شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
بين الدين والقانون: ماذا يحصل لو قررتم التبرع بأعضائكم في مصر؟

بين الدين والقانون: ماذا يحصل لو قررتم التبرع بأعضائكم في مصر؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 28 أكتوبر 201703:23 م
في 13 تشرين الأول (أكتوبر)، وثقت مصلحة الشهر العقاري الوصية الأولى للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة، تقدم بها المهندس يوسف مالك عبدالراضي، 26 سنة، من محافظة سوهاج إلى اللجنة العليا لزراعة الأعضاء البشرية ونقلها، في وزارة الصحة. وأعلنت وزارة الصحة المصرية تلقي الطلبات من الراغبين في التبرع بأعضائهم بعد الوفاة، بشرط توثيقها في الشهر العقاري. جاء قرار السماح بالتبرع بأعضاء المتوفَى ليحسم مساراً طويلاً من الجدال في شأنه، بين مَن يرى أن فيه إحياء للنفس ومن يراه مخالفاً للشريعة الإسلامية، فيما لقي القرار تأييداً من اللجنة الدينية ولجنة الصحة في البرلمان. يقول عبدالراضي لرصيف22 أنه أقدم على هذه الخطوة رغم خوفه من التقاليد الصعيدية، قائلًا أنه تقدّم بصورة من الوصية للتبرع بأعضائه إلى وزارة الصحة، لكنه في النهاية تغلب على الأمر واتخذ القرار. كتب وصيته للتبرع بأي عضو من أعضاء جسده عقب وفاته من دون مقابل، لعلاج أي مريض. يقول يوسف أنه بحث في القانون المصري قبل الإقدام على هذه الخطوة، لمعرفة مدى قانونية الأمر، كما بحث في كتب الأديان السماوية للتأكد من جواز التبرع. وأصدرت مصر القانون الرقم 5 لعام 2010 الذي ينظم التبرع بالأعضاء البشرية ويشترط أن يكون التبرع بين الأقارب حتى الدرجة الرابعة، ويتيح نقل الأعضاء من الموتى في حال "ثبوت الموت يقينياً"، ولا يتيح القانون نقل الأعضاء من الموتى إكلينيكياً، أي بعد موت جذع المخ وهو التعريف المتفق عليه دولياً. عقب الوصية، انتاب يوسف شعوران؛ هما: الفرح لقيامه بشيء نافع، والحزن لأن القانون ينص على ذلك من سبع سنوات، ومع ذلك لم يوصِ أحد بالتبرع بأعضائه عقب وفاته. قال الدكتور خالد مجاهد، الناطق باسم وزارة الصحة، في تصريحات صحافية أنه تم منح 52 مستشفى تراخيص و15 ألف موافقة زراعة الأعضاء، مشيراً إلى أن المجتمع ليس لديه الوعي الكافي بفكرة التبرع. لذا، تجب تهيئته لتقبّل ذلك. وتابع المتبرع الأول بالأعضاء أن هناك مخاوف نفسية ودينية لدى الشعب من الإقدام على الأمر، لافتًا إلى أن أهله اعترضوا على قراره، بل وتشاءموا من الحديث عن ذلك، مضيفاً: "في البداية، استنكروا القرار، لكنه أقنعهم بعد وقت كبير". لذلك، أفصح له شقيقه عن رغبته أيضاً في التبرع بأعضائه بعد وفاته. "في الكنيسة، محدش كلمني بعد القرار واتخذته من دون الرجوع إليهم وكان للبابا شنودة رأي مؤيد هذا القرار، وذهبت أيضاً إلى دار الإفتاء للحصول على فتوى مكتوبة، ولكنهم لم يردوا حتى الآن"، يقول يوسف. كيف بحث عن رد الأديان السماوية في ذلك، قال: "طالما أن هناك قانوناً صدر، يعني أن الأمر محسوم دينياً وليس هناك مجال للشك". وقال الدكتور محمد الشحات الجندي، العضو في مجمع البحوث الإسلامية، في تصريحات تلفزيونية أن التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، عمل جائز شرعاً، وهو من أبواب فك الكربة، مضيفاً أن هذا ينضبط بشرط ألا يكون بهدف الإتجار والتربح، وأن تثبت رغبة المتوفى في ذلك. وعلى الرغم من غياب نص شرعي بجواز التبرع بالأعضاء، إلا أن الجندي استدل على عدم القطع بالتحريم، بالآية التي تقول: "تعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى"، والحديث الشريف "وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ".
مسيحياً، حضّ البابا شنودة في إحدى عظاته، على أهمية التبرع بالأعضاء لأن فيه حياة للآخرين، كما أنه سيقضي نهائياً على السمسرة والتجارة فيها، فضلًا عن أن له أهمية اجتماعية كبيرة في استقرار أسر المرضى. وقال البابا أن الكتاب المقدس – في عهديه القديم والجديد - لم يأمر ولم ينهَ عن نقل الأعضاء، لأن هذا الموضوع لم يكن وارداً عند نزوله، لكن روح الكتاب تدعو إلى العطاء والبذل، وإلى إنقاذ الآخرين، والحرص علي حياتهم قدر الإمكان. من تعاليم الكتاب المقدس، يجوز نقل عضو من جسد إنسان حي، أو من جسد ميت، لمنفعة إنسان آخر، ولا ترى المسيحية في ذلك عبثاً بجسد المعطي، أو إتلافاً له، أو تمثيلاً به، أو خدشاً لكرامته. إذاً، التبرع بعضو ليس ضد كرامة الجسد. وقال مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء، الدكتور نصر فريد واصل، في تصريحات صحافية، أنه يجوز تبرع الإنسان في حياته ببعض أعضائه بعدما يُتوفّى "كون مصلحة الحي مقدمة على مصلحة الميت، فالإنسان الحي يقيم شرع الله ودينه لاستمرار الخلافة في الأرض، لافتاً إلى أن ذلك يستلزم أيضاً توافر شروط وضوابط عدة". وأوضح واصل أن الشروط والضوابط اللازمة تتضمن وجوب أن يكون المتبرع بالعضو قد تحقق موته شرعياً، وتوافر شرط الضرورة القصوى للنقل، إلى جانب وجود وصية مكتوبة من الشخص المنقول منه قبل وفاته بموافقته على هذا النقل، وأن يكتبها وهو بكامل قواه العقلية ومن دون إكراه مادي أو معنوي، وأن يتمّ النقل في مركز طبي مختصّ معتمد من الدولة.

