خلال عام 2025، صدرت مجموعة مهمة من الكتب والروايات التي تعكس حيوية المشهد الثقافي العربي وتنوّع أسئلته وهمومه. وفي هذا التقرير، يقدّم رصيف22 لقرائه وقارئاته أبرز إصدارات العام الذي يوشك على الانتهاء. مع العلم أنها لا تتضمن "أفضل" الإصدارات بالمعنى الضيق للكلمة، بقدر ما تحاول قائمتنا التوقف عند أعمال متنوعة تسجل حضوراً لافتاً في النقاش العام في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وتلفت الانتباه بما تقدّمه من أفكار ورؤى وأساليب مختلفة، بل تجيب عن كثير من الأسئلة التي يطرحها الشارع العربي مجتمعياً وسياسياً وفكرياً.
وفيما تتوزّع هذه الإصدارات بين الرواية، والمجموعات القصصية، والدراسات الفكرية والنقدية، فهي تتنوّع أيضاً من حيث الأنواع الكتابية، واتساع الخريطة الجغرافية لتشمل بلداناً عربية متعدّدة، إلى جانب قدرة كل عمل منها على ترك أثر ملموس لدى القرّاء أو إثارة أسئلة جديدة في أذهانهم، فضلاً عن تماسك الأفكار التي تستعرضها، ووضوح الطرح، وجدية المعالجة.
وكانت النتيجة هذه القائمة بين أيديكم/ن والتي تحاول أن تكون مرآة لعام ثقافي متعدّد الأصوات، غني بالاختلاف، ومفتوح على أكثر من قراءة.
حصاد 2025 الأدبي… رحلة خاطفة في 20 عملاً تعكس حيوية الشارع العربي، وتجيب عن أسئلته الملحّة سياسياً ومجتمعياً، على تنوعها الجغرافي واختلاف المواضيع التي ناقشتها وأساليب الكتابة التي اعتمدتها
1- "بيت الحياة" لعبد العزيز آيت بن صالح (المغرب)

تنطلق الرواية من واقعة تاريخية موجعة في الذاكرة المغربية، وهي سرقة الخزانة الزيدانية في القرن السابع عشر، بوصفها رمزاً لفقدان معرفي هائل لا تزال آثاره ممتدة حتى اليوم. تضع الرواية هذه الخسارة في قلب صراع دموي على السلطة بين ورثة السلطان، حيث تتقاطع شهوة الحكم مع هشاشة المصير الإنساني، في مفارقة تكشف كيف يمكن لعروش زائلة أن تطيح بما كان يُفترض أن يبقى ويُخلَّد.
الرواية لا تتعامل مع هذا الحدث بوصفه واقعة توثيقية بحتة، إنما تمضي إلى مزجه بالخيال والفانتازيا، لتفتح أفقاً سردياً أوسع يسمح بإعادة تخيل ما ضاع. تنجح الرواية الصادرة عن "دار مسكيلياني" في تحويل الفقد إلى سؤال أدبي وفكري، وفي بناء عالم روائي متماسك تتجاور فيه الوقائع التاريخية مع التأملات الرمزية. حازت الرواية على جائزة أفضل رواية عربية في معرض الشارقة الدولي للكتاب، تقديراً لقيمتها الفنية وجرأتها في مقاربة لحظة مفصلية من تاريخ المعرفة العربية.
2- "الثالوث في الرواية القطرية... الدين والمرأة والظلم الاجتماعي" لنورة آل سعد (قطر)

