شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
ماذا نعرف عن

ماذا نعرف عن "إيدج" و"سامي"؟ وأين أصبحت الإمارات والسعودية في الصناعات العسكرية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتنوّع

الجمعة 11 أبريل 202503:24 م

في سابقة فريدة من نوعها، ستزوّد مجموعة الصناعات الدفاعية الإماراتية "إيدج"، جيش دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ببنادق قنص من إنتاجها، وذلك بعد أن وقّعت المجموعة مطلع 2025، خطاب نوايا مع المجر، لتزوديها ببنادق "كاراكال، حسب مركز "ستيمسون"، وهو مركز فكري أمني معني بقضايا السلام العالمي.

بدأت دولة الإمارات بتصدير خدماتها ومنتجاتها الدفاعية، بعد أن تحوّلت من مستورد للأسلحة سابقاً، إلى البحث والتطوير وإنشاء قاعدة صناعية وتكنولوجية خاصة، مع بناء قدراتها لصيانة المعدّات وإصلاحها وتحديثها.

بحسب الباحث والكاتب في الشؤون العسكرية، رياض قهوجي، "تُحفَّز الصناعات الدفاعيّة عبر طرائق عدة، أهمها وأوّلها نقل التكنولوجيا، وهو ما أقدمت عليه الإمارات خلال العقدين الأخيرين، من خلال وضع قوانين اشترطت فيها على الشركات الدولية التي ستوقّع عقوداً دفاعيةً مع أبو ظبي، إنشاء مصانع ونقل التكنولوجيا إلى الإمارات".

ويضيف قهوجي، لرصيف22: "ثاني المحفّزات، وضع خطة طويلة خاصة ببرامج التدريب، وتأهيل طواقم محلية، واستحضار أصحاب الطاقات الفكرية والعلمية المتقدمة، وتحفيزهم على الانتقال إلى البلاد والعمل فيها، نظراً إلى كون الأيدي العاملة صاحبة الخبرة والقدرة على الاختراع والتصنيع في المجالات العلمية والتكنولوجيا المتقدمة، أمراً أساسياً. وثالثتها، الموارد المالية، حيث تقوم الإمارات سنوياً بتوقيع عقود دفاعية بمليارات الدولارات مع الشركات المحلية، لتمكينها من تأمين موارد دائمة لعمليات البحث والتطوير، وهو العنصر الأساس والأهم لأي دولة لديها صناعات دفاعية".

"هذه المحفزات أدّت إلى نشوء بيئة صناعية واستثمارية، وتطوير صناعات دفاعية محلية في الإمارات"، يقول قهوجي.

هناك العديد من "المحفّزات التي أدّت إلى نشوء بيئة صناعية واستثمارية وتطوير صناعات دفاعية محلية في الإمارات"، وفق الباحث والكاتب في الشؤون العسكرية، رياض قهوجي، حيث تحوّل البلد الخليجي من مستورد للأسلحة سابقاً، إلى البحث والتطوير وإنشاء قاعدة صناعية وتكنولوجية خاصة، مع بناء قدراته لصيانة المعدّات وإصلاحها وتحديثها

"إيدج" قائدة الصناعات الدفاعية الإماراتية

في الآونة الأخيرة، أنهت "إيدج"، التي تأسّست عام 2019، عبر اندماج 16 شركةً، وتضم حالياً 25 شركةً، وعقود تصدير بقيمة 2.3 مليارات دولار عام 2024، على أمل مضاعفة المبلغ عام 2025. وتحتلّ الإمارات المركز الـ18 على قائمة الدول المصدّرة للأسلحة، وتذهب 28% من صادراتها الدفاعية إلى مصر، و27% إلى الأردن، و15% إلى الجزائر. وتتولى شركة "نمر"، التابعة لـ"إيدج"، تزويد القوات المسلحة في عدد من الدول العربية، بمركبات عسكرية من طراز "جيس" و"خفيت" و"عجبان"، حسب "ستيمسون".

يضيف المركز أنه "خلال معرض أيدكس 2019، كشفت 'كاليدوس'، وهي إحدى الشركات التابعة للمجموعة الإماراتية، عن 'طائرة B-250' الهجومية الخفيفة. كما عرضت الشركة، خلال نسخة 2025، مركبة 'وحش 8×8' المتعددة الأدوار والتي تم تسليحها بنظام 'كوركوت' المضاد للطائرات بوساطة شركة 'أسلسان' (Aselsan) التركية، بالإضافة إلى عرضها 'مدفع لهب' ذاتي الدفع عيار 155 ملم والمصمم وفقاً لمعايير الناتو، بما يجعله منافساً لمدفع قيصر الفرنسي، و'RCH 155' الألماني، وآرتشر السويدي".

