10 نساء عربيات ألهمننا في 2025

10 نساء عربيات ألهمننا في 2025

حياة نحن والنساء

السبت 20 ديسمبر 202512 دقيقة للقراءة

بين ركام الحروب وقمم الجبال الشاهقة، شهد عام 2025 قصصاً ومواقف استثنائية لنساء عربيات قهرن المستحيل وواجهن الاستبداد والاحتلال. من "سنديانة الساحل السوري" التي حرست جثامين أبنائها بصبرٍ أسطوري، إلى "قاهرة الجبال" التي رفعت راية التحدي للظروف والسن فوق أعلى القمم في العالم، مروراً بمناضلات حوّلن عتمة السجون والإعاقة إلى منارات للحرية وإلهام الآخرين.

في هذا التقرير، يستعرض رصيف22 قصص كفاح 10 نساء عربيات يشكّلن مصدراً للإلهام والتأثير في مجتمعاتهن على اختلاف مجالاتهن وأنشطتهن بين السياسة، والأدب، والعمارة، والعمل الخيري، فأثبتن أن النساء العربيات قادرات على أن يكن صانعات للتغيير.

1- "سنديانة الساحل" زرقة سباهية

فيما تفجّرت أحداث العنف الطائفي الدموية في الساحل السوري، كانت السيدة السورية زرقة سباهية (86 عاماً)، من قرية قبو العوامية في ريف اللاذقية، تضرب المثل في الأمومة وفي الصمود حين وقفت في وجه المسلحين القتلة تحرس جثث نجليها كنان وسهيل وحفيدها لامك ريحان، في 7 آذار/ مارس 2025.

تحمّلت زرقة بثبات المصير المروع الذي انتهى إليه نجلاها وحفيدها، لكنها لم تتحمّل اتهاماً خسيساً من القتلة بأنها وأبناء طائفتها العلوية "غدارين"، فردّت بثبات وبقوة على المسلّح القاتل: "فشرت"، وهي لفظة عامية تعني أن الحديث غير صحيح بالمرّة.

حين تصبح العمارة فعل مقاومة مع سعاد العامري، والأدب صوتاً للمنسيين مع سلوى بكر، والعمل الخيري بوابةً لأكسفورد مع هبة راشد… رائدات عربيات أثبتن جدارتهن وواصلن الإبداع والإلهام خلال عام 2025

أم أيمن التي لُقبت بـ"سنديانة الساحل السوري" و"أيقونة الساحل السوري"، ظلت تحرس جثامين نجليها وحفيدها الملقاة خلف منزلها لمدة أربعة أيام، رافضةً تركها خشية أن يُنكّل بها المعتدون، رغم التهديدات والمضايقات منهم، ضاربةً أروع الأمثلة في الصمود للعلويات وللمرأة السورية في 2025.

2- "كنداكة الصحافة" شمائل النور

فيما تدفع النساء والعاملون في الصحافة الثمن الباهظ للحرب المستمرة منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في السودان، تلمع الكثير من النساء والشابات السودانيات في قلب جهود الإنقاذ والإغاثة وتوفير المساعدات ورفع الصوت وكشف الانتهاكات وغيرها.

واحدة من أبرز الأسماء في المشهد السوداني في 2025 هي الصحافية السودانية والمدافعة عن حقوق الإنسان شمائل النور، أحد الأصوات النسائية والصحافية المستقلة القليلة التي واصلت التغطية والكتابة في ظل الحرب. وتُعرف شمائل بالمهنية والدقة والبعد عن الانحياز، والعمق في تناول القضايا التي تتصل بهموم الناس.

حتى قبل اندلاع الحرب الراهنة، غالباً ما غطّت شمائل القضايا المتعلقة بحقوق الأقليات في السودان، وناقشت في موادها الصحافية قضايا الصحة والتعليم والوضع الاقتصادي. ومن دون خوف أو رهبة كشفت الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها تنظيم "داعش" في البلاد وصمدت بشجاعة في وجه التحريض والتهديدات التي واجهتها بسبب آرائها وعملها الصحافي الشجاع.

عانت شمائل ما عاناه السودانيون في ظل الحرب الراهنة، من نزوح متكرر، فلجوء إلى خارج البلاد، قبل أن تعود في أول فرصة بعد استعادة الجيش السيطرة على مدينة أم درمان، المدينة المدمرة بشكل لم تتوقعه أبداً. لكنها لم تتوقف عن الأمل والعمل لأجل عودة الصحافة والسودان إلى سابق عهدهما قبل الحرب.

