نُشر هذا التقرير المترجم عن الإنكليزية في موقع "Substack" الخاص بالصحافي والمؤلف الأمريكي الحائز على جائزة "البوليترز، كريس هيدجز "Chris Hedges، والذي يكتب فيه مدوّنةً بعنوان The Chris Hedges Report، يناقش فيها مواضيع مثل السياسة الخارجية الأمريكية، الاقتصاد، الحريات المدنية. والتقرير يأتي كتحليل معمّق، يستند إلى تقرير المقررة الأممية، فرانشيسكا ألبانيز عن هذه الشركات والتربّح من حرب الإبادة.
الحرب تجارة، وكذلك الإبادة الجماعية. يسرد التقرير الأخير الذي قدّمته المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، قصص 48 شركةً ومؤسسةً، بينها Palantir Technologies Inc.، Lockheed Martin، Alphabet Inc.، Amazon، International Business Machine Corporation (IBM)، Caterpillar Inc.، Microsoft Corporation، وMassachusetts Institute of Technology (MIT)، بالإضافة إلى بنوك ومؤسسات مالية مثل Blackrock، وشركات تأمين، وشركات عقارية، وجمعيات خيرية، تحقق أرباحاً بمخالفة القانون الدولي في ما يخصّ الاحتلال والإبادة الجماعية للفلسطينيين.
ساحة اختبار للأسلحة
يتضمّن التقرير قاعدة بيانات تضم أكثر من 1،000 كيان تجاري يتعاون مع إسرائيل، ويطالب هذه الشركات والمؤسسات بقطع علاقاتها مع إسرائيل أو محاسبتها على التواطؤ في جرائم حرب. ويصف تقرير ألبانيزي "الاحتلال الإسرائيلي الدائم" بأنه "ساحة اختبار مثالية لاختبار الأسلحة وتقنيات التكنولوجيا الكبرى، مع توافر كبير في العرض والطلب، غياب الرقابة، وعدم وجود أي محاسبة أو مساءلة، بينما يحقق المستثمرون والمؤسسات الخاصة والعامة أرباحاً طائلةً".
وقد أرست محاكمات الصناعيين بعد الهولوكوست، ولجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا، الإطار القانوني للاعتراف بالمسؤولية الجنائية للمؤسسات والشركات المتورطة في الجرائم الدولية. ويوضح هذا التقرير الجديد أنّ قرارات محكمة العدل الدولية تفرض التزاماً على الكيانات "بعدم الانخراط في أي تعاملات ذات صلة، و/ أو الانسحاب الكامل وغير المشروط منها، وضمان أنّ أي تعامل مع الفلسطينيين يمكّنهم من تقرير مصيرهم".
وقالت ألبانيس، في حديث معي: "الإبادة في غزّة لم تتوقف لأنها مربحة، إنها تجارية ومربحة لكثيرين". وأضافت: "إنها تجارة. هناك كيانات تجارية، بعضها في دول صديقة لفلسطين، تستفيد منذ عقود من ممارسة أعمال تجارية وتحقيق أرباح من اقتصاد الاحتلال. لطالما استغلّت إسرائيل الأراضي والموارد والحياة الفلسطينية. واستمرت الأرباح وزادت مع تحول اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد إبادة جماعية".
وأضافت أنّ الفلسطينيين أمّنوا "بيئة تدريب واسعة لاختبار التقنيات، واختبار الأسلحة، وتقنيات المراقبة التي تُستخدم الآن ضد شعوب في كل مكان، من الجنوب العالمي إلى الشمال العالمي".
وينتقد التقرير الشركات بشدّة لـ"تزويد إسرائيل بالأسلحة والآليات اللازمة لتدمير المنازل والمدارس والمستشفيات وأماكن الترفيه والعبادة، وسبل العيش والموارد الإنتاجية، مثل بساتين الزيتون والمروج".
ويشير إلى أنّ الأراضي الفلسطينية تمثّل "سوقاً أسيرةً"، بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل على التجارة والاستثمار وزراعة الأشجار والصيد والمياه لصالح المستوطنات. وقد استفادت الشركات من هذا "السوق الأسير" عبر "استغلال العمل والموارد الفلسطينية، وتدمير وتحويل الموارد الطبيعية، وبناء المستوطنات وتزويدها بالطاقة، وبيع وتسويق المنتجات والخدمات المستخلصة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة وعالمياً".
