بعد ست سنوات من القطيعة الدبلوماسية بين الرباط وطهران، يبدو أن البلدين على وشك فتح صفحة جديدة في العلاقات التي طالما اتسمت بالتذبذب، إذ تحدثت وسائل إعلام مغربية عن قيام مسؤول إيراني رفيع المستوى مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر بزيارة المغرب، ولقاء مسؤولين فيها بمرافقة مسؤولين من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وذلك لمناقشة فرص تطبيع العلاقات بين البلدين.
وذكرت التقارير أن المبعوث الإيراني عاد إلى طهران بشروط تتعلق بتوضيح موقف بلاده من جبهة البوليساريو، ومن قضية الصحراء الغربية.
وأفادت تقارير أعلامية روسية بأن سلطنة عُمان كانت هي الوسيط الأساسي في المشاورات بين البلدين طوال الفترة الماضية، وأن هناك رغبة متبادلة بين المغرب وإيران بشأن استعادة العلاقات حال التوافق على عدد من البنود.
وبحسب ما أوردت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء، فقد صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اسماعيل بقائي خلال مؤتمر صحافي انعقد بداية هذا الأسبوع، أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترحب دائماً بتحسين العلاقات مع دول الجوار ودول المنطقة والدول الإسلامية". وقال: "إن تاريخ علاقاتنا مع المغرب واضح".
وأكّد المتحدث استمرار بلاده على قاعدة السياسة التي دأبت عليها، والعمل على "تحسين العلاقات مع الدول على أساس مبادئ الكرامة والحكمة والمنفعة، مع مراعاة المصالح الوطنية لبلادنا ومع مراعاة المصالح في المنطقة والعالم الإسلامي".
في حين لزم الجانب المغربي الصمت، إذ لم يؤكد أو ينفي ما يتم تداوله عن المشاورات غير المعلنة بينه وبين إيران.
كما تداولت وسائل إعلام إيرانية صورة تظهر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، إلى جانب نظيره وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، خلال مشاركتهما في افتتاح المنتدى العاشر لتحالف الحضارات، المقام في العاصمة البرتغالية لشبونة، وهناك من فسّر الصورة بالتقارب بين البلدين.
وتتحدث وسائل إعلام عن وساطة إسبانية، بعدما عقد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، اجتماعات منفصلة مع نظيريه المغربي ناصر بوريطة والإيراني عباس عراقجي، على هامش المنتدى العاشر لتحالف الحضارات، حيث تم التطرق إلى إمكانية الوساطة والمصالحة بين البلدين.
شروط المغرب لتطبيع العلاقات
أفادت مصادر بأن المغرب "متشبث بضرورة سحب إيران لدعمها لجبهة البوليساريو"، أو "عدم تقديم دعم لها بأي شكل من الأشكال"، وأنه "شدد على أهمية العمق الإستراتيجي في منطقة الساحل، وعدم قبول التحركات الإيرانية هناك. كما أكدت المملكة المغربية عبر الوسطاء "أن الأمن الديني والروحي للمغرب مسألة أمن قومي، وقضية تابعة لمؤسسة إمارة المؤمنين التي تتبع مباشرة لجلالة الملك".
بعد ست سنوات من القطيعة بين الرباط وطهران، يبدو أن البلدين على وشك فتح صفحة جديدة في العلاقات التي طالما اتسمت بالتذبذب، فهل ستتمكن الدبلوماسية من تجاوز الخلافات الكبرى التي تُبعد المسافة السياسية بين البلدين أكثر من المسافة الجغرافية؟
يقول الأستاذ الجامعي في العلاقات الدولية والجيوسياسية عبد النبي صبري لرصيف22: "لا توجد لدى المغرب علاقات تصارعية في فلسفته، فهو يريد مد اليد للعلاقات التعاونية على جميع المستويات، وإيران هي من تطلب إعادة العلاقات معه، وهي تفهم أن هذا رهين بالاعتراف الصريح والعلني بمغربية الصحراء".
