"قرار سياسي بثوب داعشي"... جدل "الموديل العاري" يهزّ كلية الفنون في دمشق

سياسة نحن والتطرف

السبت 23 أغسطس 202514 دقيقة للقراءة

يعلّق النحّات العالمي أوغست رودين، على أهمية الجسم البشري في الفنّ بقوله: "الجسم البشري هو المعبد الذي تتجلى فيه الروح بأكمل صور الجمال". دراسة الجسد العاري كانت دائماً جزءاً أساسياً من التقاليد الفنية العالمية.

في المقابل، كانت لعميد كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق الدكتور فؤاد دحدوح، وجهة نظر بعيدة جداً عن رودين، إذ أصدر قراراً مثيراً للجدل في 14 آب/ أغسطس 2025، حمل الرقم 25، ينصّ على منع استخدام الموديل العاري في مشاريع تخرّج طلاب السنة الرابعة في أقسام النحت والتصوير والحفر. وقد هدد القرار الطلاب المخالفين بمنحهم علامة صفر، مدّعياً أنّ هذا الإجراء يأتي "انسجاماً مع الثوابت الأخلاقية والمجتمعية".

طلاب الكلية: منع الموديل عار أخلاقي 

في رد فعل واضح وصريح على قرار العميد، عبّر مجتمع كلية الفنون الجميلة في دمشق عن رفضه القاطع لقرار منع الموديل العاري، مؤكداً أنّ هذا الإجراء يمثّل انتكاسةً للحرية الفنية والأكاديمية. ونفّذ طلاب وأساتذة الكلية سلسلةً من الاحتجاجات، بدأت بحملة على منصات التواصل الاجتماعي في اليوم الأول لإعلان القرار، تلتها وقفة احتجاجية أمام مكتب عميد الكلية. إلا أنّ رد العميد، وفقاً لرواية المحتجين، لم يكن أكثر من "إبرة مخدر"، أي أنه قدّم وعوداً سطحيةً دون استجابة حقيقية لمطالبهم.

ويكشف بعض طلاب الكلية المحتجين لرصيف22، عن نيتهم تطوير حراكهم إلى حملة مدنية أوسع، متمسكين بأنّ "الحرية الفنية حق لنا وواجب على الكادر التعليمي". وهم يؤكدون على الأهمية التعليمية والتاريخية للموديل العاري، واصفين إياه بأنه "أساس في فنّ الحضارات القديمة"، وجزء لا يتجزأ من مقرر التشريح الفني الذي يتم التعاطي معه "بكامل الجدية والموضوعية العلمية".

يرى الشعراني أنّ القرار "يأتي استجابةً لسياسة عليا تضرب بالأصول الأكاديمية عرض الحائط، في محاولة لصبغ المجتمع بلون واحد بناءً على توجه متشدد سلفي، والثاني تعرّض العميد لضغوط قبل بإصدار تعميم يخالف البرامج التدريسية المعتمدة عالمياً"

ويحذّر المتحدثون من أنّ إلغاء هذا المقرر يعني تجريد الطلاب من ذخيرة معرفية أساسية، عادّين أنّ "الموديل العاري لا يضرّ بالمبادئ الأخلاقية"، بل إن منعه هو "العار الأخلاقي الحقيقي" لأنه يعامل الجسد البشري كعقبة أو عورة، لا كموضوع للدراسة الجادة والاحترام الفني.

تبريرات العميد: القرار عمره عقود 

في محاولة لتهدئة ردود الفعل الغاضبة على قرار منع الموديل العاري، أصدر دحدوح توضيحاً مثيراً للجدل، زعم فيه أن "لا وجود أساساً للموديل العاري منذ عام 1974"، وأنّ توجيهات معاون الوزير جاءت فقط "لتأكيد قرارات متخذة منذ عقود".

ودافع دحدوح عن القرار بالاستناد إلى ما وصفه بـ"رغبة العديد من أهالي الطلاب الذين قدموا طلبات رسمية في عدم استخدام الموديل العاري"، متسائلاً: "أين الضرر إذا كان الأمر مرتبطاً برغبة أهالي الطلبة؟ هل سينكفئ ويتراجع الفن في سوريا؟".