3- المعارضة "الأبيّة" شيماء عيسى

في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، وبعد ساعات من الاحتفال الواسع بالإفراج المشروط عن المحامية والناشطة سنية الدهماني، اعتقلت عناصر أمنية تونسية في زي مدني الكاتبة والباحثة والناشطة الحقوقية والسياسية والقيادية في جبهة الخلاص، شيماء عيسى، في أثناء مشاركتها في مسيرة سلمية في العاصمة تونس. جاء ذلك تنفيذاً لحكم نهائي ضدها بالسجن 20 عاماً (فضلاً عن غرامة مالية قدرها 50 ألف دينار تونسي، ومصادرة ممتلكاتها)، من محكمة الاستئناف في سياق ملف التآمر على أمن الدولة"، الذي تؤكد منظمات حقوقية وقانونية أنه استُخدم لقمع معارضي الرئيس قيس سعيد ومنتقدي مسار 25 تموز/ يوليو 2021.

كانت شيماء تعلم أنها ستُعتقل، وأخبرت وكالة "رويترز" بذلك قبل دقائق من توقيفها. لكنها قرّرت بشجاعة المشاركة في المسيرة الرافضة لأحكام "التآمر" القاسية التي تراوحت بين 10 و45 عاماً سجناً لنحو 40 شخصية. واحتجاجاً على طريقة توقيفها والتعامل معها، دخلت شيماء في إضراب مفتوح عن الطعام قبل أن تقرّر تعليقه، في 15 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، للحفاظ على صحتها من أجل "مراحل نضالية قادمة" و"استجابةً للأصوات الصادقة" التي تظاهرت أمام السجن دعماً لها.

ولم يتوقف نضال شيماء عيسى التي طالبت أخيراً في رسالة من داخل سجن منوبة بـ"توفير نقلٍ آمن يضمن سلامة وصحة وكرامة السجينات على حدّ سواء"، في وقت تتعالى فيه الأصوات للإفراج عن الناشطات والفاعلات المعتقلات كافة في المشهد في تونس.

4- هنادي زحلوط

في 8 آذار/ مارس 2025، نعت الناشطة الحقوقية والمهندسة الزراعية السورية هنادي زحلوط، ابنة اللاذقية، أشقائها الثلاثة الذين قالت إنهم اقتيدوا من منازلهم وأعدموا ميدانياً مع عدد من رجال قريتها. اكتفت هنادي في منشورها المؤلم بالمطالبة بـ"حماية حياة من تبقى من نساء وأطفال، وأن نستطيع دفن موتانا".

رغم المصاب الجلل، تحلّت هنادي بالمسؤولية وفضّلت المصلحة العامة على الألم الشخصي، ودعمت مسار المحاسبة القانونية بعيداً من أصوات التحريض والطائفية. وهي التي اطالما دافعت عن المرأة وعن المعتقلين والمغيبين قسراً في وجه نظام الأسد حتى اعتقلها ثلاث مرات، واضطرت في نهاية المطاف إلى الإقامة في فرنسا.

وبعد مرور الذكرى الأولى على إسقاط نظام الأسد، وشهور عدة على مقتل أشقائها، لا تزال هنادي ترفع شعار "سوريا لأبنائها الذين لا يهون عليهم جرحها"، وتجاهر بجرأتها المعهودة: "مع السويداء وضد الهجري، ومع اللاذقية وضد غزال غزال، ومع دمشق وضد كل رجال السلطة الانتقالية"، متمسكةً بأن "الطوائف والمدن والمكونات أكبر وأعلى كعباً بكثير وكثير ممن يدعون تمثيلها، وسوريا أكبر بكثير منهم جميعا".

5- الكاتبة والروائية المصرية سلوى بكر

في تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، فازت الروائية والناقدة المصرية سلوى بكر بجائزة البريكس الأدبية في دورتها الأولى. ابنة حي المطرية الشعبي في العاصمة المصرية القاهرة والتي عُرفت كـ"صوت المهمشين" أو "كاتبة المهمشين"، وتُرجمت أعمالها إلى لغات أجنبية منها الإنكليزية والألمانية والإسبانية والفرنسية.