بينما يرى أستاذ اللغة الفارسية في جامعة عبد المالك السعدي في تطوان والباحث في الدراسات الإيرانية أحمد موسى أنه من حيث المبدأ لا يوجد لدى المغرب مانع من إعادة العلاقات مع إيران، بحكم أنها دولة إسلامية ودولة كبيرة في الشرق الأوسط، لكنه لن يتخذ هذه الخطوة إلا بعد أن يتأكد من كون نياتها حسنة، وأن الهدف الكامن وراء تحركاتها هو تجاوز المطبات السابقة والبرهنة على حسن سلوكها.
ويؤكد رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية شريف عبد الحميد هذا الطرح، ويقول لرصيف22: "التطبيع الإيراني المغربي متوقف على مجموعة من الشروط، ولا يمكن أن يتم إلا عبر وقف التدخلات الإيرانية في ملف الصحراء الذي يعتبره المغرب خطاً أحمر، خاصة في ظل دعم إيران لمشروع الانفصال في الأقاليم الجنوبية للمملكة، وهو حفاظ على سيادة المغرب وتحصين لأمنها القومي في مواجهة المد الشيعي".
ويعتبر عبد الحميد أن "التقارب الإيراني المغربي أمر مستبعد في الوقت الحالي. لأن استئناف العلاقات بين الرباط وطهران يتجاوز مجرد النوايا الدبلوماسية ليشمل حسابات استراتيجية معقدة".
يتفق معه في وجهة النظر هذه الباحث في الفلسفة السياسية والمتخصص في الشؤون الإيرانية محمد خيري، يقول لرصيف22: "عودة العلاقات بين المغرب وإيران مرهونة باقتناص المغرب لاعتراف من إيران بوقف دعمها لجبهة البوليساريو".
ماذا يقول الإيرانيون؟
بحسب مقال للكاتب عيسى الورداني فإنّ توسع التصعيد في الشرق الأوسط دفع طهران إلى طرق أبواب الدول التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل، إذ تفسر وسائل إعلامية مغربية تحركات إيران نحو الصلح مع المغرب ومع عدد من الدول العربية بحاجتها إلى الانفتاح على دول الجوار في ظل العزلة الدولية التي تعيشها.
خبراء: "المغرب لا يمكن أن يوافق على استئناف العلاقات مع إيران ما لم توقف الأخيرة دعمها المادي واللوجستي لجبهة البوليساريو وتحدد موقفها من الصحراء الغربية".
وفي المقابل، وفي مقال منشور في وكالة "مهر" للأنباء القريبة من النظام الإيراني ورد أن "مد الجمهورية الإسلامية الإيرانية يد الصلح إلى المغرب ما هو إلا جزء من سياستها الخارجية التي تطورت خلال السنوات الماضية على أساس "إعطاء الأولوية للجيران والدول الإسلامية".
واستنكر المقال تناول الإعلام المغربي للخطوة التي نهجتها إيران تجاه المغرب على أنها ضعف أو عزلة ناجمة عن التبعية في القرارات، وذلك لأن "السياسة الخارجية لإيران تراعي مصالح بلدان المنطقة والعالم الإسلامي".
ولأن "عودة العلاقات بين البلدين ليست مساراً في اتجاه واحد، بل تعتمد على الإرادة المتبادلة. وإيران رغم أنها أظهرت ترحيبها بعودة العلاقات واستجابتها للضوء الأخضر من الطرف الآخر، لكنها تنبه الآخر إلى أخطائه الإدراكية وتعتبر تصحيحها ضروريا للتفاهم المتبادل" بحسب المقال.
ويرى الدكتور محمد خيري أن هذا المقال "يحمل احتمالات تتعلق بإرجاء إيران لإعادة علاقاتها مع المغرب، خاصة بعد أنباء تتحدث عن توسط إسبانيا في عودة العلاقات بين الجانبين".
وشهدت العلاقات العربية الإيرانية في الآونة الأخيرة، وخاصة في ظل فترة حكم الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، انفتاحاً ملحوظاً. إذ تروج إيران لسياسة خارجية تهدف إلى خدمة المصالح الجماعية للدول الإسلامية وتعزيز الوحدة في العالم الإسلامي.
وقد شمل هذا الانفتاح دولاً عربية مثل ليبيا وموريتانيا والإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية.
ويرى عبد الحميد أن تحركات إيران لم تبدأ منذ فترة فقط، بل كانت هناك علاقات مفضلة قائمة بينها وبين السعودية، رغم العداء المستفحل بينهما.
وفي سياق العلاقات الجيدة بين المغرب والمملكة العربية السعودية، وتفسير البعض لقطع المغرب علاقاته مع إيران تضامنا مع حليفه السعودي، دارت نقاشات حول إمكانية عودة العلاقات المغربية الإيرانية بعد الصلح الذي تم بوساطة صينية بين إيران والسعودية، حيث اعتبر البعض أن هذا التطبيع قد يفتح المجال لعودة العلاقات بين المغرب وإيران.
من جهة أخرى، فقد تُفسّر تحركات إيران نحو إذابة الجليد مع بعض الدول العربية تأتي استجابة للظروف والسياقات الإقليمية الراهنة. في هذا السياق، يقول الباحث في الدراسات الإيرانية أحمد موسى لرصيف22: "هناك العديد من المؤشرات التي تدل على أن إيران الآن في مرحلة الانكفاء والانحناء للعاصفة، وتحاول العودة إلى المربع الأول مع كل رئيس إيراني جديد، خاصة إذا كان من الإصلاحيين. والرئيس الحالي، مسعود بزكشيان، جاء ليعمل على رأب الصدع وإعادة العلاقات مع دول الجوار والدول العربية والإسلامية".
ويرى البعض أن سياق الحرب على غزة ولبنان يزيد من رغبة إيران في الانفتاح على دول الجوار والدول الإسلامية، يقول عبد الحميد: "هناك حالياً محاولات جادة من طرف طهران لتطبيع العلاقات مع المغرب، إذ يصرح الإيرانيون، بقوة، بأنهم توقفوا، منذ مدة، عن مد (البوليساريو) بأي دعم، وبأنهم مستعدون للتعاون مع المملكة المغربية، وإعادة العلاقات الدبلوماسية معها إلى ما كانت عليه في الماضي".
لكنه يعتقد أن هذه مجرد ادعاءات، والحال أن "إيران تريد توسيع دائرة التقارب مع الدول العربية لتحسين صورتها بعد ضرب أذرعها في المنطقة وضعف قوتها المتمثلة في حزب الله في لبنان والانهيار في سوريا وضعف ما يسمى محور المقاومة"، بحسب تعبيره.
ويلفت عبد النبي صبري إلى أن إيران، بعد محاولاتها المتعددة، أدركت أن تجربة كل الوسائل لم تؤتِ ثمارها، مستشهداً بفرنسا، التي رغم عضويتها في مجلس الأمن الدولي ومكانتها كقوة دولية، لم تحقق نتائج تُذكر.
وأضاف أن إيران بدورها خاضت العديد من المحاولات العبثية، لكنها في النهاية وجدت نفسها قد راهنت وخسرت بالتورط مع الجزائر، البلد الذي يعاني من غياب الاستقرار.
ولاحظ مراقبون أن ما يزيد من رغبة إيران في الانفتاح على جيرانها أكثر، هو عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث شهدت فترة حكمه خلافات كثيرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، بدءاً من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018، وفرضها عقوبات اقتصادية شديدة سميت بـ"الضغوط القصوى" على إيران، وصولاً إلى التوتر العسكري الذي بلغ ذروته باغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
وبالتالي فإن عودته إلى سدة الحكم، ستطرح تحديات جديدة أمام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إضافة إلى ما تطرحه ظروف الحرب القائمة على غزة، وأمام كل هذه الظروف تجد إيران نفسها مدفوعة نحو الانفتاح على دول جديدة لفك عزلتها، حيث يقول صبري "عودة دونالد ترامب إلى الإدارة الأمريكية يرافقها تغيير لقواعد اللعبة والمصالح، وبالتالي فإن إيران وجدت نفسها في ورطة".