ووجه انتقاداً لاذعاً لمن وصفهم بـ"الأصوات المعترضة"، مؤكداً أنّ الكلية "مؤسسة تنفيذية وليست تشريعيةً"، وأنّ جهة التشريع هي وزارة التعليم العالي ومجلس البحث العلمي، في محاولة منه للتهرب من مسؤولية القرار. 

في حديثه إلى رصيف22، يكشف دحدوح، عن منهجية جديدة في التعاطي مع المشهد الفني، حيث وصف مشروع التخرج بأنه "لمة فرح ولمة عرس"، يجب ألا يحوي أيّ شيء "خادش للحياء" بحضور الأهالي، وأن إلغاء الموديل الحي جاء "بفعل التوأمة مع القاهرة" بعد أن ألغاه الأزهر في سبعينيات القرن العشرين، مؤكداً أنه ملغى كذلك في تونس ولبنان، في محاولة لتقديم مبرر إقليمي للقرار المحلي.

فنانون تشكيليون ينتقدون القرار

واجه القرار انتقادات حادةً من أبرز الفنانين التشكيليين في سوريا، الذين رأوا فيه تراجعاً عن المبادئ التأسيسية للفن الأكاديمي.

يكشف التشكيلي منير الشعراني، عن تفاصيل جديدة حول تعميم منع الموديل العاري في كلية الفنون الجميلة، مشيراً إلى أنّ القرار جاء بناءً على "حاشية من معاون وزير التعليم العالي" غير المختص، بينما اقتصر دور عميد الكلية على صياغة التوجيه وتوقيعه وتوجيهه إلى رؤساء الأقسام مذيّلاً بتهديد غير مباشر للطلاب.

ويرى الشعراني أنّ هذه الآلية تكشف أمرين أساسيين: الأول أنّ القرار "يأتي استجابةً لسياسة عليا تضرب بالأصول الأكاديمية عرض الحائط، في محاولة لصبغ المجتمع بلون واحد بناءً على توجه متشدد سلفي، والثاني تعرّض العميد لضغوط قبل بإصدار تعميم يخالف البرامج التدريسية المعتمدة عالمياً".

ويفنّد في حديثه إلى رصيف22، المبررات الرسمية للقرار، مؤكداً من واقع تجربته الشخصية كطالب سابق في الكلية أنّه "لم يصدر أي قرار بالمنع عام 1974"، مشيراً إلى أنه كانت هناك في ذلك الوقت موديلات نسائية ورجالية عدة، بما في ذلك موديلاً مصرياً يدعى "أم نبيل" وابنتها، ورجلاً باسم "أبو الفوز"، وكانوا يتقاضون أجوراً منتظمةً. كما يكشف عن استخدامه شخصياً لموديل عارٍ في مشروع تخرّجه عام 1977.

ويوضح أن ما حصل فعلياً هو "تقييد غير منصوص عليه عام 1982"، لأسباب سياسية متعلقة باسترضاء التيار الديني الموالي للسلطة آنذاك، لكن دون إصدار قرار رسمي بالمنع. كما يستبعد الشعراني حجة "شكاوى أولياء الأمور"، عادّاً إيّاها تدخلاً غير مقبول في الشؤون الأكاديمية، ويصف تبرير القرار بأنّ "الطلاب لا يعرفون رسم الموديل" بأنه "دفاع متهافت، لأنّ هذه المشكلة -إن وُجدت- هي نتيجة طبيعية لحرمان الطلاب من التدرب على الرسم التشريحي أساساً".

يقول الشعراني: "ابن مقلة وضع قواعد خطّ الثلث في العصر العباسي متمثلاً في جسد الإنسان، ما يؤكد الترابط العضوي بين الفن التشكيلي وتشريح الجسد"، كاشفاً عن تدخل غير مسبوق من "شخص تابع لجهة حكومية غير علمية يتردد على عميد الكلية ويتدخل في شؤونها، بل يشاركه في المقابلات الإعلامية المتعلقة بالشأن الأكاديمي"، عادّاً ذلك مؤشراً على "تدخل سافر من السلطة الحاكمة في شؤون الكلية" في محاولة لفرض رؤية سلفية أحادية على العملية التعليمية والإبداعية.