قانونياً….

حالياً، تدرس وزارة الصحة مسألة تنظيم التبرع بالأعضاء من المتوفين، مشيراً إلى أن كلما كانت الأعضاء متاحة ومتوافرة كانت التجارة فيها أقل، بحسب ما أكده الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة، في تصريحات صحافية. من جهة أخرى، قال الدكتور عبدالحميد أباظة، رئيس لجنة وضع قانون زراعة الأعضاء في وزارة الصحة، ورئيس الأمانة الفنية لزراعة الأعضاء البشرية سابقاً، لرصيف22، أن إعلان وزارة الصحة المصرية تلقي الطلبات من الراغبين في التبرع بأعضائهم بعد الوفاة، يحد من انتشار ظاهرة تجارة الأعضاء البشرية. وأوضح أباظة أن الأصل في وضع قانون زراعة الأعضاء وإصداره هو الحد من انتشار ظاهرة تجارة الأعضاء البشرية في مصر.

تجارة الأعضاء...

حسب موقع "NewsPick"، جاءت مصر في المركز الثالث ضمن الدول الأكثر تجارة بالأعضاء البشرية، حيث إن كل عام يصل عدد حالات زرع الكلى غير المرخصة إلى 500 عملية بسبب انتشار الفقر، ويحاول تجار الأعضاء البشرية في مصر أخذ ضحاياهم إلى أوروبا، ومن ثم شراء أعضائهم وبيعها وإعادتهم مرة أخرى إلى مصر. طالب المحامي محمود البدوي، رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، خلال حديث مع رصيف22 بضرورة القيام بعملية وعي مجتمعي، إذ إنها قد تكون سبباً في استمرار حياة شخص آخر، وذلك من خلال الخطاب الديني والثقافي والاجتماعي، إضافة إلى تناول وسائل الإعلام الموضوع. وأكد البدوى لرصيف22، ضرورة وضع ضوابط قانونية محددة لعمليات التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، تحت إشراف وزارة الصحة. وأوضح علاء غنام، مسؤول ملف الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن القرار خطوة مهمة في مشوار إقناع المجتمع بفكرة التبرع بالأعضاء، بخاصة أنه لا يوجد حل للقضاء على تجارة الأعضاء بالبشر سوى التبرع. وطالب رموز المجتمع كالفنانين ورجال الدين بلعب دور في نشر ثقافة التبرع بالأعضاء لدى أفراد المجتمع، لتشجيعهم عليه. في وصيته، كتب يوسف "نمنح التراب أجسادنا وأعضاءنا ونرفض أن تكون سبباً في حياة جديدة لآلاف المرضى الذين يحتاجون إلى نقل الأعضاء وزراعتها"، آملاً بأن يساعد شخصاً يوماً ما في متابعة حياته.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard