تعرّف الصورة أحياناً بأنها تعادل ألف كلمة، فماذا لو كانت الصورة من واقع خيالنا أو أحلامنا، وفيها جزء مما نفكر فيه. أحلام تراودنا، ومواقف نعيشها تؤثر في حياتنا اليومية وتترسب في اللاوعي وتترك لدينا مشاعر إيجابية أو سلبية. وأحياناً نتمنى لو يستطيع أحد التعبير عما يدور في أذهاننا وإخراجه في صور، هذا ما تقوم به ريهام علي، الرسامة والمصورة المصرية.
1-(3)
تميل الفتاة العشرينية إلى رسم المشاعر الإنسانية، الفرح والسعادة والحزن والشجن والآلام، كما سبق أن خاضت تجربة رسم صور مستوحاة من الأحلام: "أحياناً إذا حكى لي أحد أنه يسقط من قمة جبل أو أنه مطارد في حلم، أرسم شخصاً نائماً داخل رأسه وهو يسقط من أعلى الجبل وملامحه يشوبها الفزع".
مع الرسم والكتابة، تهوى ريهام التصوير وتصميم الأزياء، وعلى الرغم من عدم دراستها الرسم بشكل أكاديمي، فقد ثقّفت نفسها ذاتياً.
تقول لرصيف22: "حصلت على بكالوريوس التجارة، وكنت أرسم وتفوقت في الأمانة الفنية في الكلية، وترأست اللجنة الفنية في اتحادها، ورُشحتُ لأمانة اتحاد الجامعة، مما جعلني أكون مسؤولةً عن مواهب ملتقى مكتبة مصر العامة".
Untitled-3
تغوص ريهام في أعماق النفس عبر الروايات والحكايات التي تقال لها، أو عبر خيالات يمكن أن تحولها إلى إسكتشات تعبّر عن حالة مزاجية، وذلك عبر التعبير عن الأحداث البسيطة برسوم ترافقها كلمات تستخلصها من المواقف التي تتعرض لها المرأة في حياتها اليومية.
Untitled-2
تدريجياً، بدأت تنشر ريهام رسومها على موقع فيسبوك، ووجدت إقبالاً من متابعيها، وهذا ما دفعها للطلب من الجمهور ما يريد أن ترسم له. "بالفعل وجدت طلبات كثيرة تريد التعبير عما بداخلها عبر رسوم، وأبرز هذه المشاعر هي الخذلان والوفاء والطموح".
تقول: "كثيرون لا يعرفون كيف يعبرون عما في داخلهم أو عما يشعرون به. أعرف ما الذي حدث للشخص وأسمع حكايته وكيف كانت ملامحه، وحالته النفسية، هل يمر/تمر بضغوط نفسية، ثم أعبر عن ذلك في لوحة، فإذا كان الأمر سيئاً يأخذ الرسم منحىً من دون ألوان، وإذا كان سعيداً أضفي عليه شيئاً من البهجة".
وتضيف: "بعد ذلك، وجدت تفاعلاً كبيراً لأن الناس رأوا ما عبر عنهم وما طلبوه، وذلك أسعدهم كثيراً".
Untitled-1
"في غُسلها كعُرسها أبيضُ في أبيضُ كانت
كشابة في شيبها بصُغر سنها بسواد شعرها تبسمت
كطفلتي هي كأمها أنا أضفرُ شعرها، فالمسكُ قد فاح من قلبها
أهي؟! بدرُ في التمام قد أكتمل؟! أم نجمتُ في سمائها قد علت!
ابتسمت لي ولنا، فابتسمنا لها .. أترين؟
أمقعدُها في السماءُ هل تراه!"
من خلال الصور سنجد انعكاسات للحالة النفسية التي نمر بها يومياً، من اضطرابات أو صراع داخلي أو تعبير عن الحب والشوق.
تقول: "أصرف على كل عمل يوماً أو يومين حتى أخرج بالشكل الأخير والألوان النهائية".
وبعد الانتهاء، إذا كان العمل مقتبساً من حكايات ومواقف لأشخاص أو من خيال، تعرض ريهام إنتاجها على صفحتها الخاصة على فيسبوك، وتلقى إعجاباً من روادها، ربما لأنه يتشابه مع مواقف جرت لكثيرين.