ينتمي هذا الكتاب إلى حقل الدراسات الثقافية أكثر مما ينتمي إلى النقد الأدبي التقليدي، إذ لا يتعامل مع الرواية القطرية بوصفها نصوصاً معزولة، بل باعتبارها نتاجاً ثقافياً يعكس تحولات المجتمع وأسئلته. تنطلق المؤلفة، وهي من أشهر الكاتبات القطريات، من تفكيك الظاهرة السردية في قطر عبر مقاربة تتجاوز ثنائية الجيد والرديء، لتتناول قضايا الهوية، والجنس، والخوف، بوصفها مؤشرات على تحولات أوسع في البنية الاجتماعية والثقافية بقطر.
الدراسة تولي اهتماماً خاصاً بعدد من الظواهر اللافتة، من بينها هيمنة الصوت النسائي في السرد، ومحاولات بعض الكتّاب الرجال الكتابة من منظور أنثوي. كما تناقش أسباب الإقبال الواسع على كتابة الرواية رغم تفاوت المستوى الفني وضعف الأدوات السردية أحياناً، رابطةً ذلك بتحولات اجتماعية متسارعة في المجتمع، وبظاهرة الانتشار السريع للرواية في مجتمع لا يُعرف تقليدياً بكونه مجتمعاً قارئاً. وتكمن أهمية الكتاب في كونه من الدراسات القليلة التي تسلط الضوء على الرواية القطرية بوصفها ظاهرة جديرة بالتحليل، وقد صدر الكتاب عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر"، مما يضيف إلى قيمته البحثية وحضوره في النقاش النقدي العربي.
3- "ذاكرة ليست تمضي... ما لم أقله" لوداد حلواني (لبنان)

يقدّم كتاب "ذاكرة ليست تمضي – ما لم أقله"، الصادر عن "دار الساقي"، سيرةً ذاتيةً تنفتح على جرح جمعي لم يندمل في الذاكرة اللبنانية، جرح الخطف والإخفاء القسري خلال الحرب الأهلية (1975 - 1990). تبدأ الحكاية من اختفاء عدنان حلواني (زوج الكاتبة) عام 1982، في لحظة مفصلية ترافقت مع الغزو الإسرائيلي لبيروت، لكن الكتاب لا يكتفي بتسجيل الواقعة أو سرد تفاصيلها، بل يحوّلها إلى نقطة كشف عن بنية عنف أوسع، مارستها قوى متعدّدة، وجعلت من "الإخفاء" سياسةً قائمة بذاتها، لا حدثاً فردياً.
ومن خلال هذا المسار، ترسم المناضلة والكاتبة اللبنانية وداد حلواني تحوّلها من مجرد امرأة تواجه فقداً شخصياً صامتاً إلى صوت عام يطالب بالحقيقة، ويقود معركة طويلة ضد النسيان. يتسع السرد مع اتساع دائرة البحث، لتتكشف مأساة آلاف العائلات التي تشاركها الألم ذاته، ويظهر حجم الكارثة التي طالت قرابة 17 ألف مخطوف ومفقود.
4- "ملحمة عالهامش" ليوسف غيشان (الأردن)

تأتي رواية "ملحمة علهامش" بوصفها امتداداً وتحولاً في مشروع الكاتب الأردني يوسف غيشان، وهو الكاتب المعروف بانحيازه الواضح إلى الفقراء وسكّان الهامش. في هذه الرواية، يخطو غيشان خطوةً لافتةً حين يزاوج بين السرد الروائي والتناص مع ملحمة جلجامش، مستعيداً سيرة شخص يعيش في مدينة مادبا الأردنية، معتبراً إياها بوابة فهم الفقر.
يعتمد غيشان في نصه على العودة بالزمن لربط الحاضر بالماضي العثماني والاستعماري، مروراً بنكسة 1967 وما خلّفته من تحولات ديموغرافية ونفسية عميقة، مستخدمًا السخرية السوداء بوصفها أداة كشف لا إنكار، وموازناً بينها وبين حنين إنساني يخفف القسوة دون أن يجمّلها. يستحضر كذلك تقاليد الكوميديا السوداء والتكثيف النقدي، مع الحفاظ على نبرة الحكّاء الشعبي القريب من الناس.
تقدّم الرواية التي صدرت عن "الدار الأهلية للنشر والتوزيع" قراءة إنسانية للهامش بوصفه مركزاً، وتضيف إلى الرواية الأردنية عملاً يراهن على الذاكرة والضحك والحب كأشكال مقاومة للفقد والفقر.
5- "تمثّلات الهوية الفلسطينية في الفضاء الافتراضي" لسعيد محمد أبو معلا (فلسطين)

يقدّم هذا الكتاب مقاربة بحثية لكيفية توظيف الفلسطينيين لوسائل التواصل الاجتماعي بوصفها مجالاً عاماً بديلاً، يُعاد من خلاله إنتاج الحضور الوطني في ظل واقع الإقصاء عن الأرض والسيادة، والذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي. يقرأ المؤلف هذا الوسيط التقني بوصفه امتداداً للواقع السياسي والاجتماعي، حيث تتحوّل المنصات الرقمية إلى ساحات اشتباك رمزية، تُصاغ عبرها سرديات، وتُعاد فيها كتابة ما يعانيه الفلسطينيون بلغة مختلفة. ينطلق الكتاب من تحليل نماذج رقمية متعددة تعكس تنوّع التجربة الفلسطينية، من صفحات إخبارية ووسائل رقمية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر، ومن منصات الفلسطينيين في الداخل، وصولاً إلى الفلسطينيين اللاجئين في الشتات، بما يكشف تعدّدية الأصوات ووحدة الهم.
تكمن أهمية هذا الكتاب الصادر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في كونه يتجاوز الرصد لاستخدام الإعلام الرقمي، ليقدّم فهماً أعمق لدوره في إعادة بناء الهوية الفلسطينية، وحفظ الذاكرة الجمعية، ومواجهة محاولات المحو والتغييب المستمرة. ومن هذا المنظور، يشكّل الكتاب إضافة نوعية للمكتبة العربية في دراسات الإعلام والسياسة، ويسهم في توسيع النقاش حول أشكال المقاومة المعاصرة.
6- "الرحم الاصطناعي... عالم ما بعد التكاثر البشري" لجمال السويدي (الإمارات)

يناقش كتاب "الرحم الاصطناعي... عالم ما بعد التكاثر البشري" تقنية الرحم الاصطناعي بوصفها منعطفاً عميقاً في تاريخ الطب وفي فهم الإنسان لذاته، حيث يتعامل المؤلف جمال السويدي مع هذه التقنية من داخل مفارقة تجمع بين الوعود العلاجية الكبيرة، خصوصاً في معالجة العقم، وبين ما تفتحه في الوقت ذاته من أسئلة أخلاقية واجتماعية شديدة التعقيد.
الكاتب هنا يربط بين التطوّر من جهة وبين إعادة تشكيل البنية الاجتماعية من جهة أخرى، محذراً من أن التحكم الجيني قد يقود إلى أنماط جديدة تُهيمن فيها نخب علمية واقتصادية قادرة على توجيه مستقبل الإنجاب والصفات البشرية.
الكتاب الصادر عن "الدار المصرية اللبنانية" يعكس طابع الإشكالية ويتوقف عند التحولات المحتملة في بنية الأسرة وأدوار المرأة، وطبيعة العلاقة بين الوالدين والطفل، وما يستتبعه ذلك من إشكاليات قانونية تتعلّق بالنَسَب والميراث وحقوق الأجنة.
بين قلق "الرحم الاصطناعي" ومستقبل البشرية، وتفكيك "طيبة البصريين"، مروراً بجرح المغيّبين قسراً في لبنان، وسرقة "المكتبة الزيدانية" في المغرب، وصولاً إلى تفكيك أسطورة بو رقيبة إنسانياً… كتبُ 2025 تقتحم المناطق الشائكة وتناقشها بجرأة لافتة
7- "نظرية التنمية وإعادة الإعمار في سوريا خلال مرحلة ما بعد الحرب" لخالد التركاوي (سوريا)

ليس من السهل الحديث عن تعافٍ اقتصادي في بلد استُنزف على مدى سنوات طويلة من الحرب والانقسام، لكن هذه الدراسة تنطلق من الاعتراف بعمق الأزمة السورية لتبحث عمّا هو ممكن. فالصورة التي ترسمها لسوريا في مرحلة ما بعد إسقاط نظام الأسد تكشف اقتصاداً منهكاً منذ 2011، تتجلّى ملامحه في انهيار الناتج المحلي، وتراجع دخل الفرد، واتساع الفقر والبطالة، ودمار واسع في البنية التحتية والخدمات الأساسية. غير أن الدراسة الصادرة عن "دار الرؤية الجديد" لا تكتفي بوصف هذا المشهد القاتم، بل تقترح مساراً واقعياً للتعافي، يقوم على إصلاح مؤسسي جذري يعيد هيكلة الدولة، ويضع مكافحة الفساد في صدارة الأولويات، ويؤسِّس لقرار اقتصادي قائم على التقييم والدراسة.
وتطرح الدراسة كذلك فرصاً اقتصادية قابلة للتفعيل في مرحلة ما بعد الحرب، تشمل الزراعة، والصناعات الصغيرة والمتوسطة، والبنية التحتية، والعقارات، والصناعات الدوائية، والسياحة، باعتبارها قطاعات قادرة على تحريك الاقتصاد تدريجياً. تبرز أهمية الكتاب في أنه يتعامل مع التعافي الاقتصادي في سوريا بوصفه عملية مركبة لا تُختزل في أرقام أو إجراءات تقنية، وإنما تتطلَّب رؤية شاملة تشترك فيها الدولة والمجتمع والقطاع الخاص معاً.
8- "هذه ليست حكاية عبده سعيد" لنادية الكوكباني (اليمن)

حاز هذا العمل أخيراً جائزة أفضل رواية عربية في مسابقة نجيب محفوظ للرواية لعام 2025. وتتضمّن الرواية، الصادرة عن "دار الحوار للنشر والتوزيع"، وقائع تاريخية يحكيها راوٍ هو "عبده سعيد"، حيث يعرج على أمكنة ومدن مختلفة في اليمن. كما تتناول في قالب روائي التحوّلات التاريخية في ثلاث مدن يمنية (عدن وتعز وصنعاء)، بداية من خمسينيات القرن العشرين، وحتى ما بعد بداية الألفية الجديدة.
وشخصية "عبده سعيد" هي شخصية من خيال الكاتبة نادية الكوكباني، استخدمتها في روايتيها السابقتين "صنعائي" و"سوق علي محسن"، وهي لرجل ادّعى الجنون وسكن في مقبرة، وخرج للمشاركة في الأحداث السياسية التي رافقت إسقاط نظام علي عبدالله صالح، ولكنها في هذه الرواية تعود إلى بداياته وطفولته ومراهقته، وما رافق هذه الفترات من أحداث شهدها المجتمع اليمني.
9- "العظماء يموتون في أفريل" لأميرة غنيم (تونس)

مدهش أن تنطلق الرواية بوعي تاريخي منقوص عن شخصية الزعيم الحبيب بورقيبة، أول رئيس لتونس بعد الانقلاب على الملكية، رغم عمره المديد (1903 – 2000). الكاتبة هنا تركّز على أمور إنسانية في حياته، ولا تتناوله كشخصية سياسية أو تاريخية. وهي زاوية يمكن أن تكون معتادة في الأعمال الروائية العربية والعالمية، ولكن إدراك أميرة غنيم بقلة ما تم تناوله عن هذه الشخصية، ربما منح الرواية عنصريّ الفرادة والجودة.
تركز الرواية الصادرة عن "دار مسكيلياني" على تفكيك صورة بورقيبة، حيث تستند إلى صوته وهو على سرير الموت، بما يتيح له قراءة تأملية لمسيرته، فتغطي مساره من الطفولة إلى لحظة عودته بوثيقة الاستقلال الداخلي لتونس. ما يميز الرواية أنها ملأت الفراغات التاريخية التي أهملها المؤرخون بجزء من الخيال، ما يجعل سيرة الزعيم التونسي وثيقة مفتوحة للتأمّل.
10- "أولاد شهرزاد" لأفنان العبيدلي (السعودية)

لا تزال أسطورة "ألف ليلة وليلة" ملهمة لكثير من الكتاب والكاتبات، ولكن في رواية "أولاد شهرزاد" اعتمدت الكاتبة السعودية أفنان العبيدلي على عنصر مغاير غير الأبطال الرئيسيين. عنصر ربما لم يُتناول أبداً في تاريخ الرواية العربية، وهو تناول سيرة أبناء شهرزاد. وتتخذ الرواية من الليلة الأخيرة لشهرزاد نقطة انطلاق، وتحوّل لحظة النجاة بالحكي إلى بداية جديدة، حيث تلد شهرزاد ثلاثة أبناء هم: (ليث، وماهر، وبدر)، كلٌ منهم له حكاية، وكل واحد منهم له مسار مختلف عن الآخر.
العنصر المهم في الرواية الصادرة عن "دار أثر" هي أنها تقرأ الأسطورة من جديد، من خلال واقع متخيل تماماً، وتروي بشكل معاصر ما لم يُقرأ فيها. الرواية استكمال لـ"ألف ليلة وليلة"، إن شئنا الدقة.
11- "يحدث لأسباب عاطفية" لمحمد جعفر (الجزائر)

محمد جعفر صاحب مشروع قصصي بدأ منذ سنوات بعدد من المجموعات القصصية وهي: "طقوس امرأة لا تنام"، و"ابتكار الألم"، و"بطعم الفانيليا"، وها هو يستكملها بهذه المجموعة الصادرة عن "دار ديوان". الكاتب يتحدّث في قصصه عن الذات وتحوّلاتها النفسية والعاطفية، ويجعل التجربة الإنسانية اليومية مركزاً للبناء السردي الخاص به.
في هذه المجموعة القصصية، ينسج الكاتب عالماً شعورياً كثيفاً، يقود القارئ إلى قلب تجارب شخصية نفسية واجتماعية معقَّدة. ترافق هذه الشخصيات في هشاشتها، حاجتها إلى الحب والاحتواء، ما يجعلها في مواجهة مباشرة مع الفقد والفراق، خصوصاً في ما يتعلَّق بالعلاقات المرتبكة بالذات وبالآخرين.
12- "معزوفة اليوم السابع" لجلال برجس (الأردن)

الكاتب الحاصل على جائزة البوكر العربية عن "دفاتر الورّاق" عام 2021، يعود هذا العام برواية جديدة تتحدّث عن مدينة مقسَّمة إلى سبعة أحياء، جنوبها مُخيم كبير لغجرٍ مطرودين منها، وغربها جبل على قمته قبر جدها الأول. هذه المدينة يصيبها وباء غريب يجعل المصابين به مولعين بالموت، يستخدم برجس هذه الفكرة ليكشف للقارئ مدى هشاشة الإنسان وانهيار غريزة البقاء مما يضع المدينة على حافة الفناء.
الرواية الصادرة عن "دار الشروق" فيها كم كبير من المشاعر الإنسانية التي تتولَّد لدى الإنسان في أقصى لحظات قهره وضعفه وهو على وشك الموت، أو بالأدق الانتحار.
13- "تاريخ لم يكتبه المنتصرون... عن الترجمة والفلسفة والإبداع" لأنور مغيث (مصر)

من الأقوال الشهيرة أن التاريخ يكتبه المنتصرون دائماً، ولكن أستاذ الفلسفة السياسية المعاصرة، والمترجم المعروف، الدكتور أنور مغيث يفنّد هذه العبارة بهدوء منتصراً لفرضية فكرية مختلفة.
تسرد حياة "أولاد شهرزاد" وتستنطق حكمة "الذئاب"، وتجعل القراءة بديلاً من الحياة… تجارب سردية تكسر النمطية وتمزج الواقع بالفانتازيا ببراعة عام 2025
الكتاب الصادر عن "دار المعارف" ينطلق من فرضية أن ثلاثية "الترجمة والفلسفة والإبداع" ليست مجالات مستقلة عن بعضها كما رسخ في نظرة العقلية الفكرية العالمية للتاريخ، ولكنها ثلاثية متداخلة، كل مدخل فيها يستطيع التأثير في الآخر. ويعيد تعريف العلاقة بين الترجمة والإبداع بوصفها علاقة تكامل لا تبعية، حيث تصبح الترجمة شرطاً لإنتاج المعرفة. ويعرج مغيث على ما أنتجه الفكر المصري في النصف الأول من القرن السابق بوصفه مثالاً على ما يطرح، فيغوص في مشروع أحمد لطفي السيد وطه حسين وآخرين.
14- "اليسار الإيراني... من الثورة إلى إيفين" لجاسم الحلفي (العراق)

في هذا الكتاب، يصرِّح الكاتب العراقي جاسم الحلفي بشكل مباشر بأنه على اطلاع مباشر بتجربة اليسار الإيراني، وبأن أحد أقرب رفاق دربه، السياسي الكردي الراحل حيدر شيخ علي، قضى سبع سنوات في سجن "إيفين" السيّئ السمعة (شمالي غرب إيران)، بينها سنة ونصف في زنزانة انفرادية، وعانى خلالها من صنوف التعذيب والانتهاكات التي لا تُحتمل.
هذان السببان كانا وراء دفع الحلفي لتقديم هذا الكتاب الذي يكشف من خلاله عن كواليس تأسيس أول خلايا يسارية في الحزب الشيوعي الإيراني الذي تحوّل في ما بعد إلى "حزب الشعب"، وغيره من القوى اليسارية التي نشأت في إيران، ونضالها الكبير ضد سلطة وقمع نظام شاه إيران. ويمضي الكتاب الصادر عن "دار سطور" إلى تعريف القارئ العربي بشخصيات عراقية اعتُقلت في هذا السجن الإيراني، ومنهم الشاعر الكبير مظفر النواب.
15- "عقاب" لقصي البسطامي بن مسكين (ليبيا)

