شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"التنازلات" لإغراء الشركات العالمية… كيف تُحبط حلم الاكتفاء الذاتي من الغاز في مصر؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بيئة ومناخ نحن والبيئة

الجمعة 10 يناير 202503:04 م

على مدى عقد كامل أو يزيد، كان تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في مصر، حلماً يراود المسؤولين في الحكومة وقطاع الطاقة المصريَّين، حيث أنه السبيل إلى الخلاص من 2.5 مليارات جنيه (نحو 50 مليون دولار أمريكي)، هي تكلفة دعم الكهرباء التي تُثقل كاهلها، وهو الطريق نحو استقرار كثيراً ما تزعزع في الأزمات المختلفة.

في أواخر شهر آب/ أغسطس 2024، أطلقت مصر، مزايدةً جديدةً للتنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط الخام في 12 منطقةً في البحر المتوسط ودلتا النيل، وكلتا المنطقتين من المناطق الواعدة في إنتاج النفط والغاز، وتعوّل عليهما الدولة في الوصول إلى مزيد من الاكتشافات التي تدعم اقتصادها وطاقتها.

برغم أنّ هذا الطرح يُعدّ وسيلةً مهمةً لزيادة إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي، إلا أنّ البعض يرى أنّ إجراءاته قد تحمل في طياتها تحطيماً لهذا الأمل، لا سيّما وأن الشركات التي ستقوم بأعمال الاستكشاف والحفر والإنتاج، ستحصل على نصف ما يخرج من باطن أراضي الدولة، الأمر الذي قد يقوّض حلم تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في مصر.

في المقابل، يرى آخرون أن المزايدة الجديدة للتنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط الخام في المناطق الجديدة، قد تحقّق الاكتفاء الذاتي من الغاز في مصر، إذا تم التوصل إلى مخزونات عملاقة، تضاف إلى الاكتشافات الأخيرة، والحقول المنتجة القائمة بالفعل.

في هذا التقرير، نسعى إلى توضيح حجم إنتاج مصر من الغاز، ووضع أكبر حقل غازي فيها، بالإضافة إلى ما قد تضيفه المشروعات الجديدة التي ستتم بنظام المزايدة مع شركات إقليمية وعالمية، من إنتاج وإمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز عبرها، وآراء الخبراء في العقود الجديدة التي تثير الكثير من المخاوف بشأن مبدأ "مشاركة الإنتاج".

"الاكتفاء الذاتي من الغاز في مصر لن يحدث إلا عندما تكون القاهرة قادرةً على توفير كميات من الغاز تكفي الاستهلاك المحلي بالكامل، سواء لتوليد الكهرباء أو تشغيل المصانع وتدفئة البيوت، لا سيّما وأن الفجوة كبيرة حالياً بين الاستهلاك والإنتاج"

حجم إنتاج مصر من الغاز الطبيعي

بحسب أحدث الأرقام الصادرة عن "مبادرة بيانات المنظمات المشتركة" (جودي داتا)، فإنّ إنتاج الغاز الطبيعي في مصر شهد انخفاضاً خلال شهور عديدة، قبل أن يعاود الارتفاع في شهر تموز/ يوليو 2024، ولكن هذه الزيادة كانت طفيفةً على أساس شهري، فلم تتجاوز 44 مليون متر مكعب، إذ ارتفع الإنتاج إلى 4.132 مليار متر مكعب في تموز/ يوليو، من 4.088 مليار متر مكعب في حزيران/ يونيو.

إنتاج الغاز الطبيعي في مصر 2024

وبشكل إجمالي، فقد تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي خلال أول سبعة أشهر من 2024، بمقدار 5.33 مليار متر مكعب، على أساس سنوي، حيث انخفض إلى 30.19 مليار متر مكعب خلال هذه المدة، مقارنةً بـ35.53 مليار متر مكعب في المدة نفسها من 2023، وفق الأرقام التي أعلنتها "جودي".

وبينما يُعدّ إنتاج القاهرة في حزيران/ يونيو 2024، الذي سجّل 4.08 مليارات متر مكعب، أقل مستوى مسجّل منذ بداية العام، فإن إنتاج شهر كانون الثاني/ يناير 2024، الذي سجّل 4.65 مليار متر مكعب، يُعدّ أعلى مستوى تسجّله البلاد خلال 7 أشهر من العام.

