بعد أن ساءت ظروف الأسرة إلى حدّ بعيد، لم يكن هناك بدّ من أن يبحث الطالب في المرحلة الإعدادية، حسن، الذي لم يتخطَّ عامه الرابع عشر، عن عمل. وجد حسن ضالّته في إحدى ورش الحياكة، فهدأت نفسه وعزم على بذل الجهد لينال رضا رؤسائه ويرفع نير الفقر عن كاهل أسرته بهذا القليل الذي يكسبه، لكن ما هي سوى أشهر قليلة حتى طرده صاحب الورشة من العمل.
عاد الصبي إلى منزله مهزوماً، ومكث في غرفته أياماً واجماً، قبل أن يقرّر لفَّ حبلٍ حول رقبته منهياً حياته.
حسن ليس حالةً نادرةً. مصيره مأساة إنسانية متكرّرة لا تحظى دائماً بالاهتمام الكافي. ربما هذا ما جعل منظمة الصحة العالمية تعتبر محاولات وحالات الانتحار من بين مشكلات الصحّة العامّة التي تنبغي الوقاية منها، وذلك بعد أن هالتها العواقب الاجتماعية والعاطفية والاقتصادية الناجمة عنها.
تصنيف الانتحار كمشكلة صحية ربما يكون "طوق نجاة". فكما أنّ الوقاية في حالة المرض خير من العلاج، قد تضمن الوقاية هنا الحفاظ على حياة إنسان. وفقاً لهذه الرؤية، نتتبّع في هذا التقرير المدفوع بالبيانات، أبرز حالات الانتحار في مصر، ونرصدها لمعرفة أهم أسبابها، أملاً في الوصول إلى سبل الوقاية منها مستقبلاً.
لهذا الغرض، قمنا بإنشاء قاعدة بيانات تضمّ وقائع الانتحار المعلنة في مصر خلال الفترة من شباط/ فبراير 2009 وحتى أيلول/ سبتمبر 2022، وذلك استناداً إلى أرشيف صحيفة "اليوم السابع"، وتجريف البيانات باستخدام أداة DATA MINER. ضمّت قاعدة البيانات إجمالاً 3،235 خبراً بحسب العنوان. عقب إزالة الأخبار المكررة (التي تتضمّن متابعة الحادثة نفسها)، أصبحت لدينا 2،637 حالة انتحار منشورة على مدى 13 عاماً، قمنا بتصنيفها وفق ثمانية متغيّرات، هي: العمر والنوع والعمل وطريقة الانتحار وسبب الانتحار والحالة الاجتماعية والمحافظة وتاريخ الانتحار.
على الرغم من أنه يبقى من ضمن أقلّ المعدلات عالمياً، إلا أن تتبّع حوادث الانتحار وتحليلها في مصر يكشفان عن فجوات عميقة وملابسات لا بدّ من معرفتها لاتخاذ خطوات في سبيل تفادي وقوع المزيد منها. إليكم تحليل حوادث الانتحار في مصر على مدى 13 عاماً
أما اختيار أرشيف "اليوم السابع"، فيرجع إلى كونها من أبرز الصحف التي تُعنى بنقل هذا النوع من الأخبار عن المحاضر الشرطية خلال مدة الرصد.
يكشف تحليل قاعدة البيانات أنّ فترة الرصد شهدت 194 واقعة انتحار سنوياً تقريباً، ونحو 16 حالةً شهرياً. وبرغم أن هذا العدد يبقى ضمن معدلات الانتحار المنخفضة عالمياً، وفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية التي توافق بياناتها ما خلصنا إليه، حيث يفيد أحدث إحصاء منشور لها، في عام 2021، بأن معدّل الانتحار في مصر لم يزد عن 0.6 لكل 100 ألف شخص، وهو من بين أقل معدلات انتحار السكان حول العالم، إلا أنها تظل ظاهرةً تستحق الدراسة.
وتجدر الإشارة إلى أن الأعداد التي رصدناها في قاعدة البيانات مرشحة للزيادة أو النقصان لأسباب عدة من بينها أنّ بعض الأسر في مصر لا تُبلغ عن حوادث انتحار أبنائها، وتسجَّل أحياناً كحوادث (مثل سقوط من علو أو سقوط عرضي أو إصابة عمل)، أو وفاة طبيعية بالتحايل، خشية الوصمة الاجتماعية أو المساءلة القانونية. في المقابل، بعض حوادث العنف الأسري أيضاً قد تُسجّل محاولات انتحار لا تعنيفاً تفادياً للمساءلة الجنائية كذلك.
