لا يمرّ يوم الأرض عادياً… هذا ما يحمله يوم 30 من مارس كلّ عام، حيث يجدّد الفلسطينيون تمسكّم بـ"حق العودة" في مناطق مختلفة. لم يمرّ يوم الأرض عادياً بالفعل، فقد قابلت إسرائيل إحياء ذكراه بالأمس بـ100 قناص واستعدادات أمنيّة فائقة، فكانت الحصيلة 16 شهيداً فضلاً عن أكثر من 1400 جريح، سقطوا خلال المواجهات على الحدود مع قطاع غزة المحاصر، حسب ما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية. هذا العام، كانت المسيرات مشحونة بالغضب واليأس من الظروف السياسية والاقتصادية الطاحنة (بين احتلال وسلطة)، بحسب تقديرات حذرت من انفجار الأوضاع. وبأعلام فلسطينية وخيام ومؤن بسيطة، تحرك آلاف الفلسطينيين نحو حدود قطاع غزة مع الأراضي المحتلة، لإحياء ذكرى "يوم الأرض"، ضمن فعاليات ما سُمي "مسيرة العودة الكبرى" التي أكدت مراراً على سلميتها. وبينما أُعلن "إضراب فلسطيني شامل"، لم ينفع "الحزن البالغ"، الذي عبّرت عنه المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت في أن يتفق مجلس الأمن الدولي على بيان مشترك بعد جلسة طارئة مغلقة لبحث الوضع المتدهور على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، حسب "وكالة الصحافة الفرنسية". وكانت القوى الوطنية، التي تضم حركة حماس وحركة فتح وكافة التنظيمات الفلسطينية، ذكرت في بيان أن الإضراب سيكون "في كل محافظات الوطن حداداً على الشهداء واستنكاراً لمجزرة الاحتلال…"، في وقت، حمّل عباس إسرائيل مسؤولية ما حصل. وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بتحقيق مستقل في مقتل الفلسطينيين، بينما اعتبر نائب مفوض الشؤون السياسية في الأمم المتحدة تاي بروك زيريهون أنه "يجب على إسرائيل أن تلتزم بمسؤولياتها ضمن قانون حقوق الإنسان الدولي". من الناحية الإسرائيلية، قال جيش الإحتلال إن الجنود أطلقوا النار بعد "اندلاع أعمال شغب"، مدعياً أن 17 الف شخص تجمعوا على الطرف الفلسطيني من الحدود، وقال إنه تم فرض منطقة عسكرية مغلقة حول غزة.
"يرحلون ونبقى.. أنا راجع" عبارة كتبها ذات يوم الشاب محمد أبو عمرو، ابن حي الشجاعية على رمال شواطىء غزة، قبل أن يستشهد بين المتظاهرين
إضراب فلسطيني شامل، مجلس الأمن يفشل في إنجاز بيان مشترك والجيش الإسرائيلي يعلن استمرار الهجمات... بعد المواجهات التي سقط فيها 16 شهيداً وأكثر من ألف جريحوقال رونين مانليس، أبرز متحدث عسكري إسرائيلي، إنه إذا استمر العنف على طول حدود غزة فإن إسرائيل ستوسع ردة فعلها لضرب "المتشددين" الذين يقفون وراءها، معلناً أن الهجمات مستمرة وستلاحق المسلحين "في أماكن أخرى أيضاً". في المقابل، أكد مركز "بتسليم" الإسرائيلي لحقوق الإنسان أن إطلاق النار على متظاهرين عزّل مخالف للقانون، محملاً جيش الاحتلال مسؤولية العدوان الدموي على المدنيين.
"راجع راجع يا فلسطين"
مع تطور الأحداث بهذا الشكل الدموي، تصاعد الغضب الفلسطيني، وكان نطاقه قد انتقل إلى الضفة الغربية، حيث وقعت صدامات مماثلة، إضافة إلى تظاهرات نظمها عرب 48 في الأراضي الواقعة داخل نطاق السيطرة الإسرائيلية. "يرحلون ونبقى.. أنا راجع" عبارة كتبها ذات يوم الشاب محمد أبو عمرو، ابن حي الشجاعية على رمال شواطىء غزة، قبل أن يستشهد بين المتظاهرين. على الأرض ومن السماء، بالرصاص وقنابل الغاز، دفعت قوات الاحتلال بآلياتها في مواجهة تظاهرات سلمية تهتف "باسم الحق وباسم الدين راجع راجع يا فلسطين". ربما تكون الاحتجاجات هذا العام، هي الأكبر منذ عقود، فمن بيت حانون إلى رفح، كانت تحددت 5 نقاط للاعتصام والتخييم على طول حدود غزة، ليعبر الفلسطينيون عن موقفهم ومطالبهم في احتجاجات متواصلة لـ 6 أسابيع. وعبر التدوين بالعربية والإنجليزية في هاشتاج #مسيره_العوده_الكبري و #يوم_الأرض" تناقل فلسطينيون صورًا من التظاهرات والمواجهات مع قوات الاحتلال، ما دفع بالوسمين إلى صدارة القائمة الأكثر تداولاً في تويتر. ويقول الشاب رضوان الأخرس، الذي يعيش في غزة، إن الفلسطينيين لن يذهبون إلى سيناء ضمن ما عُرف بـ"صفقة القرن"، مؤكدًا تمسكهم بحقوقهم المشروعة. وبينما يتصاعد دخان الاشتباكات خلفه على مرمى البصر، كان حمادة نصرالله، وهو مغن شاب، ينشد الأغاني الحماسية للمقاومة، بعدما نصب فرقته الموسيقية على الحدود الشرقية للقطاع، كما كانت المشاركة النسائية في المسيرات لافتة. ويساعد الظرف السياسي الدولي كذلك في الحشد هذا العام، إد تأتي هذه الخطوة رداً على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل سفارة إليها، وكذلك في ظلّ ما يُحكى عن"صفقة القرن"، التي يقابلها تقليص الدعم الأمريكي والدولي لـ"الأونروا". وكانت قوات الاحتلال نشرت جنودها وآلياتها على طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة وأعلنت حالة الاستنفار، فيما ذكرت القناة الثانية الإسرائيلية أن رئيس أركان الجيش غابي آيزنكوت يشرف شخصياً على جنوده. وقبل أيام، حذر آيزنكوت، في مقابلة مع صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، من "انفجار مُحتمل"، عزا أسبابه إلى قرار ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس بحلول 15 مايو، ومسيرات الفلسطينيين المُستمرة حتى ذاك اليوم، ويأس الفلسطينيين من قادتهم وفشل المصالحة بين الفصائل، لاسيما مع الضغوط وتردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية. وقبيل بدء الاحتجاجات، كتب وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، في تغريدة بالعربية للمرة الأولى: "إلى سكان قطاع غزة: قيادة حماس تغامر في حياتكم. كل من يقترب من الجدار يعرض حياته للخطر.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 23 ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت