يعرف أهل بلاد الشام أنّ شجرة الزيتون تُعطي في عام، وتُحرم في عام. وموسم 2025، يأتي في "عام الحرم"، حيث الثمار قليلة وبالكاد تكفي أصحابها. لكن في فلسطين لم يكن الحرمان من الشجرة نفسها، فقد تخطاها إلى حرمان الاحتلال أصحاب الأرض حتى من قطاف هذه الثمار القليلة، ليقف المستوطنون والجيش بين الفلسطيني وبين أرضه، مدججين بالسلاح والكراهية.
فمع حلول منتصف تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، يتأهّب الفلسطينيون لموعدهم الأجمل مع الأرض؛ موسم قطف الزيتون. هذا ليس حدثاً زراعياً فحسب، بل طقس وجداني يوحّد العائلة والذاكرة حول الشجرة التي صارت رمزاً للوجود الفلسطيني في وجه محاولات المحو والاستيطان.
فمن قرية الولجة التي تحتضن أقدم شجرة زيتون في العالم، إلى قرى الجليل والخليل، تمتد جذور الزيتون مثل خيوط ذاكرة متوارثة، تُذكّر الفلسطينيين بأنّ الصمود ليس شعاراً بل فعل حياة يتكرّر كل خريف.
كل غرسة زيتون تثبيت للهوية
على مدار العقود، شكّلت شجرة الزيتون بالنسبة للفلسطينيين خطّ الدفاع الأول عن الأرض؛ فكلّ غرسة جديدة كانت إعلاناً ضمنياً عن البقاء في وجه مصادرة الأراضي.
ومع اتساع الاستيطان بعد انتفاضة الأقصى، راح الفلسطينيون يزرعون الزيتون كمن يزرع هويةً، واليوم تغطّي هذه الشجرة نصف الأراضي الزراعية الفلسطينية، ويعتمد عليها نحو ثمانين ألف مزارع كمصدر رزق أساسي، فيما تحوّل موسم الزيتون إلى عمود للاقتصاد الريفي ومناسبة اجتماعية تلتئم فيها القرى على صوت المعاصر ورائحة الزيت الطازج.
تراجع إنتاج الزيتون الفلسطيني منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 بشكل كارثي، بنسبة بلغت 67% مقارنة بعام 2022، وبـ 12 ألف طن فقط، والسبب الأبرز هو الحرب على قطاع غزة واعتداءات الضفة وقيود الاحتلال وتدمير البنية التحتية الزراعية
على مدى سنوات طويلة، توالت الانتهاكات الإسرائيلية ضدّ مواسم الزيتون، إذ شهدت أراضي الضفة الغربية اعتداءات متكرّرةً على المزارعين وحقولهم، خصوصاً في القرى الملاصقة للمستوطنات. غير أنّ ما ميّز المواسم التي تلت السابع من أكتوبر 2023، هو الارتفاع الحاد في وتيرة الانتهاكات واتساع نطاقها؛ فقد سجّلت منظمات حقوقية تزايداً مضطرداً في أعداد الحوادث التي استُهدِف فيها المزارعون وأراضيهم خلال موسمي 2023 و2024، وتزايدت القيود على الوصول إلى الحقول الزراعية.
ومع انطلاق موسم 2025، يواصل الاحتلال نهجه في الترهيب والتخريب الممنهج للأشجار، في محاولة لاقتلاع الفلسطيني من جذوره كما تُقتلع شجرة زيتون عتيقة من ترابها.

الانتهاكات الإسرائيلية ضدّ موسم الزيتون في آخر سنتَين
منذ السابع من أكتوبر 2023، شهد الإنتاج الفلسطيني من الزيتون تراجعاً حاداً بفعل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتصاعد الاعتداءات في الضفة الغربية.
وفقاً لبيانات وزارة الزراعة الفلسطينية، بلغ الناتج الإجمالي لموسم 2023، نحو 12،000 طنّ من الزيت فقط، بانخفاضٍ كبير قدره 67% مقارنةً بعام 2022، الذي سجّل إنتاجاً يقارب 36،000 طن.
ويعود هذا الانخفاض الحاد في معدّل الإنتاج إلى عوامل مركّبة، منها القيود الإسرائيلية على وصول المزارعين إلى أراضيهم، وتدمير البنية التحتية الزراعية، بالإضافة إلى تأثير تغيّر المناخ والتقلبات الجوية على محصول الزيتون. وتشير تقديرات قطاع الأمن الغذائي، وهو شراكة بين عشرات المنظمات الإنسانية، إلى أنّ المزارعين الفلسطينيين خسروا أكثر من 1،200 طن متري من زيت الزيتون خلال موسم 2023، ما تسبب في خسائر مالية مباشرة تجاوزت 10 ملايين دولار أمريكي.
شمل الإرهاب الزراعي الإسرائيلي عمليات سطو على محصول وحرق أشجار الزيتون، بالإضافة إلى تمكين المستوطنين من الاعتداءات بواسطة الأسلحة والكلاب.
شهدت الضفة الغربية خلال موسمَي 2023 و2024، موجةً واسعةً من الانتهاكات الإسرائيلية ضد المزارعين الفلسطينيين، وكانت الأشجار هدفاً مباشراً لهذه الاعتداءات؛ فقد تعرضت الأراضي الزراعية لـ544 انتهاكاً واعتداءً أسفرت عن اقتلاع وقطع وحرق 31،688 شجرة، بينها 23،061 شجرة زيتون، بالإضافة إلى تعرض المحاصيل للمصادرة والسرقة من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين.
وشمل الإرهاب الزراعي عمليات السطو على المحصول وحرق أشجار الزيتون، ما انعكس مباشرةً على تراجع الإنتاج الفلسطيني.
رافقت هذه الانتهاكات قيود صارمة على وصول المزارعين إلى أراضيهم. فبرغم امتلاك الفلسطينيين في نحو 150 تجمعاً فلسطينياً أراضيَ مزروعةً بأشجار الزيتون في المنطقة الواقعة بين الخط الأخضر والجدار المقام حول الضفة الغربية، بقيت معظم البوابات الزراعية الموصلة إلى هذه الأراضي مغلقةً بعد السابع من أكتوبر، ولم تُفتح إلا استثنائياً.
كما رفض الاحتلال وصول المزارعين إلى أراضيهم في المناطق المصنّفة "ب" و"ج"، مثل 700 دونم في قرية قريوت، و1،900 دونم في قرية ترمسعيا، بينما بقيت الأراضي الواقعة داخل نطاق 56 مستوطنةً أو بالقرب منها مصنفةً كـ"منطقة عسكرية مغلقة"، ما حرَم آلاف الفلسطينيين من الوصول إلى حقولهم خلال موسم القطاف.
وكانت الاعتداءات على المواطنين مرافقةً لهذه القيود، إذ وثّقت الجهات الحقوقية 2،886 اعتداءً خلال موسم قطف الزيتون في 2024 وحده، منها 670 اعتداءً من قبل ميليشيات المستوطنين، و136 اعتداءً على الأراضي والثروات الطبيعية.
هذه الأرقام تعكس بوضوح سياسةً ممنهجةً تهدف إلى منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم وحماية محصولهم في الضفة الغربية، وتؤكد الدور المباشر لهذه الانتهاكات في تراجع إنتاج الزيتون في تلك الفترة.
شهد عام 2023، إعلاناً صدر عن خبراء الأمم المتحدة أشار إلى أن المزارعين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة يواجهون أخطر موسم زيتون على الإطلاق، حيث تفاقمت القيود على الوصول إلى الأراضي، وزادت الاعتداءات والمضايقات التي يمارسها المستوطنون المسلّحون وقوات الاحتلال الإسرائيلي.
ولفت الخبراء إلى أنّ هذه الانتهاكات، بما فيها منع الوصول إلى الأراضي والمياه ومناطق الرعي، وإضرام النار في المحاصيل وإتلاف الممتلكات وسرقة الأغنام، تقوّض السيادة الغذائية للأسر الفلسطينية وتشكل اعتداءً إضافياً على حق الفلسطينيين في تقرير المصير.