ويؤكد التقرير أنّ "إسرائيل تربح من هذا الاستغلال، بينما يكلف الفلسطينيين ما لا يقلّ عن 35% من ناتجهم المحلي الإجمالي".
الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة لم تعد مجرد جريمة حرب، بل تجاوزتها إلى نموذج اقتصادي عالمي. شركات أمريكية وأوروبية، من Google وAmazon إلى Lockheed Martin وMIT، لا تدعم فقط القتل بل تستثمر فيه. وهنا، يتبين أن النظام الرأسمالي ليس محايداً، بل شريك مباشر في مجزرة تُسوَّق كأسلحة "مجرّبة على البشر"
ويحمّل التقرير البنوك وشركات إدارة الأصول وصناديق التقاعد وشركات التأمين مسؤولية "توجيه الأموال إلى الاحتلال غير القانوني". بالإضافة إلى ذلك، يتهم الجامعات، "مراكز النمو الفكري والقوة"، بأنها دعمت الأيديولوجيا السياسية التي تُشكّل أساس استعمار الأراضي الفلسطينية، وشاركت في تطوير الأسلحة، وتغاضت عن العنف المنهجي، بل دعمته، بينما حجبت التعاونات البحثية العالمية محو الهوية الفلسطينية خلف ستار من الحياد الأكاديمي.
ويشير التقرير كذلك إلى أنّ تقنيات المراقبة والاحتجاز "تحوّلت إلى أدوات لاستهداف الفلسطينيين بشكل عشوائي". وتلفت الدراسة إلى أنّ "الآليات الثقيلة التي كانت تُستخدم في هدم المنازل وتدمير البنية التحتية ومصادرة الموارد في الضفة الغربية أُعيد توظيفها لتخريب المشهد الحضري في غزّة، ومنع النازحين من العودة وإعادة تشكيل وبناء مجتمعهم".
ويذكر التقرير أنّ العدوان العسكري على الفلسطينيين "وفّر أرضاً خصبةً لاختبار القدرات العسكرية المتقدمة: منصات الدفاع الجوي، والطائرات المسيرة، وأدوات الاستهداف المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وحتى برنامج طائرات F-35 بقيادة الولايات المتحدة. ومن ثم تُسوَّق هذه التقنيات بوصفها 'مجربةً في ساحة المعركة'".
إسرائيل تستعرض قوة إنتاجها العسكري
ووفقاً للتقرير، تُعدّ إسرائيل منذ عام 2020، ثامن أكبر مصدّر للأسلحة في العالم. أكبر شركات الأسلحة لديها هما شركة Elbit Systems Ltd وشركة صناعات الفضاء الإسرائيلية (IAI)، وتجمعهما شراكات دولية متعددة مع شركات أسلحة أجنبية، بما في ذلك شراكة تتعلق بـ"طائرة F-35 المقاتلة، بقيادة شركة لوكهيد مارتن الأمريكية".
ويضيف التقرير: "المكوّنات والأجزاء المصنعة عالمياً تُستخدم في أسطول طائرات F-35 الإسرائيلي، الذي تخصصه إسرائيل وتُديره بالتعاون مع لوكهيد مارتن وشركات محلية". منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كانت طائرات F‑35 وF‑16 "عنصراً أساسياً في تزويد إسرائيل بقوة جوية غير مسبوقة، أسقطت نحو 85،000 طنّ من القنابل، أغلبها غير مُوجّه، ما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 179،411 فلسطينياً وتدمير غزة بالكامل".
ويخلص التقرير إلى أنّ "الطائرات المسيّرة، وطائرات كبيرة سداسية المراوح وصغيرة ذات أربع مراوح، أصبحت آلات قتل شاملة في سماء غزة"، مشيراً إلى أنّ تلك الطائرات "التي طوّرتها وقدّمتها شركة Elbit ونظيرتها IAI، حلّقت وترافقت منذ زمن طويل مع الطائرات المقاتلة، لمراقبة الفلسطينيين وتزويدها بمعلومات استخباراتية عن الأهداف. وخلال العقدين الماضيين، وبدعم من هذه الشركات وتعاون من مؤسسات مثل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، اكتسبت الطائرات المسيّرة التي تستخدمها إسرائيل أنظمة أسلحة آلية وقدرة على الطيران بتشكيلات سرب جماعي".
تبيع شركات "فانوك" اليابانية (FANUC)، منتجات الأتمتة/ الأوتوميشن، وتُوفّر “ماكينات روبوتيةً لخطوط إنتاج الأسلحة، بما في ذلك لشركات IAI وElbit Systems ولوكهيد مارتن".
"تنقل شركات الشحن مثل الدنماركية A.P. Moller – Maersk A/S، المكونات وقطع الغيار والأسلحة والمواد الخام، ما يدعم تدفقاً مستمراً للمعدّات العسكرية الأمريكية بعد تشرين الأول/ أكتوبر 2023".
شهد الإنفاق العسكري الإسرائيلي "ارتفاعاً بنسبة 65% من 2023 إلى 2024، ليصل إلى 46.5 مليارات دولار، وهو من أعلى المعدلات للفرد في العالم". وقد أدى ذلك إلى "قفزة حادّة في أرباحهم السنوية"، بينما "حققت شركات الأسلحة الأجنبية، خصوصاً منتجي الذخائر والمعدّات والمتفجرات، أيضاً أرباحاً".
في الوقت نفسه، استفادت شركات التكنولوجيا من الإبادة الجماعية عبر "توفير بنية تحتية مزدوجة الاستخدام تدمج جمع بيانات ضخمة والمراقبة، واستثمارها كساحة اختبار فريدة لتكنولوجيا عسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة". فهي تُعزز "خدمات السجون والمراقبة، بدءاً من شبكات التلفاز الدائرة المغلقة (CCTV)، والمراقبة البيومترية، وشبكات نقاط التفتيش المتقدمة، و'الجدران الذكية'، وطائرات المراقبة من دون طيار، وصولاً إلى الحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، وتحليلات البيانات لدعم العناصر العسكرية الميدانية".
"في كثير من الأحيان، تنشأ شركات التقنية الإسرائيلية من بنى تحتية إستراتيجية عسكرية"، حسب التقرير، "مثل مجموعة NSO التي أسسها أعضاء سابقون في الوحدة 8200. فقد استُخدمت برمجيتها التجسسية Pegasus، المصممة لمراقبة الهواتف الذكية، ضد ناشطين فلسطينيين، ورُخّصت عالمياً لاستهداف القادة والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. تُصدَّر تكنولوجيا المراقبة التابعة لمجموعة NSO بموجب قانون مراقبة تصدير الأسلحة، ما يتيح ما يُعرف بـ"دبلوماسية برامج التجسس ويُعزّز إفلات الدولة من العقاب".
شركات نستخدم منتجاتها كل يوم!
أما شركة IBM، التي سهّلت تقنية البطاقات المثقوبة في ألمانيا النازية للقيام بإحصاءات تعداد وعمليات لوجستية عسكرية وإدارة حركة القطارات وسعة معسكرات الاعتقال، فهي مرةً أخرى شريك في هذه الإبادة الجماعية الحالية.
تعمل الشركة في إسرائيل منذ عام 1972، وتقدّم تدريبات للجهات العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية، ولا سيّما الوحدة 8200، المسؤولة عن العمليات السرية، وجمع معلومات الإشارة الاستخباراتية، وفكّ الشيفرات، بالإضافة إلى مكافحة التجسس، والحرب السيبرانية، والاستخبارات العسكرية والمراقبة.
قدّمت شركة Palantir لإسرائيل تقنية ذكاء اصطناعي قتالي تدمج بيانات ساحة المعركة في الوقت الحقيقي لصنع قرارات آلية. وصرّح مديرها التنفيذي بالقول إن "معظم الفلسطينيين الذين يُقتلون في غزة إرهابيون".
وأشار التقرير إلى أنه "منذ عام 2019، قامت شركة 'IBM إسرائيل' بتشغيل وتطوير قاعدة البيانات المركزية لـ"سلطة السكان والهجرة"، ما يمكّن من جمع وتخزين واستخدام البيانات البيومترية للفلسطينيين من قبل الحكومة، ودعم نظام التصاريح التمييزي في إسرائيل".
وتُعدّ شركة Microsoft، العاملة في إسرائيل منذ عام 1989، "مندمجةً ضمن هيئات السجون والشرطة والجامعات والمدارس، بما في ذلك في المستوطنات. ومنذ عام 2003، تدمج أنظمتها وتقنياتها المدنية مع الجيش الإسرائيلي، بالتزامن مع استحواذها على شركات ناشئة إسرائيلية في مجال الأمن السيبراني والمراقبة".
