تحظى السينما والدراما الهندية بشعبية كبيرة في البلاد العربية، فمنذ السبعينيات أصبحت منافساً للأعمال العربية، وكانت لها الغلبة خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات وصولاً إلى الألفية. وفي الفترة من 2011 إلى 2015 احتلت بوليوود المرتبة الأولى عالمياً في الإيرادات، وجاءت هوليوود في المركز الثالث.
كانت هناك فترات انتقالية للسينما الهندية ساهمت في تكريس نجاحها وانتشارها في البلاد العربية، بداية من دخول السينما الهندية إلى مصر، مروراً بالذروة مع ظهور أفلام أميتاب باتشان، وامتلاكه لقاعدة جماهيرية كبرى، ومن ثم اختفاء سينما بوليوود من الساحة العربية، وعودتها بعد أعوام بتوقيع الموزع أنطوان زند.
رغم اعتقاد الكثيرين أن سبب انتشار السينما الهندية في بلاد عربية، هو "أميتاب باتشان"، لكن الحقيقة أن النجم "راج كابور" هو أول من ساهم في انتشار السينما الهندية خارج الهند، من خلال فيلم "سانجام" في الستينيات من القرن الماضي، بحسب حديث الناقد طارق الشناوي لرصيف22.
أول فيلم هندي في الوطن العربي
ففي العام 1964 قام الفنان المصري كمال الشناوي بشراء حقوق توزيع فيلم "سانجام" للنجم راج كابور، وهو الجد الأكبر لآل كابور، أكبر العائلات الفنية بالهند، من بينهم ابنه الراحل ريشي كابور، وشقيقه، فضلاً عن أحفاده كارينا كابور، ورانبير كابور، وأحفاد أبنائه الذين غزوا بوليوود مؤخراً.
فخلال أحد المهرجانات في ذلك العام، التقى الشناوي، بمنتج الفيلم، وعقدا صفقة لشرائه بـ 800 جنيه مصري. ولأن الشناوي لم يتوقع نجاح العمل على نطاق واسع، قرر بيعه للموزع السوري الأصل صبحي فرحات، ولكن الفيلم حقق نجاحاً هائلاً، وعُرض في العديد من السينمات العربية والعالمية، بحسب ما تقول الكاتبة الصحافية المتحصصة في الشأن الهندي حنان هيبة لرصيف22.
تفوقت بوليوود على هوليوود، من حيث الإيرادات في العديد من الأعوام، وليس فقط في البلاد العربية، وفي عام 2015 بيعت أكثر من 3.5 مليار تذكرة في الهند، وتغلبت على هوليوود بفارق 900 ألف تذكرة.
وتشير إلى أنه بعد أن شهد فيلم "سانجام" هذا النجاح، اعتبره فرحات تميمة الحظ، فقرر أن يتخصص في توزيع الأفلام الهندية، وبالفعل، تم تخصيص دور سينما خاصة لها في مصر، من بينها "شبرا بلس".
على الجانب الآخر، ساهم تزايد الجالية الهندية في دول الخليج بانتشار السينما الهندية/ بوليوود، ومن أوائل هذه الأفلام "المقامر الكبير" والذي تم تصوير بعض أجزائه في الأهرامات، وفندق الهيلتون في مصر، كما شاركت فيه راقصة مصرية في أحد المشاهد مع أميتاب باتشان، داخل أحد الملاهي الليلية في شارع الهرم.
ويشار إلى أن هناك العديد من الأفلام الهندية، تم تصويرها في بلاد عربية، من بينها "كابهي كوشي كابهي جم" في مصر، "تايجز زند هي" و"أكيلي" في العراق، كما تم تصوير الجزء الثاني من فيلم "خدا حافظ - khuda Hafez" في مصر أيضاً، وتحديداً في منطقتي الأهرامات والقلعة.
أميتاب باتشان
ويشير الشناوي إلا أنه لا يمكن إلا القول بأن أميتاب باتشان هو أهم أسباب شهرة السينما الهندية عربياً، حتى وإن كان راج كابور هو من أطلقها بمشاركة النجمة الهندية مادهوبالا، لكن أميتاب منحها مكانة عالمية مميزة، بأفلام مثل "طوني وأكبر وأنطوان"، "الشعلة"، وكذلك "كولي" الذي أثارت بعض مشاهده جدلاً واسعاً حول ديانة باتشان، تحديداً مشهده مع النسر ونطق الشهادتين.
وبحسب الشناوي وزند، فالعامل الآخر الذي ساهم في انتشار السينما الهندية عربياً، هو تخصيص الموزع فرحات ومن بعده ابنه بديع صبحي دور سينما لعرض الأفلام الهندية حصراً.
لاحقاً، شارك باتشان ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دوراته الـ 15، والـ 16، والـ 22، ورغم ظهوره بصحبة نجوم عالميين، مثل إليا كازان، وكريستوفر لي، وسيدنى بولاك، وآلان باركر، وأكيرا كوراساوا، إلا أن جماهيريته كانت الأكثر اكتساحاً.
في العام 1964 قام الفنان المصري كمال الشناوي بشراء حقوق توزيع فيلم "سانجام" للنجم راج كابور بـ 800 جنيه مصري. ولأن الشناوي لم يتوقع نجاح العمل على نطاق واسع، قرر بيعه للموزع السوري الأصل صبحي فرحات، ولكن الفيلم حقق نجاحاً هائلاً، وعُرض في العديد من السينمات العربية والعالمية
تقول رئيسة رابطة معجبي أميتاب باتشان، الصحافية حنان هيبة -وهي كذلك إحدى المنظمين في المركز الثقافي الهندي في القاهرة-، تقول بأن أميتاب باتشان كان مصدوماً حينما جاء لأول مرة لمهرجان القاهرة ووجد جماهيرية ضخمة من معجبيه العرب.
وتصف في حديثها لرصيف22 هذه الفترة بأجمل الفترات التي كان الفيلم الهندي، يتم الترويج له بشكل دعائي مبهر، وتشير أن بديع صبحي كان يهتم بأدق التفاصيل في الدعايات، وبأن شارع شبرا كان يكتظ من الجماهير عندما يتم إطلاق فيلم لباتشان في سينما "شبرا بالاس".
وبحسبها فقد أجابها باتشان عن سبب طول وقت الفيلم الهندي من 4 إلى 5 ساعات، بالقول: "لأن الفيلم الهندي من أجل الرجل الفقير الذي يرغب بمشاهدة فيلم طويل بعد يوم شاق".
تضيف: "أثرت وفاة الموزع بديع صبحي على غياب الأعمال الهندية، كما كانت هناك فترة انتقالية شهدت أعمالاً لا تتماشى مع البلاد العربية، ولكنها عادت من جديد في 2001 من خلال فيلم (كابهي كوشي كابهي جم)، والذي يعد من أهم أفلام السينما الهندية، حيث جمع أميتاب باتشان وشاروخان في فيلم واحد".
علاقة الشارع المصري بالفيلم الهندي
يقول الشناوي إن الأفلام الهندية تحولت إلى أمثال شعبية في الشارع المصري، مستشهداً بأقوال المصريين في حقبة الثمانينيات والتسعينيات، حين كان يقال عن الفتاة الجميلة بأنها أحلى من "سانجام". ويضيف: "أميتاب باتشان فاز بالفعل بلقب نجم القرن الأول في استفتاء الـ bbc، فالهند تحتوي على ربع سكان العالم، فعندما توحدوا على الاختيار كانوا الكتلة التصويتية الأكبر".
ويرى الشناوي بأن غياب السينما الهندية عن الساحة العربية لفترة طويلة، كان بسبب تغير الذوق العام، مؤكداً أن القوة الاقتصادية تسيطر على كل شيء، وأن شباك التذاكر هو من يحدد ذلك.
وأضاف أنه حتى بعد عودة السينما الهندية من جديد في دور العرض بمصر، لكنها لم تنجح كما في السابق، لأن المنصات الإلكترونية تغني عن مشاهدة الأفلام في السينما، ولكنه يشير في ذات الوقت إلى أن السينما الهندية لا زالت تحقق نجاحاً في دول الخليج نظراً لأن الجالية الهندية هناك أكبر من مصر، لذا تشهد دور العرض العربية في دبي عروضاً خاصة لبعض الأفلام الهندية بحضور النجوم. ويشار إلى أن دبي، تعد وجهة مفضلة لنجوم بوليوود للعيش، وإلى استضافتها مهرجان "iifa" الهندي.