2017 قمّة الهرم
كشفت العيّنة التي قمنا برصدها أنّ وقائع الانتحار في مصر بلغت ذروتها - خلال فترة الرصد - في عام 2017، بـ374 حادثة انتحار (أي نحو 31 حالة انتحار شهرياً). ولدى تمثيل البيانات، ظهرت على شكل هرم قمته الـ2017، بينما شهدت الأعوام التي سبقته ارتفاعاً تدريجياً، بينما أخذت الأعوام اللاحقة في الانخفاض التدريجي. وجاء أقل الأعوام من حيث حالات الانتحار عام 2022، بـ53 حالة.
أما من حيث النطاق الجغرافي، فقد توزّعت هذه الحوادث على ربوع مصر كافة، ولم تترك محافظةً مصريةً إلا وكان لها نصيب منها. لكن المحافظات الحضرية كالجيزة والقاهرة والإسكندرية والقليوبية، والمحافظات الأقرب لها كالشرقية، تضمّنت العدد الأكبر.
وشهدت محافظة الجيزة العدد الأكبر بواقع 557 حالة انتحار، تلتها محافظة القاهرة بنحو 404 حالات، ثم الإسكندرية بنحو 171 حالة، علماً أن المحافظات الكبرى تبادلت صدارة الترتيب في بعض سنوات الرصد، كما يظهر في الرسم أدناه.
أما أقلّ المحافظات من حيث زخم حوادث الانتحار، فكانت محافظة جنوب سيناء بواقع ست حالات فقط طوال فترة الرصد، تلتها محافظة مطروح بواقع ثماني حالات، ثم شمال سيناء بواقع عشر حالات.
الذكور في الصدارة
يمثّل النوع أحد العوامل المؤثرة في وقائع الانتحار في مصر، إذ تكشف العيّنة أنه من بين كل عشر حالات انتحار، يكون المنتحر رجلاً في سبع حالات وامرأةً في ثلاثة. وعلى الرغم من أنّ الإناث أكثر عرضةً للاكتئاب مقارنةً بالذكور، إلا أنّ ما رصدناه من حالات الانتحار في مصر بين عامي 2009 و2022، كشف عن أنّ عدد المنتحرات من الإناث لم يزد عن 774 حالةً، فيما وصل عدد المنتحرين من الذكور إلى 1،863.
ربما يرجع ذلك إلى طبيعة المرأة وميلها إلى التعبير عما تعانيه، فيما يميل الذكور إلى كبت مشاعرهم السيئة وعدم الحديث عن الضغوط بحكم الأدوار الاجتماعية التي يفرضها المجتمع، أو قد يعود إلى حجم الضغوط الواقعة على الذكور مقارنةً بالإناث في العمل وتدبير احتياجات الأسرة أحياناً.
غالبية المنتحرات في العقد الثاني
حين لم تعُد زينب (15 عاماً)، قادرةً على تحمّل معاملة أبيها القاسية، قرّرت إنهاء حياتها بتناول "مبيد حشري" يسهُل الوصول إليه في قريتها الصغيرة. تناولت زينب "حبّة الغلّة" السامّة التي تُستخدم في حفظ الحبوب، اعتقاداً منها بأنّ ذلك قد "يريحها" من "كراهية" لا تعرف لها أسباباً.
يبرهن انتحار زينب على النتيجة التي خلصت إليها منظمة الصحة العالمية، بأنّ الانتحار هو السبب الثالث للوفيات في الشريحة العمرية بين 15 و29 عاماً. وتعكس الشريحة العمرية الممتدة بين 11 و20 عاماً التي شهدت أعلى حوادث الانتحار ضمن الإناث بـ313 حالةً، تأثير فترة المراهقة اللافت في التعجّل باتخاذ قرار إنهاء الحياة. يعادل هذا الرقم 40% تقريباً من إجمالي حالات انتحار الإناث طوال فترة العيّنة.
تلت هذه الفترة، الشريحة العمرية بين 21 و30 عاماً، بـ171 حالة انتحار. علماً أنّ 155 حالة انتحار لفتيات ونساء لم تكن محددةً من حيث الفئة العمرية.
الذكور في العقد الثالث أكثر إقبالاً على الانتحار
في حين كان العقد الثاني هو الأشد وطأةً على الإناث، كما يتضح من كثرة حالات الانتحار خلاله، ظهرت ذروة الإقدام على الانتحار لدى الذكور في العقد الثالث بـ538 حالةً، بما يعادل 20% تقريباً من حالات الانتحار الإجمالية لهم، ثم العقد الثاني بنسبة تقارب 13%. علماً أنّ هناك 475 حالة انتحار لذكور غير محددة الفئة العمرية فيها.
الشنق… أول طرائق الانتحار
"الانتحار حلّ دائم لمشكلة مؤقتة"؛ عبارة للكاتب الأمريكي فيل دوناهو، لم يسمعها عادل عبد المنعم على الأرجح يوماً أو يعي معناها وأنّ المشكلات التي قد تقود إلى الانتحار غالباً ما تكون "مؤقّتةً". فعندما دخلت ابنته إلى حجرته كعادتها لتدعوه إلى تناول الغداء، أطلقت صرخة فزعٍ مدوّية عندما وجدت جسد والدها يتدلّى أمامها وحبل خشن ملتفٌ حول رقبته نزولاً من سقف الغرفة. عادل، الذي تجاوز الخمسين وقت الحادثة، كان يمر بضائقة مالية ترتبت عن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، خاصةً في ظل عمله البسيط وغير الدائم كعامل محارة، ما تركه غير قادرٍ على الوفاء بالتزاماته كربّ أسرة وأب.
اختار عادل "الشنق" لإنهاء حياته، وهو الخيار الأول لغالبية المنتحرين/ ات في العيّنة بأكثر من 1،000 حالة، ويمكن أن نعزو ذلك إلى أنه خيار غير مكلف مادياً ويسهل تنفيذه في أي مكان وفي أي وقت عبر تعليق حبل في الأسوار أو الشبابيك أو السقف.
ويمكن تفسير تربّع الشنق على قمة وسائل الانتحار المستخدمة في مصر أيضاً بأن غالبية المنتحرين من الرجال، وهذه الوسيلة لا تتطلب عادةً إلا قوة بدنية، كما أن الرجال عادةً ما يفضّلون "الوسائل الناجزة" في الانتحار.
الشنق والسقوط و"حبّة الغلّة" أبرزها… تقرير مدفوع بالبيانات يتتبّع حالات الانتحار التي شهدتها مصر بين عامي 2009 و2022، مع تحليل الحوادث وفق ثمانية متغيّرات: العمر والنوع والعمل والحالة الاجتماعية والمحافظة وأسباب وطرق الانتحار وتاريخ الواقعة
وجاء السقوط ثانياً من بين أساليب الانتحار من حيث الانتشار، بـ490 حالة، لسهولة تنفيذه أيضاً في أوقات الوصول إلي ذروة اليأس والرغبة في إنهاء الحياة. وفي المرتبة الثالثة جاء تناول المبيدات ومن أشهرها "حبّة الغلّة" السامّة التي تُستخدم في حفظ الغلال، إذ تناولها ما يزيد على 328 شخصاً.
أما الغرق، فلجأ إليه 209 أشخاص لإنهاء حياتهم باعتباره أمراً لا يحتاج إلى استعدادات خاصّة سوى التواجد في مكان فيه مسطّح مائي. وأما إطلاق الرصاص، فاستُخدم في نحو 174 واقعة انتحار، وعادةً ما يكون مقترناً بعناصر الأمن والأشخاص الذين تتوافر لديهم هذه الأسلحة.
أسباب إنهاء الحياة
لم يكن عدد حوادث الانتحار هو أكثر ما يلفت النظر، فالأسباب التي دفعت ما لا يقل عن 2،637 شخصاً إلى إنهاء حياتهم أكثر إثارةً للفضول على الرغم من مقولة الشاعر والروائي الإيطالي تشيزاري بافيزي الشهيرة: "لا أحد يعوزه سبب أو آخر للانتحار".
ووفق العيّنة، تلعب الأسباب والعوامل النفسية والمرض النفسي الدور الأكبر في حوادث الانتحار في مصر بحيث يمكن اعتبار الضغوط النفسية السبب الأوّل لقاتل المصريين الخفيّ، أي الانتحار الذي عادةً ما يتسلّل إلى ضحاياه دون أن يلحظه أقرب المحيطين بهم بشكل مسبق.
كانت الأسباب والعوامل النفسية دافعاً أوّل وراء 30% من حالات الانتحار ضمن العيّنة (أكثر من 780 حالةً)، فيما شكّلت الخلافات الأسرية - سواء في نطاق الأسرة أو العائلة الممتدة - سبباً رئيسياً لنحو 20% من وقائع الانتحار (نحو 325 حادثةً)، خاصّةً بين الشباب وصغار السن.
