شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
بين الشعبوية والتداعيات الاقتصادية… الإعفاء الضريبي في لبنان حلّ أم نقمة؟

بين الشعبوية والتداعيات الاقتصادية… الإعفاء الضريبي في لبنان حلّ أم نقمة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد نحن والحقوق الأساسية

الثلاثاء 8 أبريل 202501:53 م

شهد لبنان، في السنوات الأخيرة، سلسلةً من الأزمات المتتالية التي أدت إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والانهيار المالي، كان آخرها العدوان الإسرائيلي الذي توسّع نهاية العام 2024، ليضيف أبعاداً جديدةً من المعاناة، حيث ألحق أضراراً فادحةً بالأرواح والممتلكات، خاصةً في المناطق التي تعرّضت للهجمات بشكل مباشر.

وقد أدّت الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمنازل والبنى التحتية والبيئة إلى تداعيات اقتصادية خطيرة. وقدّر تقرير التقييم السريع للأضرار والاحتياجات في لبنان لعام 2025 (RDNA)، الصادر عن البنك الدولي، احتياجات إعادة الإعمار والتعافي في أعقاب الصراع الذي شهده لبنان، بنحو 11 مليار دولار أمريكي.

وخلص التقرير إلى أنّ التكلفة الاقتصادية للحرب في لبنان، تقدّر بنحو 14 مليار دولار، حيث بلغت الأضرار التي لحقت بالمقوّمات المادية نحو 6.8 مليارات دولار، فيما بلغت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن انخفاض الإنتاجية، والإيرادات الضائعة، وتكاليف التشغيل، نحو 7.2 مليار دولار.

ويشير التقرير، إلى أنّ قطاع الإسكان هو الأكثر تضرراً، حيث تُقدّر الأضرار فيه بنحو 4.6 مليارات دولار أمريكي. كما تأثرت قطاعات التجارة والصناعة والسياحة بشكل كبير، حيث تُقدّر الخسائر فيها بنحو 3.4 مليارات دولار في جميع أنحاء البلاد. ومن حيث النطاق الجغرافي، يخلص التقرير إلى أنّ محافظتَي النبطية والجنوب هما الأكثر تضرراً، تليهما محافظة جبل لبنان (التي تضمّ ضاحية بيروت الجنوبية).

ومن ناحية الاقتصاد الكلّي، يخلص التقرير إلى أنّ الصراع أدى إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للبنان بنسبة 7.1% في عام 2024. وهي انتكاسة كبيرة مقارنةً بنسبة النمو المقدّر بنحو 0.9% في حال عدم حصول الصراع. ومع نهاية عام 2024، لامس الانخفاض التراكمي في إجمالي الناتج المحلي للبنان منذ عام 2019، الـ40%.

المحافظات الأكثر تضرّراً من العدوان الإسرائيلي على لبنان

تأثير العدوان الإسرائيلي على لبنان

وفي ظلّ هذه الخسائر الاقتصادية الكبيرة، اقترح النائب الياس جرادة، مشروع قانون للإعفاء الضريبي. كما وقّع وزير المالية السابق يوسف الخليل، كتاباً يتضمّن مشروع قانون موجّه إلى رئيس مجلس الوزراء السابق نجيب ميقاتي، يرمي إلى منح المتضرّرين من الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان بعض الإعفاءات من الضرائب والرسوم، كحلٍّ لتخفيف الأعباء المالية عن المكلفين، ولا سيّما أولئك الذين تضرروا بشكل مباشر من الاعتداءات الإسرائيلية. ويستهدف هذا القانون أصحاب الشقق السكنية والمؤسّسات في المناطق المتضرّرة مثل الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب، مع تمديد مهلة العفو عن الضرائب والرسوم لعامَي 2023 و2024.

يأتي قرار الإعفاء الضريبي، كحلّ جديد مجتزأ أمام أزمة وكارثة بهذا الحجم، فعلى الرغم من أن هذا المقترح قد يبدو في ظاهره إجراءً شعبياً يسعى إلى تقديم مساعدة فورية، إلا أنّ تداعياته تتجاوز مفهومَي "الشعبوية" و"الاستجابة السريعة"، وقد تكون له آثار أبعد من مجرد معالجة الأوضاع الطارئة

وفي السادس من آذار/ مارس المنقضي، أقرّ مجلس الوزراء موازنة العام 2025 بمرسوم، وسط نقاش مطوّل بين الوزراء حول المعايير التي سيتم اعتمادها لتصنيف المتضرّرين من الحرب الإسرائيلية، الذين يُفترض أن تشملهم الإعفاءات الضريبية.

وقد شهدت الجلسة نقاشاً حول الضرائب المرتفعة الواردة في الموازنة، حيث تم التوجّه إلى إصدارها بمرسوم، على أن يتم لاحقاً تعديل بعض الضرائب بموجب مشروع قانون يُرفع إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره.

وفي ظلّ هذه التراكمات السلبية التي شهدها لبنان نتيجة التخبّط في إدارة خطط الطوارئ، والعجز الواضح للدولة في التعامل مع الأزمات الكبرى، كما تجلّى في انفجار مرفأ بيروت وجائحة كورونا وصولاً إلى العدوان الإسرائيلي، يبقى السؤال الأبرز: ما هي تداعيات هذا الإعفاء الضريبي؟ ومن سيشمل؟ وهل يمكن أن تكون هناك تبعات خفيّة ستُحمّل المواطنين عبئاً إضافياً في القريب العاجل؟

حلول تشريعية مجتزأة

تتطلّب معالجة تداعيات الحروب والكوارث إستراتيجيةً وطنيةً ورؤيةً شاملةً تتجاوز الإجراءات المؤقّتة، وتُرسّخ نهجاً مستداماً يُعزّز قدرة المجتمعات على الصمود والتعافي. يأتي قرار الإعفاء الضريبي، كحلّ جديد مجتزأ أمام أزمة وكارثة بهذا الحجم، فعلى الرغم من أن هذا المقترح قد يبدو في ظاهره إجراءً شعبياً يسعى إلى تقديم مساعدة فورية، إلا أن تداعياته تتجاوز مفهومَي "الشعبوية" و"الاستجابة السريعة"، وقد تكون له آثار أبعد من مجرد معالجة الأوضاع الطارئة.

يشير الخبير في التنمية الاقتصادية، هشام أبو جودة، إلى وجود آراء متباينة حول مدى نجاح الإعفاءات الضريبية التي تمّ تطبيقها عام 2006، كالإعفاءات الجمركية على مواد البناء لأجل إعادة الإعمار، كما الإعفاءات على القيمة المضافة وضرائب الأملاك المبنية، مصرّحاً بوجود استفادات غير مشروعة حدثت آنذاك، ولافتاً إلى ضرورة وجود أطر لضبط الموضوع بشكل دقيق تشمل آليات رقابية وتنفيذية.

ويشدّد أبو جودة، على ضرورة وضع قانون يتناسب مع الوضع الاقتصادي الراهن في البلاد، ويعكس العدالة للجميع مع التركيز بشكل خاص على المتضرّرين/ ات الذين فقدوا/ ن منازلهم/ نّ، وضرورة أن يتّسم هذا القانون بالشفافية، مع تحديد آليات تطبيقه، ومراقبة الشركات، وتتبّع المواد المستخدمة في إعادة الإعمار، وكيفية استهلاكها.

ويلفت إلى أنه "يجب أن يكون القانون دقيقاً ومفصّلاً، مع وضع آليات تنفيذية واضحة تضمن عدم استفادة الأشخاص غير المستحقين، وتمنع الشركات من تحقيق أرباح غير مشروعة"، ويأتي ذلك بشكل خاص في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي قلّصت وقيّدت الإدارات العامة عن الخدمات الأساسية، وشكّلت تحديّاً كبيراً على صعيد الدولة.

ويرى أبو جودة، أنّ الإعفاءات الضريبية هي جزء من الحلول التي قد تساهم الحكومة في تطبيقها، مع ضرورة تسهيل الإجراءات الإدارية المتعلقة بإعادة الإعمار، مشدّداً على أن الحكومة يجب أن تكون "صارمةً في تطبيق القوانين، وميسّرةً في تنفيذها"، داعياً إلى ضرورة تطوير عقلية إدارية قادرة على التفكير اقتصادياً لدعم الدورة الاقتصادية للبلاد، وذلك بهدف جعل عملية إعادة الإعمار حافزاً لإعادة الدورة الاقتصادية السليمة المنتجة في لبنان.

هل يُعقّد الإعفاء الضريبي شفافية الإدارة المالية؟

تُشكّل الإعفاءات الضريبية أداةً سياسيةً واقتصاديةً تستخدمها الحكومات لدعم قطاعات معينة أو تخفيف الأعباء عن الفئات المتضرّرة، إلا أنّ هذه الإعفاءات قد تترك آثاراً سلبيةً على الشفافية المالية.

"تطبيق الإعفاءات الضريبية عملية معقدة، واليوم الإدارة الضريبية في لبنان خسرت الكثير من كفاءاتها، وتعاني نقصاً في عدد الموظفين. كما أن عدم تنفيذ هذه الإعفاءات بالشكل الصحيح يقلّل من الوضوح في النظام الضريبي ويخلق مخاطر كبيرةً تتعلّق بعدالة تطبيقها، حيث قد يتم استغلالها عبر الوساطات والمحسوبيات"

بدورها، ترى الخبيرة الاقتصادية الرئيسية في معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، سابين حاتم، أنّ هناك ثلاثة تحدّيات رئيسية تواجه الشفافية المالية عند تطبيق الإعفاءات الضريبية، على صعيد صعوبة تقدير الكلفة المالية للإعفاءات، والحدّ من وضوح عمليات الجباية والإنفاق، وعلى صعيد صعوبة تقييم الأثر الاقتصادي للإعفاءات.

وتؤكد حاتم، أنه "عندما تقرّر الحكومة منح إعفاءات ضريبية للمواطنين أو للأعمال المتضرّرة من الحرب، فإنّ هذا القرار يؤثِّر على الإيرادات دون أن ينعكس مباشرةً في شكل نفقات، ما يجعل من الصعب قياس كلفته بدقة. وبما أنّ الإعفاءات تعني خفضاً للعائدات الضريبية بدلاً من زيادة المصروفات، فإن الدولة قد تواجه تحدّياً في احتساب الخسائر المالية الناتجة عنها، ما قد يؤثِّر على التخطيط المالي الطويل الأمد".

كما أنّ صعوبة التقدير المالي تفرض تحدّيات إداريةً وتقنيةً على تنفيذ الإعفاءات الضريبية، خاصةً في ظلّ ضعف القدرات الإدارية في لبنان. ووفق حاتم، فإنّ "تطبيق الإعفاءات الضريبية عملية معقدة، واليوم الإدارة الضريبية في لبنان خسرت الكثير من كفاءاتها، وتعاني نقصاً في عدد الموظفين. كما أن عدم تنفيذ هذه الإعفاءات بالشكل الصحيح يقلّل من الوضوح في النظام الضريبي، ويخلق مخاطر كبيرةً تتعلّق بعدالة تطبيقها، حيث قد يتم استغلالها عبر الوساطات والمحسوبيات".

أحد أهم التحدّيات المرتبطة بالإعفاءات الضريبية، عدم القدرة على قياس فعاليتها الحقيقية، تقول حاتم، موضحةً أنه "ليس من السهل تحديد ما إذا كانت هذه الإعفاءات قد ساهمت بالفعل في تحفيز الاقتصاد أو هي مجرّد تخفيضات ضريبية لم تؤدِ إلى نتائج ملموسة"، خصوصاً في ظلّ غياب أدوات قياس دقيقة لهذا التأثير، ما يصعِّب تقييم مدى نجاح أو فشل هذه السياسة، وهو ما قد يؤدّي إلى استمرار العمل بها دون ضمان تحقيق الأهداف المرجوّة.

الإعفاءات الضريبية والبلديات

في ظلّ الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بلبنان، بجانب استمرار العدوان الإسرائيلي الذي فاقم الوضع، تواجه معظم البلديات في مناطق الجنوب، ومنها منطقة العرقوب، تحدّيات غير مسبوقة. فمع انهيار العملة الوطنية، وتوالي الأزمات السياسية والاقتصادية كما الصحية، باتت جباية الضرائب شبه معدومة، ما أدّى إلى شلل شبه كامل في عمل البلديات انعكس سلباً على الخدمات الأساسية والبنية التحتية.

