تمثل الكوميكس شكلاً رفيعاً من الإنتاج الفني، فهي نتاج الثقافة الشعبية، وشكل من الاتصال الجماهيري الذي يستهلكه جمهور، والذي يعكس قيم ومعتقدات ومواقف المجتمع. غالباً ما تتعامل الكوميكس مع قضايا ذات صلة بالحياة المعاصرة، مثل السياسة والعدالة الاجتماعية والتكنولوجيا. كما أن الكوميكس لديها القدرة على تقديم تمثيل لـلمجموعات الهامشية وتحدي التنميط الثقافي.
أحد أهم سمات الثقافة الشعبية سرعة تغيرها لتلبية احتياجات المجتمع. غالباً ما تعمل الثقافة الشعبية كمرآة وقوالب في المجتمع، وكثيراً ما تكون واحدة من أفضل المقاييس لآمال المجتمع ومخاوفه ورغباته واحتياجاته الحالية.
تمنحنا نظرية الاستشراق لإدوارد سعيد أداة مهمة لتحليل خطاب الكوميكس؛ أولاً: سعيد هو واحد من القلة النادرة من المثقفين العرب الذين اهتموا مباشرة بالكوميكس كوسيط إعلامي، خاصة بمقدمته لكوميكس "جو ساكو" عن فلسطين وغزة. ثانياً: لا يمكن إنكار أن نظرة الكوميكس الأمريكية للعرب تنطلق من الرؤية الاستشراقية، بل تكاد تلتزم بها التزاماً حرفياً، بكل تحيزاتها وبنيتها الثقافية والأيديولوجية، من تنميط ورؤية قاصرة ومبتسرة، طبعاً مع تحفظي بخصوص أن الكوميكس الأمريكية خاصة لا تُظهر بوضوح أنها تقدم خدمة للمصالح الاستعمارية أو السياسية للولايات المتحدة تجاه المنطقة العربية، فميلها الاستشراقي هو أقرب إلى تقليد الموقف الأوروبي دون وعي كامل به، على عكس الكوميكس الأوروبية. كما أنه لا يمكن إنكار هيمنة رؤية سعيد على أغلب الكتابات التي تحلل علاقة الكوميكس الأمريكية بالآخر الشرقي عموماً.
شريط كوميكس بريطاني من عام 1794 - المتحف البريطاني
يعدّ تحليل الخطاب النقدي، أداة كافية لفهم الكوميكس عموماً، والكوميكس الأمريكية خاصة؛ فالكوميكس تعتمد على اللغة، والعلامة البصرية، كما أنها أحد مباحث علوم الاجتماع والدراسات الإعلامية والسياسة؛ هي حالة نموذجية لتطبيق تحليل الخطاب النقدي، والحقيقة أنها فعلياً تستخدم غالباً لتوجيه الرأي العام وتعزيز السياسات التي تخدم النخبة.
ما هي الكوميكس
الكوميكس وسيط يستخدم للتعبير عن الأفكار عبر الصور الثابتة، ويصاحبها غالباً نص مكتوب أو غيره من المعلومات البصرية، وعادة ما تتخذ الكوميكس شكلَ تتابعٍ متجاور من اللوحات المرسومة، وكثيراً ما تحتوي عناصرَ نصية مثل بالونات الحوار، والتعليقات، والحوار الذي لا يحتوي كلمات، كأصوات الضحك أو الصراخ أو أصوات الحيوانات، إلخ.
تاريخ مختصر للكوميكس الأمريكية
يعود أقدم نموذج لاستخدام البشر للرسوم التوضيحية كأداة لحكاية، قصة للرسوم الكهفية القديمة. واستمر تقليد حكاية القصص بالرسوم حتى بعد اختراع الكتابة، كما في الرسوم المصرية القديمة ونقوش الأفاريز أو الطنف بالمباني الإغريقية والرومانية، والنصوص التصويرية لشعب المايا، وفي المنسوجات المطرزة للعصور الوسطى. والمتاحف والمكتبات في العالم كله تقريباً تحتشد بمئات النماذج من المخطوطات التي يترافق فيها الرسم والنص المكتوب. ومع اختراع الطباعة استمر هذا التقليد.
"الطفل الأصفر" - شخصية من القصص المصورة الأمريكية ظهرت من عام 1895 إلى عام 1898 في مجلة نيويورك وورلد لجوزيف بوليتزر
يُعد الفنان السويسري الناطق بالفرنسية، رودولف توبفر، واحداً من أبرز الشخصيات في تاريخ الكوميكس المبكر خلال القرن التاسع عشر، ورغم أنه أوروبي، فإنه يعدّ الأب الروحي للكوميكس الأمريكية كذلك؛ فعرفت الولايات المتحدة الكوميكس للمرة الأولى عام 1842، بنشر قصة رودولف توبفر ("قصة السيد فيو بوا" Histoire de Mr. Vieux Bois) والتي نشرت بالإنكليزية بعنوان "مغامرات السيد أوبديا أولدباك".
الكوميكس ليست مجرد وسيلة ترفيهية، بل هي مرآة تعكس تطورات المجتمع وأفكاره وقيمه، إذ يمكن من خلالها قراءة الميول الثقافية والسياسية، وملاحظة كيفية تفاعل الجمهور مع القضايا المعاصرة، من العدالة الاجتماعية إلى الهوية الثقافية
بدأت الصحف الامريكية بنشر الرسوم الكارتونية منذ عام 1889، وولدت الكوميكس الأمريكية الأصلية على يد ريتشارد ف. أوتكولت، باعتباره الأب المؤسس للكوميكس الأمريكية بشكلها الحديث.
وبظهور "سوبر مان" عام 1938، بدأت الحقبة الذهبية للكوميكس الأمريكية، وهي الحقبة التي ظهرت فيها شخصيات الأبطال الخارقين الذين ما زلنا نعرفهم حتى اليوم. خلال الحرب العالمية الثانية سيطرت على الكوميكس قصصُ الأبطال الخارقين والحيوانات المتكلمة، لتصبح الأكثر شعبية وسط القراء، مع ظهور أنماط أخرى مثل مغامرات رعاة البقر والقصص الرومانسية وقصص الخيال العلمي، مما زاد من حجم قاعدة القراء.
ما هي أهمية الكوميكس
اقتصادياً، يُعدّ سوق الكوميكس الأمريكية من أكبر الأسواق العالمية، منتجاً وناشراً آلاف العناوين سنوياً. وفقاً لتقرير صادر عن موقعَي "Comichron" و"ICv2" لعام 2020، بلغ إجمالي مبيعات الكوميكس والروايات المصورة في الولايات المتحدة وكندا نحو 1.28 مليار دولار. يشمل هذا الرقم المبيعات في متاجر الكوميكس المتخصصة، والمكتبات، والمبيعات الرقمية.
يسيطر على السوق دارا النشر الأكبر: "مارفل" و"دي سي"، مع تفوق ملحوظ لصالح "مارفل"، إضافة لمساهمة عدة ناشرين مستقلين بإصدارات متنوعة.
أما سياسياً، فقد كان الفن التشكيلي أداة سياسية منذ أخترع البشر السياسة. فالفن التشكيلي متجذر دائماً في الموقف والرسالة السياسية، ولعل أكمل تعبير عن هذه الفكرة هي مقولة بابلو بيكاسو: "ماذا تظن الفنان؟ أحمق لا يمتلك سوى عينين إذا كان رساماً، أو أذنين إذا كان موسيقياً، أو قيثارة في كل حجيرة بقلبه إذا كان شاعراً، أو حتى مجرد كتلة من العضلات إذا كان ملاكماً؟ على العكس تماماً، الفنان هو في نفس الوقت كائن سياسي، دائماً متنبه للأحداث المخيفة، المثيرة أو المبهجة لعالمه، مشكلاً نفسه بالكامل على صورتها". ولم تبتعد الكوميكس عن هذا الموقف في تعاملها مع السياسة وطرحها لموقف سياسي و/أو أيديولوجي.
الكوميكس مرآة المجتمع
تعد كتابات الفيلسوف الكندي مارشال ماكلوهان من أهم الأسس التي بُنيت عليها الدراسات الإعلامية؛ فكتاباته عن الكوميكس كوسيط إعلامي لا تُعد تحليلاً متعمقاً لها فقط كوسيط إعلامي وظاهرة ثقافية، بل تبرز بوضوح تطور نظرة المجتمع العملي الأكاديمي للكوميكس الأمريكية. ففي أولى كتبه، "العروس الميكانيكية" الصادر عام 1951، يصف طريقة سوبر مان في محاربة الجريمة بقوله:" الأساليب الشمولية القمعية للعقل الهمجي غير الناضج". وبعد سنوات يعود مستعرضاً مجال الكوميكس، مخصصاً له فصلاً كاملاً في كتابه التأسيسي "فهم وسائل الإعلام: امتدادات الإنسان" (عام 1964)، وفصل فيه نظريته حول وسائل الإعلام الباردة، ووسائل الأعلام الساخنة، مصنفاً الكوميكس من ضمن الأولى، لأن شريط الكوميكس وكتاب الكوميكس الحديثَين يقدمان القليل جداً من المعلومات حول أي نقطة بعينها في الزمن، أو وجهة بعينها في الفراغ، أو بيانات كافية عن أي جسم أو كائن.
وهي بذلك تطالب المشاهد أو القارئ بالمشاركة في إكمال وتفسير التلميحات القليلة التي توفرها الخطوط الخارجية التي ترسم الأشكال. وهذه تحديداً صفات "وسائط الإعلام الباردة" حسب نظريته، وهي إبداعات منخفضة الدقة، بسيطة التركيب، تجبرنا على ملء الفراغات وهي تتناقض مع "وسائط الإعلام الساخنة"، مثل الأفلام، التي تجعل المشاهد "مستهلكاً سلبياً للأحداث".
طبقاً لِرأي الباحث الأمريكي في مجال الكوميكس، جون أ. لينت، تمتلك الكوميكس عدداً من المميزات تؤهلها للقيام بهذه المهام هي:
1 – التنوع
2 – الرسالة البصرية
3 – عالمية التعبير بالصور المرسومة
4 – تبني الثقافة الشعبية المحلية
5 - القدرة على التكيف والمرونة مع وسيط النشر والجمهور المستهدف
6 – الاقتصادية، فاقتناء الكوميكس ليس مكلفاً اقتصادياً
5 – تأثير الكوميكس على الثقافة الشعبية.
"مغامرات كابتن أمريكا"
في آذار/مارس 1941، وفي العدد الأول من "مغامرات كابتن أمريكا"، وقبل خمسة أشهر من إعلان الولايات المتحدة الحرب على ألمانيا النازية، حمل العدد رسماً لكابتن أمريكا يوجه لكمة ساحقة لأدولف هتلر، في تناقض مع الموقف الرسمي للحكومة الأمريكية ومع الميل العام للشعب الأمريكي الذي كان يفضل تجاهل الحرب على أوروبا والتركيز على بناء دفاعات أمريكا الخاصة. عادة ما تكون الكوميكس على يسار الحكومة الأمريكية، بل وعلى يسار الميل العام للمجتمع الأمريكي، حتى الكوميكس المرتفعة الشعبية التي يصدرها العملاقان دي سي ومارفل.
مهرب من الواقع
طبيعة الكوميكس كوسيط قصصي يجمع ما بين النص والرسوم، يجعلها وسيلة ترفيهية غامرة ذات سرد قصصي مشوق ومميز، وتمكنها جاذبيتها البصرية من نقل خيال القارئ إلى عوالم وتجارب جديدة، وهي تخلق رابطة من الألفة والاستمرارية لدى قرائها عبر علاقة قد تستمر سنوات أو عقوداً من تتبع مغامرات شخصيات الكوميكس المفضلة لديهم.
تشكيل الرأي العام
لعبت الكوميكس دوراً هاماً في تشكيل الرأي العام حول عدد من القضايا الهامة من العدالة الاجتماعية والحقوق السياسية إلى المواقف والقيم الثقافية، فقد استخدمت للتعامل مع قضايا محورية مثل العنصرية والتمييز الجندري ورهاب المثلية والفساد السياسي، وغالباً ما تعاملت الكوميكس مع تلك القضايا بمنهج نقدي ومدقق، عارضة اشتباكاً حقيقياً مع الميول الاجتماعية لمجتمعها ككل. لكن هل الكوميكس الأمريكية تأخذ فعلاً موقفاً عنصرياً وعدوانياً من العرب؟
العرب والكوميكس الأمريكية؛كثير من السلبية
لا يمكننا إنكار أن سحابة داكنة تظلل العلاقة ما بين العرب والغرب، وتصوُّرَ كلٍّ منهما للآخر، وقد لا نحتاج للتدليل على صحة الجملة السابقة، وربما أنا أتعسف هنا في استخدام تعبير "عرب" بدلاً من تعبير "مسلمين"، لكن الغرب عرف الإسلام أساساً بأعتباره ديانة العرب أو الدين الذي يتحدث العربية. يقول إدوارد سعيد في كتابه تغطية الإسلام: "مصطلح 'الإسلام' كما يُستخدم اليوم يبدو أنه يشير إلى شيء واحد بسيط، لكنه في الواقع جزء منه خيال، وجزء تصنيف أيديولوجي، وجزء تسمية حدّية لدين يُدعى الإسلام. اليوم، الإسلام هو خبر صادم بشكل خاص في الغرب".
وبهذا المعنى، كان الشرق منذ أمد بعيد بمثابة لوحة بنى عليها الخيالُ الغربي صورتَه الذاتية، من خلال خلق تصورات خيالية لثقافات وشعوب الشرق باعتبارها غير الغرب. نجد انعكاساً لنفس الصورة السلبية التي يقدمها إدوارد سعيد في ما قد يعتبر أوسع بحث في تصوير العرب والمسلمين في الكوميكس الأمريكية، وهو مقال لجاك ج. شاهين، "صورة العرب في الكوميكس الأمريكية"، حيث حلل شاهين 215 قصة كوميكس مستخلصاً غياباً تاماً للأبطال العرب أو المسلمين بها. وأعتبر تصوير الشخصيات التي صنفها باعتبارها "عادية" بأن سلوكها سلبي.
وعلى الناحية الأخرى رصد وفرة الأشرار من العرب والمسلمين، وقد صنفهم شاهين في ثلاث فئات: الإرهابي المثير للاشمئزاز، والشيخ الشرير، واللص الجشع. وأضاف إلى هؤلاء فئتين مخصصتين للإناث: راقصة شرقية شبه عارية مسيلة للغرائز وربة منزل عديمة الشخصية، تغطي جسدها الممتلئ بملابس داكنة.
قسمت- رجل القدر - 1944
ويمكن العثور على وصف آخر أكثر وضوحاً في مقال ليونارد ريفاس، "صورة العرب في القصص المصورة الأمريكية" (1988). وفقاً لليونارد ريفاس، فالكوميكس الأمريكية تقدم الشخصيات العربية محملة بكل الصفات السلبية الممكن تخيلها، وطبعاً هي شخصية تركب الجِمال، مالكة للعبيد، تحتفظ بحريم من النساء، تتجول بالصحراء، بدوية، فاحشة الثراء، تتحكم بنفط العالم وتشتري الولايات المتحدة.
لكن لننتبه أن هذه الدراسات كتبت منذ سبعة وثلاثين عاماً، وهي وإن كانت دقيقة الرصد وصحيحة في وقتها، فقد خفّت اليوم الصورة السلبية للعرب أو المسلمين في الكوميكس الأمريكية، ويعود ذلك غالباً إلى تأثير نقاشات "الصوابية السياسية" التي ظهرت في تسعينيات القرن الماضي، إضافة إلى التأثير المتنامي للعرب والمسلمين الأمريكيين كجماعة نشطة ومسموعة الصوت من المواطنين والقراء والمستهلكين.
ادعاء شاهين أنه لم يوجد أبداً ابطال عرب أو مسلمون في الكوميكس الأمريكية ليس صحيحاً بالكامل، وبغض النظر على شرائط الكوميكس الكاريكاتيرية بالصحف، يمكننا أن نجد عدداً من هؤلاء الأبطال في كتب الكوميكس المبكرة، لعل أقدمهم:
"قسمت- Kismet": بطل خارق نشرت قصصه شركة "إليوت" للنشر في فترة العصر الذهبي للكوميكس، وهو جزائري الجنسية يقوم بمهمام خلف خطوط القوات النازية، وكعربي ومسلم يرتدي طربوشاً كجزء من زيه، ويحمد الله لنعمته عليه بقوة الحرية ويمتلك قوة خارقة تأتي من إرادة الله.
"الببر الأسود"
"الببر الأسود–Black Tiger": قائد ديني وروحي لشعب مسلم خيالي، هو شعب "موركاتش" الذي يسكن منطقة ما من صحراء شمال إفريقيا، وهو لا يتمتع بقوة خارقة وإن كان يبدي مهارة شديدة في ركوب الخيل واستعمال السيف والقتال اليدوي والمهارات البهلوانية. وفي ما بعد سيرث الشخصيةَ أبناؤه ليتولوا الدفاع عن مدينة نيويورك.
"الفارس العربي–Arabian Knight": ظهر للمرة الأولى عام 1981 في كوميكس شركة "مارفيل"، وهو شخصية متجذرة في الثقافة العربية والإسلامية، مرتدياً عمامة ومستخدماً سيفاً مقوساً مسحوراً، بينما يمتطي بساطاً طائراً، ووارثاً قدراته الخارقة من جده الذي استخدم سلاحاً سرياً في القرن الثالث عشر الميلادي لحبس الشيطانين، يأجوج ومأجوج، في قبر وسط الصحراء العربية.
الأشرار الخارقون العرب أو من يحملون إيحاءات عربية أو شرقية:
الحقيقة أنه من الصعب جداً البحث عن شخصيات شريرة عربية في الكوميكس الأمريكية، فأغلبها ظهر لفترات قصيرة أو لمرات قليلة، ومنذ فترة طويلة نسبياً، بحيث لا تتوفر سوى فتات من المعلومات عنها في مواقع لا تتمتع بكثير من المصداقية. لكنني سأذكر أشهر شخصيتين شريرتين من أصول عربية كان لهما وجود ملحوظ في الكوميكس الأمريكية:
"راس الغول- Ra’s Al Ghul": شرير خارق وإرهابي دولي يظهر في الكوميكس الأمريكية التي تنشرها شركة "دي سي كوميكس"، وعادة ما يكون خصماً للبطل الخارق "باتمان". ظهرت الشخصية للمرة الأولى في "ابنة الشيطان" في العدد 232 من "باتمان" (حزيران/يونيو 1971). "راس الغول" هو رئيس "عصبة القتلة"، يستغل ثروته الهائلة في تمويل أهدافه، شديد الذكاء، استراتيجي عبقري، يجيد الفنون القتالية، ويستخدم حفرة لازاروس ليجدد شبابه ويطيل عمره.
"آدم الأسود-Black Adam": شخصية خيالية تظهر في الكوميكس الأمريكية التي تنشرها شركة "دي سي كوميكس". ظهر لأول مرة في العدد الأول من كتاب "العائلة المدهشة" المصوّر في كانون الأول/ديسمبر 1945. كان حاكماً لمملكة خيالية تسمى "كهنداق"، تشبه دول الشرق الأوسط، يمتلك قوى إلهية تشمل الطيران والقوة الخارقة والتحكم بالسحر. وصُوّر كشرير وكبطل مضاد، حيث يرى نفسه المدافع عن وطنه ضد القوى الإمبريالية.
عموماً تتعرض تصوير الشخصيات العربية في الكوميكس الأمريكية لكثير من الانتقاد بسبب ضحالتها ونمطيتها وتشابهها؛ ففي الأغلب يقدم الأشرار العرب كأشرار فقط، هكذا دون تقديم وجهات نظر معقدة أو قصص متوازنة. وهذا التصوير يعزز الصور النمطية السلبية ويؤثر على فهم الثقافات العربية في وسائل الإعلام الغربية.
