اتهام علاء عبد الفتاح بالعمالة وأنس حبيب برفع علم إسرائيل... التضليل يواصل انتشاره

اتهام علاء عبد الفتاح بالعمالة وأنس حبيب برفع علم إسرائيل... التضليل يواصل انتشاره

حياة نحن والحقوق الأساسية

الثلاثاء 2 سبتمبر 20258 دقائق للقراءة

يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق المعلومات، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصّص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.

تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.

خلال الأسبوع الفائت، تسابقت حملات التضليل على استغلال الأزمات والحروب والاضطرابات السياسية في المنطقة العربية، لنشر محتوى يثير الانفعال وأحياناً يصعب التحقّق منه بسرعة، بدءاً من استمرار الادعاءات المنكرة للتغير المناخي وأثره على الجفاف في العراق، وصولاً إلى مزاعم أسر جنود إسرائيليين في غزة، فيما تنوّعت الادعاءات بين تصريحات مجتزأة، وصور معدّلة، ومقاطع فيديو أُخرجت من سياقها، وبيانات مفبركة نُسبت إلى جهات رسمية. في المقابل، عكفت منصات التحقّق العربية على تفنيد هذه المعلومات الزائفة، وكشف أوجه التضليل فيها.

صور مولّدة بالذكاء الاصطناعي وتصريحات ملفقة وأخرى زائفة، من العراق إلى مصر ومن السودان إلى سوريا واليمن… هذه أبرز المعلومات المضللة التي راجت هذا الأسبوع وفنّدتها منصّات التحقّق العربية

هل أُسر جنود إسرائيليون في غزة حديثاً؟

وبالتزامن مع التدهور غير المسبوق إنسانياً وعسكرياً في قطاع غزة، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي صور تُظهر جنوداً إسرائيليين قيل إنهم وقعوا في أسر عناصر حركة "حماس". بعض هذه الصور أُرفق بروايات عن ردّ عناصر الحركة على أجهزة اللاسلكي الخاصة بالجنود المأسورين. لكن منصة "تيقن" الفلسطينية أوضحت أنّ الصور المتداولة في هذا الصدّد قديمة وتعود إلى كانون الثاني/ يناير 2024، ولا صلة لها بما يجري الآن.

كذلك، بيّنت "صحيح مصر" أنّ صوراً أخرى انتشرت كدليل على رواية أسر الجنود كانت في الحقيقة مفبركةً بواسطة الذكاء الاصطناعي، إذ أظهرت تشوّهات بصريةً واضحةً مثل الأيدي المسطحة والكتابات العبرية غير المتناسقة. كما كشفت أداة "AI or Not"، أنّ صورةً أخرى نُشرت لخمسة جنود في نفق تحت الأرض مولّدة آلياً بالكامل.

صور مفبركة لتعزيز الادعاء بأسر جنود إسرائيليين في غزة حديثاً

ناشط مصري يحمل علم إسرائيل؟

في سياق منفصل، راجت صورة مزعومة للناشط المصري المعارض أنس حبيب، ادعى ناشروها أنه يحمل علم إسرائيل فيها. لكن منصة "تحقق" الفلسطينية كشفت أنّ الصورة مفبركة، وأنّ الصورة الأصلية تعود لاحتفالات فوز المنتخب المغربي على إسبانيا في مونديال 2022، حيث كان أنس يحمل علم المغرب.

يتزامن رواج الادعاء مع تصاعد حضور اسم أنس حبيب في المشهد الإعلامي المحلي عقب إقدامه على غلق باب سفارة مصر في هولندا بقفل معدني، احتجاجاً على ما عدّه صمت حكومة بلاده في ما يخص حصار غزة، ما جعله عرضةً لحملات تخوين وتشويه عبر مواقع التواصل الاجتماعي من مناصرين للنظام المصري.

وعلاء عبد الفتاح "عميل لبريطانيا"؟

ليس ببعيد عما سبق، انتشر على فيسبوك تصريح منسوب إلى عضوة المجلس القومي للمرأة في مصر، نشوى الحوفي، يُزعم فيه أنّ الناشط السياسي علاء عبد الفتاح "عميل بريطاني". تحقّقت منصة "متصدقش" المصرية من الادعاء وبيّنت أنه غير صحيح إذ لم يُتهم عبد الفتاح بالعمالة قط، بل يقضي حكماً بالسجن منذ 2019 في تهم تتعلّق بـ"بث أخبار كاذبة".

ويأتي هذا الادعاء في ظل استمرار المطالبات الدولية والحقوقية بالإفراج عنه، إذ عدّ فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي، في نيسان/ أبريل 2025، أنّ حبسه تعسّفي، وطالب بالإفراج الفوري عنه. جدير بالذكر أنّ علاء عبد الفتاح حصل على الجنسية البريطانية عام 2021.

الجفاف في العراق… سوء إدارة أو تغيّر مناخي؟

أحال الخبير في الزراعة والمياه عادل المختار، أزمة الجفاف في العراق إلى "سوء الإدارة فقط لا التغيرات المناخية"، مشيراً إلى أنّ المخزون المائي في السنوات الأخيرة وصل إلى عشرات المليارات من الأمتار المكعبة، ما ينفي -برأيه- تأثير تغيّر المناخ.

لكن منصة "صحيح العراق"، فنّدت هذا التصريح ووجدت أنه غير دقيق، إذ تضمن أرقاماً مغلوطةً عن حجم المخزون المائي في العراق، كما أنّ التغيرات المناخية لعبت دوراً مباشراً في تفاقم الأزمة بجانب مشكلات سوء الإدارة.

