اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي العالمية بوسم هو عبارة عن كلمتين بسيطتين، لكنهما تعيدان الصرخة ضد ظاهرة التحرش الجنسي التي تعاني منها غالبية نساء العالم. تضمّن وسم #MeToo، والذي استخدم عالمياً، وبلغ عدد الذين يناقشونه يوم الإثنين على فيسبوك 7 ملايين، مشاركات وشهادات لفتيات من حول العالم، مشاركات فتيات وشهاداتهن حول العالم، تؤكد أن التحرش صار سمة المجتمعات كافة، وأنه ترك أثراً مرعباً على أجساد ونفوس مَن تعرّضنَ له. وقد عُرِّبَ (نُقلَ إلى العربية) ليصبح وسم #أنا_أيضاً ووسم #أنا_كمان، وتستخدمهما فتيات ونساء. تلت الوسم جملة تدعو كل من تعرض للتحرش أو الاعتداء الجنسي (رجلًا كان وامرأة) إلى مشاركة الوسم ليظهر للناس حجم المشكلة الحقيقي. يساهم الوسم بشكل كبير في تشجيع النساء اللّواتي تعرّضن للتحرش أو للاعتداء الجنسيّ، على التكلّم عن تجاربهن المؤلمة، من دون الخوف من وصمة العار الذي كان السبب الرئيسي في السكوت عن هذه القضية، وجعلهنّ يصمتن لسنوات طويلة.
https://www.instagram.com/p/BaTbogFHM8I/
ثمن البوح الباهظ...
يشجع الوسم النساء المُعتدى عليهنّ على التعبير والبوح بتجاربهن، إلا أن كلامهنّ بشكل عام، في العالم العربي، عمّا مررن به لا يأتي بلا ثمن، قد يبدأ بوصمة العار من المجتمع الذي يلوم المرأة حين تتعرّض للتحرش أو يُعتدى عليها جنسيّاً، ولا ينتهي بتحميلها المسؤولية عن تحريض المتحرش، وقد يصل إلى الانتقام العنيف منه. لعل قضية سمية أشهر الأمثلة على ذلك، وهي الفتاة المصرية الشهيرة بفتاة المول، فقد تعرّضت حديثاً لاعتداء بقوة السلاح من شاب سبق أن تحرش بها منذ عامين. تقول سمية لرصيف22: "حين قررت في يوم أن أواجه العالم وأتحدث عن التحرش الذي تعرضت له، استُغلّت قضيتي من وسائل الإعلام، وتعرضت لوصمة من المجتمع، وخسرت أسرتي ودراستي، وأخيراً تعرضت لتشويه وجهي وأحتاج الآن إلى عمليات جراحية عدة حتى أعود كما كنت". وقبل ساعات قليلة من انطلاق وسم #MeToo، أشعلت سمية وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي مجدداً، بصور تظهر فيها وهي مصابة بجرح قطعي كبير في الوجه. بدأت قصة سمية قبل عامين حين انتشر فيديو تظهر فيه وهي تتعرض لتحرش واعتداء بالضرب من شاب مصري في أحد مولات القاهرة، وبعد أشهر عدة أصدر قاضٍ مصري حكماً على الشاب بالحبس أسبوعين فقط في واقعة الضرب، بينما أخلى سبيله في واقعة التحرش، وهو الحكم الذي سبب صدمة كبيرة للفتاة ولمنظمات حقوقية وناشطين. وفي اليومين الأخيرين، عاد الحديث مرة أخرى عن قضية سمية إلى الواجهة، حين قام الشاب نفسه بالاعتداء عليها بسلاح أبيض انتقاماً منها على التسبب في حبسه. بألم تقول سمية: "لو كان الشاب أخذ عقابه الحقيقي وليس مجرد الحبس لأيام قليلة لكنت الآن في أمان، ولكان ملايين المتحرشين خافوا من العقاب".حكاية Me Too
بدأ يوم الوسم أمس الأحد، حين كتبت الممثلة الأميركية والمغنية السابقة إليسا ميلانو تغريدة تظالب فيها النساء بالإفصاح عن تجاربهن مع التحرش، وهي التغريدة التي اعتمدها المغردون. تغريدة ميلانو شجعت آلاف النساء في العالم على المشاركة، وقد حصدت37 ألف تعليق، وذكّرت الجميع بأن فضيحة المنتج هارفي واينستين المتهم بالتحرش بعشرات النساء في أميركا، والتي كشفتها صحيفة النيويورك تايمز الأسبوع الماضي، ليست سوى حادثة تتكرر كل لحظة. وكانت أكثر من 30 امرأة قد تعرضن للتحرش الجنسي من المنتج صاحب النفوذ الكبير في هوليوود، بحسب ما أكدته مجلة بيزنس إنسايدر الأميركية يوم الخميس. بحسب تحقيق المجلة، فإن المنتج تحرش بنجمات، منهن غوينيث بالترو التي أكدت أن واينستين دعاها إلى غرفته في الفندق خلال مشاركتها فيلم "إيما" (إنتاج عام 1996) وكان عمرها وقتذاك 22 عاماً، ثم حاول التحرش بها. الأمر نفسه حصل مع أنجلينا جولي التي أكدت أنه أراد التحرش بها في أحد الفنادق عام 1990، ونهرته إلا أن الأمر سبب لها أزمة نفسية. أما آشلي جاد فقالت أنه حين دعاها إلى فطور عمل، عرض عليها أن يدلّك جسمها، الأمر الذي سبب لها حالة من الرعب. قائمة الممثلات اللاتي شهدن أنهن تعرضن لمحاولة تحرش من المنتج شملت أيضاً روز ماكغاون، ميرا