الأبطال الخارقون العرب في الكوميكس الأمريكية بعد 11 أيلول/سبتمبر
في البداية ينبغي التأكيد على أن القصص المصورة التي تتناول الأبطال الخارقين تشكل انشغالاً أمريكياً كبيراً. وكما هي الحال مع العديد من أشكال الثقافة الشعبية الأخرى، فإنها تعمل كمرآة للمناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الولايات المتحدة، حيث تقدم صورة لا تزال تشير إلى الطرق التي تتطور بها الأفكار والأيديولوجيات، على الرغم من تشويهها بواسطة وسائل الإعلام والقيود الخاصة بالنوع.
الدكتور حبيب بن حسن محاولاً تفجير نفسه- من نسخة رقمية- مجموعة الكاتب الخاصة
1- حبيب بن حسن (الطبيب): الطبيب هو كناية عن قوة خارقة للطبيعة، شبه مطلقة القدرة، تمثل روح طبيب ساحر يتمتع بقوى غير محدودة متصلة بكوكب الأرض، لكنها قوة تنتقل إلى شخص جديد عندما يموت التجسد الحالي. يظهر بن حسن كفتى فلسطيني مراهق على وشك القيام بتفجير انتحاري بنقطة تفتيش إسرائيلية. في لحظة الانفجار تحل به روح الطبيب، لينتقل إلى مكان غامض مرتدياً ملابس تشبه الملابس الأفغانية التقليدية بعمامة وقميص طويل، إلا أننا لا نعرف شيئاً عن خلفيته العربية/الفلسطينية، والتي لا نرى أي تمثيل لها سوى في ملابسه.
رغم أن الكوميكس الأمريكية غالباً ما قدمت العرب بصورة نمطية وسلبية، فإن ظهور الأبطال العرب بعد أحداث 11 سبتمبر يدل على قدرة الثقافة الشعبية على التكيف وإعادة تشكيل الصور النمطية، مما يعكس صراعاً مستمراً بين التمثيل الإعلامي والواقع الاجتماعي
2- حمزة رشاد أو حمزة منصور الرشاد: مثل الدكتور حبيب بن حسن. ظهر في "الكون الخيالي" لوايلد ستورم. وهو يستخدم اسمه الحقيقي في جميع جوانب حياته، على عكس العادة المستقرة لتبني كُنية تشير لقدراته كبطل خارق، أمريكي عربي من الجيل الثالث. قوته الخارقة هي القدرة على إيقاف الوقت، تظهر قصصه بعضاً من التمييز الذي عاناه الأمريكيون من أصول عربية بعد 11 سبتمبر.
حمزة رشاد على غلاف العدد الأول من جن-13
3 – بدر فالا (Nightrunner): جزائري يعيش بفرنسا، مقاتل بارع يستخدم الباروكور وواحد من فريق باتمان
4 – سلم طريفي - Janissary: عراقية، حيدة جندي عثماني قديم وتحمل سيفا سحريا حليفة لسوبر مان
5 – سايمون باز: أمريكي من أصل لبناني، يحمل خاتم Green Lantern
الخلاصة، أن الأبطال الخارقين والأشرار الخارقين العرب يظهرون فعلاً في الكوميكس الأمريكية منذ وقت ليس بالقصير، لكنهم اكتسبوا شعبية خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر تفوق ما تمتعوا به قبلها.
تمثيل العرب في الكوميكس الأمريكية غالباً ما كان نمطياً وسلبياً، حيث ظهر العرب في كثير من الأحيان كأشرار، إرهابيين، أو شخصيات استشراقية تعكس تصورات غربية مشوهة. هذه الصور النمطية ترسخت خصوصاً في فترات الأزمات السياسية، مثل حرب الخليج وأحداث 11 سبتمبر. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة تحسناً طفيفاً في التمثيل، مع محاولات لتقديم شخصيات عربية أكثر تنوعاً وواقعية. لكن لا يزال هناك طريق طويل نحو تمثيل أكثر إنصافاً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



