شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
السلاح سفير إسرائيل الخفي للتطبيع مع العالم

السلاح سفير إسرائيل الخفي للتطبيع مع العالم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 29 مارس 201609:44 ص
تعتبر إسرائيل السلاح إحدى الأدوات الدبلوماسية التي تساعدها على بناء علاقات خارجية مع دول، أو مع حركات انفصالية تدين مستقبلاً بالولاء لها. ووصف خبير الشؤون الإسرائيلية عمرو زكريا، في حديث لرصيف22، السلاح الإسرائيلي بأنه سفيرها الخفي الذي يعمل من خلف الستار على توثيق العلاقات مع الدول الأخرى. وقد اتضح هذا الدور في دول عدّة تحوّلت بوصلة سياستها الخارجية بسبب السلاح الإسرائيلي، خاصة في مناطق آسيا وأفريقيا.  

السلاح سفير إسرائيل في أفريقيا

وأشار خبير الشؤون الأفريقية، ومدير تحرير مجلة آفاق أفريقية الصادرة عن الهيئة العامة للاستعلامات بالقاهرة، الدكتور رمضان قرني، لرصيف22، إلى أن العلاقات بين إسرائيل والدول الأفريقية مرّت بمرحلتين، الأولى ما قبل اتفاقية السلام بينها وبين مصر، وكانت مبيعات السلاح الإسرائيلي حينذاك سرية، خاصة في حالة الدول التي كانت تعاني من نزاعات أهلية، والمرحلة الثانية هي ما بعد اتفاقية السلام حين تشجعت الدول الأفريقية على التعاون علناً مع إسرائيل. ولفت قرني إلى أن التسليح والتدريب العسكري واحد من محورين رئيسيين للسياسة الإسرائيلية في أفريقيا، إلى جانب التنمية والتعاون الاقتصادي. وأفاد أن إسرائيل تبيع السلاح لغانا وأريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان ودول أفريقية أخرى، مضيفاً أن "هذه الدول صارت اليوم حليفاً استراتيجياً لها". لعب السلاح دوراً هاماً في ترسيخ العلاقات الإسرائيلية الأفريقية. وبحسب البيانات الصادرة عن وزارة الدفاع الإسرائيلية، بلغت قيمة صادرات السلاح الإسرائيليى إلى الدول الأفريقية 318 مليون دولار، عام 2014، وذلك بزيادة نسبتها 40% عن صادرات عام 2013. وقال عمرو زكريا "إن السلاح ومستلزماته يشكلان سفيراً خفياً لإسرائيل بكل ما تحمله الكلمة من معان، وقد اتضح هذا الأمر جلياً في العلاقات الإسرائيلية مع العديد من الدول الأفريقية". وأوضح أنه في فترة الخمسينيات من القرن الماضي، كان السلاح سفير إسرائيل لدى الدول الأفريقية التي كانت تعاني من حروب أهلية، على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية مع تلك الدول. وأشار إلى أن أول دبابة دخلت الأراضي الأوغندية كانت هدية من إسرائيل رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية معها. ولفت إلى أنه، في الفترة التي تلت حرب أكتوبر 1973 وحتى توقيع اتفاقية السلام، شهدت العلاقات الإسرائيلية الأفريقية نوعاً من القطيعة، لكن تجارة الأسلحة مع تلك الدول لم تتوقف. وذكّر بالصراع الأريتري الإثيوبي والدور الإسرائيلي فيه. وقال إن إسرائيل واجهت اتهامات بإمداد إثيوبيا وأريتريا بالسلاح خلال فترة الحرب. لكن بعد استقلال أريتريا، فضّلتها إسرائيل على إثيوبيا بسبب موانئها القائمة على البحر الأحمر، وهو ما أسفر في النهاية عن إنشاء قاعدة عسكرية إسرائيلية عند أرخبيل "دهلك".  

إسرائيل وأنغولا نموذجاً

بدأت العلاقات بين أنغولا وإسرائيل خلال سنوات الخمسينيات، وكانت البداية من خلال وجود مجموعة من الإسرائيليين هناك يعملون في بعض الأنشطة الزراعية وتجارة السلاح، بحسب صحيفة "هآرتس". وبعد رحيل الاحتلال البرتغالي، اندلعت الحرب الأهلية في أنغولا، وكانت بين معسكرين، معسكر "الاتحاد الوطني لاستقلال أنجولا" (يونيتا) بقيادة جوناس سافيمبي المدعوم من الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، ومعسكر "الجبهة الوطنية لتحرير أنغولا" المدعوم من الاتحاد السوفياتي السابق وكوبا بقيادة دوس سانتوس. وفي خضم هذه الحرب الأهلية، ساعدت إسرائيل القوات الحكومية عن طريق مبيعات السلاح عبر شركة "إل آر جروب" الإسرائيلية وعبر رجل الأعمال الروسي الإسرائيلي أركادي غايدمك. وبسبب بيع الأخير أسلحة بشكل غير قانوني، حكمت عليه فرنسا التي يحمل جنسيتها أيضاً، بست سنوات سجن. وقالت "هآرتس" إن السلاح الإسرائيلي ساهم إلى حد بعيد في حسم المعركة لصالح الحزب الحاكم، وقد أصبح من الموالين لإسرائيل اليوم.  