يشدّد إلياس، حديثه إلى رصيف22، على أنّ قرار منع الموديل العاري يفتح، برغم ما يثيره من جدل، الباب أمام حوار أعمق حول ماهية الفن ووظيفته، وكيفية بناء هوية فنية معاصرة تحترم التراث دون أن تُسجن فيه، وتنفتح على العالم دون أن تفقد جذورها. هذا الحوار هو ما تحتاجه سوريا اليوم أكثر من أي وقت مضى

"قرار سياسي بثوب داعشي" 

يصف الفنان التشكيلي السوري يوسف عبدلكي، قرار منع الموديل العاري في كلية الفنون الجميلة بأنه "قرار سياسي" يندرج ضمن محاولات النظام الحاكم في سوريا جرّ المجتمع إلى فلك أيديولوجيته المتطرفة"، عادّاً الحديث عن حساسيات اجتماعية "مجرد ذريعة".

ويؤكد عبدلكي في معرض ردّه، أنّ القرار ليس صادراً عن العميد أو معاون الوزير، بل هو قرار له "علاقة عميقة بالنظام السوري" الذي يحكم منذ أشهر، واصفاً إياه بـ"النظام الداعشي اليميني، الجهادي المتطرف الذي لا يمتّ بصلة إلى الأغلبية السورية"، لافتاً إلى مفارقة كون عميد الكلية نفسه، الدكتور فؤاد دحدوح، هو الآخر ضد القرار وفقاً لتاريخه الفني، ما يؤكد أنّ ما جرى مفروض من سلطة أعلى.

"هذا النظام متعدد الرؤوس، حيث تتنافس فصائل مسلحة عدة على الظهور بمظهر الأكثر تشدداً، في محاولة بائسة لقيادة المجتمع وفقاً لأفكارها"، يقول ويضيف: "المجتمع السوري قوي وعريق ويستطيع تجاوز هذه المحاولات"، عادّاً أن السلطة الجديدة "ليست غبيةً" ولن تفرض كل مفاهيمها فوراً، لكنها تحاول منع كل شيء "في آخر الأمر"، فيما تصدر عنهم "تصرفات مختلفة يفاجئوننا بها"، معرباً عن قناعته بأنهم "جاؤوا في حقيقة الأمر من العصور الوسطى".

ويختم عبدلكي تصريحاته لرصيف22، برفضه المطلق الحديث عن الموروث الاجتماعي كعائق، مؤكداً أنّ "حرية الفنان أمر مقدس"، وأنّ تجمّع الفنانين التشكيليين المستقلين لن يقصر في العمل من أجل "بناء حرية الإنسان المنهوبة".

"الفن من دون موديل ليس له وجود في التاريخ"

في ردٍّ نقدي حادّ على القرار الأخير بمنع استخدام الموديل العاري في الجلسات الدراسية الأكاديمية، يصف الفنان التشكيلي مصطفى علي القرار بأنه "ضربةٌ للفن في مهدِه"، مؤكداً على أنّ "الفنان من دون موديل ليس موجوداً في تاريخ الفن"، لافتاً في حديثه إلى رصيف22، إلى أنّ "العري يمثّل حقيقةً إنسانيةً وجماليةً موجودةً منذ الأزل، وليس وسيلةً للإغراء، فالعري هو الحقيقة بذاتها، والقوة الداخلية والطاقة التعبيرية للوحة مأخوذة من الجسد. الفنان ينقل العمل بصورة فنية بحتة، وليس بهدف الإباحية أو الإثارة".

ويشير الفنان إلى أنّ العري الجسدي كان دائماً جزءاً أساسياً من التراث الفني العالمي، بدءاً من الفن اليوناني والروماني، مروراً بعصر النهضة وما بعده، قائلاً: "حتى الفاتيكان يغرق في الأعمال الفنية التي تتضمن العري، برغم أنّ الكنيسة في العصور الوسطى كانت تخضع لمحاكم التفتيش، إلا أنه لم يكن هناك قانون يمنع العري. بل مع صعود الرأسمالية البرجوازية تم التأكيد على هذا النوع من الفن كاستمرار للتراث اليوناني والروماني".

وإذ يلفت علي إلى أنّ الفن الديني المسيحي نفسه قدّم الإنسان كما هو، فالإنسان لم يُولد مرتدياً ثياباً"، يتناول الفلسفة الجمالية في الفن الإسلامي، موضحاً أنها اتجهت نحو التجريد والهندسة والزخرفة النباتية انسجاماً مع الرؤية التوحيدية التي لا تجسّد الذات الإلهية. يقول: "الفلسفة الإسلامية نَحَتْ نحو التجريد لأن الله لا شكل له وهو موجود في كل شيء، بينما في الغرب، كان التمثيل البشري للمسيح وسيلة لتجسيد الرب على الأرض، ما عزّز الاهتمام بالجسد والإنسان".

وعن تأثير القرار على الجانب الأكاديمي والنفسي لطلاب الفنون، يقول علي إنّ "وعي الطلاب والأساتذة ومنهم الدكتور دحدوح، سيقف كسدّ منيع أمام الضرر من هذا القرار، فوجود الموديل كان دائماً جزءاً أساسياً من التدريب الأكاديمي. منع الموديل اليوم يشبه منع مادة التشريح في كليات الطب"، مشيراً إلى أنّ "من يقفون وراء هذا القرار ينظرون إلى المرأة كأداة إغراء، بينما هي في الحقيقة أساس الوجود والطاقة التعبيرية لاستمرار الحياة، منذ عشتار كإلهة أمّ".

"لا أريد أن أخفي لوحتي عن السلطة كما كنت أخفيها عن جدّي"

من جانبه، يرى الفنان التشكيلي نسيم إلياس، أنّ الجسد البشري كان أحد أهم أشكال التعبير الفني عبر التاريخ، وما زال يعكس رؤية الفنان للتجربة الإنسانية.

إلياس يقف بجانب الجمال والفن الذي يقدّم الجسم البشري كموضوع جمالي وتعبيري. يقول إنّ منع الموديل العاري مقدمة لتقييد حريات أخرى، وإنّ السلطة اليوم تفرض رؤيةً أحاديةً على المجتمع بينما الفن الحقيقي يتطلب مساحةً من الحرية والتنوع.

يضيف: "لا أريد أن أخفي لوحتي عن السلطة كما كنت أخفيها عن جدّي".

ويختم إلياس حديثه إلى رصيف22، بأنّ القرار الأخير بمنع الموديل العاري يفتح، برغم ما يثيره من جدل، الباب أمام حوار أعمق حول ماهية الفن ووظيفته، وكيفية بناء هوية فنية معاصرة تحترم التراث دون أن تُسجن فيه، وتنفتح على العالم دون أن تفقد جذورها. هذا الحوار هو ما تحتاجه سوريا اليوم أكثر من أي وقت مضى.

"تهميش القرار"

برأي الفنان كريم عواد، الحامل للجنسيتين النمساوية والسورية، العلاقة بين الجسد الحيّ والفنان التشكيلي هي السرّ الجوهري الذي يقود إلى الهدف الأسمى للفن؛ وهو الإنسان. فمن دون تلك الطاقة التعبيرية التي يمنحها الجسد، يصبح العمل الفني مجرد خطوط وألوان بلا معنى.

في حديثه إلى رصيف22، يرى عواد أنّ "تحييد القرار الأخير وتهميشه أمرٌ بالغ الأهمية، حتى لا نتحول -عن غير قصد- إلى وسيلة ترويج لأصحاب هذا القرار. وعلينا العمل الجاد والمؤسسي لتخريج جيل جديد من الشباب السوري يحمل همّاً فنياً أعمق، يسعى نحو إبراز إنسانيتنا الحقيقية". 

ويؤكد أنه لن يدّخر جهداً في فتح أبواب التعاون والتبادل الثقافي بين النمسا وسويسرا وكلية الفنون الجميلة في دمشق، عبر دعوة فنانين أوروبيين للمشاركة في مؤتمرات ثقافية متنوعة في سوريا، والهدف من ذلك تقريب الطلاب الشباب من الفن التشكيلي الحديث، وسدّ الفجوة التاريخية والاجتماعية بين المجتمعات العربية والغربية.

يبدو أنّ جدل الموديل العاري في كلية الفنون الجميلة في دمشق هو أكثر من مجرد نزاع حول مناهج تعليمية؛ إنه انعكاس لصراع أوسع حول هوية سوريا الثقافية وحدود الحرية الأكاديمية في مرحلة انتقالية بالغة الحساسية وخطيرة

الجسد بين الفن والتراث الإسلامي

في تحليله الثري في كتابه "تاريخ الفن الإسلامي"، يقدّم الباحث أوليغ غرابار، مقاربةً مغايرةً للسردية التقليدية حول "تحريم" التصوير، معيداً تشكيل فهمنا لهذه الإشكالية عبر سياقاتها التاريخية واللاهوتية الأوسع. 