"ومع تولّد المزيد من البيانات نتيجة أنظمة الأبرتهايد والإدارة السكانية والعسكرية الإسرائيلية، ازدادت الحاجة إلى التخزين والحوسبة السحابية"، بحسب التقرير. "ففي عام 2021، منحت إسرائيل عقداً بقيمة 1.2 مليار دولار -وهو مشروع Nimbus- لشركتَي Alphabet Inc (غوغلGoogle) وAmazon.com ، وتم تمويله بشكل كبير من ميزانية وزارة الدفاع لتوفير بنية تحتية تقنية مركزية".
Microsoft، و Alphabet Inc، وAmazon توفر لإسرائيل "وصولاً شبه شامل على مستوى الحكومة إلى تقنياتها في الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، ما يعزز قدراتها في معالجة البيانات واتخاذ القرارات والمراقبة والتحليل".
يشير التقرير إلى أنّ الجيش الإسرائيلي "طوّر أنظمة ذكاء اصطناعي مثل 'Lavender' و'Gospel' و'?Where's Daddy' لمعالجة البيانات وإنشاء قوائم الأهداف، ما يُعيد تشكيل مفاهيم الحرب الحديثة وبيّن الطبيعة مزدوجة الاستخدام للذكاء الاصطناعي".
وجاء في التقرير أنّ هناك "أسباباً معقولةً" للاعتقاد بأنّ شركة Palantir Technologies Inc، التي تربطها علاقة طويلة الأمد بإسرائيل، "قد زوّدت الأخيرة بتقنية التنبؤ الأمني التلقائي، وبنية تحتية دفاعية أساسية لبناء ونشر سريع على نطاق واسع للبرمجيات العسكرية، ومنصتها للذكاء الاصطناعي التي تتيح دمج بيانات ساحة المعركة في الوقت الفعلي لصنع قرارات آلية".
وقد ردّ الرئيس التنفيذي لشركة Palantir في نيسان/ أبريل 2025، على اتهامات بأنّ شركته تقتل الفلسطينيين في غزة بالقول: "معظمهم إرهابيون، وهذا صحيح".
وجاء في التقرير: "لطالما خدمت التكنولوجيا المدنية أدوات مزدوجة الاستخدام في سياق الاحتلال الاستيطاني الاستعماري. وتعتمد العمليات العسكرية الإسرائيلية بشكل كبير على معدّات من كبرى الشركات المصنعة العالمية لـ‘اقتلاع’ الفلسطينيين من أراضيهم، من خلال تدمير المنازل والمباني العامة والأراضي الزراعية والطرق والبنى التحتية الحيوية الأخرى. ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لعبت هذه المعدّات دوراً محورياً في إلحاق الضرر وتدمير 70% من المباني و81% من الأراضي الزراعية في غزة".
وقد وفّرت شركة Caterpillar Inc، لعقود من الزمن، معدّات للجيش الإسرائيلي تُستخدم في تدمير منازل الفلسطينيين ومساجدهم ومستشفياتهم، وكذلك في "دفن الجرحى الفلسطينيين وهم أحياء"، كما قتلت ناشطين أمثال راشيل كوري.
ويضيف التقرير: "لقد طوّرت إسرائيل جرافة Caterpillar D9 إلى سلاح أساسي يتم التحكم به عن بعد، ونُشر في كل نشاط عسكري تقريباً منذ عام 2000، لاختراق خطوط التوغل، و‘تحييد’ الأرض، وقتل الفلسطينيين". وفي هذا العام، "أبرمت Caterpillar عقداً إضافياً بملايين الدولارات مع إسرائيل".
ويتابع التقرير: "ترتبط شركات HD Hyundai الكورية وفرعها المملوك جزئياً، Doosan، إلى جانب مجموعة Volvo السويدية وغيرها من شركات تصنيع المعدات الثقيلة الكبرى، منذ وقت طويل، بتدمير الممتلكات الفلسطينية، حيث توفر جميعها المعدّات عبر وكلاء إسرائيليين مرخصين حصرياً".
دعم المستوطنات
"ومثلما ساهمت هذه الشركات في تدمير حياة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، فقد ساهمت أيضاً في بناء ما يحلّ محلّها: بناء المستوطنات وبنيتها التحتية، واستخراج المواد والطاقة والمنتجات الزراعية والاتجار بها، وجلب الزوار إلى المستوطنات وكأنها وجهات سياحية عادية".