تراجع إنتاج أكبر حقل غاز في البلاد

في عام 2015، كانت مصر على موعد مع اكتشاف حقل "ظهر"، الذي بشّر بإمكانات هائلة يمكّن استغلالها من الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، إلا أنّ إنتاج هذا الحقل -الذي كان عملاقاً في البداية- سرعان ما تراجع بدرجة غير معقولة خلال تسع سنوات، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز في أيلول/ سبتمبر 2024.

وبسبب انخفاض إنتاج حقل "ظهر" المصري، خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2024، إلى متوسط 1.9 مليارات قدم مكعبة يومياً، بدلاً من 5 مليارات سابقاً، بدأت الحكومة المصرية تتجه بشكل متزايد نحو استيراد الغاز المسال من الخارج.

وتوضح بيانات نشرتها مجلة "ميس MEES" الأمريكية، أن الانخفاض الذي حدث كان كبيراً، ولكنه في الوقت نفسه كان طبيعياً، وهو ما أكده المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري المستشار محمد الحمصاني، في تصريحات سابقة له في أيار/ مايو 2024، وكذلك المتحدث باسم وزارة البترول والثروة المعدنية حمدي عبد العزيز.

وكان متحدث باسم وزارة البترول، قد صرّح في تصريحات متلفزة، بأنّ تراجع إنتاج حقل "ظهر"، ظاهرة طبيعية للخزانات، حيث أن النسبة تكون دائماً في المتوسط بحدود 15% سنوياً، وهو ما يمكن التغلب عليه بتنمية الحقل، من خلال حفر آبار لرفع كفاءة الشبكة ومحطات المعالجة والضغط المرتبطة بها.

وعلى الرغم من أنّ ظاهرة تقادم الحقول معروفة في كل العالم، إلا أنّ الأمر غير المعتاد هو خفض تقديرات الاحتياطيات بعد سنوات طويلة من العمل في أي حقل، وهو ما قامت به شركة "إيني" الإيطالية المسؤولة عن تطوير الحقل بالفعل.

تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي، خلال أول سبعة أشهر من 2024، بمقدار 5.33 مليار متر مكعب، على أساس سنوي، حيث انخفض إلى 30.19 مليار متر مكعب خلال هذه المدة، مقارنةً بـ35.53 مليار متر مكعب في المدة نفسها من 2023، وفق أرقام منصّة "جودي"

وبحسب نشرة "ميس" الأمريكية، فإن تقديرات الاحتياطيات المتبقية في حقل ظهر المصري، كانت قد خُفّضت إلى نحو 5.02 تريليون قدم مكعّبة من الغاز بحلول نهاية عام 2023، إلا أن التقديرات الجديدة خلال 2024 تشير إلى أن الاحتياطيات المؤكدة الأصلية بالحقل تقارب 10 تريليونات قدم مكعّبة.

ويقلّ هذا الرقم بشكل كبير عن الرقم الذي تم إعلانه عند اكتشاف حقل الغاز العملاق في عام 2015، إذ قالت شركة "إيني" الإيطالية والحكومة المصرية معاً، إنّ احتياطياته تبلغ نحو 30 تريليون قدم مكعّبة، وهو ما دعا الطرفين إلى تسريع بدء الإنتاج منه، بعد 28 شهراً فقط من اكتشافه، باستثمارات بلغت 15.6 مليارات دولار.

وبفضل حقل "ظهر"، تمكّنت وزارة البترول في شهر أيلول/ سبتمبر 2018، من إعلان تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في مصر، وتصدير فائض الإنتاج أيضاً، لتتحوّل القاهرة من مستورد إلى مصدّر للغاز من جديد، بعدما كانت قد عادت إلى الاستيراد في عام 2015.

ما الذي يعطّل الاكتفاء الذاتي؟

إلى ذلك، يبقى السؤال الملحّ: لماذا لا تستطيع مصر تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بشكل متواصل؟

إنتاج الغاز الطبيعي في مصر

في هذا الصدد، يقول الخبير في شؤون الطاقة، والمدرّس المساعد في جامعة القاهرة، الدكتور أحمد حنفي، لرصيف22، إنّ تحقيق مصر، الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، يتطلّب عدداً من الخطوات التي لا تزال القاهرة بعيدةً عنها حتّى الآن، لا سيّما مع تزايد أزمة الكهرباء التي تستهلك الكثير من موارد الطاقة في البلاد.

ويلفت حنفي، إلى الحاجة الملحة إلى الإلغاء الكامل للدعم في قطاع الطاقة المصري، مع توفير بدائل مناسبة لقطاع الكهرباء، من بينها استيراد المازوت، لتعويض الغاز المفقود في الإنتاج والتصدير، بالإضافة إلى زيادة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الإجمالي.

