"العشيقة" ظهرت أخيراً
"لطالما اشتكت إسرائيل من معاملة الهند لها كعشيقة... تتمتع سراً بسحر أسلحتها وتكنولوجياتها المتطورة، وتخجل من جعل تلك العلاقة علنيّة". كتب ديفيد روزنبرغ في مقال رأي له نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، ليفسّر كيف جاء التباهي علناً بتلك العلاقة ذات طابع احتفالي، ولماذا وصفته "العشيقة" (حسب وصف روزنبرغ) بـ"التاريخي". خصص مودي مساحة للكلام العاطفي فقال على هامش الزيارة "يسرُّني العودة بعد عشر سنوات، وأنتظر بفارغ الصبر رؤية كيف تقدمت إسرائيل وتطورت منذ ذلك الوقت. أنا شريكٌ في آراء الكثير من أبناء شعبي الذين يعتبرون إسرائيل منارةً في التكنولوجيا، باعتبارها دولة نجحت في البقاء رغم أنَّ الفرص كلها كانت ضدها".
هل الهند أصبحت moody مع مودي؟
بعدما قامت السياسة الخارجية الهندية الكلاسيكية على مناهضة الاستعمار والإمبريالية أيدت الهند نضال الفلسطينيين من أجل التحرر الوطني، في موقف بدا صلباً. لكن يظهر أن نيودلهي لم تنس تقاعس العرب عن دعمها في حربها مع باكستان في العام 1965 وبعد ذلك مع بنغلاديش في العام 1971، في حين منحتها إسرائيل الدعم الكامل وزودتها بعتاد مدفعي. أما "رابطة الشعب الهندي"، التي تحولت إلى "حزب الشعب الهندي" القومي، وهو الحزب الذي ينتمي إليه مودي، فرأت في تشكيل حلف هندي إسرائيلي أكثر من طبيعي. من هنا جرى اعتبار صعود نجم مودي نقطة تحول هامة، كانت بذورها قد بدأت في وقت سابق، وتعززت مع التغيرات التي شهدها الشرق الأوسط منذ العام 2011 والتي دفعت الهند لتكون أكثر قرباً من إسرائيل.
ما سر حب الهند لإسرائيل إذا؟
هذا السؤال فنده تفصيلياً "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، في دراسة للباحثة أوشريت بيرودكار، رأت أن النمو الاقتصادي في الهند وتطلعها لأن تكون إحدى الدول القوية اقتصادياً في العالم، جعلها تتبنى "الواقعية السياسية" في مجال العلاقات الخارجية. تشير الدراسة إلى 4 عوامل جعلت الهند تقترب من إسرائيل على حساب اصطفافاتها التاريخية:- الأول هو "ترسيخ مكانة الهند كدولة عظمى"، إذ تغيرت سياستها الخارجية بالانتقال من خطاب سياسي - دبلوماسي، يقدس المثالية، إلى خطاب توجهه الواقعية السياسية، لا سيما بسبب توتر علاقاتها مع الصين وباكستان.
- الثاني هو صورة الأمة التي أصبحت جزءاً هاماً من قوتها في الحلبة الدولية. ولتثبت أمام المشككين أنها تستحق لقب "دولة عظمى"، اتبعت سياسة خارجية تدمج ما بين "العلامة التجارية للأمة" (Nation Branding) واستخدام القوة الناعمة.
- الثالث يتمثل في نتائج "الربيع العربي" والحرب في سوريا ثم وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم إلى جانب ظهور "داعش"، ما جعل الهند تتخوف من حدوث تغيرات في الشرق الأوسط، وخصوصاً في دول الخليج، التي تستورد منها 68% من النفط. ما دفعها إلى زيادة مشترياتها للأسلحة.
- الرابع يتمثل في سياسة مودي الذي يمثل جيلاً جديدا في السياسة الهندية التي تؤمن بالبراغماتية الاقتصادية. وقد تحول توجه الواقعية السياسية إلى مفهوم ضروري من أجل تحقيق الأهداف الاقتصادية.