وفضلاً عن مركبة قتال روبوتية، قدّمت "إيدج" عرضها الأبرز، مركبة "سنيار" الجويّة من دون طيّار، التي تم تطويرها كمنصة متعددة الأدوار (الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع)، والمهام القتالية. ويأتي ذلك بعد استحواذ المجموعة أخيراً على 50% من شركة الطيران البولندية "فلارس"، ما من شأنه أن يعزز قدرتها في تصميم وإنتاج الطائرات.

فالنهج القائم على تشكيل مشاريع مشتركة مع الشركاء الأجانب، يسمح لـ"إيدج" بالحصول على التقنيات الأجنبية، وتطويرها وتنفيذها، وتسويقها تالياً كمنتجات خاصة، مثل الدورية البحرية "فلج 3"، التي أطلقتها حديثاً شركة أبو ظبي لبناء السفن، المملوكة لإيدج، نتيجة شراكتها مع "ST Engineering". فيما اتفقت المجموعة أواخر عام 2024، مع شركة الدفاع الإسبانية "إندرا سيستماس" على إنشاء مشروع مشترك لتطوير تقنيات الرادار في الإمارات.

كذلك، جرى تصميم وتصنيع "قرموشة"، وهي مروحية من دون طيّار، وسفينة "ربدان" للدوريات البحرية، بالكامل في الإمارات، بالإضافة إلى إنتاجها مروحيّة "HT-100" من دون طيار، وطائرة "جنية" القتالية من دون طيار للمراقبة المنخفضة، وصاروخ "منصور-إي آر" المتعدد الاستخدامات والمضاد للسفن، ونظام "سكاي نايت" لصواريخ الدفاع الجويّ، والمركبات البرية غير المأهولة "ثيميس"، ومركبة المشاة القتالية النموذجية "ربدان".

من جانبه، يشير موقع صدى، التابع لمركز مالكوم كير-كارنيغي، إلى اليمن الذي قادت السعودية والإمارات تحالفاً لقتال الحوثيين فيه، كساحة اختبار لمركبات "نمر 2 عجبان 440 أ" رباعية الدفع، والمركبة القتالية "إنيغما 8×8" الخاصة بسلاح المشاة، وناقلة الجنود المدرّعة "أن 35"، بالإضافة إلى مشاركة طرادات "بينونة"، التي يُشاع أنّ السعودية تنظر في إبرام صفقة كبرى لشرائها. كما أرسلت الإمارات مسيّرة "السبر"، التي أنتجتها بالاشتراك مع شركة نمساوية، لدعم حلف "الناتو" في أفغانستان، فضلاً عن تشغيل سلطنة عمان والكويت سفن إنزال إماراتية الصنع.

"إيدج" هي الشركة الكبرى التي تقود الصناعات العسكرية في الإمارات، وإنجازاتها واضحة، حسب قهوجي، الذي يقول إنّ الشركة قامت بإنشاء وتصنيع وبيع منظومات دفاعية للقوات المسلحة الإماراتية أو لسواها، بالإضافة إلى دخولها في قطاعات جديدة مثل المسيّرات الهجومية، المنظومات الموجهة عن بعد بالذكاء الاصطناعي.

التوسّع عالمياً

"أطلقت إيدج أكثر من 46 نظاماً جديداً. وتنتشر عملياتها في 91 دولةً حول العالم. وتبلغ مبيعاتها السنوية أكثر من 5 مليارات دولار، وتُصنّف ضمن أكبر 25 شركةً عسكريةً عالمياً"، كتب نائب رئيس الإمارات حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد، على حسابه عبر منصّة إكس، بعد زيارته معرض "أيدكس" في العاصمة أبو ظبي.

وفقاً للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، أنشأت المجموعة أول مكتب دولي لها في العاصمة البرازيلية برازيليا، في نيسان/ أبريل 2023، بجانب توقيع اتفاقات مع البحرية البرازيلية للاستثمار المشترك في تطوير الصواريخ المضادة للسفن بعيدة المدى، ومع مشاة البحرية للعمل على المركبات ذاتية القيادة، ومع القوات الجوية للتعاون في الأنظمة غير المأهولة والأسلحة الذكية، بالإضافة إلى إبرامها شراكات مع شركات برازيلية في مجالات محرّكات التوربينات والتقنيات غير الفتاكة والأمن السيبراني.

