يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها، للجمهور.
تهيمن المعلومات المضللة على المشهد السوري مع نهاية عام 2024 وبداية 2025، إذ راجت ادعاءات عديدة حول مصير الرئيس السوري الهارب بشار الأسد، بعد لجوئه إلى روسيا، وتنوّعت المزاعم التي تتّهم الإدارة الجديدة في سوريا بارتكاب جرائم وانتهاكات ضد الأقليات الدينية، زيادةً على "تصفية" معارضين وممارسات تمييزية ضد النساء.
ادّعاءات حول مصير بشار الأسد
مع انتهاء عام 2024، راجت العديد من الادعاءات المضللة بشأن مصير بشار الأسد، وحصوله وأسرته على اللجوء في روسيا. تضمنت الادعاءات خضوعه للتحقيق، وتسليمه للمحاكمة في دمشق، ووفاته أو اغتياله مسموماً.
"التحقيق" مع بشار الأسد في موسكو واحتمالات "تسليمه" إلى دمشق، و"محاولات تسميمه"… هذه أبرز المعلومات المضللة التي راجت في بداية هذا العام، وهكذا فنّدها مدقّقو المعلومات العرب
تداولت حسابات عدة على منصات التواصل الاجتماعي، تصريحاً منسوباً إلى الكرملين الروسي، مفاده أن بشار الأسد سيخضع للتحقيق بشأن مصير الصحافي الأمريكي أوستن تايس، مع احتمالية تسليمه إلى دمشق. دققت منصة "فارق" السورية، في هذا الادعاء، وتوصّلت إلى أنه تحريف لتصريح سابق منسوب إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نصّه: "سأسأل الأسد عن مصير الصحافي الأمريكي المفقود"، ولم تعثر المنصة على أي تصريحات رسمية روسية عن تسليم الأسد إلى دمشق.
كما تحققت "فارق"، من صورة متداولة يُزعم أنها لبشار في العاصمة الروسية موسكو، بالإضافة إلى الادعاء بأنه يخضع للعلاج بعد تسميمه. اتضح للمنصة أن الصور مولّدة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وخبر تسميم الأسد الذي نقلته صحيفة "The Sun" البريطانية، لم تؤكّده أي مصادر موثوقة.
تضليل متصل بالإدارة الجديدة في سوريا
ولاقى ادعاء مفاده أن شخصاً من "فلول النظام السوري" أو معارضاً لـ"هيئة تحرير الشام"، أُعدم ميدانياً في سوريا، رواجاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما فنّدته منصة "فارق"، ليتضح أنّ الادّعاء "غير دقيق" إذ يُظهر الفيديو إعدام سجين قتل قيادياً في فصيل مسلح في مدينة الباب في ريف حلب، وحاول الفرار، مع الإشارة إلى أن عملية الإعدام نُفّذت من دون محاكمة.
كما لاقت العديد من الادعاءات المضللة ذات الطابع الطائفي رواجاً كبيراً، وشملت اتهامات بالاعتداء العنيف على مواطنين من الطائفة العلوية، وموقف الإدارة الجديدة من المسيحيين السوريين.
تناقلت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي خبراً يُفيد بإصدار القيادة العامة في سوريا، بقيادة أحمد الشرع، بيان تهنئة بمناسبة رأس السنة للمسيحيين. إلا أن منصة "فارق"، كشفت زيف هذا الادعاء إذ أوضح لها مصدر في الإدارة السورية الجديدة، أن البيان المنتشر مُزوّر ولا أساس له من الصحة.
وراج فيديو يُظهر تعرّض شخص للاعتداء أمام طفله، مصحوباً بزعم أنّ المُعتدى عليه الظاهر في الفيديو من الطائفة العلوية، وقاد تحقق منصة "فارق" من الخبر إلى أن الشخصين الظاهرين في الفيديو ينتميان إلى الطائفة السنّية، كما حدثت الواقعة في بلدة التح في ريف إدلب، شمالي سوريا.
زعمت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ القيادة العامة في سوريا، بقيادة أحمد الشرع، أصدرت تهنئةً بمناسبة رأس السنة للمسيحيين، إلا أنّ منصة "فارق"، كشفت زيف هذا الادعاء إذ أوضح لها مصدر في الإدارة السورية الجديدة، أن البيان المنتشر مُزوّر ولا أساس له من الصحة
وتناقلت حسابات وصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صورةً مُرفقةً بعنوان نصّه: "سوريا: أنهار من دم العلويين وإبادة جماعية بحق الطائفة العلوية. إلى الآن تم قتل أكثر من 10 آلاف علوي بين شباب ونساء وأطفال وشيوخ كبار".