ماذا عن الشرق الأوسط وفلسطين في الميزان الهندي؟
في تقرير نشرته صحيفة "هندوستان تايمز" الهندية، يقول الكاتب سراميت شودوري إن مودي يعتقد أن الهند باتت من الأهمية لدرجة تجعلها قادرة على المجاهرة بما تؤمن به ولا تسعى لتغطية سياساتها. تساءل التقرير عن الأسباب التي لا تجعلنا نسمع اعتراضات قوية على زيارة مودي لإسرائيل بهذا الشكل، بينما لم تعط نيودلهي لأحد غير تل أبيب تلك الصلاحية على جهاز أمنها القومي، ليناقش مواقف دول المنطقة من سياسة الهند الخارجية.تلهث دول عربية وراء السوق الهندي وسياسة مودي القوية ولا يبدو أحد مهتماً بموقفه تجاه إسرائيل وفلسطين
يسرد شودوري الأسباب من الحرب الأهلية والصراع السني - الشيعي في سوريا والعراق، ثم الخلاف الخليجي - الخليجي والخليجي - الإيراني والأزمة مع الإخوان المسلمين وسقوط العديد من الأنظمة، والتدخلات التركية والأمريكية والروسية.
إلى جانب تقارب بعض الدول العربية، المباشر وغير المباشر، مع إسرائيل، يلفت الكاتب إلى الموقف الإيراني من الهند والتي عبر عنه سفيرها هناك بالقول إن إيران لن تملي على الهند لائحة أصدقائها، وعلى الهند ألا تخضع لإملاءات بشأن علاقتها مع إيران. وبتعبير آخر، فإن العلاقات الإسرائيلية والإيرانية تمشي في سكتين منفصلتين مع الهند، وطهران تقبل بذلك. كما يشير الكاتب إلى الموقف التركي، الذي وإن تغيرت أشكاله من إسرائيل، يبقى حريصاً على العلاقات مع الهند ودخول السوق الهندي الضخم، وذلك هو حال المغرب وسلطنة عمان وغيرهم. هؤلاء يلهثون وراء السوق الهندي وسياسة مودي القوية، بينما لم يبد أحد منهم مهتماً بماذا يفكر الأخير تجاه إسرائيل. أما لجهة القضية الفلسطينية، فنعود إلى مقال روزنبرغ الذي يقول إنها دفعت ثمن حسابات الهند (والصين) السياسية الصاعدة، رغم أن نيودلهي تبقى على دعمها النظري للسلطة الفلسطينية. وفي حين يصعب عليها "هضم" حماس، تدرك أنها تتشارك هذا الموقف مع فلسطينيين وعرب آخرين. يشير روزنبرغ إلى أن فكرة عدم التدخل العسكري للهند في المنطقة تجعل زعماءها أكثر مرونة في رسم صداقاتها، فنرى الهند في السعودية وإيران وإسرائيل تحظى بالترحيب نفسه. في المقابل، تعلمت إسرائيل كيف تحول علاقاتها الاقتصادية إلى رصيد سياسي ودبلوماسي. ويحذر روزنبرغ أخيراً من أن نظام الحكم الهندي لا يشبه الصيني، وبالتالي فهو قابل للتغيير والمساءلة وسط معارضة فئة لمودي مصرة على الموقف الداعم لفلسطين، ما يعني عدم الجزم بالحصول على دعم نيودلهي المطلق. مع ذلك، تبدو الزيارة الأخيرة بصفقاتها و"أحضانها" تأسيسية، فهند جواهر لال نهرا أصبحت شديدة البعد عن هند مودي ولم تعد تنفع "الرومانسية" في رسم الموقف تجاهها.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 8 ساعاتاول مرة اعرف ان المحل اغلق كنت اعمل به فترة الدراسة في الاجازات الصيفية اعوام 2000 و 2003 و كانت...
Apple User -
منذ يومينl
Frances Putter -
منذ يومينyou insist on portraying Nasrallah as a shia leader for a shia community. He is well beyond this....
Batoul Zalzale -
منذ 4 أيامأسلوب الكتابة جميل جدا ❤️ تابعي!
أحمد ناظر -
منذ 4 أيامتماما هذا ما نريده من متحف لفيروز .. نريد متحفا يخبرنا عن لبنان من منظور ٱخر .. مقال جميل ❤️?
الواثق طه -
منذ 4 أيامغالبية ما ذكرت لا يستحق تسميته اصطلاحا بالحوار. هي محردة من هذه الصفة، وأقرب إلى التلقين الحزبي،...