ورد في تحقيق نشره موقع صحيفة التايمز البريطانية أخيراً أن بعض ضباط الجيش المصري متورطون في تجارة الآثار غير المشروعة في مصر.
ونقلت مراسلة الموقع في القاهرة بيل تروي عن أحد تجار الآثار تأكيده أن بعض أفراد الأمن المصري، بالإضافة إلى مجندين وضباط من الجيش، يقومون بمساعدة تجار الآثار على تهريب القطع الأثرية مقابل عمولة تصل إلى 10 آلاف دولار عن القطعة الواحدة.
كما أضاف تاجر الآثار الذي لم يسمه تحقيق التايمز أن هناك أيضاً بعض الدبلوماسيين الذين يساعدون هؤلاء التجار في نقل القطع الآثرية خارج مصر.
تعمل بيل تروي مراسلة صحافية للتايمز في القاهرة، ويتابعها على تويتر أكثر من 95 ألف شخص، وفي العام 2011 واكبت من قلب ميدان التحرير احتجاجات يناير التي أدت إلى تنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
"أما القطع الأثرية الضخمة فيتم نقلها خارج مصر عن طريق حاويات في سفن نقل البضائع"، يقول تاجر الآثار للتايمز.
لماذا ازدهرت تجارة الآثار في مصر؟
حاول تحقيق التايمز الإجابة على هذا السؤال من خلال تجار آثار وسكان متورطين في هذه التجارة، وتوصل التحقيق إلى أن الفقر قد يكون هو السبب. يشير مقال التايمز إلى أن الأزمات الاقتصادية التي يعيشها المصريون بعد رفع الدعم عن سلع وخدمات عدة أدت إلى أن الكثير من السكان صاروا يقومون بالحفر غير القانوني داخل منازلهم للبحث عن آثار بهدف بيعها. "تناضل السلطات المصرية لوقف عمليات الحفر غير القانونية للبحث عن الأثار، وزادت العقوبات على تجارة الآثار لتصبح العقوبة السجن مدى الحياة بعد أن كانت سبعة سنوات فقط، لكن انهيار الاقتصاد تسبب في انتشار هذه التجارة"، بحسب مقال التايمز."أما القطع الأثرية الضخمة فيتم نقلها خارج مصر عن طريق حاويات في سفن نقل البضائع"، يقول تاجر الآثار للتايمز
أدت الأزمات الاقتصادية في مصر إلى تحول الكثير من السكان إلى التنقيب غير القانوني عن الآثار وبيعهاأما العملة الرسمية في تجارة الآثار فهي الدولار، الذي ارتفعت قيمته بعد تحرير سعر صرف الجنيه المصري في نوفمبر من العام الماضي، وأصبح الدولار يساوي حوالي 18 جنيهاً مصرياً بعد أن كان سبعة جنيهات قبل هذه الخطوة، وهو ما جعل أرباح تجارة الآثار أكثر من الضعف لمن يمارسونها.
كيف تتم تجارة الآثار في مصر؟
يحصل تجار الآثار في مصر على القطع الآثرية من بعض الأفراد سواء كانوا لصوص آثار أو أهالي وجدوها في منازلهم بعد عمليات حفر غير شرعية، ثم يقومون بدورهم ببيعها لمشترين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. يحصل هؤلاء التجار على عمولة تصل إلى 2% من مبيعات هذه القطع، وغالباً ما يتم التهريب عبر إسرائيل والإمارات، بحسب مقال التايمز. ويرى علماء آثار أن بعض الأحياء الفقيرة في مصر، ومن ضمنها المطرية وعين شمس، تعوم على بحر من الآثار التي تعود للعصر الفرعوني، ويقوم بعض سكان الحيين بالبحث عن الآثار بحفر أسفل منازلهم بعيداً عن أعين الشرطة. كما أظهر تحقيق لرصيف22 أن حي المطرية ثري بالكنوز. فهو الذي احتضن مركز قيادة مصر الفرعونية،"هليوبوليس" سابقاً. وقد عثرت منذ أشهر قليلة وزارة الآثار فيها على تمثال الملك بساتيك الأول المنتمي للأسرة الـ26. وتظهر ورقة بحثية اطلع عليها رصيف22 للباحث ومدير عام البحوث والدراسات الأثرية بوزارة الآثار المصرية عبد الرحيم ريحان، أن الحل لمواجهة انتشار تهريب وسرقة الآثار والتنقيب عنها بشكل غير قانوني هو أن تصبح العقوبة هي الإعدام وليس الحبس.فوضى بعد 2011
تلت احتجاجات يناير فوضى تسببت في سرقة العديد من القطع الأثرية التي لا تقدر بثمن. وبحسب التحالف للآثار (مجموعة ضغط مقرها واشنطن، تسعى لرفع الوعي حول نهب وتهريب الآثار) فإن مصر خسرت منذ العام 2011 حتى عام 2014 ما يقارب الثلاثة مليارات دولار نتيجة سرقة قطع أثرية من بعض المواقع الأثرية والمتاحف ودور العبادة. غالباً ما يقوم الأهالي بالحفر داخل المنازل بأنفسهم دون اللجوء لمهندسين متخصصين حتى لا يطالبوهم بنسبة من الآثار التي سيجدونها، وهو ما يؤدي إلى انهيار بعض المنازل بعد هذه العمليات غير القانونية. "لم نطلع على هذا التحقيق وبالتالي ليس لدينا رد رسمي"، قال مصدر رفض ذكر اسمه من وزارة الآثار المصرية في اتصال هاتفي مع رصيف22. مضيفاً أن الوزارة قد تصدر رداً في الأيام المقبلة، لكن بعد الاطلاع على هذا التحقيق. وفي شهر أبريل الماضي أحبطت مباحث الآثار المصرية، بالتنسيق مع قطاع الأمن العام، عملية تهريب 9 آلاف قطعة أثرية خارج البلاد، وقد وصفت بأكبر عملية تهريب للآثار منذ عقود. أما في شهر مايو من العام الجاري فقد وافق مجلس الوزراء المصري على إدخال بعض التعديلات إلى قانون الآثار تتضمن تغليظ عقوبة الاتجار والحفر خلسة وتهريب وتصدير الآثار لتصل إلى الحبس المؤبد والغرامة المالية. وتنص المادة رقم 32 من قانون حماية الآثار في مصر على أن السلطة المختصة بأعمال التنقيب عن الآثار سواء فوق الأرض أو تحتها وفي المياه المصرية، هي المجلس الأعلى للآثار. وتضيف المادة أن المجلس يمكن أن يعطي تراخيص للهيئات العلمية المتخصصة والجامعات الوطنية والأجنبية بالبحث عن الآثار أو التنقيب بعد التحقق من توافر الكفاية العلمية والفنية والمالية والخبرة الأثرية. كذلك تنص المادة 35 من القانون نفسه على أن جميع الآثار المكتشفة التي تعثر عليها بعثات الحفائر العلمية سواء الأجنبية أو المصرية، تكون ملكاً للدولة المصرية.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...