كما وقّعت وحدة "الطارق" التابعة لها، صفقةً مع شركة "بهارات دايناميكس" لإنتاج ذخائر موجهة بدقّة في الهند. واتفقت على المشاركة مع "هندوستان أيروناوتكس ليميتيد"، في تصميم وتطوير أنظمة الصواريخ والمركبات الجوية غير المأهولة. كما دخلت في شراكة مع جمعية "SAHA"، التي تمثّل أكثر من ألف شركة دفاعية تركية. واستحوذت عام 2023، على 52% من "أنافيا" السويسرية، التي تعمل على أنظمة الإقلاع والهبوط العمودي. مع ذلك، واجهت المجموعة بعض الانتكاسات، ومنها إلغاء وزارة الدفاع الهندية، في أيلول/ سبتمبر 2020، عقداً مع شركة "كاراكال" التابعة للمجموعة، لإنتاج 93،000 بندقية لإنتاجها محليّاً في الهند.

ويقول قهوجي: "لا يوجد ما يسمى معوّقات في هذا المجال، برغم تأثرها بالأوضاع الاقتصادية العالمية، التي تؤثّر على اقتصادات الدول المصنّعة، عبر تخفيف قدرتها على الاستثمار في الصناعات الدفاعية"، منبّهاً إلى أنّ اعتماد الصناعات الدفاعية على شراكات دولية (من أمريكا ودول أوروبية وآسيوية)، يعزّز العلاقات السياسية الاقتصادية مع هذه الدول، وقد يرفعها إلى مستوى إستراتيجي مرموق.

"لدى السعودية برنامج للصناعات العسكرية طموح جداً ومتشعّب، وهو مشروع وطني كبير"، حسب اللواء السابق في القوات الجوية السعودية، عبد الله غانم القحطاني، لرصيف22، مردفاً: "تمثّل شركة 'سامي' للصناعات العسكرية إحدى ركائز هذا المشروع الكبير. ويهدف إلى توطين التقنية العسكرية في المملكة"

السعودية والتكامل الخليجي

وفي أول تعاون دفاعي بينهما، وقّعت شركتا الصناعات الدفاعية السعودية والإماراتية في شباط/ فبراير 2021، صفقةً لإنتاج مركبة "جيس" ذات الدفع الرباعي، التي طوّرتها شركة "نمر" الإماراتية في السعودية. وهي مركبة مقاومة للألغام ومحمية من الكمائن تروّج لما يُسمّى نظام حماية قلعة الطاقم للحماية من الألغام والأجهزة المتفجرة المرتجلة والتهديدات الباليستية.

"دول الخليج العربي لديها إمكانات هائلة وأرض خصبة لبناء قدرات صناعية عسكرية مستدامة، وعلاقات وثيقة مع دول صديقة وحليفة تمتلك تقنيات وإمكانات عسكريةً كبيرةً تمكّنها من العمل معاً على أساس المصالح المتبادلة والأهداف المشتركة"، قال محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكريّة السعودية أحمد العوهلي، خلال توقيع مذكرة تفاهم في مجال الصناعات العسكرية مع نظيره الإماراتي.

وهناك العديد من العوامل التي دفعت الدول الخليجية دفعاً نحو الاهتمام بهذا المجال، لعل في مقدّمتها الموارد المالية الضخمة لدول الخليج، والتهديدات المحتملة، مع مساعيها لتخفيف الأعباء الاقتصادية والمالية، نظراً إلى الأسعار العالية جداً والشروط القاسية على استيراد الأسلحة الأجنبية. كما أنّ تطوير قدراتها الذاتية يمنحها مزيداً من المرونة في عالم متقلّب لا يمكن التنبؤ به، خاصةً في ظلّ مساعيها إلى تعزيز استقلالها السياسي.

"لدى السعودية برنامج للصناعات العسكرية طموح جداً ومتشعّب، وهو مشروع وطني كبير"، حسب اللواء السابق في القوات الجوية السعودية، عبد الله غانم القحطاني. و"تمثّل شركة 'سامي' للصناعات العسكرية، إحدى ركائز هذا المشروع الكبير. ويهدف إلى توطين التقنية العسكرية في المملكة، وهذا بطبيعة الحال سيشمل القطاع المدني، صناعياً، وتوظيفاً واستخداماً، وصناعةً وبحوثاً ودراسات وتطبيقاً".