فنّدت منصة "تيقن" هذا الادّعاء، إذ اتضح أن الصورة منشورة منذ أكثر من عام، برفقة خبر نصه "صور تظهر اصطباغ مياه نهر بردى باللون الأحمر، ومصدر رسمي في محافظة دمشق يقول إن السبب يعود إلى الأمطار الغزيرة وانعكاس لون الأتربة المنحلة (الطين)، خاصةً بعد انخفاض غزارة النبع"، وهو ما يدلل على أن ما حدث ظاهرة طبيعية، وليست له أي علاقة بالأحداث الحالية في سوريا.
تناقل مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، زعماً بشأن قيام حسابات الإدارة السورية الجديدة بتمويه صورة تظهر فيها وزيرة الخارجية الألمانية، وهو ما فنّدته منصة "فارق"، إذ اتضح أن الحسابات التي نشرت هذه الصورة لأول مرة ليست حسابات رسميةً، بل تُعدّ حسابات ساخرةً. كما أن حسابات الإدارة الجديدة نشرت الصورة الأصلية من دون تمويه على الوزيرة.
كما انتشر زعم مفاده أن الحكومة السورية الجديدة أعلنت أن مدة سريان جواز السفر السوري ستكون عشرة أعوام، وقيمة رسوم إصداره هي 100 دولار أمريكي. أسفر تواصل "فارق" مع المكتب الإعلامي في الحكومة الجديدة في سوريا، عن أنه لم تصدر أي تعليمات بخصوص مدة سريان جواز السفر أو تكلفته.
مصير اللاجئين السوريين ومستقبل أكراد سوريا
راجت العديد من الادعاءات حول مستقبل اللاجئين السوريين في مختلف دول العالم، بعد إسقاط نظام الأسد وتولّي إدارة الشرع مقاليد الحكم بشكل مؤقت، ومواقف حكومات العالم إزاء هذه الإدارة الجديدة والاعتراف بشرعيتها من عدمها، والموقف من تمثيل الأكراد في الحكومة والبناء السياسي السوري.
مصير اللاجئين السوريين في مختلف دول العالم، ومستقبل الأكراد في المشهد السياسي السوري، وموقف إدارة أحمد الشرع من مسيحيي سوريا… قضايا مهمة في سياق تطورات الأحداث في سوريا، تخلّلها التضليل والمعلومات الزائفة
تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، زعماً مفاده اعتزام ألمانيا ترحيل اللاجئين السوريين البالغ عددهم قرابة مليون لاجئ إلى سوريا، وهو ما دققته "فارق" عن طريق الرجوع إلى تصريح وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايزر، المنشور على وكالة الأنباء الألمانية، والذي ينص على أن "جزءاً من السوريين الذين فرّوا إلى ألمانيا قد يضطرون إلى العودة إلى وطنهم في ظلّ ظروف معينة". ولم يتضمن التصريح أي معلومات عن الترحيل القسري.
تداول رواد وسائل التواصل الاجتماعي، تصريحاً منسوباً إلى وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، مفاده أنه دعا الأكراد إلى تسليم السلاح والاندماج في الحياة السياسية، كما أعرب عن رفض بلاده "الإرهاب" في سوريا.
أسفر تدقيق منصة "تروبلاتفورم"، عن عدم وجود أي تصريح مماثل على حسابات وزير الخارجية الفرنسي أو المنصات الرسمية للخارجية الفرنسية. كما اتضح أنه عقد مؤتمرين في دمشق؛ أولهما تحدث فيه عن دعم فرنسا للشعب السوري و"انبعاث أمل حقيقي للسوريين"، ولم يأتِ فيه على ذكر الأكراد السوريين. وتطرق في أثناء المؤتمر الثاني إلى أربع نقاط رئيسة شملت: الانتقال السياسي، العدالة الانتقالية، إدماج الأكراد السوريين، ومواجهة الإرهاب. وعليهِ، فإنّ الوزير الفرنسي دعا إلى وقف إطلاق نار دائم في سوريا، وإدماج الأكراد في الحل السياسي، ولم يطلب نزع سلاحهم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Sam Dany -
منذ يومينانا قرأت كتاب اسمه : جاسوس من أجل لا أحد، ستة عشر عاماً في المخابرات السورية.. وهو جعلني اعيش...
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملماذا حذفتم اسم الاستاذ لؤي العزعزي من الموضوع رغم انه مشترك فيه كما ابلغتنا الاستاذة نهلة المقطري
Apple User -
منذ 4 أياموحده الغزّي من يعرف شعور هذه الكلمات ، مقال صادق
Oussama ELGH -
منذ 5 أيامالحجاب اقل شيء يدافع عليه انسان فما بالك بحريات اكبر متعلقة بحياة الشخص او موته
مستخدم مجهول -
منذ 5 أياماهلك ناس شجاعه رفضت نطاعه واستبداد الاغلبيه
رزان عبدالله -
منذ أسبوعمبدع