في مشروعها الأدبي، تنتصر سلوى بكر للمنسيين/ات، وتناقش كل ما هو مسكوت عنه، وتوظّف السرد لإنصاف الفئات الهشّة ولكشف العنف الناعم، لتصبح أقرب إلى مؤرخة اجتماعية تمزج الرمز بالأسطورة والسخرية لتفكِّك الواقع المأزوم، وهو ما تكرّر في أعمالها ومن أبرزها: رواية "البشموري"، ورواية "العربة الذهبية لا تصعد إلى السماء"، ورواية "فيلة سوداء بأحذية بيضاء".

6- "سيدة الخير" هبة راشد

عاماً بعد آخر، تزداد مسيرة مؤسِّسة ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة مرسال، هبة راشد، في العمل الخيري لا سيّما في ما يخصّ الرعاية الصحية والحق في العلاج والعدالة الصحية، إلهاماً وتأثيراً على مستويات متعدّدة. الشابة المصرية التي جاءت من الفيوم (شمال صعيد مصر)، لتؤسس "مرسال" في عام 2015 بتبرع محدود، ثم قادتها لأن تصبح واحدة من أهم وأكبر المؤسسات غير الهادفة للربح في مصر الفاعلة في المجال الخيري والصحي، لا تتوقف طموحاتها ولا إنجازاتها. فبات اسمها قريناً لكل الأحداث المهمة في مجال الإغاثة والمساعدات الإنسانية بما فيها دعم الشعب الفلسطيني في غزة.

من قمم الجبال مع الخمسينية بشرى بيبانو إلى تحدي الإعاقة مع زينب العقابي… قصص نساء عربيات حطمن المستحيل وأثبتن أن الإرادة القوية لا تعترف بالحدود الجسدية أو الصور النمطية

ورغم تفوّقها في المجال الخيري، لم تنسَ هبة حلمها وواصلت مشوارها الأكاديمي وتخرّجت في 2025 من واحدة من أعرق المؤسسات الأكاديمية حول العالم، جامعة أكسفورد.

في رسالة مؤثرة شاركتها عبر حساباتها الاجتماعي، كتبت هبة: "وُلدتُ في أسرة فقيرة غير متعلمة، تكافح للبقاء، ومع ذلك كان لديها الإصرار الكافي لدعمي حتى وصلتُ إلى أكسفورد. كانت الرحلة شاقة للغاية... لم تكن سهلة قط. وها أنا اليوم، أترأس واحدة من أكبر منظمات المجتمع المدني في بلدي، وأحظى بالكثير من التقدير والتكريمات، لكنني ما زلتُ أتمسك بحلمي الشخصي: حضور حفل تخرجي في جامعة أكسفورد، واصطحاب والديّ من بلدتهما الصغيرة في جنوب مصر ليشاركاني فرحتي في أروقتها، لأقول لهما: شكراً لكما".

7- "النابغة المعمارية" سعاد العامري

فيما تسعى إسرائيل عبر جهود منسّقة إلى تهويد القدس وسائر البلدات العربية في المناطق الفلسطينية المحتلة، تقف واحدة من أبرز الأسماء العربية في مجال العمارة، المهندسة المعمارية والأكاديمية والكاتبة سعاد العامري ببسالة في وجه هذه المخطّطات، عبر إعادة ترميم وتأهيل المباني والقرى الفلسطينية وترسيخ مظاهر الهوية الفلسطينية بقوة فيها.

سعاد، صاحبة البصمة الواضحة في تطوير التعليم المعماري وربط المعرفة الأكاديمية بالواقع المجتمعي والتراثي، كرّست سيرتها المهنية لأجل حماية التراث المعماري الفلسطيني وربط المكان بالذاكرة والهوية الثقافية. كما ساهمت، من خلال تأسيسها "رواق - مركز المعمار الشعبي" في توثيق وإعادة إحياء آلاف المباني التاريخية التي كانت غالبيتها مهملة. وتُسهم سعاد و"رواق" أيضاً في تعزيز الوعي بأهمية حماية التراث المعماري، وربط العمارة بالذاكرة والهوية والمجتمع.

خلال الآونة الأخيرة، فازت سعاد بجائزة "نوابغ العرب 2025"، عن فئة العمارة والتصميم، تقديراً لمسيرتها ومساهمتها الفاعلة في إعادة تأهيل 50 قرية فلسطينية منذ عام 2005، وتسجيل نحو 50 ألف مبنى تاريخي ضمن أكبر مشاريع التوثيق العمراني في فلسطين. لكن أثر ما فعلته وتفعله سعاد العامري على الأرض لا يكفي لتكرّمه أي جائزة مهما علت قيمتها.