يضيف اللواء القحطاني، لرصيف22: "تمتلك 'سامي' المقومات الأساسية لذلك؛ لديها قاعدة صناعية لا بأس بها، ليست الطموح الأقصى، لكن لا بأس بها في المرحلة الماضية، بالإضافة إلى شراكات كبيرة جداً مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع الدول الكبرى في الشرق والغرب. وبجانبهما، تتضمّن رؤية السعودية 2030، عنواناً كبيراً هو ضرورة توطين التقنية وتغيير الواقع السابق، بحيث يكون المحتوى الوطني في 2030، يمثّل 50% على الأقل من حجم المشاريع مع الدول المصدّرة والمصنِّعة للسلاح. سابقاً لم تكن تتجاوز النسبة 3%".

"سامي"... طموحات مبرّرة

على أمل أن تُصبح ضمن أفضل 25 شركةً عالميةً في الصناعات العسكرية، أسّست الرياض شركة "سامي" عام 2017. فيما تسعى إلى توجيه قرابة 50% من الإنفاق الدفاعي الحكومي إلى المنشآت المحليّة بحلول عام 2030. ووفقاً لتقرير آخر لمركز "ستيمسون"، بلغت "سعودة" الصناعات الدفاعيّة، 15% حالياً.

ويشكّل "السروات"، أهم المشاريع السعودية، حسب موقع الأمن والدفاع الأوروبي (ESD)، ويتعلّق بإنتاج خمس فرقاطات جديدة من طراز "أفانتي 2200" بطول 104 أمتار بالتعاون مع "نافانتيا"، مع إشارة إلى أنّ التفاصيل المحددة المتعلِّقة بالمشاركة السعودية للصناعات غير واضحة. إلى ذلك، نظام "حازم" القتالي البحري لإدارة العمليات البحرية، هو نظام سعودي 100%، تم تطويره عبر نقل التكنولوجيا من "نافانتيا".

كما يشكّل مركن الأسلحة "رؤية"، والذي يتم التحكّم به عن بعد للعربات الخفيفة والمصمّمة لتكون مجهّزةً برشاش متوسّط عيار 7.62 ملم، أو رشاش ثقيل عيار 12.7 ملم، أو قاذف رمانات عيار 40 ملم. وتمتلك الشركة أيضاً نظام إدارة القتال "ملهم" المصمّم للوحدات على مستوى اللواء وما دونه. لكن يبقى الغموض يكتنف القسم البرّي لمنتجات "سامي"، برغم شمول عروضها على أنظمة قتالية مدولبة ومجنزرة، وشاحنات لوجستية تكتيكية، وعربات غير مأهولة، وأنظمة مدفعية مدولبة ومجنزرة.

من جانبها، فتحت الشراكة الإستراتيجيّة مع أنقرة، عام 2022، باباً لمشاركة "سامي" في إنتاج وتجميع الطائرات من دون طيار من طراز "Akinci MALE class UAVs" من بيرقدار، في مسعى سعودي لتنفيذ أكثر من 70% من الإنتاج محلّياً. كما باع الأتراك للسعوديين تقنيّات أخرى، ومنها الطائرة من دون طيار السعودية "هبوب"، التي تم إنتاجها بدايةً من قبل شركة "لينتاتك" التركية عام 2014، فيما تم إنتاجها في المملكة عام 2020، حسب "ستيمسون".

كذلك طوّرت الرياض نسخةً مسلّحةً من طائرة من دون طيار بطول جناحين 10.5 أمتار، وقدرة على حمل قرابة 30 كيلوغراماً من الأسلحة، أو صواريخ "سيريت" عيار 70 ملم، أو صواريخ "بوزوك" الموجهة بالليزر، أو بحمولة إلكترونية ضوئية تزن 50 كيلوغراماً. وقد تم استخدامها في هجمات سابقة على مواقع لميليشيا الحوثي في اليمن. وفي عام 2023، وقّعت الرياض وأنقرة اتفاقيةً لتصنيع طائرة من دون طيار من تصميم السعودية في تركيا، في سابقة لاستخدام التكنولوجيا السعودية المطوّرة خارج حدود البلاد.

وفق اللواء القحطاني، "الآمال كبيرة والطموحات لها ما يبرّرها، حيث تتوافر الرساميل والمشاريع، والاحتياج قائم وملحّ جداً، وتحفّزها رؤية 2030، التي تركّز على الصناعة والتحديث وتوطين رؤوس الأموال الأجنبية، وعلى قيام صناعات تكاملية وصولاً إلى التصدير. في المقابل، إن وجدت عقبات أو معوقات فهي مرتبطة بأحداث متحرّكة؛ إما بالاقتصاد العالمي، أو بتقديم مشروع على آخر".