سورفينو، آسيا أرجينتو، روزانا أركيت، جيسيكا بارث وغيرهن. شهادات النساء تسببت في فقد المنتج وظيفته، وتعليق عضويته في أكاديمية فنون وعلوم السينما الأميركية يوم السبت. لكنها لم تمنع التحرش الجنسي عن ملايين النساء في العالم. ومنذ أسبوع تقريباً، كتبت ميلانو مقالاً لحساب موقع PatriotNotPartisan.com حمل عنوان "تعليقي على فضيحة المنتج هارفي واينستين"، أكدت فيه أنها مصممة على التعليق على القضية رغم أن الأمر صعب عليها، لأن المنتج زوج صديقتها. (بعد الفضيحة قررت الزوجة الابتعاد منه). تحدثت الممثلة في المقال عن التحرش الجنسي الذي تعاني منه نساء وفتيات كثيرات، وقالت أن القضية أكبر بكثير من المنتج واينستين، وطالبت بأن يتوقف التحرش وأن تكون هناك ضمانات حقيقية لحماية النساء، خصوصاً في أماكن العمل.عن التحرش في العالم العربي
إلى جانب قصة سمية، هناك قصة أخرى حدثت عام 2014 وشكلّت صدمة للناس في المجتمعين المصري والعربي، وهي واقعة تعرض طالبة جامعية مصرية لتحرش جنسي جماعي من طلاب في جامعة القاهرة داخل الحرم الجامعي. تُعرف خريطة التحرش (مبادرة تطوعية مصرية غير حكومية) بأنه (التحرش) أي صيغة من الكلمات غير المرحّب بها أو الأفعال ذات الطابع الجنسي التي تنتهك جسد شخص أو خصوصيته أو مشاعره، وتجعله في حال من عدم الارتياح، أو التهديد، أو عدم الأمان، أو الخوف، أو عدم الاحترام، أو الترويع، أو الإهانة، أو الإساءة، أو الترهيب، أو أنه مجرد جسد. تعد مبادرة خريطة التحرش من أهم المبادرات التطوعية لمواجهة التحرش في العالم العربي، وظهرت المبادرة عام 2010 وتقوم فكرتها على استخدام خريطة تفاعلية بهدف توثيق جميع الأماكن التي تحدث فيها حالات تحرش. والهدف تشجيع الفتيات على الكلام عن حالات التحرش وعدم الخوف. من أجل إلقاء الضوء على قضية التحرش الجنسي في العالم العربي، ظهرت مبادرات تطوعية كثيرة تهدف إلى جعل التحرش قضية مجتمعية لا مجرد قضية نسائية. يؤكد تقرير لرصيف22 أن التحرش الجنسي منتشر في دول عربية عدة، ويوثق التقرير نفسه مبادرات جادة تهدف إلى وقفه ولتشجيع الفتيات على الكلام عما تعرضهن له. وبيّن تقرير حديث لرصيف22 أن نساء في دول كثيرة يستخدمن مواصلات خاصة ومكلفة بسبب خوفهن من الشارع. واعتمد التقرير على دراسة قامت بها جامعة ستانفورد تبين أن النساء في بلاد كثيرة يمشين في الشارع خطوات أقل بكثير من الرجال، وينفقن نقودهن على سيارات الأجرة ليشعرن بالأمان. وعلى الرغم من وجود قوانين ضد التحرش في دول عربية كثيرة، إلّا أنّ الأزمة هي خوف النساء من التكلّم عن الأمر لأسباب مجتمعية، إلى جانب صعوبة إثبات الواقعة. في المملكة العربية السعودية، يعاقب المتحرش بالسجن 5 سنوات وغرامة نصف مليون ريال، ويحدد الحكم والعقوبة القاضي حسب تفاصيل القضية المعروضة ومجرياتها، وفق القانون. وفي البحرين، قضت محكمة عام 2014 بسجن مواطن باكستاني لمدة 10 سنوات وترحيله بعد ذلك نهائياً عن البلاد، حين تحرش بفتاة في عامها الخامس. وطُرح في المغرب عام 2013، مشروع قانون يعاقب المتحرش بالحبس من شهرين إلى عامين، إضافة إلى غرامة مالية، ولكن إلى الآن لم يبصر القانون للنور بسبب تحفظ الحكومة عليه. أما في مصر، فينص دستورها على أن الدولة "تلتزم بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف" وفق ما تنص المادة 306 مكرر من قانون العقوبات المعدل بالقانون الرقم 93 لعام 1995 على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنة وبغرامة لا تقل عن 200 جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول أو بالفعل في طريق عام أو مكان مطروق، ويسري حكم الفقرة السابقة إذا كان خدش الحياء قد وقع من طريق التليفون أو أي وسيلة من وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية". لكن مراقبين يرون أن الدول العربية لا تتعامل بالجدية الكافية مع قضية التحرش، كأن الاعتراف بالأمر سيؤدي إلى تشويه صورة الدولة! وغالباً ما تظهر تبريرات غريبة من ضمنها أن ملابس النساء هي السبب، رغم أن إحصاءات رسمية تؤكد أن المحجبات والمنقبات يعانين من المشكلة نفسها.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع