كيف يضاعف الغلاء الأعباء الجندرية على النساء في مصر؟

كيف يضاعف الغلاء الأعباء الجندرية على النساء في مصر؟

حياة نحن والحقوق الأساسية

الجمعة 7 نوفمبر 202514 دقيقة للقراءة

في ظل الغلاء المتزايد في مصر، ما زالت ميزانية كثير من بيوت المصريين كما هي، مما يشكل عبئاً على النساء اللواتي يخضن معارك يومية خلف الأبواب المغلقة من أجل تأمين حاجات بيوتهّن في مجتمع يرى الرجل معيلاً والمرأة هي المدبرة وكأنه لا مجال لأن تفشل. 

ميزانية ثابتة أمام أسعار متحركة

تحصل شاهيناز (32 سنة) ربة منزل وأم لطفلين على 4 آلاف جنيه من زوجها كـ"مصروف للبيت" لا يشمل دفع فواتير الكهرباء والمياه.

تقول شاهيناز التي تسكن في شقة تمليك في حي الظاهر بالقاهرة، إن هذا المبلغ في السابق كان يكفي الأساسيات مثل اللحوم والدواجن والأسماك والخضراوات، إلى جانب بعض مما تعتبره رفاهيات كالجبن والفاكهة والحلويات، أما الآن فلا يكفي لشراء الأساسيات، وفق قولها لرصيف22: "نضطر لشراء منتجات أقل جودة مقارنة ولا نشتري كل شيء؛ الفاكهة مثلاً مرتفعة الثمن فلا نشتريها الآن".

في ظل الغلاء المتزايد في مصر، ما زالت ميزانية كثير من بيوت المصريين كما هي، مما يشكل عبئاً على النساء اللواتي يخضن معارك يومية خلف الأبواب المغلقة من أجل تأمين حاجات بيوتهّن في مجتمع يرى الرجل معيلاً والمرأة هي المدبرة

نفس الأمر تؤكده ليلى (31 سنة) لرصيف22، والذي كان راتب زوجها 5 آلاف جنيه، يدفع منها 1700 جنيه إيجاراً للشقة التي كان الزوجان يعيشان فيها في منطقة العشرين بفيصل في محافظة الجيزة ويعطيها 2500 جنيه مصروفاً للبيت: "مع ارتفاع الأسعار، بات الوضع صعباً"، حسبما تقول، فاضطر زوجها إلى العمل في وظيفة ثانية رفعت ميزانية البيت إلى 5 آلاف جنيه.

ورغم شراء ليلى وزوجها شقة بنظام التمويل العقاري وانتقالها للعيش فيها قبل عام ونصف عام إلا أن ما كانا يدفعانه للإيجار لم يذهب لمصروف البيت وإنما لأقساط الشقة الجديدة، مما جعل الضغط عليها مستمراً: "إذا اشتريت فراخاً لا أشتري لحماً؛ وفي بعض الشهور ربنا يبارك ويتبقى جزء من مشتريات الشهر الفائت في الشهر الجديد ما يوفر علينا بعض الشيء".

أما منال (34 سنة)، وهي أم لطفلين وتعمل وزوجها في إحدى شركات القطاع العام ومقرها القاهرة، وتحصل على 5 آلاف جنيه لتدبير حاجات المنزل من راتب زوجها البالغ نحو 7 آلاف، فتقول لرصيف22: "بعد دفع الفواتير الشهرية يكون المبلغ المتبقي غير كافٍ لكي نذهب لأول الشارع وليس تلبية حاجات الشهر، وتالياً أضع مرتبي (7 آلاف) على مرتبه لحل الأزمة".

وتضيف: "هناك بعض الأشياء لم نعد نشتريها مثل السابق؛ قللنا مثلًا كميات اللبن التي نشتريها فبدلاً من شراء كرتونة أو اثنتين (تحتوي الكرتونة على 6 عبوات) اشتري عبوتين فقط".

وتتابع بالقول: "لو قارنّا بين الأسعار قبل سنوات والأسعار حالياً فيما لا يزال الراتب كما هو سنجد أن ألف جنيه أو ألفين في 2022 كانت تشتري أشياء كثيرة من حاجيات المنزل مثل الأرز والمكرونة والسكر، بل وكانت تشتري لحوماً، أما الآن فلكي تشتري اللحوم والدواجن والأسماك فأنت بحاجة إلى ضعف المرتب الذي بات غير كافٍ لسد حاجات الحياة".

من جانبها، تقول الصحافية والباحثة الاقتصادية منى عزت، إن الفكرة السائدة في المجتمع المصري إن دور الرجل هو العمل وتوفير الأموال، فيما تكون المرأة مسؤولة على إدارة "مصروف البيت"، فهي من تحدد طعام الأسرة وتوفر مصاريف المدارس والدروس، وأي ظرف طارئ كمرض طفل أو مناسبة اجتماعية: "ببساطة كل الإدارة بتفاصيلها اليومية ومفاجآتها تتحملها النساء وأي صعوبات أو مشكلات تواجهها النساء بمفردهن".

وتكشف عزت إن المرأة قد تتعرض للضرب والإهانة من الشريك في حال عدم كفاية "مصروف البيت" باعتبار أن ذلك يعكس "عجزها" عن تدبير حاجات المنزل بـ"مصروف البيت" المحدد، وفق اعتقاد البعض.

المرأة في مواجهة معركة التدبير

حينما ينفد المبلغ المخصص لمصروف البيت وكذلك راتب زوجها وما زال هناك بعض الحاجات، تضطر منال لشرائها من راتبها، لكنها لا تعد ذلك "مشاركة في المصروف" مع زوجها، وإنما حل مشكلة وحتى لا تواجه اتهاماً بعدم القدرة على تدبير أمور البيت.

"لو قارنّا بين الأسعار قبل سنوات والأسعار حالياً فيما لا يزال الراتب كما هو سنجد أن ألف جنيه أو ألفين في 2022 كانت تشتري أشياء كثيرة من حاجيات المنزل مثل الأرز والمكرونة والسكر، بل وكانت تشتري لحوماً، أما الآن فلكي تشتري اللحوم والدواجن والأسماك فأنت بحاجة إلى ضعف المرتب الذي بات غير كافٍ لسد حاجات الحياة"

وتنوه منال بوجود "غروبات" على تطبيق "واتسآب" للنساء مخصصة فقط لكيفية إدارة مصروف البيت في ظل ارتفاع الأسعار، مشيرة إلى إنها ترى نساء يسألن كيف يدبرن حاجات أسبوع كامل بـ500 جنيه لأسرة مكونة من 4 أفراد، أي شهر كامل بمبلغ 2000 جنيه.

أما ليلى فتكشف أنها لا تشتري شيئاً من دون استشارة زوجها، ما يجعله مطلعاً على أوجه الإنفاق، وفي نفس الوقت تتجنب التعرض للوم أو الاتهام بالتقصير، لكنها تؤكد أنها مع ذلك تشعر بضغط أكبر منه خلال الفترات الصعبة: "أرى أن المرأة تتحمل مسؤولية كبيرة، بخاصة لو الزوج لا يشارك سوى بمصروف البيت فقط".

ضغط كبير

عن الضغوط التي تسببها إدارة مصروف البيت في ظل هذا الغلاء، تقول شاهيناز: "إن أكثر موقف شعرت فيه بالضغط الشديد حينما تعرضت لوعكة صحية مفاجئة تضارب تشخيص الأطباء في أسبابها، فأجريت عدة تحاليل، على إثرها، وصف لي الطبيب علاجاً جزء منه كان مستورداً وباهظ الثمن، واستمر العلاج لأكثر من شهر، مما تسبب في ضغط مالي كبير على الأسرة، لأن الدخل والحاجات الشهرية كما هي وزادت عليها مصاريف العلاج".

وتضيف: "خلال هذه الفترة ومع الضغط المادي علينا، بدأت الدراسة وطلبت ابنتي حقيبة مدرسية جديدة مثل أقرانها، لكن للأسف بسبب الوضع الذي نعيشه مع ارتفاع أسعار "الشنط المدرسية" التي وصل سعر الجيد منها إلى أكثر من 1500 جنيه لم أستطع شراء حقيبة لها."

مع بداية الدراسة، اكتشفت شاهيناز أن حقيبة ابنتها غير صالحة فعلاً ولكن الظروف جعلتها عاجزة عن تلبية طلبات أطفالها: "طبعاً إحساس صعب جداً لأني شعرت بضغط قوي، وكنت أقاوم تلك الظروف حتى أكمل كل شهر بسلام من دون أن استلف مالاً من أحد أو أشعر أبنائي بأن هناك أزمة في البيت".

تضيف شاهيناز: "كنت أضطر إلى إكمال الشهر بأقل من إمكانيات يوم، يوم نصف كيلو مكرونة، ويوم فول، ويوم جبنة".

وتستطرد: "بالطبع كان أمراً قاسياً أن يطلب الأطفال شيئاً ولا تستطيع أن توفره لهم ولا تستطيع أيضاً أن تجعلهم ينسونه".

هنا، يقول الاستشاري في الطب النفسي، الدكتور جمال فرويز، إنه لا بد من الواقعية في التعامل مع المشكلات إلى جانب الوعي بها، مشدداً على أن هذه المشكلة لا تخص فرداً أو أسرة معينة وإنما تخص مجتمعاً كاملاً: "اليوم الدور لا بد أن يكون تبادلياً بين الحكومة والأفراد؛ الحكومة عليها أن تعمل جاهدة لتخفيض الأسعار، والأفراد عليهم توجيه نفقاتهم نحو الضروريات".

ويضيف فرويز أن على المرأة أن توضح لأبنائها الظروف الاقتصادية الحالية وما تواجهه الأسرة ولا تتحمل فوق طاقتها، مشدداً على أنه "من الأفضل أن نتشارك بأن نقلل من مصاريفنا والاستعاضة عن منتجات بأخرى أقل جودة بدلاً من أن تتحامل المرأة على نفسها وتصاب بالأمراض".

من جهتها، تقول الصحافية والباحثة الاقتصادية منى عزت لرصيف22 إن عدداً من النساء يتعرضن لكل هذه النماذج والأشكال من الضغوطات والمصاعب لأن بعض الرجال يريدون التهرب من المسؤولية وعدم الشعور بضعفهم من الناحية الاقتصادية، فيلقون باللوم على المرأة، فتشعر بدورها بالضعف وقلة الحيلة، فلا تتمرد على ظروف المعيشة ولا تطلب من الزوج أي طلبات إضافية بذريعة أنها غير قادرة على إدارة شؤون المنزل.

الاختزال الجندري للأدوار

تؤكد منال أن إلقاء حمل تدبير حاجيات البيت على المرأة وحدها يضعها تحت ضغط كبير ويسبب لها مشكلات نفسية، مشددة على ضرورة أن يكون الأمر مشتركاً بين الزوجين: "بعض الرجال يلقون الحمل على المرأة ما يسبب الكثير من المشكلات ويصل الأمر إلى حد الانفصال".

بدورها، تشدد ليلى على أنه من الأفضل أن يتشارك كلا الزوجين في كل شيء؛ من التنظيف إلى توفير متطلبات البيت: "لا يصح أن يكون دور الزوج فقط توفير المال ودور المرأة تنظيف المنزل وإدارته، لا بد من أن يساعد كلاهما الآخر حتى يكون هناك استقرار، وهذا ليس عيباً كما هو شائع بالمجتمع العربي".

وتشير ليلى إلى أنها رأت بنفسها حالات كثيرة لسيدات لعبن دوراً كبيراً في استقرار بيوتهن: "والدتي مثلاً كانت تساعد والدي من البداية. كانت تدخل جمعيات لكي تستطيع مساعدته في بناء المنزل".

الرجل معيل والمرأة مدبرة؟

في هذا السياق، تقول الباحثة في قضايا النوع الاجتماعي والتنمية، والمديرة التنفيذية لمؤسسة المرأة الجديدة، نيفين عبيد، إن فكرة "الرجل معيل والمرأة مدبرة" هي فكرة تشير إلى الأدوار النمطية للرجال والنساء بأن مكان النساء المنزل في حين إن مكان العمل أو المجال العام للرجال خارج المنزل.

وتضيف في حديثها لرصيف 22، أن فكرة أن المرأة هي المدبرة يعني أنه يوكل إليها إدارة شؤون البيت باعتباره دوراً نمطياً ورئيساً وأساسياً للنساء في حين أن تدبير الموارد وتدبير شؤون البيت من الممكن أن يكون مناصفة بين الجنسين.

وتشدد عبيد على أن هذا الدور قد يضطلع به الاثنان معاً، فهناك رجال يديرون شؤون المنزل ويدبرون أمورهم المالية، وبالتالي قصة تدبير النفقات وترشيدها وتوجيه النفقات لأولويات داخل المنزل مهمة مشتركة بين الجنسين وليست بالضرورة أن تكون حكراً على النساء.

وترى نيفين أن هناك الكثير من الأشياء التي قد تغير تلك النظرة النمطية منها التثقيف المجتمعي، لكن الأهم في نظرها هو أن يكون هناك نظرة مختلفة من الدولة وسياستها لأدوار النساء والرجال: "ما دامت لدينا مادة في الدستور (المادة 11 من الدستور) تقول إن على المرأة أن توفق أوضاعها بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، فهذا يفيد بأن دور العمل دور مضاف إلى دور أصيل وهو الأدوار داخل المنزل، وهذا أمر غير صحيح".

وتنص المادة 11 من الدستور المصري المعدل في العام 2019 على أن "تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل".

وتشدد عبيد على ضرورة أن يكون هناك تحفيز للنساء في العمل، وتحفيز لسياسات التمييز الإيجابي للمرأة في التعيينات والوصول إلى المصادر ووقف الانتهاكات والتمييز الذي يحدث ضد النساء داخل الأسرة، مؤكدة أن كل هذا من شأنه أن يعيد للمرأة وضعها ومكانتها في المجتمع ويجعل للأجيال المقبلة رؤية مختلفة في ما يتعلق بعلاقات القوة بين الجنسين ويخلق مجالاً مختلفاً للنساء في أن تكون هناك مساواة داخل الأسرة في المقام الأول عن خارجها.

وهناك تدخلات تشريعية وسياسات عدّة من الممكن أن تتبناها الدولة ومن شأنها دفع المجتمع على مدى استراتيجي متوسط نحو تغير هذه الرؤية، بحسب ما ترى الناشطة النسوية التي تستطرد قائلة: "الحقيقة نحن حتى الآن غير قادرين على اتخاذ خطوات قافزة على مستوى قانون الأحوال الشخصية ولا على مستوى مناهضة العنف ضد المرأة ولا على مستوى مواد الدستور التي تربط ما بين أن تجيد المرأة القيام بالأدوار ما بين خارج المنزل وداخله، وبالتالي تظل هذه مهمة رئيسية، كل ما يتعلق بدور النساء في مجال العمل من شأنه لو نظر إليه بمنطق يدعم المساواة بين الجنسين أن يغير أيضا ثقافة المجتمع وتقاليده".

وترى منى عزت أن نظرة "الرجل معيل والمرأة مدبرة" تؤثر في سياسات الدولة وتقديرها للعمل المنزلي غير المدفوع للمرأة، حيث يعيش المجتمع في إطار سياق عام يقلل من قيمة الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية التي تقوم بها المرأة داخل المنزل ويعتبرها أعمالاً غير مقدرة لأن ليس لها مردود اقتصادي بالنسبة لهم، فالرجل بالنسبة للدولة والمجتمع هو من يأتي بالفلوس وهو عمود البيت، وبما أن النساء يقمن بالأعمال المنزلية غير المقدرة نسمع عبارات "انت بتعملي إيه طول اليوم" و"ما انتي قاعدة طول اليوم زي قلتك" وغيرها من العبارات التي تكرس وتدعم أكثر فكرة أن أعمال الرعاية أعمال غير مقدرة وليس لها قيمة.

هذا الفكر - وفق عزت - يوفر بيئة مواتية للمرأة لكي تتحمل مزيداً من الأعباء المرتبطة بالإدارة لأعمال البيت وهي تقبل هذا الدور، لكن عندما تزيد الضغوط عليها وتبدأ في الشكوى، يوجه لها الرجل على الفور اتهامات بأنها غير قادرة على الإدارة الجيدة لشؤون البيت وكأنه بذلك يحافظ على هيبته وسلطته، ويكيل لها الاتهامات ويصفها بأنها "فاشلة" وأنها السبب في المشكلات.

كيف يضاعف الغلاء أزمات النساء النفسية؟

"الغلاء كسر الكثير من الناس أمام أبنائهم"، هذا ما تقوله شاهيناز، لافتة إلى أنها تشعر بمرارة حينما يطلب أطفالها شيئا مثل أقرانهم ولا تستطيع توفيره: بالطبع هذا الأمر "غصب عننا". 

أما منال فتهون الأمر على نفسها قائلة: "نحن لسنا طبقة محدودة الدخل بل من متوسطي الدخل، فلدينا أكثر من دخل والأهل يقدمون لنا المساعدة، في المقابل هناك أسر "معدومة" دخلها أقل، هذه الأسر استغنت عن أشياء كثيرة جداً وليس اللبن فقط كما فعلنا نحن مقابل أن يتناولوا وجبة واحدة جيدة في اليوم".

من جانبه، يقول الدكتور فرويز، إن الاكتئاب أنواع بعضه يرتبط بالمرأة - يقصد بيولوجياً أو هرمونياً - مثل اكتئاب ما بعد الولادة، لذلك أي ضغوط حياتية تحدث تكون المرأة عرضة للاكتئاب بصورة كبيرة، لافتاً إلى أن الضغط وعدم تصريف هذه الضغوط يؤدي إلى بعض الأعراض منها؛ الصداع، آلام القولون، تعرق وبرودة في الأطراف.

ويكشف أنه مع تصاعد واستمرار الغلاء تظهر اضطرابات نفسية في صور مختلفة، منها في صورة أعراض جسمانية كالأعراض سالف الإشارة إليها، أو في صورة نوبات من الهلع، أو في صورة اضطرابات في الأكل والنوم: "نحن نتحدث اليوم في مجتمع يتعرض لهذه الضغوط الاقتصادية بصورة عنيفة وهذا يؤثر بالطبع على السلوكيات"، كاشفاً عن أن بعض النساء، جراء الضغوط الملقاة على عاتقهنّ، يلجأن للهروب من الواقع إلى أي أسلوب آخر لكسب المال وهناك من يعاني بسبب هذه الضغوط من الأمراض أو الأعراض الجسمانية أو الأعراض الاكتئابية أو الاضطرابات النفسية المختلفة: "بعض الناس جراء هذه الضغوط يعاني من نوبات هلع، والبعض الآخر يعاني من أعراض وسواس قهري وليس مرض وسواس قهري، وهناك من يدخلون في نوبات من الهوس مع الضغوط الشديدة، إلى جانب نوبات الاكتئاب وهي الأساس".

"لا يصح أن يكون دور الزوج فقط توفير المال ودور المرأة تنظيف المنزل وإدارته، لا بد من أن يساعد كلاهما الآخر حتى يكون هناك استقرار، وهذا ليس عيباً كما هو شائع"

وترى نيفين عبيد، أن كلاً من الرجل والمرأة بحاجة لدعم نفسي بسبب هذا الغلاء الذي يلقي بظلاله على الجميع، معتبرة أن الأثر الكبير للغلاء يقع على عاتق المرأة بسبب ارتفاع نسبة الفقر بين النساء عن الرجال: "تكون المرأة الأكثر تضرراً في حالات التضخم وحالات ارتفاع الأسعار فضلاً عن أن جزءاً كبيراً من العمالة غير المنظمة تشغلها النساء عن الرجال"، ما يعني - وفق عبيد - أن المرأة مهددة في عملها وفي دخلها وفي استدامة الدخل، وبالتالي هي تتعرض للفقر أكثر في أوقات الأزمات الاقتصادية.

ولهذا تشدد عبيد على أن ثمة حاجة لنوع من التغطية المتكاملة أو الخدمات الشاملة المتكاملة التي تلجأ إليها النساء وغيرها لأن الأمر طاحن للجميع بنسبة كبيرة بمن فيهم من يعملون في القطاع الحكومي، إلا أنها في الوقت ذاته تشير إلى أن سياسات التدخل المعنية بالطوارئ لحماية المواطنين من ارتفاع معدلات الفقر هي سياسات ضعيفة في الدول التي لديها ديون مثل مصر. وأثناء فترة التضخم وارتفاع الغلاء، تكون النساء الأكثر فقراً والأكثر احتياجاً على مستوى التدخلات المعنية بالدعم الاقتصادي وبدعم الحقوق الأساسية كالتعليم والصحة.

وتختم عبيد حديثها قائلة إن "الجميع مدمر أمام معدلات التضخم العالية وفرق العملة وتداعيات الدين والتقشف وغيره".

وهكذا تدفع كثير من المصريات ثمن الغلاء مضاعفاً من صحتها النفسية والجسمانية داخل مجتمع يلقي على عاتق المرأة أعباء تتجاوز حد الاحتمال في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعيشها البلاد.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

من 12 سنة لهلّق، ما سايرنا ولا سلطة، ولا سوق، ولا تراند.

نحنا منحازين… للناس، للحقيقة، وللتغيير.

وبظلّ كل الحاصل من حولنا، ما فينا نكمّل بلا شراكة واعية.


Website by WhiteBeard
Popup Image