ويؤكد رئيس اتحاد بلديات العرقوب محمد صعب، أن "الدولة لم تُقرّ حتى الآن أي إعفاء ضريبي رسمي"، وأنه "منذ انهيار العملة لم يعد المواطنون قادرين على دفع الضرائب، كما أن العدوان الإسرائيلي عمّق الأزمة، فهناك من نزح من منزله، ومن خسر عمله، ومن تدمّرت بيوتهم، ولا يوجد من يعيد الإعمار"، متساءلاً: من يسدّد الضرائب في هذه الحال؟

ويلفت صعب، إلى أن استمرار الدولة في احتساب الرسوم وفق سعر الصرف الرسمي (1،500 ليرة للدولار)، كان سبباً في تفاقم عجز خزينة البلديات، "فبينما لا تزال المساعدات المقدمة للبلديات تُحتسب على السعر نفسه، نجد أنفسنا مضطرين إلى تمويل بعض الخدمات، مثل جمع النفايات وتوليد الكهرباء، من مواردنا الخاصة".

ويضرب صعب، شبعا مثالاً، حيث قامت البلدية بإعفاء السكان من مستحقات توليد الكهرباء، التي بلغت ملياراً وخمسمئة مليون ليرة، نظراً إلى استحالة تسديدها من قبل المستفيدين/ ات، مستدركاً: "المخصّصات التي نحصل عليها من الصندوق البلدي المستقل، والتي كانت تعادل مليوناً ومئة ألف دولار قبل الأزمة، باتت اليوم لا تتجاوز 10،000 دولار فقط".

ووسط الدمار الكبير الذي طال بلدات العرقوب بشكل واسع، ولا سيّما كفرشوبا وكفرحمام وشبعا، يقول صعب: "من بإمكانه تسديد الضرائب والرسوم البلدية؟ المواطنون عاجزون عن الدفع، سواء بقرار إعفاء أو من دونه. أزمة البلديات عميقة، لكن أزمتنا هنا في العرقوب أشدّ قسوةً". ولكنه يرى في المقابل، أنّ منطقة العرقوب مهمّشة منذ زمن، ولا من ينظر في حالها لا من الدولة ولا من الأحزاب، فيما تحظى بعض البلديات في مناطق أخرى بدعم من أحزاب أو مموّلين.

وفي ظلّ الأزمات الاقتصادية المتتابعة التي أثّرت بشكل واضح وكبير على البلديات، يرى ممثّل المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية، الدكتور أندريه سليمان، أنّ الإصلاحات الهيكلية تُعدّ أساساً حيويّاً للانتقال نحو اللامركزية الإدارية الموسّعة، وهو هدف يجب العمل على تحقيقه، من خلال التخفيف عن البلديات ودمجها لتحسين كفاءات الإدارة.

كما يشير سليمان، إلى أنّ التوسّع في صلاحيات البلديات يجب أن يوازيه توسيع في إيراداتها، وهو ما يتطلّب نقل جزء كبير من الإيرادات الوطنية إلى المستوى المحلي، ولكن ليس من خلال زيادة الضرائب على المواطنين، فالنظام الضريبي يجب أن يكون لامركزياً، بحيث يتم توجيه الأموال إلى السلطات المحلية والإقليمية، التي بدورها تتفاعل بشكل مباشر مع المواطنين وتكون أكثر قرباً منهم.

أما بالنسبة إلى الإعفاءات الضريبية، فيرى سليمان، أنها ليست جديدةً، وقد تمّ تطبيقها في بيروت على المناطق المتضرّرة بعد انفجار المرفأ، عادّاً الأمر "قراراً منطقياً" في ضوء الوضع الاستثنائي. وعليه، يشير سليمان، إلى أنّ "المناطق المدمّرة، والناس المهجّرة، والاحتلال في بعض المناطق، أمور تجعلنا نفهم ضرورة هذا الإجراء، وأن هذا القرار سيؤدّي إلى تراجع إيرادات البلديات، ما يحدّ من قدرتها على التعافي، وقد تترتّب عليها تحمّل مسؤوليات إضافية من قبل جهات أخرى، خاصةً في ظلّ عجز الحكومة المركزية التي هي عاجزة أيضاً عن إعادة الإعمار، وعليه قد يكون هناك لجوء إلى مصادر تمويل أخرى، غير واضحة، مثل المغتربين أو الجهات المانحة إذا توفّرت".

"برغم أنّ الإعفاءات الضريبية قد تكون أداةً لدعم الاقتصاد في بعض الظروف، إلا أن غياب الشفافية والآليات الواضحة لقياس أثرها يجعلها سلاحاً ذا حدين. وعليه، فإنّ أي قرار يتعلّق بهذه الإعفاءات يجب أن يكون مدعوماً بدراسات دقيقة وخطط واضحة لضمان تحقيق الفائدة المرجوة دون الإضرار بعدالة النظام الضريبي أو استقرار المالية العامة"

هذا الحلّ ليس مستداماً، إلا أنه وبحسب سليمان، يُعدّ تدبيراً انتقالياً مؤقّتاً تحت ظروف استثنائية، حيث يجب على السلطات العمل على إعادة بناء المجتمع والاقتصاد بشكل يسمح للبلديات باستعادة إيراداتها. فالعمل البلدي ليس منفصلاً عن الجهود الوطنية، بل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإعادة إنعاش الاقتصاد الوطني. وعليه، يشدّد على أهمية وضع خطة شاملة على المستويين المحلي والوطني لضمان استفادة المؤسسات الحكومية والمواطنين على حدّ سواء.

حلول لتعزيز الشفافية والمحاسبة

بالنسبة للخبيرة الاقتصادية سابين حاتم، فإنّ الإعفاءات الضريبية برغم أنها قد تكون أداةً لدعم الاقتصاد في بعض الظروف، إلا أنّ غياب الشفافية والآليات الواضحة لقياس أثرها يجعلها سلاحاً ذا حدين. وعليه، فإنّ أي قرار يتعلّق بهذه الإعفاءات يجب أن يكون مدعوماً بدراسات دقيقة وخطط واضحة لضمان تحقيق الفائدة المرجوة دون الإضرار بعدالة النظام الضريبي أو استقرار المالية العامة.

وحول تعزيز الشفافية والمحاسبة في مجال السياسات الضريبية والاقتصادية، تشير حاتم إلى أنه من الأساسي أن يكون هناك تقرير واضح ودقيق يحدد الفئات المستفيدة من الإعفاءات الضريبية، بما في ذلك القطاعات والمناطق الجغرافية المستفيدة، والذي بدوره يعزز الشفافية ويشجع على المحاسبة، كما يساهم في ضمان تنفيذ القرارات بطريقة مدروسة وغير عشوائية. وتؤكد حاتم، أهمية أن تكون إدارة الضرائب قادرةً على تنفيذ هذه السياسات بشكل فعال، وأنه يجب أن تسبق أيّ قرارات ضريبية مشاورات وحوارات مع ممثلين عن القطاع الخاص والبلديات، بحيث تساهم هذه الخطوة في التأكد من أن الدولة ووزارة المالية قادرتان على اتخاذ القرارات التي تؤدّي إلى نتائج إيجابية.

كما تشدّد حاتم، على أن تفرّد وزارة المالية باتخاذ القرارات قد يؤدّي إلى حالة من عدم الامتنان لدى بعض الأطراف المتضرّرة، لذا من المهم إشراك المعنيين كافة في العملية. أما عن الآليات البديلة، فتقترح حاتم، حلولاً عدة من بينها التعويض المباشر للعائلات أو الأعمال التي تأثّرت بالحرب، مع ضرورة وجود آلية واضحة ومنشورة تقيس تأثير هذه القرارات بشكل دقيق، إلى جانب دعم قطاعات معينة تأثّرت بشكل كبير بالحرب مثل القطاع الزراعي في الجنوب، وذلك من خلال تقديم دعم مباشر للمزارعين، وضرورة وجود قطاع مصرفي نشط قادر على تقديم قروض مدعومة للأعمال المتضرّرة لمساعدتها في إعادة بناء نفسها واستئناف نشاطها الاقتصادي. ويعتمد ذلك على دراسة هذه الأفكار بشكل دقيق لتحديد كلفتها وآثارها على الاقتصاد، ومعرفة ما إذا كانت الدولة قادرةً على تمويلها بشكل مستدام.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image