8- "قاهرة الجبال" المغربية بشرى بيبانو

لُقبت بـ"المرأة العنكبوت"، و"سيدة القمم"، و"قاهرة الجبال"، ولم تكتفِ الخمسينية المغربية بشرى بيبانو، بذلك حتى بعد أن أصبحت أول امرأة شمال إفريقية وأول مغربية وثالث عربية تتسلّق قمة إيفرست، وتكمل تحدّي القمم السبع للعالم، وذلك بين عامي 2011 و2018. تواصل بشرى هذه الهواية والرياضة المفضّلة لديها بتسلّق أبرز القمم حول العالم، وتشارك الإلهام مع متابعيها ومتابعاتها عبر السوشال ميديا، مشدّدةً دائماً على أن العمر ليس تحدياً وأن هناك دائماً ما يمكن إنجازه.

من "سنديانة الساحل" التي حرست جثامين أبنائها وجابهت قتلتهم في سوريا إلى ليلى سويف التي واجهت بأمعائها الخاوية في مصر... أمهات عربيات قهرن القمع بصبر أسطوري وسطرن ملاحم صمود في 2025

في منشور حديث لها، تقول بشرى: "من أعلى قمة في إفريقيا إلى قمة القارة القطبية الجنوبية، حملت رايتي وأحلامي إلى أقاصي الأرض. اليوم، أنا أول مغربية تنجح في تسلّق القمم السبع في العالم. لكنني لم أتغلّب على الجبال... بل على الشك والخوف".

9- "سفيرة الإعاقة" العراقية زينب العقابي

منذ فقدت ساقها إثر انفجار قنبلة من مخلّفات الحرب في حادثة بالعاصمة العراقية بغداد حين كانت في السابعة من عمرها، ولم يتوقّف الإلهام في قصة الصيدلانية العراقية زينب العقابي، التي أصبحت مؤخراً بطلة رياضية وأيضاً أول امرأة مبتورة الساق تقدم برنامجاً تلفزيونياً في الشرق الأوسط.

عبر حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، تجعل زينب دعم ذوي الإعاقة، وإلهامهم فعلاً يومياً مستمراً، رافعةً شعار "معاق وأفتخر"، وهي التي تصر على كشف ساقها الاصطناعية -دون غطاء تجميلي- حتى يعتاد الناس المشهد ويدركون أنه يمكن ممارسة الرياضة ومختلف الأنشطة الحياتية بساقٍ اصطناعية.

حين زيّنت صورة الشابة الثلاثينية الغلاف الرقمي لعدد الاحتفاء بالجسد من #ڤوغ_العربية، عام 2021، قالت زينب للمجلة: "عندما يرى الناس مشيتي العرجاء، لا يعلمون السبب أو لماذا بترت ساقي. الآن، لديّ قناعة بأنه كلما تكررت رؤية الأشخاص لساقي المبتورة، فسيعتادون ذلك ولن يركزوا عليها مستقبلاً".

10- الأم المناضلة ليلى سويف

للعام الثاني على التوالي في قائمة رصيف22 للنساء الملهمات، ولأعوام طويلة من التأثير، تواصل الأكاديمية والمناضلة السياسية والحقوقية المصرية ليلى سويف إلهامها كأم وكمدافعة عن حقوق الإنسان.

في نهاية أيلول/ سبتمبر 2024، بدأت ليلى إضراباً عن الطعام احتجاجاً على استمرار سجن نجلها علاء عبد الفتاح بعد انتهاء مدة عقوبته القانونية، وفق رواية الأسرة. وبعد تأرجح بين إضراب كلي وإضراب جزئي، وبعدما فقدت الكثير من وزنها، وتدهورت حالتها الصحية حتى وصلت إلى حافة الموت، استجابت ليلى لمناشدات المعارف والأصدقاء والمتضامنين مع الأسرة، وأنهت إضرابها عن الطعام بعد نحو 10 أشهر (287 يوماً).

لكن تضحية وأثر ما فعلته ليلى لم يذهب هباءً، فقد أُفرج عن علاء بعفو رئاسي في أيلول/ سبتمبر 2025، ليلتئم شمل الأسرة من جديد، وتظهر ليلى لأول مرة في حضن علاء، وتردّد عبارتها الأيقونية: "عقبال ولاد الناس كلها".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image