يُذكر أنّ إستراتيجية وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر، تهدف إلى وصول مساهمة المصادر النظيفة، "الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية"، في مزيج الطاقة الإجمالي إلى 42%، بحلول عام 2035، بحسب ما نشره الموقع الرسمي لخريطة مشروعات مصر، التابع لرئاسة الجمهورية.

وبالنسبة إلى الاكتفاء الذاتي، يضيف حنفي، أن مصر على مدى العامين الماضيين، كانت تواجه أزمةً كبيرةً ترتبط بعدم توافر الدولار للاستيراد ودعم الاقتصاد، لذلك كانت تسعى إلى توفير العملة الصعبة من خلال إسالة الغاز الطبيعي وتصديره وبيعه في السوق الفورية للحصول على كميات كبيرة من العملة الصعبة.

وتسبّب ذلك، وفق الخبير، في انخفاض مستويات استهلاك الغاز في الداخل، ومن ثم أصبحت الكميات الأكبر تُوجَّه إلى التصدير، بينما تستورد القاهرة في الوقت نفسه كميات كبيرةً من الغاز الإسرائيلي، من حقل "ليفياثان" الذي أصبح مصدراً مهماً لتشغيل كهرباء الداخل، والتصدير أيضاً.

وبناءً على ذلك، والحديث لا يزال للخبير في شؤون الطاقة، فإن الكميات الضخمة التي تستهلكها مصر محلياً قد زادت بشكل كبير، بينما انخفض الإنتاج الإجمالي، ومعه انخفضت كميات الغاز الموجهة إلى الداخل بسبب تصدير جزء كبير منها، وهو ما يستحيل معه تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز.

جدير بالذكر أنّ متوسط إنتاج الغاز الطبيعي في مصر، البالغ في الوقت الحالي نحو 4.3 مليارات متر مكعب، تقابله زيادة كبيرة في الاستهلاك تتجاوز حاجز الـ6.2 مليار متر مكعب، وفق أحدث بيانات نشرتها "جودي".

هل تُحقّق المزايدة الجديدة الاكتفاء الذاتي؟

ووفق مصدر مطّلع في وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، تحدّث إلى رصيف22، مشترطاً عدم ذكر اسمه لاعتبارات السلامة الشخصية، فإنّ القاهرة تمكّنت من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في العقد الأول من الألفية الحالية، وتحديداً إبّان حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حتّى أنها كانت تُصدّر الغاز إلى إسرائيل، قبل أن تتحوّل إلى شراء الغاز الإسرائيلي راهناً.

إنتاج الغاز الطبيعي في مصر

يضيف المصدر، أن العقود الجديدة لمزايدة التنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط، على الرغم من أهميتها، لن تحقّق الاكتفاء الذاتي من الغاز في مصر، وذلك يرجع إلى أسباب عدة. السبب الأول، وفق المصدر، هو أن حصص بعض الشركات من إنتاج الغاز ستكون كبيرةً، وقد تتجاوز نسبة الـ51%، ما يجعلها مشغّلاً رئيساً للمشروع، وذلك بسبب ما ستنصّ عليه العقود التي سيتم إعدادها بعد 25 شباط/ فبراير 2025، وهو الموعد النهائي لغلق باب التقديم للمزايدة في ما يخصّ نظام شراكة الإنتاج.

أما السبب الثاني، فهو أنّ الاكتفاء الذاتي من الغاز في مصر لن يحدث إلا عندما تكون القاهرة قادرةً على توفير كميات من الغاز تكفي الاستهلاك المحلي بالكامل، سواء لتوليد الكهرباء أو تشغيل المصانع وتدفئة البيوت، لا سيّما وأن الفجوة كبيرة حالياً بين الاستهلاك والإنتاج.

يشير المصدر المطلع، أيضاً، إلى أنّ مصر -بالإضافة إلى ما سبق- ترتبط بعقود تصدير في الأساس، بينما مشروعات التنقيب عن النفط والغاز المقبلة، والتي ستموّلها الشركات التي ستفوز بالمزايدة، لن تكون كافيةً لتوفير كميات يمكن الاعتماد عليها في تحقيق الاكتفاء الذاتي.