مرتكزات الخلاف بين المملكة والجمهورية
وكان المغرب قد قرر قطع علاقاته الديبلوماسية مع إيران سنة 2018، إثر حصوله حسب ما قال إنّها معلومات تفيد بتقديم الجمهورية الإسلامية الإيرانية دعماً مالياً ولوجيستياً لجبهة البوليساريو، وذلك من خلال حليفها حزب الله اللبناني وسفارة إيران في الجزائر.
يرى خبراء بأن رغبة إيران في الانفتاح تزداد مع عودة ترامب، حيث شهدت فترة حكمه السابقة انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وفرض عقوبات اقتصادية شديدة سميت بـ"الضغوط القصوى" على إيران، وصولاً إلى اغتيال قاسم سليماني
ويرى مراقبون أن المغرب قد تسرع في اتخاذ خطوة قطع العلاقات الديبلوماسية لعدم توفره على أدلة دامغة تثبت ما يدعيه، ويذهبون في اتجاه كونه أقدم على هذه الخطوة استجابة لطلب من بعض حلفائه الإستراتيجيين كالمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية.
بينما أعلن وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة في لقاء صحافي أن المملكة اتخذت قرار قطع علاقاتها مع إيران بسبب "اعتبارات ثنائية صرفة، ولا صلة للقرار بأية تطورات إقليمية أو دولية"، وأن المغرب "لا يتخذ أبداً هذا النوع من القرارات تحت تأثير أو ضغط، لكن عندما يتعلق الأمر بوحدته الترابية وأمنه الوطني وأمن مواطنيه، فالمغرب لا يمكنه إلا أن يكون حازماً ويتخذ قرارات واضحة".
إلى جانب اتهامات المغرب للجمهورية الإسلامية الإيرانية بمحاولة زعزعة الاستقرار الأمني للمملكة، فإن الجانب العقائدي يعد أحد أهم مرتكزات الخلاف بين البلدين، إذ يتهم المغرب إيران بمحاولة تصدير المذهب الشيعي إلى إفريقيا.
واعتمدت طهران منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي على إطلاق نفوذها في إفريقيا بناء على نشر التشيّع في عدد من بلدان القارة السمراء، خاصة دول غرب إفريقيا التي يجمعها بالمغرب وحدة المذهب والإسلام الوسطي المعتدل.
ويقول أحمد موسى: "الثورة الإسلامية الإيرانية أحدثت تحولات جذرية في السياسة الخارجية الإيرانية، إذ أصبح نشر التشيع وتصدير الثورة هدفاً من إقامة العلاقات مع دول العالم الثالث، ومن بينها الدول الإفريقية".
ويضيف أنه سبق للمغرب قبل سنوات قليلة أن عبر عن توجسه من محاولات إيران نشر المذهب الشيعي في غرب إفريقيا، واعتبر ذلك تهديداً لأمنه وأمن القارة الروحي، لذلك جعل من أولوياته التصدي "للأجندة الإيرانية الخبيثة" في القارة الإفريقية.
ويضيف أن المغرب أيضاً لم يكن خارج الأجندة الإيرانية، "إيران حاولت جاهدة بكل الأساليب تصدير المذهب الشيعي إلى المغرب وشمال إفريقيا، إلا أنها وجدت سداً منيعاً من طرف إمارة المؤمنين ومن طرف علماء المغرب" .
ويرى موسى أن هذا الخلاف العقائدي وتضارب الأجندات السياسية للدولتين في القارة الإفريقية يجعلان من فرص التقارب بينهما ضئيلة جدا، يقول: "في ظل تعنت الموقف الإيراني وعدم اكتراثه بتوجسات المغرب وضربه عرض الحائط بكل الملاحظات ومواصلته لتنفيذ مخططاته لنشر التشيع بالقارة، والتي تكتسي في بعض الأحيان الطابع الإنساني والثقافي، وأيضاً في ظل استمرار طهران في دعم الجبهة الانفصالية بكل أشكال الدعم الدبلوماسي والسياسي وحتى اللوجيستي والعسكري، يبدو لي من الصعوبة بمكان أن تستعيد العلاقات المغربية الإيرانية المقطوعة عافيتها".