في غضون ذلك، مثّلت "الضائقة المالية" عاملاً مؤثّراً في انتحار 273 شخصاً على الأقل، أي ما يزيد عن 10% من حالات الانتحار المرصودة. وارتبطت الضائقة أحياناً بالتعطّل عن العمل لفترات متفاوتة، خاصةً في حالات العمالة الموسمية، أو بتراكم الديون إما لأنّ الدخل لا يكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية للأسرة أو بسبب تكاليف الزواج أو تزويج الأبناء، وزادت وطأة هذه الأزمات المالية في حالات تحرير شيكات من دون رصيد أو "إيصالات أمانة"، وما يترتب عن ذلك من مواجهة عقوبة الحبس.
ويمثّل الاتهام بارتكاب جرائم السبب الرابع في قائمة الدوافع إلى الانتحار، فأحياناً كان مجرد الاتهام، قبل صدور حكم إدانة أو عقوبة جنائية، كافياً لشعور بعض الأشخاص بالمهانة والإقدام على إنهاء حياتهم. في حين كانت أحكام السجن دافعاً لآخرين للتخلّص من الحياة.
أما "الفشل الدراسي"، فلعب الدور الأبرز في حالات انتحار طلاب وطالبات، وذلك في ما لا يقلّ عن 3.3% من حالات الانتحار المرصودة، وارتبطت هذه الحوادث عادةً بصعوبة الدراسة و/ أو الامتحانات أو تكرار الرسوب، أو عدم الحصول على مجموع مناسب أو حتّى الخوف من الامتحانات. بعد ذلك، يأتي تناول المخدرات، والأسباب الصحية التي تتعلّق بالمرض الجسدي واليأس من الشفاء، بنحو 3% من حالات الانتحار لكل من السببين.
وكانت مشكلات العمل دافعاً لانتحار 2.3% من العيّنة، وقد ارتبطت هذه الحوادث بحالات النقل التعسّفي أو خفض الراتب أو الظلم الوظيفي والحرمان من بعض الميزات مثل الترقيات.
الطلاب والعمّال في مقدّمة المنتحرين
تقول الحكمة العائدة للفيلسوف الروماني لوكيوس أنايوس سينيكا: "أحياناً، يكون البقاء على قيد الحياة قمّة الشجاعة"، لكن هناك من تعوزه هذه الشجاعة في بعض الأوقات، فيُقدم على خطوة الانتحار سواء بعد تخطيط مسبق أو كرد فعل سريع على أزمة طارئة.
على هذا المنوال، عاد أمير من الكويت ليجد أخاه قد انتحر. حاول تخطّي الأزمة بالانغماس في العمل، لكنه ظلّ شهوراً عدة يبحث عن عمل بلا جدوى، ولما فقد الأمل في العثور على فرصة عمل مناسبة، ألقى بنفسه هو الآخر من شرفة منزله في الطابق الحادي عشر ليسقط صريعاً.
التعطّل عن العمل في هذه الحالة كان دافعاً قوياً للانتحار، بالتزامن مع ملابسات نفسية واجتماعية أخرى، لذا وضعنا العمل والبطالة ضمن المتغيّرات التي صنّفنا حوادث الانتحار في سياقها. كما حاولنا تحديد أكثر المهن التي أقدم أصحابها على الانتحار، في محاولة لفهم مدى تأثير ظروف العمل المختلفة في خطوة الانتحار.
بعد استبعاد الحالات غير المحددة، الصفة الوظيفية، أصبحت لدينا 1،861 حالة، وتبيّن أن أكثر الفئات انتحاراً منها هي فئة الطلاب وعددهم 471 بنسبة 25% وارتبطت هذه الحالات بالخوف من الرسوب والضغوط المتعلقة بالدراسة والامتحانات ونتائجها. في المرتبة الثانية، حلّ العمّال بـ313 حالةً (بنسبة 17%)، ثم ربّات المنازل وعددهنّ 281 (بنسبة 15%).
وفي ذيل قائمة المنتحرين، جاء العاملون في الحراسة (كالخفراء وحرّاس العقارات)، بـ17 حالةً بنسبة تقارب 1%، ثم الفلاحون (41 حالةً)، بنسبة 2.2%.