وأشار الخبراء -كما هو معروف- إلى أنّ قطف الزيتون جزءٌ أساسي من الحياة والثقافة الفلسطينية، وأنّ علاقة الفلسطينيين بالأشجار، التي قد تعيش لمئات السنين، تمتد إلى الأجداد والمستقبل معاً. ورأوا أن تقييد الوصول إلى المحاصيل، وتدمير البساتين، وحرمان المزارعين من مصادر المياه، محاولة من إسرائيل لتوسيع مستوطناتها غير القانونية، بما يهدد استمرار هذه الممارسة التقليدية والاقتصادية.
ودعا الخبراء إسرائيل قانونياً ودولياً إلى إنهاء الاحتلال فوراً، وإيقاف جميع الأنشطة الاستيطانية، وإجلاء المستوطنين، وتقديم التعويضات عن الأضرار، مع توفير الحماية للمزارعين لضمان إمكانية وصولهم الآمن إلى أراضيهم ومواصلة موسم قطف الزيتون دون عرقلة.
موسم 2025… استمرار الاعتداءات وتحوّلاتها الميدانية
أما في موسم الزيتون لعام 2025، فقد شهدت الضفة الغربية مجموعةً متنوعة من الانتهاكات الإسرائيلية، شملت الاعتداءات الجسدية على المزارعين، وتخريب الممتلكات والمنازل، وقطع وسرقة أشجار الزيتون، وإحراق المحاصيل والمركبات، وحرمان المواطنين من الوصول إلى أراضيهم ومصادر المياه، بالإضافة إلى مضايقات مباشرة من ميليشيات المستوطنين المسلحة تحت حماية قوات الاحتلال.
في القدس، هاجم المستوطنون تجمع خلة السدرة البدوي شرقي مخماس، وفي الخليل منعت قوات الاحتلال المزارعين من الوصول إلى أراضيهم قرب مستوطنتي "أدورا" و"تيلم". وتعرّض الفلسطينيون في القرينات ووادي سيف لاعتداءات بالعصي والحجارة والكلاب، وامتدت الاعتداءات إلى بيت لحم، رام الله، نابلس، سلفيت، والأغوار
ووفقاً لتوثيقات المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، فقد شهد موسم الزيتون لعام 2025، في الضفة الغربية، تصاعداً كبيراً في الانتهاكات الإسرائيلية بحق المزارعين وأراضيهم؛ ففي القدس المحتلة، هاجم مستوطنون تجمع خلة السدرة البدوي شرقي بلدة مخماس، وحاولوا الاعتداء على المواطنين ومساكنهم قبل الانسحاب.
أما في الخليل، فقد رصد المكتب الوطني أن قوات الاحتلال احتجزت مزارعين في بلدة ترقوميا ومنعتهم من الوصول إلى أراضيهم القريبة من الشارع الالتفافي ومستوطنتي "أدورا" و"تيلم"، واستولت على مركباتهم وهددتهم بعدم العودة إليها.
كما اعتدى مستوطنون مسلحون على المزارعين في مناطق مثل القرينات ووادي سيف، مستخدمين العصي والحجارة والكلاب، ما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص برضوض وكسور، كما تم إحراق مركبة أحد المواطنين ومنع فرق الإسعاف من تقديم المساعدة، مؤكّدين استمرار نمط الاستهداف المباشر للمزارعين الفلسطينيين خلال موسم 2025.
وأظهرت توثيقات المكتب الوطني للدفاع عن الأرض أيضاً، أن الاعتداءات امتدت إلى محافظات بيت لحم، رام الله، نابلس، سلفيت، والأغوار، حيث قام مستوطنون بتخريب ممتلكات المزارعين، وقطع عشرات الأشجار، وسرقة ثمار الزيتون، ومنع المزارعين من قطف محاصيلهم.
وأغلقت قوات الاحتلال الطرق والبوابات الزراعية، واحتجزت المزارعين لساعات، مستخدمةً القوة وتهديدات مباشرة لإجبارهم على مغادرة أراضيهم. وتؤكد هذه الانتهاكات استمرار سياسة التضييق المنهجي على حياة الفلسطينيين الزراعية واقتصادهم الريفي، وسط حماية الجيش للمستوطنين وتواطؤٍ واضح في حرمان الفلسطينيين من حقهم في قطف محاصيلهم.