MAIN_2Reham-Ali
تقول: "عموماً أرسم الحياة اليومية التي يمر بها أي شخص، غالبية رسوماتي أوجهها للبنات، إسكتشاتي تؤثر فيهن بشكل كبير جداً، يفرحن عندما يجدن أحداً يعبّر عن مشاعرهن التي لا يعرفن التعبير عنها عكس حرية التعبير التي يملكها الرجال. وبعض الرسوم تعطي طاقة إيجابية".
حكى أحدهم لريهام أنه يعاني من سوء ظن في من حوله بعد موقف صعب مرّ به: تقول: "كان يظهر للناس أنه سيىء لكنه في داخله طيب، لذا كان ضرورياً توضيح عدم الأخذ بالمظهر الخارجي لأن ذلك يخدعنا أحياناً، وقد عبّرت عنه في رسمة مؤثرة.
وتحكي ريهام عن قصة إسكتش: "تعرضت فتاة لظلم إداري في وظيفتها، لأسباب غير معروفة، فعبرتُ عن ذلك في رسم يوضح شكل الآلام النفسية التي يتعرض لها إنسان بعد الشعور بالظلم".
على الرغم من أن غالبية رسومها تدور في فلك الشجن وآلام والفراق، فإنها تبعد أحياناً عن الرسوم التعبيرية. لذلك تختار ريهام ألواناً قاتمة، وكثيراً ما تتخلى عن الألوان، ويكون اللون الأسود هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، لكن أحياناً ترسم مناظر طبيعية تضفي بعضاً من البهجة.
انتشرت إسكتشات ريهام في محافظات عدة داخل مصر، كما شاركت في كتاب مجمع تحت اسم "بالتة"، وقد تحدثت مع دار للنشر لنشر رسومها، وتسعى للمشاركة في معرض القاهرة للكتاب العام المقبل 2018، وإقامة معرض يضم إنتاجها تحت اسم "ريهاميات"، وتحلم بتدشين أكاديمية لتعليم الرسم.



الوداع
"فقدان شخص ما" من أصعب المواقف التي يمر بها إنسان، وهو ما حدث لريهام بعد وفاة والدتها. فخصصت بعض الرسوم لتعبر عن حزنها على الورق بالرسم والكتابة. تقول: "أول أعمالي كانت اتصالي بالسماء، فخطوط الأرض مشغولة".
رسم ما لا تستطيع الفتيات التعبير عنه
تعتقد ريهام أن الرسم هو اللغة الأولى والأسهل لكسر الحواجز مع الآخر، لأنه لا يحتاج إلى كلمات أو مفردات لإيصال المعنى المنشود، تقول: "الرسم التعبيري وسيلة لتوصيل فكرة أو معنى أو رسالة، عدا أنه لغة مشتركة بين الشعوب". في أوقات كثيرة، يراسل ريهام أشخاص يطلبون منها أن ترسم مواقف عاصروها، أو أحلاماً راودتهم عبر رسومها، وبالفعل تقوم بذلك وتجد فرحةً كبيرة بعدما ترى الأشخاص يرون مشاعرهم تخرج على الورق.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 21 ساعةاول مرة اعرف ان المحل اغلق كنت اعمل به فترة الدراسة في الاجازات الصيفية اعوام 2000 و 2003 و كانت...
Apple User -
منذ يومينl
Frances Putter -
منذ يومينyou insist on portraying Nasrallah as a shia leader for a shia community. He is well beyond this....
Batoul Zalzale -
منذ 4 أيامأسلوب الكتابة جميل جدا ❤️ تابعي!
أحمد ناظر -
منذ 4 أيامتماما هذا ما نريده من متحف لفيروز .. نريد متحفا يخبرنا عن لبنان من منظور ٱخر .. مقال جميل ❤️?
الواثق طه -
منذ 4 أيامغالبية ما ذكرت لا يستحق تسميته اصطلاحا بالحوار. هي محردة من هذه الصفة، وأقرب إلى التلقين الحزبي،...