شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
ورئيس وزراء جديد أيضاً… من هو نواف سلام؟ ولماذا يتفاءل لبنانيون؟

ورئيس وزراء جديد أيضاً… من هو نواف سلام؟ ولماذا يتفاءل لبنانيون؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الاثنين 13 يناير 202505:37 م

مع حصول نواف سلام  على الأغلبية الكافية من أصوات مجلس النواب، وتسميته رئيساً للوزراء في لبنان، قد يصحّ القول بأن البلد الذي عانى من الحرب والأزمات الاقتصادية، قد يتمكّن أخيراً من تجاوز واحدة من أكبر العقبات السياسية في السنوات الماضية، إنما تظلّ العقبات الاقتصادية له بالمرصاد.

على الرغم من اختلاف خلفياتهما المهنية، إلا أنّ كلاً من نواف سلام وجوزيف عون، يُعدّان شخصيتين مستقلتين وغير منتميتين إلى تيارات سياسية تقليدية في لبنان. هذا الاستقلال قد يُسهم في تشكيل ثنائي منسجم أو متكامل، قادر على العمل لتحقيق الاستقرار والإصلاح في البلاد، كما يأمل كثيرون. سلام، بخبرته الدبلوماسية والقانونية، يمكنه تقديم رؤى إصلاحية على الصعيدين الداخلي والدولي، بينما يمتلك عون الخبرة الأمنية والعسكرية اللازمة لضمان استقرار الأوضاع الأمنية. 

الثنائي الجديد 

إلا أنّ التوقعات السياسية قلّما توافق الواقع، فبرغم المؤشرات الإيجابية في الواجهة السياسية الجديدة للبنان، تبقى مراعاة التحديات المحتملة التي قد تواجه هذا الثنائي/ واجبةً. فالتنسيق بين الجوانب المدنية والعسكرية يتطلب تفاهماً عميقاً وتوافقاً على الأولويات الوطنية. بالإضافة إلى ذلك، قد تواجه هذه الشراكة معارضةً من بعض القوى السياسية التقليدية التي قد ترى في استقلاليتهما تهديداً لنفوذها. 

على الرغم من اختلاف خلفياتهما المهنية، إلا أنّ كلاً من نواف سلام وجوزيف عون، يُعدّان شخصيتين مستقلتين وغير منتميتين إلى تيارات سياسية تقليدية في لبنان. هذا الاستقلال قد يُسهم في تشكيل ثنائي منسجم أو متكامل، قادر على العمل لتحقيق الاستقرار والإصلاح في البلاد إذا تمكنا من بناء رؤية مشتركة

لذا، يمكن القول إن نواف سلام وجوزيف عون، يمتلكان المؤهلات التي قد تجعلهما ثنائياً منسجماً لقيادة لبنان في هذه المرحلة الحرجة. إلا أنّ نجاح هذه الشراكة يعتمد على قدرتهما على التنسيق والتفاهم، بالإضافة إلى تجاوب القوى السياسية والمجتمع اللبناني مع "رؤيتهما" المشتركة لمستقبل البلاد، إن تمكّنا من وضع رؤية مشتركة.

فمن هو نواف سلام، رئيس وزراء لبنان الجديد؟

نشأته وتعليمه

هو دبلوماسي وقاضٍ وأكاديمي لبناني بارز، وُلد في بيروت في 15 كانون الأول/ ديسمبر 1953، وينتمي إلى عائلة عريقة لها باع طويل في الحياة السياسية اللبنانية. فجدّه، سليم سلام، كان من مؤسسي "الحركة الإصلاحية في بيروت"، وعضواً في مجلس "المبعوثان" العثماني عام 1912، في حين شغل عمّه، صائب سلام، منصب رئيس وزراء لبنان أربع مرات بين عامي 1952 و1973. كما تولّى ابن عمه، تمام سلام، رئاسة الحكومة اللبنانية بين عامي 2014 و2016، ما يجعل عائلته من أبرز العائلات السياسية السنّية في البلاد.

تلقّى نواف سلام تعليماً أكاديمياً مرموقاً، حيث حصل على دكتوراه في التاريخ من جامعة السوربون عام 1979، وماجستير في القانون من كلية الحقوق في جامعة هارفارد، عام 1991، بالإضافة إلى دكتوراه دولة في العلوم السياسية من معهد الدراسات السياسية في باريس عام 1992.

خبرة دولية منذ البداية

أسهم التأسيس الأكاديمي النخبوي في تأهيله للعمل في مناصب أكاديمية ودبلوماسية رفيعة، حيث بدأ مشواره المهني كمحاضر في التاريخ المعاصر للشرق الأوسط في جامعة السوربون (1979-1981)، وباحث زائر في مركز "ويذرهيد" للعلاقات الدولية في جامعة هارفارد (1981-1982). 

حصل سلام على شهاداته من السوربون وهارفارد، وشغل مناصباً مهمة، كمندوب لبنان في الأمم المتحدة، وقاض في محكمة العدل الدولية.  

ثم عمل مستشاراً قانونياً في مكاتب محاماة دولية، ومحاضراً في الجامعة الأمريكية في بيروت (1985-1989)، ليتولى لاحقاً منصب مدير دائرة العلوم السياسية والإدارة العامة في الجامعة.

