجة ثقل وزنها. بدا القطريون في حالة صدمة. تشاوروا في ما بينهم، وأجروا عدداً من المكالمات الهاتفية ثم سمحوا للشرطة بالتفتيش. لاحقاً رفضوا مغادرة المطار دون حقائبهم لكن دون نتيجة، وحين غادروا فجراً كان الضباط في المطار يعاينون الحقائب التي تحتوي على عملات نقدية (بالدولار واليورو) بقيمة 360 مليون دولار. بعد أسبوع، وبحسب الرواية التي يعرضها تقرير وورث المطوّل في "نيويورك تايمز"، كانت الأموال لا تزال محتجزة في المطار، فيما كان الوفد القطري يغادر بغداد في الطائرة نفسها التي وصل بها، ولكن هذه المرة كان برفقته الصيادين القطريين. يقول وورث إن ما جرى هو صفقة دفعت قطر بموجبها المال إلى الجماعات المسلحة، في منطقة يتآكلها الانقسام الطائفي والحروب الأهلية العنيفة. صحيح أن رحلة الوفد القطري القصيرة إلى بغداد تجاوزت تكلفتها 360 مليون دولار، لكن ذاك المبلغ الضخم، والكلام لوورث، لم ترقَ قيمته إلى حجم التكلفة السياسيّة لتلك الصفقة، إذ دخلت قطر في مفاوضات معقدة مع مجموعات متطرفة في سوريا لإخلاء 4 مدن بالكامل من سكانها، وهو ما يرى الصحافي الأمريكي أنه سهّل الطريق أمام إيران لتعزيز هيمنتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وفي الإطار السياسي كذلك، أتت الصفقة كصفعة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بموقفها المعروف من النفوذ الإيراني. هكذا، يخلص وورث، إلى أن ما كان مجرّد عملية خطف تحوّل إلى معيار لقياس حجم القوى الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وكلّ من شارك في الصفقة كان لديه ما يخفيه، ما عدا الصيادين الذي كان هدفهم واضحاً.

ضحايا الحبارى

يعود وورث إلى الصيادين القطريين ليسلّط الضوء على رياضة الصيد بالصقور التي تنتشر بين أثرياء الخليج، وتُحاط بشعائر احتفاليّة ضخمة. يلاحق الصيادون طيور الحبارى (التي يُقال إنها طيور مهددة) لصيدها بالصقور. ويشار هنا إلى الاعتقاد السائد بأن لحمها الطري يثير الشهوة الجنسيّة. قبل اكتشاف النفط في الخليج، حسب وورث، كانت العودة الموسميّة لطيور الحبارى تقابلها شعائر احتفاليّة ومطاردات طويلة على الجمال، لكن ظهور "اللاند روفر" جعل المطاردات أسهل. واستمرت هذه الرياضة كواحدة من الطموحات المقدسة لأثرياء الخليج إلى جانب اليخوت الضخمة والخيول الأصيلة والقصور الفرنسية. الحال هذه هي ما دفعت صيادي الحبارى القطريين للتوجه إلى الحدود السعودية بسيارات الدفع الرباعي، متوجهين شمالاً ليعبروا جزءاً من الأراضي الكويتية متوجهين إلى العراق، وقد طُرحت آنذاك تساؤلات كثيرة حول تلك الرياضة التي باتت خطيرة في عالم مشتعل. اختارت المجموعة، التي كان يرافقها عدد من الخدم و9 أفراد من العائلة الحاكمة في قطر، محافظة المثنى العراقية التي لم تشهد الكثير من الزوار منذ الغزو العراقي، وتحولت إلى ملاذ موسمي للحبارى. كان هؤلاء، والكلام لوورث، قد اطلعوا سابقاً على تقارير تفيد بخطورة الوضع في المنطقة، لكن سعيهم وراء الحبارى كان أقوى. اختاروا التجول في الصحراء خلال الأسابيع الثلاثة برفقة حراس عراقيين مأجورين، وكانوا يقدمون الهدايا للبدو القاطنين في المنطقة لكسب رضاهم وضمان سلامتهم. نجح الصيادون في الإيقاع بخمس طيور حبارى يومياً، وهو عدد مهم في معايير صيد تلك الطيور، وبحلول الخامس عشر من ديسمبر كانوا قد باتوا مستعدين للعودة إلى بلادهم.
حوالي مليار دولار دفعتها قطر لتحرير رهائنها، توزعت بين إيران وحزب الله والنصرة وأحرار الشام وشركة علاقات عامة، حسب تقرير لنيويورك تايمز يكشف تفاصيل صفقة تحرير الصيادين القطريين لأول مرة
ما كان مجرّد عملية خطف لصيادين قطريين، بينهم أفراد من العائلة الحاكمة، تحوّل إلى معيار لقياس حجم القوى الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وأسهمت في تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة

ليلة الخطف الطويلة

في ليلة من ليالي البرد القارس، التي سبقت عودتهم، هرع أحد الخدم حوالي الثالثة ليلاً ليخبر "أبو محمد"، كما أسماه وورث، وهو أحد القطريين في المجموعة، أنهم محاطين بمسلحين مدججين بالسلاح في سيارات دفع رباعي. للوهلة الأولى ظن أبو محمد أن هؤلاء من الجيش العراقي أتوا للاطمئنان عليهم، قبل أن يتبيّن أنهم الخاطفين. كان أحدهم يحمل لائحة ويتلو الأسماء وبدا واضحاً أنه يبحث عن الشخصية الأكثر أهمية في عائلة آل الثاني. اكتشف أبو محمد أن الأموال والهواتف قد صودرت من المجموعة بينما رأى جميع أفرادها مكتوفي الأيدي أرضاً. وقد حاول رشوة الخاطفين بحوالي 33 ألف دولار كانت في جيبه، فأتاه الردّ ساخراً من قائد مجموعة الخطف "هل تظنّ أننا نريد مالك؟". خلال الرحلة، التي استمرت حوالي أربع ساعات، كان القطريون يعتقدون أن الخاطفين من "داعش"، لكن الإهانات التي كانوا يسمعونها عن عائشة، زوجة الرسول، جعلتهم يعرفون لاحقاً أن الخاطفين من الجماعات الشيعيّة.

"صفقة المدن الأربعة"

عند السادسة من صباح اليوم التالي، وصلت الأخبار إلى قطر، مثيرة ضجة كبيرة. بدأت الاتصالات المكثفة بين الحكومة القطرية والعائلة الحاكمة للتداول في الأزمة المستجدة، التي، وفق وورث، أظهرت نقاط الضعف في الصعود المفاجئ لقطر على الصعيد السياسي في المنطقة وسياسات العداء الخفيّة التي قامت مع جيرانها،

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard