يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
منذ ظهوره في إعلان النادي "الأهلي"، احتفالاً بتدشين إستاد الفريق الجديد، ارتبط اسم لاعب منتخب مصر والنادي "الأهلي"، المعتزل، محمد أبو تريكة، بسيلٍ من المعلومات المضللة التي تضمّنت ادعاءات مزيّفةً تربطه بعمليات إرهابية شهدتها مصر عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي؛ من بينها مزاعم حول زيارته أسر المتّهمين بتنفيذ تلك العمليات، وادّعاءات تفيد بإيوائه عناصر متورِّطةً في أعمال إرهابية.
كما ادّعت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ ظهور أبو تريكة، في الإعلان، يُشكّل مخالفةً لقانون الكيانات الإرهابية، نظراً إلى إدراج اسم اللاعب المعتزل على قوائم الإرهاب.
بصورة مزعومة مع والدة أحد منفّذي "مذبحة كرداسة"، واتهام بإيواء قاتل "اللواء الشهيد نبيل فراج"... محمد أبو تريكة في مرمى التضليل عقب ظهوره في إعلان احتفالي بتدشين إستاد النادي الأهلي الجديد
"زيارة أبو تريكة لأسر قتلة ضباط كرداسة"
تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، صورةً تجمع أبو تريكة، بسيّدة مسنّة، مرفقةً بتعليق يقول: "صورة الخطّ الأحمر مع طنط أم طه عبده... طه عبده إرهابي من اللي اقتحموا قسم كرداسة وقتلوا إخواتنا برصاص الغدر... بعد المجزرة مباشرة أبو تريكة راح لوالدة الإرهابي زارها، وطلّعها عمرة من ماله الخاص".
هل هذه صورة محمد أبو تريكة مع أم طه عبده؟
دقّقت منصة "متصدقش" المصرية المتخصّصة في تدقيق المعلومات، في الصورة المنتشرة، وخلصت إلى أنّها لا تعود لأمّ الشخص المزعوم، بل تعود لجارة أسرة أبو تريكة في قرية ناهيا، في محافظة الجيزة.
وفي حوار مع صحيفة "الأهرام"، عام 2015، عقّب اللاعب السابق على الصورة، قائلاً: "قابلتها (السيدة المسنّة) في فرح أخي... وأتحدّى أي شخص يُثبت عكس ذلك". ونبّهت المنصّة إلى أنّ طه عبده، أُفرج عنه في شباط/ فبراير 2014، بعد ثبوت عدم صلته بحادثة كرداسة، ولم يُقدَّم للمحاكمة.
وقعت الحادثة المعروفة إعلامياً بـ"مذبحة كرداسة"، في 14 آب/ أغسطس 2013، حيث هاجم مسلّحون قسم شرطة كرداسة، بالتزامن مع فضّ اعتصامَي رابعة العدوية والنهضة، اللذين نظّمهما أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي، عقب عزله في 3 تموز/ يوليو 2013. وأسفر الهجوم على قسم الشرطة عن مقتل 14 عنصراً من عناصر القسم بينهم ضباط.
وعقب الحادث، رُوّجت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ادّعاءات عن تضامن أبو تريكة مع أسر المتهمين بارتكاب الجريمة، بوصفه أحد الداعمين للرئيس المعزول في حملته الانتخابية. وبرغم نفي أبو تريكة، هذا الادّعاء في حواره مع جريدة "الأهرام"، إلا أنه لا يزال متداولاً حتى اليوم.
وأخيراً، أعاد الكاتب الصحافي خالد منتصر، ترويج الادّعاء نفسه عبر حسابه الشخصي على فيسبوك، تعليقاً على ظهور أبو تريكة في إعلان النادي "الأهلي"، وكتب: "ظهور أبو تريكة كيد إخواني متعمّد! كيف لمن ذهب إلى كرداسة لتهنئة قتلة الضباط وزميله السابق في الترسانة، أن يكون واجهةً إعلانيةً وطنيةً؟!".
وفنّدت "صحيح مصر" المتخصصة في تدقيق المعلومات، ادّعاء منتصر، مستندةً إلى المصادر ذاتها التي اعتمدت عليها "متصدقش" في كشف زيف زعم دعم أبو تريكة أسر المتهمين في حادثة كرداسة.
هل أبو تريكة ممنوع من الظهور في الإعلانات؟
كذلك، تداولت حسابات على السوشال ميديا، ادّعاءً مفاده أنّ شركة "القلعة الحمراء"، المنفّذة للإعلان ولإنشاء إستاد "الأهلي" الجديد، خرقت قانون الكيانات الإرهابية بالسماح للاعب الكرة المعتزل المدرَج على قوائم الإرهاب محمد أبو تريكة، بالظهور في إعلان الترويج لإستاد النادي "الأهلي".
راجعت "متصدقش" قانون الكيانات الإرهابية رقم 8 لسنة 2015، وتعديلاته، وتوصّلت إلى عدم احتوائه على ما يمنع الظهور الإعلامي أو الإعلاني للشخص المدرَج على قوائم الإرهاب. وبرغم إدراج أبو تريكة على قوائم الإرهاب منذ ثمانية أعوام، واتهامه منذ تسعة أعوام بقضايا تتعلق بتمويل الإرهاب، لم يصدر ضدّه حكم قضائي في هذا الشأن حتى الآن.