السردية الإسرائيلية لتبرير الانتهاكات
السردية الإسرائيلية التي صاحبت موسم الزيتون الفلسطيني لعام 2025، استخدمت الخوف والتحريض لتبرير الانتهاكات ضد المزارعين.
فقد قامت السلطات الإسرائيلية والميليشيات الاستيطانية بتصوير موسم القطف كتهديد أمني، مدّعيةً أنّ الفلسطينيين يستغلّون الأراضي الزراعية كمراكز للتخطيط والنشاط العسكري، فيما حوّلت الحملات الإعلامية والسياسية الرسمية هذا النشاط السنوي البريء إلى ذريعة لتقييد وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم وفرض قيود صارمة عليهم.
وقد استخدمت عناوين مثل "كرنفال قطف الزيتون يقترب" و"خطر أمني على السكان اليهود"، لتضليل الرأي العام العالمي وتبرير حملات الاعتداء على الأرض والممتلكات، متجاهلةً الحقائق الميدانية التي تُظهر استهداف الفلسطينيين وحصادهم السنوي دون أي تهديد حقيقي.
هذا الخطاب التحريضي لم يقتصر على الإعلام فحسب، بل تجسّد أيضاً في سياسات السلطات الإسرائيلية التي أوقفت التنسيق بين الشرطة الإسرائيلية وجهاز الشاباك لمتابعة الأنشطة الاستيطانية العنيفة، وألغت تصاريح وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم في المناطق "ج"، بينما سهّلت مشاريع توسيع الطرق الاستيطانية ومصادرة الأراضي.
بهذه الطريقة، استُخدم موسم الزيتون الفلسطيني كساحة لتبرير السيطرة على الأرض وتوسيع المستوطنات، مع تصوير الفلسطينيين كمصدر تهديد، ما منح الاحتلال غطاءً سياسياً وأمنياً لانتهاك حقوق المزارعين ومصادرة أراضيهم وممتلكاتهم.
مبادرات رسمية وأهلية لحماية موسم الزيتون
خلال مواسم الزيتون المتعاقبة، أطلقت المؤسسات الفلسطينية الرسمية والأهلية مبادرات عدة تهدف إلى حماية المزارعين وضمان وصولهم إلى أراضيهم برغم المضايقات والانتهاكات التي يتعرّضون لها. ومن أبرز هذه المبادرات حملة "الفزعة" التي تنظمها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وتركّز فيها على مرافقة المزارعين إلى أراضيهم القريبة من المستوطنات، ومساعدتهم على قطف ثمار الزيتون في أكثر المناطق تعرضاً للاعتداءات، في خطوة تهدف إلى إفشال مخططات الاحتلال لتقييد الوصول إلى الحقول وإضعاف الموسم الوطني المتجذر في وجدان الشعب الفلسطيني.
كما تبرز حملة "إحنا معكم" السنوية، التي تنظّمها جمعية التنمية الزراعية (الإغاثة الزراعية)، وتهدف إلى توفير الحماية والمساعدة للمزارعين المتعرضين لانتهاكات المستوطنين وقوات الاحتلال. وتأتي هاتان المبادرتان وغيرهما ضمن جهود واسعة لمؤسسات محلية ودولية لدعم صمود المزارعين الفلسطينيين وحماية موسمهم الزراعي الوطني.
هيئة مقاومة الجدار والاستيطان هي هيئة حكومية فلسطينية مستقلة مالياً وإدارياً، معنية بحماية الأراضي الفلسطينية ومتابعة الانتهاكات الإسرائيلية.
في حديثه إلى رصيف22، يورد مدير عام النشر والتوثيق في الهيئة، أمير داود، أنّها "تلعب دوراً محورياً في حماية الأراضي الفلسطينية وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحق المزارعين الفلسطينيين".