ويخلص التقرير إلى أنّ "أكثر من 371 مستوطنةً وبؤرةً استيطانيةً غير قانونية تم بناؤها وتزويدها بالطاقة والتجارة معها من قبل شركات تُسهّل استبدال إسرائيل للسكان الأصليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وقد استخدمت هذه المشاريع الإنشائية حفارات ومعدات ثقيلةً من شركات Caterpillar وHD Hyundai وVolvo. وساهمت شركة Hanson Israel، وهي فرع تابع لشركة Heidelberg Materials AG الألمانية، في "نهب ملايين الأطنان من صخور الدولوميت من مقلع نحال رابا على أراضٍ صودرت من قرى فلسطينية في الضفة الغربية". وتُستخدم هذه الصخور في بناء المستوطنات اليهودية في الضفة.
منصات Amazon، وGoogle (Alphabet Inc.)، وMicrosoft تموّل وتدير مشاريع سحابية بقيمة 1.2 مليار دولار ضمن مشروع Nimbus لصالح وزارة الدفاع الإسرائيلية، وتوفر لإسرائيل قدرة شبه شاملة على تخزين وتحليل البيانات البيومترية للفلسطينيين، ضمن نظام أبرتهايد رقمي يُستخدم لتصنيفهم، تعقّبهم، وقتلهم لاحقاً بناء على هذه البيانات
كما ساهمت شركات أجنبية أيضاً في "تطوير الطرق والبنية التحتية للنقل العام، وهي أمور حيوية لإنشاء المستوطنات وتوسيعها وربطها بإسرائيل، في الوقت الذي تستثني فيه الفلسطينيين وتفصلهم عنها".
تبيع شركات العقارات العالمية ممتلكات في المستوطنات الاستعمارية لمشترين إسرائيليين ودوليين. ومن بين هذه الشركات: Keller Williams Realty LLC، التي "كانت لها فروع قائمة في المستوطنات" عبر امتيازها الإسرائيلي KW Israel. في العام الماضي، وعبر امتياز آخر يُدعى Home in Israel، نظّمت Keller Williams "جولةً عقاريةً في كندا والولايات المتحدة، برعاية مشتركة مع شركات عدة تطوّر وتسّوّق آلاف الشقق في المستوطنات".
تعرض منصات التأجير مثل Booking.com وAirbnb عقارات وغرفاً فندقيةً في المستوطنات اليهودية غير القانونية في الضفة الغربية.
أما شركة Bright Dairy & Food الصينية، فهي المالك الأكبر لشركة Tnuva، أكبر تكتّل غذائي في إسرائيل، والذي يستخدم الأراضي المُصادرة من الفلسطينيين في الضفة الغربية.
في قطاع الطاقة، "تستخرج شركة Chevron Corporation، بالتعاون مع شركة NewMedEnergy الإسرائيلية (وهي شركة تابعة لمجموعة Delek المدرجة في قاعدة بيانات مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان OHCHR)، الغاز الطبيعي من حقول ليفياثان وتامار Leviathan and Tamar fields؛ وقد دفعت للحكومة الإسرائيلية 453 مليون دولار كإتاوات وضرائب في عام 2023. ويوفر ائتلاف Chevron أكثر من 70% من استهلاك الطاقة في إسرائيل. كما تربح Chevron من ملكيتها الجزئية لخط أنابيب غاز شرقي البحر الأبيض المتوسط، الذي يمرّ عبر مياه فلسطينية، ومن مبيعات الغاز إلى مصر والأردن".
كما تُعدّ شركة BP وChevron "أكبر مساهمتين في واردات إسرائيل من النفط الخام، بصفتهما مالكتين رئيسيتين لخط أنابيب باكو–تبليسي–جيهان الإستراتيجي، وائتلاف خط أنابيب كازاخستان قزوين على التوالي، بالإضافة إلى حقولهما النفطية المرتبطة بهما. وقد زوّدت كلتا المجموعتين رسمياً نحو 8% من النفط الخام لإسرائيل بين تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وتموز/ يوليو 2024، مدعومةً بشحنات نفط قادمة من حقول برازيلية تملكها شركة Petrobras كأكبر شريك، وبوقود طائرات عسكرية. ويوفر نفط هذه الشركات الوقود لمصفايتين في إسرائيل".