ويتابع: "هناك نموذج مهم في العراق، الذي طرح جولتين للتراخيص (الخامسة التكميلية والسادسة)، في وقت واحد للتنقيب عن النفط والغاز على أراضيه، ولم تتقدّم لهما سوى الشركات الصينية التي قدّمت عروضاً دون المنتظر، بينما تراجعت الشركات العالمية الكبرى خطوةً إلى الوراء".

يشرح المصدر، أنّ مصر قلقة من تكرار ما حدث في العراق، لذلك هناك احتمالات لتقديم "تنازلات أكبر لجذب اهتمام الشركات الكبرى للدخول في عمليات الحفر والاستكشاف والإنتاج".

وعن سبب هذه التنازلات المحتملة، يقول لرصيف22، إنّ الحكومة المصرية تريد إغراء وجذب شركات عملاقة في مجال الطاقة، مثل شركة "إيني"، إذ تدين مصر لشركات النفط الأجنبية بنحو 4 مليارات دولار، تعمل على سدادها حالياً بعد أن تمّت جدولتها خلال الفترة الماضية، إذ تمكّنت حتّى تموز/ يوليو 2024، من سداد نحو 25% منها، وفق ما نشرته مواقع محلية.

كما يلفت إلى أنه "عندما تحاول الوزارة أن تقنع شركة 'إيني' الإيطالية بضخّ مزيد من الاستثمارات، لا بدّ أن تقدّم لها إغراءات كبيرةً لكي توافق الشركة على استكمال العمل وزيادة رأس المال المستثمَر في مصر، علماً أنّ هناك مديونيات لشركات أخرى".

الحلّ هنا، والحديث للمصدر المطّلع في وزارة البترول المصرية، سيكون في جذب شركات خليجية مثل "مبادلة" و"أدنوك" الإماراتيتين، وغيرهما من شركات دول الخليج التي تملك أموالاً كبيرةً لضخّها كاستثمارات في قطاع الطاقة المصري، ولا تدين مصر بمبالغ لها.

وليس من الواضح حتّى الآن، ما إذا كانت شركات كبرى قد تقدّمت لمزايدة التنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط في مصر، إلا أنّ المصدر أكد أنّ هناك مفاوضات جاريةً في الوقت الحالي مع شركات "إيني" و"بي بي" البريطانية و"توتال إنرجي" الفرنسية المتعدّدة الجنسيات و"شيفرون" و"أباتشي" الأمريكيتين، بينما أبدت "مبادلة" الإماراتية اهتمامها بالمشروعات، على حد قوله.

الاكتفاء الذاتي ممكن... بشرط

في المقابل، يرى الباحث المتخصص في شؤون الطاقة، عضو مجلس تحرير منصة الطاقة المتخصصة، ومقرّها واشنطن، أحمد بدر، أنّ مصر يمكنها تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، إذا استطاعت تحقيق أمرَين معاً.

الأمر الأول، وفق بدر، هو أن تتوصّل مع الشركات المتقدّمة للمزايدة العالمية إلى اتفاق على أن تكون حصص الإنتاج عادلةً، بحيث لا تطغى حصص هذه الشركات على ما تحصل عليه مصر من الإنتاج، والأمر الثاني هو الاتفاق على أن تشتري مصر هذا الغاز بأسعار أقلّ من الأسعار العالمية.

"بإمكان القاهرة -في حال تنفيذ هذين الشرطين- أن تحقق الاكتفاء الذاتي من الغاز، لأنّ المناطق التي ستخضع للاستكشاف ضمن الامتيازات المطروحة للتنقيب، مبشِّرة وواعدة، وسبق أن أشار خبراء في 'منظمة أوابك' إلى أن حوض هيرودوت يضم احتياطيات ضخمةً توازي ما حصلت عليه مصر من غاز طبيعي في تاريخها"

يضيف بدر: "بإمكان القاهرة -في حال تنفيذ هذين الشرطين- أن تحقق الاكتفاء الذاتي من الغاز، لأنّ المناطق التي ستخضع للاستكشاف ضمن الامتيازات المطروحة للتنقيب، مبشِّرة وواعدة، وسبق أن أشار خبراء في 'منظمة أوابك' إلى أنّ حوض هيرودوت يضم احتياطيات ضخمةً توازي ما حصلت عليه مصر من غاز طبيعي في تاريخها".

ويختم بدر، بأنّ الحكومة المصرية يمكنها تحديد عقود الاستغلال بسنوات معينة غير قابلة للتجديد إلا بموافقة جميع الأطراف، لكيلا تجد نفسها بعد سنوات من الآن، واقعةً بين مطرقة القيود التعاقدية مع الشركات، وسندات هيئات التحكيم الدولية، التي عادةً ما يتم اللجوء إليها في المنازعات المتعلقة بالعقود.