كما يردف أنّ "المشروع في طريقه، ولن يتوقف، لأنه يرتبط أصلاً بعقود قديمة وجديدة مع الدول الكبرى، ومع بقية الدول المصنِّعة للأسلحة والمنتجة للتقنيّة بشقّيها المدني والعسكري"، منبّهاً في الوقت ذاته إلى أمر جدير بالملاحظة، بإشارته إلى أن "الصناعات العسكرية السعودية، برغم أنها احتياج سعودي، لكنها مطمع دولي أيضاً، لأننا نتحدّث عن استثمارات هائلة جداً، وعن شركات موجودة على أرض المملكة، وعن شراكات مختلفة مع القطاعين السعوديَين العام والخاص".

الرياض "أُسّ إقليمي قوي"

وبحسب القحطاني أيضاً، "تتنافس كبريات الدول في مجال صناعة الأسلحة على خطب ودّ الشراكة مع الرياض، فيما تريد الأخيرة في النهاية تصدير مثل هذه المواد والصناعات العسكرية والأجهزة والمعدّات إلى الدول الأخرى بالتعاون وبالاتفاق مع المالك والمورّد والشريك الأساسي. كما تأمل المملكة في أن تكون 'أُسّاً إقليمياً قوياً'، مساعداً في الأمن والاستقرار، وشريكاً دوليّاً معتمداً وموثوقاً من الدول المنتجة والمصنّعة كافة، بجانب اكتفائها الذاتي وتطوير اقتصادها، بعد عقود من إنفاقها قسماً كبيراً جداً من دخلها القومي على النواحي الدفاعية".

تتوسّع الإمارات والسعودية في مجال الصناعات الدفاعية، حيث تحوّلتا من الاستيراد إلى التصنيع وتصدير بعض المنتجات العسكرية، فما هي المحفّزات التي دفعتهما إلى التركيز على هذا المجال؟ وما هي الامتيازات التي تعزّز نجاحهما في منافسة الكيانات العالمية فيه؟

بمشاركتها في قرابة 12 مشروعاً كبيراً مشتركاً مع شركات أجنبية، ستتمكّن "سامي" من الوصول إلى المعرفة التكنولوجية القيّمة، وفقاً لموقع الأمن والدفاع الأوروبي (ESD)، فالشراكة مع "سافران" ستوسّع قدراتها ومهاراتها في مجال الصيانة والإصلاح والترميم، ولا سيّما محرّكات طوافات "ماكيلا 1و2" و"سوبر بوما" المستخدمة في المملكة. وبالتعاون مع "لوكهيد مارتن"، ستمتلك القدرة على تصنيع قواذف "ثاد"، بالإضافة إلى إنشاء مركز تصليح حاضن التهديف المتقدّم "سنيبر". وستساعدها "بوينغ" في إنشاء المرافق والخبرة اللازمة لصيانة وإصلاح وتجديد الطوافات، فيما ستوفّر الصفقة مع "إيرباص هليكوبترز" المهارات الأساسيّة لصيانة هياكل الطوافات وتعزيز قدراتها في إصلاح معدّات الهبوط والمحركات وملحقات المحرّك وشفرات الدوار.

في خريف عام 2023، أطلقت الرياض برنامجاً لتطوير أنظمة الاتصالات المحلية، بالإضافة إلى أنظمة مستقلّة للمراقبة والاستطلاع والقتال، ومن المتوقّع أيضاً نقل التكنولوجيا، بما في ذلك المسيّرات المسلّحة، من الصين. بجانب محادثات في مرحلة متقدّمة مع كوريا الجنوبية لشراء أنظمة دفاع جوي وصاروخي، والتي يفترض أن تشمل الاتفاقيّة بشأنها نقل التكنولوجيا، باعتباره أولويةً لدى المملكة.

"قرّرت المملكة توطين التقنية العسكرية، وهو ما يتطلّب وجود شركات ودخول رساميل عالية جداً، وتشغيل يد سعودية عاملة، وتدريبات فنية متقدمة، والالتزام بما بعد الإنتاج، عبر إنشاء خطوط إنتاج أخرى، بجانب البحث والتطوير. هذه الأشياء كلها ستحقّقها السعودية، بغض النظر حتى عن أسعار البترول وغيرها، لكون الرياض باتت تعتمد على أشياء أخرى، بما فيها هذا الرافد، والاستثمار فيه سيحقّق فوائد مشتركةً للمملكة وشركائها معاً"، يختم اللواء القحطاني.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image