بين عامي 2007 و2017، شغل منصب مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، حيث دافع عن سيادة لبنان واستقراره، وسعى إلى تعزيز سياسة النأي بالنفس عن النزاع السوري. كما أكد أكثر من مرة التزام لبنان بالقرار 1701، داعياً إلى تنفيذه من قبل الأطراف الأخرى. وخلال هذه الفترة، مثّل لبنان في مجلس الأمن الدولي، وتولّى رئاسة المجلس مرّتين، الأولى في أيار/ مايو 2010، والأخيرة في أيلول/ سبتمبر 2011، ما عزز مكانته كدبلوماسي بارز.

وفي 2012-2013، شغل منصب نائب رئيس الدورة الـ67 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث ساهم في نقاشات جوهرية حول قضايا الأمن والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان، وفي تصويب وجهات النظر حول الصراعات في الشرق الأوسط.

في عام 2017، انتُخب نواف سلام، قاضياً في محكمة العدل الدولية للفترة بين 2018 و2027، ليكون بذلك أول لبناني يشغل هذا المنصب، وثاني شخصية عربية بعد المصري نبيل العربي.

إلا أنّ انتخابه لم يخلُ من الجدل، ففي حين حصل على دعم دول الجنوب، مثل جنوب إفريقيا، ودول أمريكا اللاتينية، صوّتت دول كبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وإسرائيل ضدّه. وفي الوقت الذي عكس فيه الدعم الذي حظي به قوّة علاقاته وتحالفاته الدولية، عدّه البعض مؤشراً على خلافات بشأن سياساته وتوجهاته، وقصوراً في قدرته على المواءمة بين الأضداد في السياسة.

آنذاك، حصل سلام على دعم كامل من الدول العربية، حيث تبنّت الجامعة العربية ترشيحه، بسبب مواقفه الداعمة للقضايا العربية في المناصب التي تولّاها، خاصةً القضية الفلسطينية. فخلال فترة عمله كمندوب دائم للبنان لدى الأمم المتحدة، دافع بقوة عن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.

لبنانياً

على الصعيد المحلي، أسهم نواف سلام، في تأسيس المركز اللبناني للدراسات (LCPS)، والجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (LADE)، حيث كان من أبرز الداعين إلى اعتماد النظام النسبي في الانتخابات النيابية، وهو ما تمّ تضمينه في مشروع قانون فؤاد بطرس الانتخابي. كما كان عضواً في الهيئة الوطنية لإصلاح قانون الانتخابات، وشارك في إعداد مسوّدة قانون انتخابي جديد للبنان. 

برغم عدم تولّيه مناصب سياسية محلية، وتالياً خروجه من دائرة المحاصصة والشبهات، لكن يرى  معارضوه أن تعقيد التحالفات الدولية قد تؤثر على استقلالية قراراته، بينما يرى مؤيدوه أن عدم انتمائه لتيار سياسي بعينه يبعث على التفاؤل 

يحظى نواف سلام، بدعمٍ من قبل بعض ممثلي المجتمع المدني والإصلاحيين في لبنان، الذين يرونه شخصيةً قادرةً على قيادة حكومة تحظى بثقة المجتمع الدولي، أو على الأقل بلغة مشتركة معه في مرحلة حرجة كالتي يمرّ بها لبنان، ولا يخلو الأمر من تأمّل أن يتمكن الرجل من استقطاب الدعم من المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، لإخراج لبنان من أزمته الاقتصادية.

في المقابل، يتعرّض سلام، لانتقادات من بعض الكتل السياسية التقليدية التي تشكك في ارتباطاته الدولية وتوجهاته الإصلاحية. ويرى بعض المعارضين، أنّ توجهاته الإصلاحية قد تشكل تهديداً لمصالح بعض القوى السياسية، التي اعتادت على نظام المحاصصة الطائفية والسياسية القائم. ومع ذلك، تبقى الانتقادات الموجهة إليه جزءاً من الجدل السياسي المعتاد في لبنان، الذي يعاني من انقسامات سياسية وطائفية عميقة.

في الجانب الشخصي، نواف سلام متزوج من الصحافية سحر بعاصيري، سفيرة لبنان لدى منظمة اليونسكو، ولهما ولدان، عبد الله ومروان. وقد قُلّد نواف سلام أوسمةً عدة خلال مسيرته المهنية، من أبرزها وسام جوقة الشرف الفرنسي برتبة ضابط في عام 2012، تقديراً لجهوده في تعزيز العلاقات الدولية ومساهماته في القضايا الحقوقية والسياسية.

برغم عدم تولّيه مناصب سياسية محلية، وتالياً خروجه من دائرة المحاصصة والشبهات، إلا أنّ شخصية نواف سلام، تظلّ محور جدل ونقاش، حيث يرى أنصاره أنّ خبرته ستمكّنه من تقديم حلول عملية للأزمات، بينما يشير معارضوه إلى تعقيد التحالفات الدولية التي قد تؤثر على استقلالية قراراته. إنما، يظل اسمه باعثاً على التفاؤل في ظل أزمة سياسية واقتصادية خانقة تحتاج إلى شخصيات تمتلك خبرات دوليةً وثقةً محليةً ودوليةً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard
Popup Image