التغيّر المناخي والجفاف في العراق

تأتي هذه المزاعم وسط أزمة مائية خانقة يعيشها العراق منذ سنوات، حيث تراجع منسوب نهرَي دجلة والفرات بفعل التغيّرات المناخية، وتزايد موجات الجفاف، وارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب بناء السدود في دول الجوار وسوء إدارة الموارد المائية داخلياً. هذه العوامل مجتمعةً جعلت ملف المياه أحد أبرز التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه البلاد، ما يفسّر حساسية التصريحات المغلوطة وغير الدقيقة التي تتناوله.

ولم تقتصر المعلومات المضللة التي راجت هذا الأسبوع في العراق على ملف المياه، إذ انتشرت صورة مفبركة زُعم أنها تُظهر الناشط محمد عفلوك مع المحامية المعروفة زينب جواد، بينما يلعبان الورق ويحتسيان الكحول. منصة "الفاحص" العراقية، أوضحت أنّ الصورة الأصلية المنشورة على حساب عفلوك أواخر 2024، تُظهرهما وهما يشربان الشاي فحسب.

يأتي تناول هذه الصورة المعدّلة في سياق حملة تشهير تتعرّض لها المحامية زينب جواد، المعروفة بمواقفها المناهضة للتدخّل الإيراني في العراق ومعارضتها تعديلات قانون الأحوال الشخصية المثير للجدل أيضاً. جدير بالذكر أنه سبق تسريب صور شخصية للمحامية العراقية في سياق الحملة ذاتها لغرض تشويهها.

هل اغتالت إسرائيل قائد الأمن الداخلي في السويداء؟

وفي سوريا، ضجّت صفحات محلية بخبر يزعم مقتل قائد الأمن الداخلي في السويداء، العميد أحمد الدالاتي، خلال غارة إسرائيلية. جاء ذلك في ظلّ التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد مواقع في الجنوب السوري، ما هيّأ أجواءً لتصديقه. لكن منصة "ترو بلاتفورم" السورية، أثبتت زيف الادعاء، بالاستناد إلى ظهور الدالاتي علناً في افتتاح معرض دمشق الدولي بعد الشائعة.

انتشر أيضاً مقطع فيديو من مدينة حماة، يُظهر رجالاً بملابس مدنية يهاجمون محالّ ألبسة، مرفقاً بادّعاء يفيد بأنه توثيق لمداهمة نفذها الأمن العام لأنّ "المانيكانات أوثان". منصة "رادار" السورية أوضحت أنّ الفيديو يوثّق شجاراً بين أصحاب محالّ تجارية. مع ذلك، سرعان ما تحول التفسير غير الحقيقي إلى مادة سخرية وانتقاد للسلطات السورية.

ادعاء مضلل بشأن شجار في محل ملابس في سوريا

وامتد التضليل إلى تصريحات خارجية متصلة بالملف السوري، منها ما نُسب إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، بنيامين نتنياهو، بأنّ "حكومة الجولاني غطاء لجماعة إرهابية". لكن منصة"فارق" السورية وجدت أن العبارة ملفّقة، إذ اقتصر كلام نتنياهو على تلميحات بشأن "من يسيطر على سوريا" دون ذكر الرئيس المؤقت أحمد الشرع، المعروف سابقاً بـ"الجولاني"، أو توصيف حكومته.

سوء الإدارة سبب وحيد للجفاف في العراق، واتهام علاء عبد الفتاح بالعمالة لبريطانيا، وهجوم نتنياهو على "الجولاني"... كيف فنّدت منصات التحقّق العربية هذه الادعاءات المضللة؟

وفي السياق نفسه، أثار خبر عن مقتل القائد السابق في الحرس الجمهوري السوري، مقداد فتيحة، بلبلةً واسعةً، علماً أنّ هذا الادعاء تكرّر في الآونة الأخيرة. وقد صنّفته "فارق" على أنه محتوى غير مثبت، في حين رأت "ترو بلاتفورم" أنه مشكوك فيه. وتكتسب الادعاءات حول فتيحة، أهميتها من إعلانه مطلع العام الجاري عن تأسيس ميليشيا باسم "لواء درع الساحل"، مقدّماً نفسه كحامٍ للطائفة العلوية في وجه ما وصفها بـ"تجاوزات الجولاني".

وفي اليمن، أعيد تدوير تصريح منسوب إلى الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، تقول فيه إنها تريد إدراج تاريخها في المناهج الدراسية. لكن منصة "صدق" اليمنية، أكدت أنّ التصريح زائف، وأنه في الأصل شائعة قديمة نُسبت سابقاً إلى الفنانة المصرية إلهام شاهين، وقد نفتها بنفسها مؤخراً.

أما في السودان، فقد انتشر بيان مفبرك باسم نقابة الأطباء يزعم أنّ الخرطوم ملوّثة بالأسلحة الكيميائية. منصة "بيم ريبورتس" السودانية، أوضحت أنّ البيان لا أثر له في القنوات الرسمية ولا في نتائج البحث، مؤكدةً زيفه.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

وراء كل تحقيق، قصة بحث طويلة، وفريق يراهن على الدقة، لا السرعة.

نحن لا نبيع محتوى... نحن نحكي الواقع بمسؤولية.

ولأنّ الجودة والاستقلال مكلفان، فإنّ الشراكة تعني البقاء.

Website by WhiteBeard
Popup Image