في بحثها المعنون: "لماذا لا يستطيع الناشطون/ ات الكويريون/ ات رفع علمهم/ نّ في لبنان؟"، المنشور عبر مبادرة الإصلاح العربي، تتناول الباحثة اللبنانية كريستين عازار، القمع المتزايد الذي يواجهه الناشطون والمدافعون عن حقوق أفراد مجتمع الميم-عين في لبنان. فبرغم أنّ البلاد شهدت تقدّماً في هذا المجال في السابق، مثل الأحكام القضائية التي قوّضت المادة 534 من قانون العقوبات والتي تجرّم "المجامعة على خلاف الطبيعة"، إلا أنّ السنوات الأخيرة اتّسمت بردود فعل عنيفة وتراجع كبير.
في عام 2023، أثار اقتراح قانون لإلغاء المادة 534، ردود فعل عدائيةً من قبل السياسيين المحافظين والقادة الدينيين في البلاد، تبعه طرح تشريع مضاد سعى لا إلى تجريم العلاقات الجنسية المثلية فحسب، ولكن أيضاً إلى تجريم الدفاع عن حقوق مجتمع الميم-عين، والترويج له. وفي الوقت نفسه، أصدرت السلطات الحكومية، خاصّةً وزارة الداخلية اللبنانية، حظراً على تجمّعات المجتمع الكويري، معلّلةً ذلك بـ"الآداب العامة" والأعراف الدينية، على الرغم من الاعتراض القضائي.
تجادل عازار، بأن هذه التطوّرات أجبرت مجتمع الميم-عين في لبنان على الصمت والاختفاء من المجال العام. فالدولة، من خلال استخدامها للأدوات القانونية والاجتماعية لقمع التعبير الكويري، خلقت بيئةً عدائيّةً تجعل الظهور العلني خطراً على حياة هؤلاء الأفراد.
في بلد ترفع فيه جميع الأحزاب السياسيّة أعلامها بفخر فوق مناطقها، لماذا لا يحقّ لأفراد مجتمع الميم-عين أن يفعلوا الشيء ذاته؟… تسأل كريستين عازار، في ورقة بحثية جديدة عبر مبادرة الإصلاح العربي
في غضون ذلك، يُشدّد بحث عازار، على صمود الناشطين الكويريّين، وإن أكّدت في الوقت ذاته على الحاجة الملحّة إلى إجراء إصلاحات هيكليّة ومجتمعيّة تتيح لهم التعبير ورفع أصواتهم، وعلمهم، بأمان.
وفي ختام ورقتها البحثيّة، تخلص عازار، إلى أنه على الرغم من أن لبنان، ولا سيّما بيروت، يُنظر إليه كملاذ آمن نسبيّاً لمجتمع الميم-عين في العالم العربي، إلا أنّ رُهاب المثلية لا يزال متجذّراً بعمق في المجتمع، ويطال مختلف الطوائف والمكوّنات. ومع ذلك، بدأت تظهر بعض المؤشّرات التي تكشف عن هشاشة استغلال هذا الرهاب كأداة لتحقيق مكاسب سياسيّة وفئويّة.
وبينما كان أفراد هذا المجال والناشطون فيه دائماً عرضةً للاستهداف، كانت الهجمات في السابق غالباً موجّهةً نحو أماكن ومساحات كويرية معيّنة ظلّت مفتوحةً للعامة حتّى عام 2019، ما جعلها ملاذاً لأفراد من فئات مُستضعفة أخرى أيضاً. ويمكن تتبّع هذه الممارسات من خلال المداهمات التي نفذتها قوى الأمن الداخلي قبل اندلاع الثورة الشعبية في العام نفسه، وكذلك التهديدات والمداهمات التي طالت المساحات الخاصّة والمفتوحة بعد الثورة.
بالإضافة إلى ذلك، تلاحظ الباحثة التقلّبات الواضحة في مستويات التسامح من قبل الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، وذلك بحسب المنافع السياسيّة المتوقّعة. ويتضح ذلك في ممارسات مجموعات مثل "جنود الرب"، وحزب "الكتائب"، و"حزب الله"، وحركة "أمل"، وغيرها. وعلى الرغم من أن الناشطين الكويريّين حققوا إنجازات مهمةً وتقدماً ملحوظاً في لبنان، إلا أنّ هذه التقدّمات لا يزال يُعرقلها رُهاب المثلية المتجذّر، والذي يُستغَلّ كأداة لخدمة مصالح الجماعات الطائفيّة.
كما تشدّد على أنّ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، والتعديلات الحكومية يتركان مسألة "القضيّة الكويريّة" وكيفية استغلالها مفتوحتين على احتمالات متعدّدة يصعب التنبؤ بها. وتختم عازار بسؤال أساسي: في بلد ترفع فيه جميع الأحزاب السياسيّة أعلامها بفخر فوق مناطقها، لماذا لا يحقّ لأفراد مجتمع الميم-عين أن يفعلوا الشيء ذاته؟
*أعدّت كريستين عازار، هذه الورقة البحثية، ويمكن الاطّلاع على النص الكامل عبر مبادرة الإصلاح العربي (ARI).
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
ذوالفقار عباس -
منذ 7 ساعاتا
Hossam Sami -
منذ 7 ساعاتصعود "أحزاب اليمين" نتيجة طبيعية جداً لرفض البعض; وعددهم ليس بالقليل أبداً. لفكرة الإندماج بل...
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع و عظيم ..
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 6 أيامزاوية الموضوع لطيفة وتستحق التفكير إلا أنك حجبت عن المرأة أدوارا مهمة تلعبها في العائلة والمجتمع...
Bosaina Sharba -
منذ أسبوعحلو الAudio
شكرا لالكن
رومان حداد -
منذ أسبوعالتحليل عميق، رغم بساطته، شفاف كروح وممتلء كعقل، سأشاهد الفيلم ولكن ما أخشاه أن يكون التحليل أعمق...