بعضها سلباً والآخر بالإيجاب… 10 شخصيات عربيّة أثّرت في المنطقة عام 2025

بعضها سلباً والآخر بالإيجاب… 10 شخصيات عربيّة أثّرت في المنطقة عام 2025

سياسة نحن والحقوق الأساسية نحن والحرية

السبت 20 ديسمبر 202511 دقيقة للقراءة

بين ومضات الأمل وظلمة الصراعات والاستبداد، شكّل عام 2025 محطة فارقة في تاريخ المنطقة العربية، بأحداث وتطوّرات رسمت ملامحها عدة شخصيات تركت بصمات بعضها لا تُمحى.

في هذا التقرير، يتناول رصيف22 تأثير شخصيات فاعلة خلال العام الذي يوشك على الانتهاء في تناقضات المشهد بين دول عدة عربية، متنقّلاً بين الجراح المصري مجدي يعقوب وإنجازه غير المسبوق، وصانع نهضة الكرة المغربية فوزي لقجع، ورموز حقوقية ارتبطت أسماؤها بالسجون مثل أحمد صواب وعلاء عبد الفتاح. وبينما صدح صوت الأدب الفلسطيني عالمياً بجائزة مرموقة لإبراهيم نصرالله، برزت شجاعة "سبايدر مان" الصغير في مصر في وجه الاعتداءات الجنسية على الأطفال، وصمود المرأة السودانية واجتهادها وسط الحرب.

1-"منقذ القلوب" مجدي يعقوب

منذ عقود، يقوم الجراح المصري المخضرم مجدي يعقوب، أحد أشهر أطباء وجراحي القلب على مُستوى العالم، بمهمته كـ"منقذ القلوب" على أكمل وجه، وقد ساهم في إنقاذ حياة ملايين الأطفال مرضى القلب بالفعل في مصر وحول العالم.

في عام 2008، أسّس "مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب" التي تقدّم العلاج المجاني للفئات الأشد احتياجاً في مصر. وكان قبلها قد أسّس، عام 1995، مؤسسة "سلسلة الأمل" في المملكة المتحدة التي اهتمت بعلاج الأطفال الذين يعانون أمراضاً قلبية في الدول المنكوبة بالحروب والصراعات.

لمجدي يعقوب مسيرة مهنية وإنسانية وخيرية لا تشبه مسيرة أحد غيره. ولم تتوقف إسهاماته الطبية والأكاديمية أو الإنسانية مع بلوغه في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 الـ90 من عمره.

مطلع 2025، احتفى العالم بـ"أكبر هدية قدّمها مجدي يعقوب للإنسانية"، على حد وصفه، وهي "صمامات القلب الحيّة"، بما يمثّل نقلة نوعية في حياة ملايين المرضى الذين يحتاجون إلى استبدال الصمامات. وتتواصل رحلته في خدمة البشرية والطفولة والطب كأكمل ما يكون العطاء.

من زنزانة المحامي المعارض أحمد صواب في تونس إلى حرية الناشط علاء عبد الفتاح في مصر… وجوه حقوقية دفعت أثماناً باهظة في 2025، بينما يواصل قادة من بينهم أحمد الشرع وقيس سعيد ترسيخ حكمهم وسط انقسام سياسي حاد

2- التونسي المحامي والمعارض أحمد صواب

في 21 نيسان/ أبريل 2025، اعتقلت السلطات التونسية المحامي البارز والمدافع عن حقوق الإنسان أحمد صواب، وذلك بعد يومين فقط من تحدّثه في مؤتمر صحافي منتقداً غياب معايير المحاكمة العادلة في المحاكمة ضمن ملف "التآمر على الدولة"، بصفته محامي دفاع ثلاثة من المتهمين على ذمته.

القاضي السابق، والمعروف بانتقاده الصريح انتهاكات الحق في المحاكمة العادلة، وتدخُل السلطة التنفيذية في عهد الرئيس قيس سعيد في شؤون القضاء وعرقلة استقلاليته، حوكم عن "تهم لا أساس لها"، وفق توصيف منظمة العفو الدولية، وقضت محكمة تونسية، في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، بسجنه خمسة أعوام.