يجادل غرابار، بأنه لا يوجد نص قرآني صريح يحرم التصوير تحريماً مطلقاً، مشيراً إلى أنّ ما تشكّل هو "موقف تراكمي نابع من تفسيرات فقهية وقلق لاهوتي من محاكاة خلق الله، وليس من حظر قرآني صريح"، ويوضح أنّ هذا الموقف كان، جزئياً، وسيلةً للإسلام الفتيّ لبناء هويته البصرية المميزة في مواجهة الإمبراطوريتين البيزنطية والساسانيتين، حيث كان "بياناً أيديولوجياً ضدّ الجيران والأعداء. لقد كان طريقةً لقول: 'نحن لسنا مثلهم'". 

وينتقل لتفسير ازدهار فن التصوير نفسه في سياقات أخرى غير دينية، قائلاً: "التمثيل التصويري موجود في كل مكان في الفن الإسلامي، لكنه طُبّق بشكل انتقائي. لقد تم استبعاده من المسجد، ولكنّه ازدهر في القصر وفي كتاب خاص للنخبة"، ليخلص إلى أنّ السؤال الجوهري ليس عن سبب غياب الصور، بل: "أين وُجدت؟ ومتى؟ ولماذا؟".

أحد أعمق إسهامات غرابار يكمن في رؤيته أنّ هذا التجنّب لم يكن فراغاً، بل كان إبداعاً قائماً بذاته، حيث "حوّل الفنانون المسلمون الطاقة الإبداعية من محاكاة الطبيعة إلى اختراع لغة بصرية كونية من الأشكال الهندسية والنباتية، لغة يمكن فهمها في أي مكان داخل العالم الإسلامي المترامي الأطراف". 

"التمثيل التصويري موجود في كل مكان في الفن الإسلامي، لكنه طُبّق بشكل انتقائي. لقد تم استبعاده من المسجد، ولكنّه ازدهر في القصر وفي كتاب خاص للنخبة".

وبرأيه، فإنّ "جوهر القلق لم يكن من الصورة بحد ذاتها، بل من العواقب اللاهوتية، حيث كان الهمّ الأساسي هو الخوف من ادعاء الإنسان قدرة الخالق على منح الروح للصورة وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من شرك، ما يضع تجنّب التصوير في إطار حماية التوحيد وليس كراهيةً للجمال بذاته". 

خلفية سياسية... صراع الهوية والحرية الأكاديمية

تأتي هذه التطورات في ظلّ تحولات متسارعة، في المشهد الثقافي والاجتماعي السوري، تزامناً مع التغيرات السياسية التي شهدتها البلاد منذ كانون الأول/ ديسمبر 2024، عقب سقوط نظام بشار الأسد وانتقال السلطة إلى الرئيس أحمد الشرع. 

ورصدت تقارير "سلسلة إجراءات تمسّ الحريات العامة، أبرزها إغلاق ملاهٍ ليلية ومطاعم في دمشق، وتشديد الرقابة على محال بيع المشروبات الكحولية، بجانب ممارسات تحدّ من الحرية الشخصية، كمنع ارتداء الشورت في الأماكن العامة".

ويبدو أنّ جدل الموديل العاري في كلية الفنون الجميلة في دمشق هو أكثر من مجرد نزاع حول مناهج تعليمية؛ إنه انعكاس لصراع أوسع حول هوية سوريا الثقافية وحدود الحرية الأكاديمية في مرحلة انتقالية بالغة الحساسية وخطيرة.

وكما جاء في البيان الطلابي: "الجامعة التي تدار بالعقوبات والوصاية تفقد معناها. وموقفنا اليوم ليس مجرد اعتراض على قرار، بل هو تثبيت لمبدأ أساسي: لا جامعة بلا حرية، ولا تعليم بلا استقلال أكاديمي". 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منذ 12 سنةً، مشينا سوا.

كنّا منبر لناس صوتها ما كان يوصل،

وكنتم أنتم جزء من هالمعركة، من هالصوت.

اليوم، الطريق أصعب من أي وقت.

وصرنا بحاجة إلكن.

Website by WhiteBeard
Popup Image