في الشهر الحالي (شهر القطاف)، تم توثيق 160 اعتداءً، وتخريب أو تسميم 900 شجرة زيتون، ومصادرة محاصيل في 40 حالة، ما يعكس استهدافاً منظماً لموسم الزيتون الفلسطيني.
ويوضح داود أنّ "عمل الهيئة يركّز على رصد ومتابعة الاعتداءات التي تُمارسها قوات الاحتلال والمستوطنون، بالإضافة إلى تقديم الدعم القانوني والميداني للمزارعين، وإطلاق حملات ميدانية لمساندتهم في الوصول إلى أراضيهم المهددة، خصوصاً تلك التي تقع قرب المستوطنات".
تعتمد الهيئة، حسب داود، "على منهجية متكاملة تشمل التوثيق القانوني، وبرامج العمل الشعبي، ودعم الصمود، لتكون بمثابة شبكة حماية للفلسطينيين خلال المواسم الزراعية، ولا سيما موسم الزيتون الذي يحمل بعداً اقتصادياً وثقافياً عميقاً في الوعي الوطني الفلسطيني".
وحول حجم الاعتداءات خلال موسم الزيتون هذا العام، يقول داود إنّه "برغم أنّ الموسم ما زال في منتصفه، تشير المؤشرات خلال أسبوعين من انطلاقه إلى أنّ حجم الاعتداءات كبير جداً وكذلك عددها، فقد شملت مناطق واسعةً في الضفة الغربية مثل بيت لحم، الخليل، قلقيلية، رام الله، ونابلس. وقد وثّقت الهيئة نحو 160 اعتداءً حتى تاريخ 21 شهر تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، إذ نفّذ المستوطنون 141 منها، بينما نفّذ الجيش الإسرائيلي نحو 15 أو 16 اعتداءً. وهذه الأعداد تعكس التخطيط الإسرائيلي الممنهج بهدف منع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم وإفشال موسم الزيتون".
وحول أنماط الاعتداءات، يوضح داود أنّ "أبرزها هو منع الوصول إلى الأراضي الزراعية، سواء عبر التواجد المسلح أو وجود ميليشيات تحت حماية الجيش الإسرائيلي".
وعن أنماط الاعتداءات الأخرى، يشير داود إلى أنّ الهيئة "رصدت اقتلاع الأشجار وتدمير المحاصيل ومصادرة الزيتون، حيث تعرضت حتى تاريخ 22 من الشهر الجاري نحو 900 شجرة زيتون للتخريب أو التسميم، وسُجلت 40 حالة مصادرة لمحاصيل الزيتون". كما يؤكد على أنّ "هذه الانتهاكات تتعدى البُعد الاقتصادي لتطال البُعد الإنساني والهوية الفلسطينية، إذ إنّ موسم الزيتون له أبعاد ثقافية ووطنية ترتبط بعلاقة الفلسطيني بأرضه، واستهداف الاحتلال له يقع ضمن أهدافه الاستعمارية الكبرى المتعلقة بزعزعة الهوية الفلسطينية ومحوها".
أما في ما يخص جهود الهيئة لحماية المزارعين، فيقول داود إنّها "تشمل متابعةً قانونيةً لكل الانتهاكات، وتنظيم حملات لمساندة المزارعين في أثناء القطاف، وتزويدهم بمعدات تساعدهم على العمل في الأراضي المهددة، بالإضافة إلى وجود ناشطي الهيئة معهم لمساعدتهم في القطاف".
وفي ما يتعلّق بأثر الجهد التوثيقي الذي تقوم به الهيئة، يشدّد داود على أنّ "التوثيق يشكّل أداةً إستراتيجيةً طويلة المدى لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، حيث يوفّر سجلاً دقيقاً يمكن استخدامه قانونياً وإعلامياً".
ويشير إلى أنّ "تراكم هذه التوثيقات على مرّ العقود ساهم في تحريك الرأي العام الدولي وفرض ضغطاً على صناع القرار الغربي خلال حرب الإبادة الأخيرة على غزة، فالتوثيق يأتي كضامن لاسترداد حقوق الشعب الفلسطيني، حتى لو كانت نتائجه المباشرة بطيئةً".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