مناطق الحفر الـ12 في مصر

تأتي مزايدة التنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط في مصر، والتي طرحتها وزارة وزارة البترول والثروة المعدنية، من خلال شركتها التابعة "المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس)"، ضمن خطة موسعة لزيادة إنتاج الدولة من النفط والغاز.

وتشمل المزايدة 12 مربعاً في البحر المتوسط ودلتا النيل، منها قطاعان برّيان و10 قطاعات بحرية، بينما تتمثل العقود في نموذج اتفاقية تقاسم إنتاج، بحيث يتحمل المقاول -سواء كان شركةً فرديةً أو تحالفاً يضمّ مجموعةً من الشركات- جميع المخاطر لاستكشاف الموارد وتطويرها.

وتتضمن المربعات البحرية المطروحة ضمن المزايدة، كلاً من: المربع 1 شمالي فوكا، والمربع 2 شمالي برج العرب، والمربع 3 شمالي سيميان، والمربع 4 غربي ظهر، والمربع 5 شمالي غرب أتول، والمربع 6 جنوبي ظهر، والمربع 7 شمالي رأس التين، والمربع 8 شرقي الإسكندرية، والمربع 9 غربي أتول، والمربع 10 شمالي نور، أما المربعان البرّيان، فهما المربع 11 غربي دسوق، والمربع 12 شمالي المنصورة.

وبحسب ما نشرته الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس"، فقد اشترطت الشركة على الشركات الراغبة في المشاركة بالمزايدة التقدّم بطلبات رسمية قبل ظهر 25 فبراير/ شباط 2025، بحدّ أقصى، وذلك من خلال الموقع الإلكتروني المخصّص لذلك.

احتياطيات الأحواض في المناطق المطروحة

يُعدّ حوض هيرودوت، الواقع في البحر المتوسط، واحداً من أهم مصادر الغاز الطبيعي التي تشملها المزايدة التي تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في مصر، إذ تصل تغطية الحوض إلى 27 ألف كيلومتر مربع (سبعة مسوحات زلزالية).

الحكومة المصرية يمكنها تحديد عقود الاستغلال بسنوات معينة غير قابلة للتجديد إلا بموافقة جميع الأطراف، لكيلا تجد نفسها بعد سنوات من الآن، واقعةً بين مطرقة القيود التعاقدية مع الشركات، وسندات هيئات التحكيم الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك حوض الشام المعروف باسم "حوض ليفانت"، وكذلك حوض دلتا النيل البحري، الذي تصل تغطيته إلى 76 ألف كيلومتر مربع (83 مسحاً زلزالياً)، وأيضاً حوض دلتا النيل البري الذي تصل تغطيته إلى 10 آلاف كيلومتر مربع (15 مسحاً زلزالياً).

وتتضمّن منطقة شرق المتوسط، حوض ليفانت، الذي يبدأ من شمال مصر على طول الساحل الشرقي للبحر المتوسط، ويمرّ بسواحل كل من فلسطين، ولبنان، وسوريا، وقبرص وصولاً إلى تركيا، بينما تمتد منطقة حوض "دلتا النيل" أسفل المياه المصرية، على مساحة 250 ألف كيلومتر مربع.

يُذكر أنّ هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، كانت قد قدّرت متوسط حجم المصادر غير المكتشفة والقابلة للاستخراج في حوض ليفانت، بنحو 122 تريليون قدم مكعّبة من الغاز، و3 مليارات برميل من سوائل الغاز الطبيعي، بخلاف 1.7 مليارات برميل من النفط.

وبالنسبة إلى حوض دلتا النيل، فقد قدّرت الهيئة متوسط إمكاناته غير المكتشفة حتّى الآن، والقابلة للاستخراج، بنحو 223.2 تريليون قدم مكعّبة من الغاز، و5،974 مليار برميل من سوائل الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى 1.76 مليار برميل من النفط الخام.

أما حوض هيرودوت، الممتد على مساحة 113 ألف كيلومتر مربع أسفل المياه الاقتصادية لمصر، وقبرص، واليونان، فهو أكبر هذه الأحواض وأهمها جيولوجياً، إذ تشير التقديرات إلى أنّ كميات الغاز غير المكتشفة فيه قد تبلغ 122 تريليون قدم مكعّبة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image