العزّاب أكثر إقداماً على الانتحار
قال مارك توين يوماً: "الزواج والموت كلاهما مرحّب به، فالأول يعدك بالسعادة، لكن من المؤكد أن الثاني يضمنها لك". يبدو أن الكثير من المصريين كانوا يفكرون كما توين، واعتبروا الموت مخلِّصاً أو محطة عبور نحو "السعادة".
الذكور والعزّاب والطلاب هم الأكثر انتحاراً… سبعة أسباب رئيسية للانتحار في مصر، وغالبية الحوادث تقع في العقدين الثاني والثالث من العمر. المزيد في تحليلنا المدفوع بالبيانات لحوادث الانتحار المنشورة في مصر على مدار 13 عاماً
تكشف قاعدة البيانات أنّ أعلى حالات الانتحار أقدم عليها عزّاب، من الإناث والذكور على السواء، وذلك بـ353 حالة انتحار بين النساء العزبات، و605 حالات انتحار بين الذكور العزّاب، بمجموع 958 حالة انتحار للعزّاب من الجنسين، أي ما يمثّل 63% من حالات الانتحار، وذلك بعد استثناء حالات الانتحار غير المحددة الحالة الاجتماعية (1،126 حالةً).
يُشار إلى أنه يتم التغاضي عن ذكر الحالة الاجتماعية للمنتحر/ ة في كثير من الأحيان، خاصةً إذا لم يكن لها ارتباط مباشر بواقعة الانتحار، فضلاً عن العديد من حالات الدهس والغرق التي لا تتوافر فيها عادةً معلومات كافية عن المنتحر/ ة ولا سيّما في حالة عدم وجود بطاقة هوية معه/ ا.
تعدّدت أسباب الانتحار بالنسبة للعزّاب والعزبات، فكان أكثرها تكراراً بالنسبة للإناث الخلافات الأسرية. أما بالنسبة للذكور، فكانت العوامل والضغوط النفسية الدافع الأكبر وراء انتحارهم.
ويمثّل المتزوجون الفئة الثانية من بين الحالات الاجتماعية التي أقبلت على الانتحار وفق البيانات المتوافرة، وإن كانت أقلّ بمقدار النصف تقريباً من حالات انتحار العزّاب، حيث بلغ عدد حالات انتحار المتزوجين/ ات 498 حالةً. مع ذلك، تكشف البيانات أن سبب انتحار النساء المتزوجات والرجال المتزوجين عادةً هي الخلافات الزوجية.
الغموض سيد الموقف
إلى ذلك، يبقى الغموض عنصراً لافتاً في حوادث الانتحار غرقاً أو دهساً. فعادةً، لا يترك المنتحر/ ة بهاتين الطريقتين أيّ وثائق تدلّ على هويته/ ا، ونادراً ما توجد معه/ ا أغراض شخصية تدلّ عليه/ ا. ففي إحدى الحالات المنشورة مثلاً، استأذن أحد الأشخاص من شخص آخر يمر بجواره أن يحمل عنه حقيبته لبرهة حتّى يرتب ملابسه، وما إن أمسكها منه حتّى ألقى بنفسه في النيل.
ويحدث في أحيان كثيرة ألّا يتم التعرّف على شخصية المنتحر/ ة لفترات طويلة. أما في وقائع الانتحار التي تقع داخل السجون وأماكن الاحتجاز أو داخل معسكرات التجنيد أو لرجال الأمن في الخدمة، فلا يتم الإفصاح عن أسباب الانتحار فيها دائماً، ولا تُكشف الكثير من البيانات الشخصية للضحايا.
*فاز هذا التقرير بالجائزة الثانية لدورة صحافة البيانات التي أقيمت بالتعاون بين مؤسسة هيكل للصحافة العربية ونقابة الصحافيين المصريين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
mohamed hatem hussein -
منذ 8 ساعاتجميل، فكرنى بعرض مسرحي للمخرج الفرنسي / المغربى محمد الخطيب اسمه la vie secrète des vieux
Nezar Kheder -
منذ 12 ساعةالفقر ، الجوع لا فضيلة لهم ، انهم الطريق الى العدم و الانحلال من كل شيء حتى الحلم
Nezar Kheder -
منذ 12 ساعةالفقر ، في هذا المسار
Africano Maro -
منذ يومالله يكون فى العون
Mohammed Alamir -
منذ يومينالوقت في الحرب م طبيعي اليوم يساوي سنة بنكبر بقدر الأحداث البنعيشها قصف و انسحاب و مجاعة و حصار...
Mohammed Alamir -
منذ يومينالوقت في الحرب م طبيعي اليوم يساوي سنة