لا تبني الرواية - وهي العمل الثالث للكاتب الليبي الشاب قصي البسطامي - عالمها على شخصيات متخيَّلة بقدر ما تستند إلى وجوه حاضرة في الواقع الليبي، وينطلق الكاتب من هذا القرب من الواقع ليعيد تشكيل شخصياته بما يكشف أعماقها النفسية، فتصبح الرواية هنا مرآة لبيئة اجتماعية حقيقية أكثر منها بناءً متخيَّلاً.
يبدأ من مدينة براك الشاطئ في عمق منطقة فزان التاريخية في جنوبي غرب ليبيا، بما تحمله من ذاكرة شعبية وصور طفولة وأدوات حياة بسيطة، إذ يستلهم عالم روايته الصادرة عن "دار النهضة العربية"، مستعيداً رموزاً محلية، ومنشغلاً بفكرة مواجهة الفرد بمجتمع تحكمه الأعراف والسلطة الاجتماعية الصارمة، حيث يُدفع البطل تدريجياً من براءة أولى إلى انكسار عميق تحت وطأة القمع غير المعلن.
ترصد الرواية الحائزة على منحة "محترف الرواية الليبية" هذا التحوّل القاسي، حتى يستحيل هذا الألم سلوكاً، والانكسار مرضاً اجتماعياً. وعلى امتداد صفحات الرواية، يطرح الكاتب أسئلة وجودية حول الحرية والهوية والعدالة، ليضيف بعداً جديداً إلى الرواية الليبية المعاصرة، وهذا هو سر أهميتها.
16- "الحياة ليست رواية" لعبده وازن (لبنان)

بالتأكيد الحياة ليست رواية، ولكن ما كتبه عبده وازن في هذا المؤلَّف لم يكن رواية بالمعنى التقليدي، وإنما هي كتابة حرة عن الانعزال بين رفوف الكتب، حيث يتحول فعل القراءة إلى بديل للحياة نفسها.
النص له بطل مركزي، ولكنه بلا اسم. أما العالم فقد تحوّل إلى مكتبة كبيرة، تصبح فيها الشخصيات الأدبية العالمية أصدقاء للبطل، وأكثر حضوراً في الواقع. الرواية غير التقليدية التي كتبها عبده وازن والصادرة عن "دار المتوسط" تحضر فيها الحرب اللبنانية بوصفها جرحاً خلفياً غير مباشر، يؤثِّر في الشخصيات دون أن يتحوّل إلى محور صريح.
أهمية هذا النص في أنه ليس استعراضاً ثقافياً أو لأبطال الروايات والكتب العالمية، وإنما هو غوص في هوية بطل يحب القراءة ويعتبرها هي الحياة.
أصوات من قلب الأزمات في مؤلَّفات 2025… إصدارات أدبية تجعل الاقتصاد والسياسة والمقاومة في قلب العمل الإبداعي، بما فيها "إعمار سوريا" و"الهوية الرقمية الفلسطينية"، وروايات تستلهم "جلجامش" لمحاكاة واقع الفقر في الأردن
17- "تاريخ بلاد ما وراء النهر في زمن المغول" لإبراهيم الشرقاوي (مصر)