"من خلال تزويد إسرائيل بالفحم والغاز والنفط والوقود، تساهم هذه الشركات في إنشاء البنى التحتية المدنية التي تستخدمها إسرائيل لترسيخ ضمّ دائم، وتُستخدم اليوم كسلاح في تدمير حياة الفلسطينيين في غزة"، حسب ما يورد التقرير، و"البنية التحتية نفسها التي تزوّدها هذه الشركات طوّرتها إسرائيل لتخدم الجيش وتدمر غزة بطريقة تقنّية كثيفة".
أيضاً، ساهم البنك والشركات المالية الدولية في استمرار القتل عبر شراء السندات الحكومية الإسرائيلية.
مليارات ملوّثة بالدم
ويُشير التقرير إلى أنّ "السندات الحكومية، باعتبارها المصدر الرئيسي لتمويل ميزانية الدولة الإسرائيلية، لعبت دوراً جوهرياً في تمويل الحملة الجارية على غزة. من 2022 إلى 2024، ارتفعت ميزانية الجيش الإسرائيلي من 4.2% إلى 8.3% من الناتج المحلي، ما تسبب في عجز في الميزانية العامة بنسبة 6.8%. موّلت إسرائيل هذه الميزانية المتضخمة من خلال رفع إصدارها من السندات، بما في ذلك 8 مليارات دولار في آذار/ مارس 2024، و5 مليارات في شباط/ فبراير 2025، إلى جانب إصدارات في سوق الشيكل الجديد المحلي".
الطائرات المسيّرة التي حوّلت سماء غزة إلى جحيم، طوّرتها Elbit Systems وIAI الإسرائيلية، بدعم مباشر من MIT، وتُستخدم مع طائرات F-35 وF-16 لإسقاط 85,000 طن من القنابل على غزة، وفقاً للتقرير.
ويشير التقرير إلى أنّ بعض أكبر البنوك العالمية -مثل BNP Paribas وBarclays- "تدخلت لتعزيز ثقة السوق عبر اكتتاب هذه السندات الحكومية الدولية والمحلية، ما أتاح لإسرائيل احتواء فروقات أسعار الفائدة، برغم الترقية الائتمانية. وشملت المؤسسات الاستثمارية مثل بلاك روك (68 مليون دولار BlackRock)، وفانغارد (546 مليون دولار Vanguard )، وشركة إدارة الأصول التابعة لشركة أليانز، بيمكو (960 مليون دولار PIMCO ـAllianz)، ضمن ما لا يقلّ عن 400 مستثمر من 36 بلداً اشترى تلك السندات".
كما أصبحت الجمعيات الخيرية الدينية "مُمكّناً مالياً رئيسياً لمشاريع غير قانونية، خاصةً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وغالباً ما تحصل على إقرارات ضريبية في الخارج برغم وجود أطر تنظيمية صارمة للأعمال الخيرية"، حسب ما يورد التقرير.
ويواصل التقرير: "يموّل الصندوق القومي اليهودي (KKL‑JNF)، وأكثر من 20 فرعاً تابعاً له توسّع المستوطنات ومشاريع مرتبطة بالجيش. ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مكّنت منصات مثل Israel Gives التمويل الجماعي المعفى من الضرائب في 32 بلداً لوحدات عسكرية إسرائيلية ومستعمرين. وقد أرسلت منظمة Christian Friends of Israeli Communities الأمريكية وDutch Christians for Israel وشبكات عالمية تابعة أكثر من 12.25 مليون دولار في عام 2023 لمشاريع تدعم المستوطنات، بعضها لتدريب مستعمرين متطرفين".
وينتقد التقرير الجامعات التي تتعاون مع جامعات ومؤسسات إسرائيلية، إذ يشير إلى أنّ مختبرات في MIT "تُجري أبحاثاً عسكريةً ومراقبةً بتمويل من وزارة الدفاع الإسرائيلية". وتشمل هذه المشاريع "التحكم في أسراب الطائرات المسيرة -وهي سمة بارزة لهجوم غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023- خوارزميات المطاردة والمراقبة البحرية".
الإبادة تتطلّب شبكةً واسعةً ومليارات الدولارات لاستمرارها. فإسرائيل لا تستطيع ارتكاب هذه المجزرة الجماعية ضد الفلسطينيين دون هذا النظام البيئي. هذه الكيانات، التي تربح من العنف الصناعي ضد الفلسطينيين والتهجير الجماعي، مذنبة بالإبادة مثلها مثل الوحدات العسكرية الإسرائيلية التي تُبيد سكان غزة. هم أيضاً مجرمو حرب، وتجب مساءلتهم ومحاسبتهم كذلك.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.