وما زال أبو تريكة مدرَجاً على ذمّة القضية 620 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، منذ عام 2018. وفي أيار/ مايو 2024، قبلت محكمة النقض طعن أبو تريكة، و1525 متهماً آخرين، على قرارات إدراجهم على قوائم الإرهاب.
وصرّح حينها المحاميان خالد علي وأحمد أبو العلا، الموكلان عن عدد من المتهمين، لـ"متصدقش"، أنّ وضع المتّهمين لا يزال معلّقاً إلى حين نظر قرار إدراجهم من دائرة جديدة لمحكمة الجنايات تحدّدها محكمة "استئناف القاهرة".
"صور أبو تريكة مع متّهمين في عمليات إرهابية"
في السياق ذاته، راجت مجموعة من الصور لمحمد أبو تريكة، برفقة عدد من الأشخاص، مع ادعاءات بأنّ من يظهرون بجواره في هذه الصور متورطون في ارتكاب جرائم إرهابية.
من هذه الصور، صورة انتشرت على موقع "إكس"، مكتوب عليها :"أبو تريكة مش إرهابي خالص... بس بالصدفة بيتصوّر مع الإرهابي اللي فجّر سيارة المستشار معتز خفاجي بحدائق حلوان". عبر البحث العكسي عن أصل الصورة، توصّلت "صحيح مصر"، إلى أنّ الصورة مضلّلة؛ إذ التقط المتهم باغتيال المستشار معتز خفاجي، سعيد سيد، صورةً مع اللاعب السابق خلال حضور الأخير حفل افتتاح مطعم "مراسي" الذي كان مملوكاً للاعبَي "الأهلي" السابقَين محمد بركات وسيد معوض، حيث كان سعيد سيد يعمل في المطعم نفسه. وسبق أن نفى أبو تريكة، أيّ علاقة تربطه بالمتّهم الذي قتلته الشرطة في أثناء محاولة القبض عليه.
كما راجت ادّعاءات على "إكس"، بأنّ "من أطلق النار على الشهيد اللواء نبيل فراج، كان يختبئ في فيلا أبو تريكة في كرداسة". وأثبتت "متصدقش"، زيف الادّعاء؛ إذ إن اسم أبو تريكة لم يرِد في أوراق قضية مقتل اللواء نبيل فراج، خلال حملة أمنية في كرداسة في 19 أيلول/ سبتمبر 2013.
وتُظهر مستندات الطب الشرعي، أنّ قاتل اللواء نبيل فراج، أطلق النار عليه من مسافة تقارب 20 متراً، بينما كان مختبئاً خلف ماسورة صرف صحي أسفل الكوبري الذي وقعت الجريمة بالقرب منه. ولم يرِد أيّ ذكر لـ"فيلا أبو تريكة" في مستندات القضية.
برغم إدراج أبو تريكة، على قوائم الإرهاب منذ ثمانية أعوام، واتهامه منذ تسعة أعوام بقضايا تتعلق بتمويل الإرهاب، لم يصدر ضدّه حكم قضائي في هذا الشأن حتى الآن. كما لا يوجد نص قانوني يمنع ظهوره في الإعلانات
أبو تريكة و"معلّق إسرائيلي"
في الأثناء، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، صورةً تجمع أبو تريكة بأحد الأشخاص، مع ادّعاء مفاده أنّ الشخص الظاهر بجواره في الصورة هو معلّق كرة قدم إسرائيلي. وأكدت "صحيح مصر"، أنّ الصورة مضلّلة، إذ تعود إلى مشجّع إسرائيلي طلب من أبو تريكة، التقاط صورة معه في كأس العالم 2018.
صورة أبو تريكة مع إسرائيلي
وبحسب ما نقلت "بي بي سي"، نشر مراسل الشؤون العربية في التلفزيون الإسرائيلي الصورة على حسابه في "تويتر"، معلّقاً: "مشجّع إسرائيلي يلتقط صورةً في موسكو مع أسطورة كرة القدم المصرية محمد أبو تريكة". ولم يثبت أنّ الشخص الذي ظهر في الصورة مع أبو تريكة، يعمل معلّقاً رياضياً. وعقب تداول الصورة، قدّم أبو تريكة اعتذاره، مؤكداً أنّه لم يكن على علم بجنسية من التقط الصورة معه.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نداء حرب -
منذ يومينإثبات هلال رمضان يختلف بين الدول والمذاهب الإسلامية، وغالبًا ما يعتمد على طرق متعددة مثل الرؤية...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعاول مرة اعرف ان المحل اغلق كنت اعمل به فترة الدراسة في الاجازات الصيفية اعوام 2000 و 2003 و كانت...
Frances Putter -
منذ أسبوعyou insist on portraying Nasrallah as a shia leader for a shia community. He is well beyond this....
Batoul Zalzale -
منذ اسبوعينأسلوب الكتابة جميل جدا ❤️ تابعي!
أحمد ناظر -
منذ اسبوعينتماما هذا ما نريده من متحف لفيروز .. نريد متحفا يخبرنا عن لبنان من منظور ٱخر .. مقال جميل ❤️?
الواثق طه -
منذ اسبوعينغالبية ما ذكرت لا يستحق تسميته اصطلاحا بالحوار. هي محردة من هذه الصفة، وأقرب إلى التلقين الحزبي،...