يعود هذا الكتاب إلى تاريخ بلاد ما وراء النهر في إحدى أكثر لحظاته اضطراباً وحساسية، حين اجتاحها الغزو المغولي وتشكّل بعدها حكم الدولة الجغتائية، وهي إحدى الخانيات المغولية التي نشأت عن تقسيم الإمبراطورية المغولية الأصلية، وتنسب إلى "جغتاي خان"، الابن الثاني لجنكيز خان، حيث حكمت أراضي واسعة في آسيا الوسطى، وتطورت لتصبح كياناً تركياً مغولياً يتحدّث اللغة الجغتائية، وهي لغة أدبية تركية.
يتعامل الكتاب مع هذه الجغرافيا بوصفها جزءاً مهماً في التاريخ الإسلامي، وحلقة وصل بين الممالك التركية والفارسية والعربية، ومهداً لشخصيات علمية وفكرية كبرى أسهمت في تشكيل الحضارة الإسلامية، مثل الترمذي والبخاري وابن سينا.
في القسم الثاني من الكتاب، يوسع الكتاب زاوية النظر ليفكك ملامح الحياة الحضارية في ظل الحكم المغولي، كاشفاً أثره في الإدارة والاقتصاد والبنية الاجتماعية والحياة الفكرية. وعلى الرغم من تعقيد المرحلة المدروسة وندرة المصادر العربية فيها، إلا أن الكاتب اعتمد منهجاً مقارناً قائماً على تحليل مصادر متعدّدة اللغات، مما يتيح قراءة أكثر توازناً وعمقاً لهذه الحقبة.
تنبع أهمية الكتاب الصادر عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب" من كونه يعيد الاعتبار لمرحلة مهمّشة في الكتابة التاريخية، مقترحاً فهمها بعيداً من الأحكام المتداولة شعبياً وتراثياً عن حضارة المغول.
18- "أصل الطيبة... نقد الهوية المصطنعة للبصريين" لمحمد عطوان (العراق)

يستهدف هذا الكتاب تفكيك صورة طيبة البصريين، ويكشف أن الطيبة ليست صفة ذاتية، بل خطاب سلطوي صيغ ليبدو في ظاهره مديحاً، ولكنه يخبّئ في الأعماق آلية للضبط والتسلّط على أهل البصرة.
فكرة الكتاب الصادر عن "دار سطور" يتميّز بالحداثة والفرادة، حيث ينفتح على الكيفية التي تستخدم بها السلطة الصفات الإيجابية لمجموعة بشرية (أهل مدينة البصرة) كأداة من أدوات الإخضاع الناعمة. وتكمن أهمية هذا الكتاب في أنه يدعو إلى تحرير الهوية بشكل عام من القوالب الجاهزة، واستعادة حق أهل البصرة في تعريف نفسها خارج التصنيفات الموروثة.
19- "حكايات الذئب الحكيم لوبو" لمحمد نزير الحمصي (سوريا)

هي مجموعة قصصية تضم 17 قصة، وتحكي عن صورة الذئب في الوعي الجمعي، ولكنها تعيد تشكيل هذه الصورة من جديد، حيث تتحدّث عنه ككائن لا يعيش الفوضى، وإنما تحكمه نظم واضحة قائمة على الأسرة، والتسلسل الهرمي، واحترام الكبار.
الكاتب يقدِّم الذئب بوصفه مخلوقاً حرّاً قوياً لا يمكن استئناسه، يخوض معاركه التي يعتبرها معارك حياة أو موت، وتنتهي القصص إلى دعوة غير مباشرة إلى التعلم من حكمة الذئاب. المجموعة الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" تحمل تأمّلات لخصوصية هذا الحيوان، وتجعله قناعاً يمرّر الكاتب والشاعر السوري محمد نزير الحمصي من خلاله فلسفة خاصة يريد إيصالها للقارئ.
20- "اسمي عليا وهذا أبي" لعلي الشعالي (الإمارات)

بعد فوز الأب الكاتب بجائزة أدبية كبرى، تجد الابنة "عليا" نفسها مدفوعة إلى الإمساك بالقلم لتحكي الرواية من منظورها، حيث تواجه فجأة مجتمعاً ومؤسسات إعلامية تتعامل مع محاولة اغتيال والدها باعتبارها مادة قابلة للبث والتحليل والتداول. ومن خلال صوت "عليا"، يتشكَّل سرد يتابع اللحظة بوصفها كشفاً لطبيعة المشهد الثقافي وما يحيط به من هوس بأصحاب الجوائز واقتحام حياتهم الخاصة.
الرواية الصادرة عن "دار المتوسط" تتحوّل إلى أداة لمساءلة المشتغلين بالوسط الثقافي والإعلامي، عن منطقهم في استهلاك كل ما يخص المشهورين، فهي تقدم نقداً عميقاً للمشهد الثقافي المعاصر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