السلاح الإسرائيلي في آسيا

حاولت الدول الآسيوية خلق قنوات اتصال مع الدول المتقدمة في التكنولوجيا العسكرية، وإسرائيل تعتبر واحدة من القوى البارزة في هذا المجال. وأشار نائب مدير عام التسويق في شركة الصناعة الجوية الإسرائيلية، شيرلي بن شتريت، إلى أن مؤسسة الصناعة الجوية تتوقع ارتفاع ميزانيات الدفاع في آسيا في عام 2020 بمعدل 53% مقارنة بالعام 2012. وهذا يجعل السوق الآسيوية، وخاصة الهندية، هدفاً استراتيجياً لإسرائيل خلال السنوات المقبلة. وترتبط إسرائيل بعلاقات عسكرية ودبلوماسية مع دول آسيوية مثل الهند وكازاخستان والصين واليابان. كما ترتبط بعلاقات مع حكومة ميانمار، وتعتبر سفارة ميانمار في تل أبيب من أكبر السفارات.  

الهند نموذجاً

عمل السلاح الإسرائيلي سفيراً لتل أبيب في الهند. فبعد إعلان الدولة في 15 مايو 1948، رفضت الهند الاعتراف بإسرائيل، انطلاقاً من دعمها للموقف العربي. حينذاك، كانت تحصل على السلاح من الاتحاد السوفياتي السابق، وكانت الكتلة الشرقية ظهيراً سياسياً لها في المجتمع الدولي. وقد أبدى الزعيم الهندي جواهر لال نهرو عداءً واضحاً للحركة الصهيونية وكان صديقاً للرئيس المصري جمال عبد الناصر. وكان الخوف الهندي من توتر علاقتها بالدول الإسلامية سبباً في عدم الاعتراف بإسرائيل، خاصة خوفها من غضب الدول الخليجية التي تعمل فيها أعداد كبيرة جداً من العمالة الهندية، ناهيك بقلقها من غضب المسلمين الهنود الذين تتجاوز نسبتهم 11% من عدد السكان. لكن الأمر راح يتغيّر تدريجياً. وشهدت التسعينيات واقعة مهمة إذ تعرضت مجموعة من السياح الإسرائيليين لهجوم من بعض المتشددين في إقليم كشمير. وأدى ذلك إلى سفر وزير الدفاع الإسرائيلي إلى هنالك، وأفرزت زيارته العديد من صفقات الأسلحة وتعاوناً أمنياً بين الجانبين. وخلال الأعوام الماضية، شهدت مبيعات السلاح الإسرائيلي للهند تطوراً كبيراً وصل إلى حد الصدام مع الولايات المتحدة التي تدخلت لإلغاء صفقة صواريخ كانت مقررة بين الهند وإسرائيل. وأصبحت الهند الصديق الأقرب لإسرائيل في آسيا بعد وصول حزب ناريندا مودي إلى الحكم، وطيّه صفحة التقارب الهندي مع العرب.  

صادرات السلاح الإسرائيلية إلى العالم

بلغ اجمالي صادرات السلاح الإسرائيلي إلى دول آسيا والباسيفيك عام 2014 قرابة 2.96 مليارين دولار، فيما بلغ حجم صادراتها إلى أوروبا 724 مليون دولار، وإلى أمريكا الشمالية 937 مليون دولار، وإلى أمريكا اللاتينية 716 مليون دولار. وبرغم أن الصادرات الإسرائيلية إلى أفريقيا هي الأدنى، لكن وزارة الدفاع الإسرائيلية تعتبرها الكنز المستقبلي وتعتبرها من أكثر الأسواق الواعدة في مشتريات الأسلحة الإسرائيلية. كما ترى إسرائيل أن الأسواق الأوروبية لا تمثل مستقبلاً بالنسبة لصادراتها من السلاح بسبب تقليص الحكومات الأوروبية لبرامج تسليحها، وإصرار المؤسسات السياسة والعسكرية في تلك الدول على وجود العنصر المحلي في برامج التسليح الكبرى بهذه الدول. لكنها تعقد آمالاً على الدول الآسيوية التي تتوقّع زيادة موازناتها العسكرية باضطراد.  