ومن داخل سجن المرناڤيّة، وفي ظل حملة لشيطنته وتشويهه من مناصرين للسلطة، بعث صواب برسالة شجاعة: "كنت ولا أزال وسأبقى صاحب موقف ورأي أعبّر عنهما بشجاعة ومسؤوليّة".

3- الروائي الأردني الفلسطيني إبراهيم نصرالله

فاز الروائي والشاعر الفلسطيني الأردني، إبراهيم نصرالله، بجائزة نيوستاد العالمية للأدب لعام 2025، ليصبح أول كاتب عربي ينال هذه الجائزة التي تُعدّ من أرفع الجوائز الأدبية في العالم، وتعادل في قيمتها المعنوية جائزة نوبل في الأدب، حتى إنّ كثراً يلقّبونها بـ"نوبل الأمريكية".

يُعرف مشروع نصرالله الروائي باسم "الملهاة الفلسطينية"، وهو عمل ضخم يضم 12 روايةً مستقلةً تتناول الذاكرة الفلسطينية عبر أجيال متعاقبة، تتقاطع فيها الأسطورة مع الواقع، والمنفى مع الوطن، ويصبح السرد وسيلةً للمقاومة وحفظ الذاكرة. ويمثل فوز نصرالله بهذه الجائزة لحظةً فارقةً في الأدب العربي المعاصر، إذ يكشف عن تحوّل في نظرة المؤسسات الأدبية العالمية إلى السرد العربي، وعن حضور متزايد للصوت الفلسطيني في المشهد الثقافي الدولي.

في حوار صحافي حديث، قال نصرالله: "عندما قرّرت الكتابة عن فلسطين تعهدت أن أكتب بعين الحرية والنضال، وأن أقتحم التاريخ بها".

4- "سبايدر مان" المصري

خلال عام 2025، صُدم المجتمع المصري بأكثر من حادثة اعتداء جنسي على أطفال في المدارس. كانت حادثة اعتداء موظف سبعيني على الطفل ياسين (6 سنوات)، عقب استدراجه لإحدى دورات المياه في المدرسة وتهديده بعدم إبلاغ أسرته، صادمة وموجعة على نحو خاص. تابع المجتمع المصري القضية باهتمام شديد، ودشنت حملات دعم للطفل الضحية وأسرته لقرارهما مقاضاة المعتدي، وحضر العشرات أمام محكمة جنايات دمنهور في جلسة المحاكمة الأولى للمطالبة بأشد عقوبة. كان حضور الطفل ياسين بملابس سبايدر مان -الشخصية التي أحبها- لحمايته من عدسات الإعلام مؤثراً، وتعامل معه الجميع بمسؤولية وتقدير.

حكمت المحكمة ابتدائياً على المتهم بالسجن المؤبد (25 عاماً) في تهمة "الاعتداء بالقوة تحت التهديد"، قبل أن يُخفّف في مرحلة الاستئناف إلى السجن 10 سنوات في ظل محاولة الجاني الهروب من جريمته. وتحوّل ياسين -"سبايدر مان المصري"- من ضحية اعتداء جنسي إلى رمز للشجاعة والتحدي، وساهمت قصته الملهمة في تشجيع العديد من الأسر على توعية أبنائها ضد الاعتداء الجنسي، وافتضاح أمر المزيد من الحوادث بالفعل.

5- الناشطة السودانية داليا يوسف

في حرب تتجاذب السودانيين من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، ترفع الناشطة والمهندسة السودانية داليا يوسف شعار: "مستقلة... لا أنتمي لأي تيار سياسي... أنتمي فقط للإنسانية"، وتنادي بحق السودانيين في دولة ديمقراطية بجيش وطني.

فضلاً عن رفع الصوت بما يحدث في السودان وتبعات الحرب على النساء والأطفال على نحو خاص، والمشاركة في العديد من المبادرات الإنسانية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، تشارك داليا تجاربها في مجال المنح عبر استشارات متخصّصة للشبان والشابات من السودان الطامحين/ات إلى الدراسة في الخارج، وتمنحهم الإلهام والأمل في تغيير واقعهم.

الأدب والشجاعة يكتبان التاريخ… إبراهيم نصرالله يحصد "نوبل الأمريكية" تقديراً لمشروعه الأدبي عن فلسطين، والطفل ياسين "سبايدر مان" يتحوّل إلى أيقونة مصرية في مواجهة الاعتداءات الجنسية على الأطفال، ملهماً المجتمع لكسر حاجز الصمت ومعاقبة الجناة

6- قيس سعيد

وصل الرئيس التونسي قيس سعيد إلى الحكم عقب انتخابات عام 2019، وفرض نفسه حاكماً بصلاحيات واسعة بإعلانه التدابير الاستثنائية في 25 تموز/ يوليو 2021. وبينما كان يرسي نظاماً سياسياً دكتاتورياً، زعم قيس سعيد أنه يسعى إلى "تصحيح مسار الثورة" ومكافحة "التدخلات الخارجية" و"الفساد".

وبعدما أقصى جميع منافسيه المحتملين، وسجن غالبيتهم وغالبية منتقديه، أعيد انتخاب قيس سعيد في انتخابات عام 2024، لكن الأصوات المعارضة والحقوقية تصر على أنه أعاد تونس إلى زمن ما قبل ثورة عام 2011، بل وزاد انقسام مواطنيه داخلياً إلى معسكرين، معسكر الأنصار الذي يخوّن "الآخر" المختلف في الموقف السياسي والمنتقد لممارسة سعيد الدكتاتورية، ومعسكر المعارضة الذي يتعرض طول الوقت للتخوين والتشويه والقمع وشتى صنوف التنكيل.

على نحو متزايد، حوّل قيس سعيد تونس إلى بلد لا يشبه تونس التي انطلقت منها ثورات الربيع العربي وكانت مضرب المثل في الحريات وفي العمل المدني، وكانت الأحكام القاسية وغير المسبوقة في ملف "التآمر على الدولة"، في وقت سابق من العام الجاري، نذير شؤم على انهيار استقلالية القضاء التونسي كآخر المؤسسات المعوّل عليها في البلاد.

7 - أحمد الشرع

في غضون عام واحد من وجوده في حكم سوريا، نجح أحمد الشرع في تلميع صورته وتقديم صورة مغايرة لماضيه الجهادي على الساحة الدولية، ونجح أيضاً في التخلّص من العقوبات التي أنهكت الاقتصاد السوري لأكثر من عقد من الزمن.

كما عمل على ترسيخ حكمه الانتقالي، عبر إصدار إعلان دستوري منحه كرئيس صلاحيات واسعة، وتشكيل حكومة من الموالين والمقربين. وحتى تشكيل أول مجلس شعب في البلاد بعد إسقاط نظام الأسد، لم يكن وفق نظام اقتراع مباشر وخلا من بعض المكونات.

إلى ذلك، فشل الرئيس الانتقالي في عدة ملفات متصلة بالتحديات الداخلية التي بقيت تتعاظم. فلم ينجح الشرع وحكومته في وقف العنف الطائفي أو تحقيق العدالة عقب الأحداث المميتة في الساحل السوري والسويداء، أو استعادة ثقة بقية المكونات وفي مقدمتها الكرد، أو فرض مؤسسات دولة مستقلة. ولا تزال الحوادث التي تعكس الانفلات الأمني والعنف الطائفي تتكرّر، وتتورّط فيها القوت الأمنية التابعة للشرع في ظل مناخ سائد من الإفلات من العقاب، فضلاً عن المحسوبية وتوزيع المناصب على أساس الثقة والمصلحة لا الكفاءة. يضاف إلى ذلك ملف المقاتلين الأجانب، وخطط تجنيسهم أو دمجهم في الجيش السوري، الذي لم يُحسم. يضاف إلى كل ما سبق التحدي الأبرز: الحفاظ على وحدة سوريا في ظل احتلال إسرائيل لمناطق في جنوب البلاد، ومساعي الانفصال لدى بعض ممثلي أقليات.

8 - حكمت الهجري

عقب إسقاط نظام بشار الأسد، برز اسم حكمت الهجري، أحد الزعماء الدينيين الرئيسيين الثلاثة للطائفة الدرزية في سوريا. لكن اسمه بات ملء السمع والبصر مع تصاعد أحداث العنف الطائفي التي شهدتها مدينة السويداء، ولم يعد مجرد زعيم روحي أو ديني بل بات زعيماً سياسياً أيضاً.

تحولات كبرى في مناطق الصراع خلال 2025… أحمد الشرع يقود انتقالاً صعباً في سوريا ما بعد الأسد، وداليا يوسف تزرع الأمل أمام شباب السودان، وقيس سعيد يحوّل تونس إلى بلد لا يشبهها

وشكّلت مواقف الهجري ودعوته المجتمع الدولي، بما فيه إسرائيل وأمريكا، إلى التدخل لحماية الطائفة الدرزية في سوريا، واستغلت إسرائيل هذا الوضع لتوسّع احتلالها بعض المناطق في جنوب البلاد بالفعل. كما دعا إلى انفصال السويداء عن سوريا، مما أدى إلى اتهامه بالخيانة، بما في ذلك من دروز يرفضون مواقفه السياسية ويرون أنه لا يمثلهم.

9- "صانع نهضة الكرة المغربية" فوزي لقجع

يشير كثيرون بالبنان إلى رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فوزي لقجع، في ما تشهده كرة القدم المغربية من نهضة غير مسبوقة على الصعيد الإقليمي والعالمي، وفي مختلف المراحل العمرية.

فبعد إنجاز المنتخب المغربي التاريخي في بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر 2022، بالحصول على المركز الرابع لأول مرة، توالت الإنجازات. فمن التتويج بكأس أمم أفريقيا تحت 23 عامًا 2023، إلى الحصول على المركز الثالث والميدالية البرونزية دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024، ثم التتويج بكأس أمم أفريقيا تحت 17 عامًا 2025، حتى التتويج ببطولة أمم أفريقيا للمحليين 2024 التي نظّمت في العام الجاري.

وحقّق منتخب الشباب تحت 20 عاماً المغربي إنجازاً غير مسبوق عربياً بالفوز بكأس العالم على حساب صاحبة الرقم القياسي لألقاب البطولة، الأرجنتين. وبعدها بأيام، حقّق المنتخب الثاني بطولة كأس العرب 2025 في قطر.

وعلى صعيد الفاعليات الكروية، يستضيف المغرب راهناً كأس الأمم الأفريقية، التي يعد المرشح الأول للفوز بها، وهو مقبل على استضافة كأس العالم لكرة القدم، وتكرّرت استضافته كأس العالم للأندية خلال السنوات الأخيرة.

10- علاء عبد الفتاح

بعد أكثر من عقد من الزمن، غادر الناشط السياسي والمبرمج المصري علاء عبد الفتاح السجن، نهاية أيلول/ سبتمبر 2025، وقد كان أشهر سجين سياسي في البلاد، ونظّمت للإفراج عنه حملات تضامنية مستمرة قادتها أسرته وحقوقيون/ات ومشاهير من مصر وحول العالم.

وفيما لا يزال ممنوعاً من السفر للالتحاق بنجله الوحيد الذي يقيم في المملكة المتحدة، يحاول علاء إعادة استكشاف ما فاته خلال سنوات سجنه الطويلة، حسبما يقول في حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي وفي مقابلات إعلامية محدودة أجراها منذ الإفراج عنه بعفو رئاسي.

وحتى مع توقفه عن أي نشاط سياسي في الوقت الراهن، ومحاولته "التعافي" من كل ما مرّ به - على حد تعبيره- تظل رؤية علاء حراً وقادراً على التنفس خارج حدود الزنزانة، أمراً مؤثراً وجيداً بالنسبة إلى كثيرين ممن عايشوا محنته ومحنة أسرته.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image