يبرر زند، التراجع الحالي لتفاعل الجمهور مع الأفلام في دور العرض، بنقص السينمات في المناطق الشعبية ومعظم المحافظات، ولأن أغلبها اليوم متواجد في المولات وبأسعار مبالغ بها.
يقول: "أصبحت دور السينما في مصر غير متحمسة لعرض الأفلام الهندية، باستثناء أفلام شاروخان وسلمان خان وقلة من ممثلين آخرين". ويقول إن أكثر فيلم هندي حقق إيرادات في شباك التذاكر كان "My Name Is Khan".
على الرغم من هذا التراجع، لا يزال هناك بعض المخلصين للسينما الهندية، الزهراء سامي وتعمل "مونتيرة"، حاصلة على دبلوم لغة هندية من المركز الثقافي الهندي، وتقول لرصيف22 بأنها تعلمت اللغة الهندية بسبب حبها لبوليوود.
يرى البعض أن التراجع الحالي لتفاعل الجمهور مع الأفلام الهندية في مصر سببه نقص دور السينما في المناطق الشعبية، ولأن أغلب السينمات صارت تتواجد في المولات وبأسعار مبالغ بها.
تضيف:"أحب الأفلام الهندية، بسبب نهايتها السعيدة، للهروب من الواقع، وأول فيلم شاهدته كان الشعلة لأميتاب باتشان". ويذكر أن أفلام بوليوود هي الأفلام التي تتحدث باللغة الهندوستانية، التي تعد اللغة الرسمية للهند، بينما في أفلام السينما الجنوبية يتحدثون التليجو، وهي لغة مختلفة في النطق والكتابة.
تراجع الدراما التركية لصالح الهندية
دائماً ما وصف النقاد جمهور الأفلام الهندية بالمخلص، إلى حد أن السينما الهندية تفوقت على هوليوود، من حيث الإيرادات في العديد من الأعوام، ليس فقط في البلاد العربية، بل عالمياً، فالهند تنتج ما يقارب من 2000 فيلماً سنوياً، وفي عام 2015 بيعت أكثر من 3.5 مليار تذكرة في الهند، وتغلبت على هوليوود بفارق 900 ألف تذكرة، وفقاً للتقرير قدمه الباحث السينمائي شارلوت إدموند، على موقع "World"، "economic forum، عام 2020، فضلاً عن إحصائية صناعة السينما الهندية.
في العام 2015 انتشرت الدراما الهندية في الوطن العربي مستفيدة من تراجع المسلسلات التركية، التي كانت تغزو الوطن العربي منذ عام 2008، بنجاح كبير. وقد ساهم تخصيص قنوات عربية لدبلجة الأعمال الدرامية الهندية بهذا الأمر، ومن أهم المسلسلات التي حققت نجاجاً "غيت"، "من الحب ما قتل"، "قبول"، "سحر الأسمر"، "مادهوبالا".
يقول بطل مسلسل من الحب ما قتل فارون كابور: "لا توجد مكافأة وبهجة أكثر من أن يتم الاعتراف بعملك، وخاصة إذا عبرت موهبتك الحدود والقارات ووصلت لدول الوطن العربي".
ويضيف لرصيف22: "إذا استطاع عملك أن يتجاوز الحدود والقارات، فهذا أمر فريد ونادر ومميز، فاللغة ليست عائقاً، إنما في النهاية الأمر يتعلق بالمشاعر الصادقة الإنسانية عندما تصل للمشاهد".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 19 ساعةوحدث ما كنا نتوقعه ونتأمل به .. وما كنا نخشاه أيضاً
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومصادم وبكل وقاحة ووحشية. ورسالة الانتحار مشبوهة جدا جدا. عقاب بلا ذنب وذنب بلا فعل ولا ملاحقة الا...
mahmoud fahmy -
منذ 5 أيامكان المفروض حلقة الدحيح تذكر، وكتاب سنوات المجهود الحربي، بس المادة رائعة ف العموم، تسلم ايديكم
KHALIL FADEL -
منذ أسبوعراااااااااااااااااااااااااائع ومهم وملهم
د. خليل فاضل
Ahmed Gomaa -
منذ أسبوععمل رائع ومشوق تحياتي للكاتبة المتميزة
astor totor -
منذ أسبوعاسمهم عابرون و عابرات مش متحولون