أنواع الأسلحة المصدّرة

بحسب تقرير صادر عن وزارة الدفاع الإسرائيلية نشرته صحيفة هآرتس في 21.5.2015، يعتبر مجال تطوير وصيانة الطائرات والأنظمة الجوية، ووسائل التنصت والحرب الإلكترونية، والرادارات، والطائرات بدون طيار، خاصة المستعملة في مجال المراقبة، من أهم مجالات الصادرات العسكرية الإسرائيلية. ويضاف إليها الأسلحة والذخيرة الخفيفة.  

من يبيع السلاح؟

يقول الإسرائيلي إيتاي ميكي، وهو ناشط في مجال الرقابة الشعبية على صادرات الدولة من السلاح، في حوار مع صحيفة هآرتس نشرته في 23.7.2015، إن الحكومة الإسرائيلية تخفي عن الشعب مبيعات السلاح للأنظمة العنصرية في العالم، ويضيف أن مجال التعاملات العسكرية مع الدول الخارجية لا تقتصر على مبيعات السلاح فقط، بل تمتد أيضاً إلى تدريب الميليشيات والقوات العسكرية. وأوضح أن إسرائيل تصدّر السلاح إلى دول قررت أميركا وأوروبا عدم تصدير السلاح إليها، مثل أذربيجان وجنوب السودان ورواندا، كما تدرب أنظمة القوات العسكرية في أنظمة ديكتاتورية كالكاميرون، توغو، غينيا الاستوائية وغيرها. ويوجد في إسرائيل عدد من الشركات الحكومية العاملة في مجال بيع الأسلحة مثل شركة رافائيل والبيت سيستمز وغيرهما. لكن هنالك أيضاً أكثر من 1000 شركة خاصة تعمل في مجال بيع وتصدير الأسلحة.  

كيف يحدث ذلك؟

يقول إيتاي ميكي إن كل دولة تضع ميزانية محددة لمشتريات السلاح، وتقوم الحكومة الإسرائيلية بتوزيع "الكعكة" على العاملين المرخّصين في تجارة السلاح. وتكون الأولوية لأهل الثقة، وعادة ما يكون أولئك ضباطاً كباراً أسسوا شركات خاصة لبيع أسلحة بعد تقاعدهم، أو سياسيين سابقين، أو موظفين في وزارة الدفاع أو الموساد. ولفت إلى أن بعض المسؤولين يعملون في تجارة السلاح عن طريق الخفاء من خلال الوساطة في عمليات بيع الأسلحة، ضارباً مثل القضية الشهيرة التي اتهم فيها رئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك بالحصول على عمولات ضخمة من صفقات بيع أسلحة.  

كيف يكون السلاح سفيراً؟

هنالك بعض الدول التي يُفرض عليها حظر على مشتريات السلاح بسبب ارتكاب الأنظمة الحاكمة، أو ميليشيات أعمال عنف ضد المواطنين. فتقوم إسرائيل بالدخول إلى تلك المناطق ويكون السلاح صلة الوصل بين الطرفين، وهو ما حدث مع نيجيريا خلال عام 2014، حين أشارت صحف إسرائيلية إلى أن الولايات المتحدة أحبطت صفقة سلاح كبيرة بينها وبين إسرائيل. لكن بعدها بفترة وجيزة، قام أحد وسطاء تجارة السلاح الإسرائيليين، بمساعدة المخابرات النيجيرية، بالطيران من نيجيريا إلى جنوب أفريقيا ومن هناك تم شراء الأسلحة وإدخالها. وكشفت القناة الإسرائيلية الثانية عن قصة تاجر سلاح حمل اسماً مستعاراً، وقالت إنه كان ينتمي إلى وحدة أغوز في الجيش الإسرائيلي. وبعد تركه الخدمة العسكرية، عمل في وساطة السلاح مع إحدى الدول الأفريقية، ونقل إليها كل ما تعلمه من تدريب عسكري، لكنه كان حريصاً في النهاية على تسليحهم ببنادق ساعر الإسرائيلية، بالإضافة إلى صواريخ ورشاشات ومدافع، وبعض المروحيات والمدرعات من الصناعة الإسرائيلية ليتحول بذلك في غضون سنوات قليلة إلى واحد من الأثرياء في إسرائيل.  

سفير لدول بلا علاقات

وهنالك بعض الدول التي لا تربطها بإسرائيل علاقات رسمية، لكن تُعقد فيها صفقات لبيع وشراء السلاح الإسرائيلي. ففي مطلع العام الماضي شاعت قصة وفاة شخص أميركي يُدعى كريستوفر كريمر في أحد الفنادق السعودية. وكريمر يعمل في شركة كولسمان الموجودة في أمريكا، وتربطها علاقة بشركة "البيت سيستمز" الإسرائيلية حتى أنه يُقال أنها فرع لها. وقد روت تقارير صحافية عدّة أن كريمر كان في السعودية للبحث في صفقة صواريخ "تاو" المضادة للدبابات ولكن حدث شيء غير مفهوم أدى إلى مقتله.  

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image