كما يشير البعض إلى أن التحالفات الإقليمية المتضاربة بين المغرب وإيران تشكل حجر عثرة أمام أي فرص للتقارب بينهما، إذ تشكل العلاقات المغربية-الإسرائيلية، بعد تطبيعها عام 2020، نقطة تحول في توازن المصالح الإقليمية، فقد جاءت هذه العلاقة ضمن اتفاق ثلاثي مع الولايات المتحدة الأمريكية، أفضى إلى دعم واشنطن لموقف المغرب بشأن قضية الصحراء الغربية.
هذا الاعتراف الأمريكي عزز مكاسب دبلوماسية للمغرب، إذ دفع العديد من الدول إلى تأييد مبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها. كما فتحت هذه الشراكة آفاقاً جديدة في مجالات الأمن والدفاع والتكنولوجيا، مما عزز التعاون العسكري والأمني بين المغرب وإسرائيل.
في المقابل، تعد إيران وإسرائيل خصمين إقليميين بمصالح متضاربة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. في هذا السياق، يُنظر إلى تحالف المغرب مع إسرائيل على أنه يضعه في موقف معاد لإيران، مما يجعل تبني سياسة التوازن بين البلدين تحديا صعبا. ويرى البعض أن هذا التضارب قد يعرقل فرص تحسين العلاقات بين المغرب وإيران.
لكن صبري يختلف مع هذا الرأي، ويؤكد أن المغرب يتمتع باستقلالية في قراره السياسي بفضل تنويعه لشراكاته الدولية خارج النطاق التقليدي. يقول: "المغرب اليوم يضبط التوازنات الدولية، فكما يتعامل مع الدول الغربية كالولايات المتحدة، فإنه يقيم علاقات متينة مع دول أخرى كالصين وروسيا، والجلي أن دبلوماسية الوضوح التي انتهجها المغرب مع الشركاء التقليديين والجدد، وتنويع الشراكات بدأت تؤتي ثمارها وتعطي أكلها".
الملكيات لا تساند الثورات
يعود تاريخ الخلاف بين المغرب وإيران إلى سنة 1979، إذ لعب اندلاع الثورة الإسلامية في إيران دوراً بارزاً في تدهور العلاقات بين البلدين، فقبل ذلك كانت تتسم العلاقة بينهما بتوافق سياسي واضح، تجسد في مستوى التمثيل الدبلوماسي الذي وصل أحياناً إلى حد التعاون مع جهاز المخابرات الإيراني (السافاك). كما لعبت العلاقة الشخصية بين الملك الحسن الثاني وشاه إيران محمد رضا بهلوي دوراً بارزا في تعزيز هذا التقارب.
تعود جذور الخلاف إلى العام 1979 ونجاح ثورة الملالي، حيث استقبل الملك الحسن الثاني صديقه المقرّب شاه إيران محمد رضا بهلوي بعد مغادرته البلاد.
إلا أن نجاح ثورة الملالي أدت إلى دخول البلدين مرحلة من القطيعة الدبلوماسية، إذ وقف المغرب معارضاً الثورة الإسلامية، كما استقبل الملك الحسن الثاني شاه إيران المخلوع في المغرب، لتعلن إيران بعد ذلك بنحو ثلاثة أسابيع قطع علاقاتها مع المغرب.
وجاء اعتراف الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالجمهورية الصحراوية التي أعلنتها جبهة "البوليساريو" ليعمق الخلاف بين البلدين، ولتستمر القطيعة لأكثر من عقد من الزمن، قبل إعلان عودة العلاقات، بافتتاح السفارة الإيرانية في الرباط سنة 1991، وقد عرفت هذه المرحلة تحولاً مهماً في موقف إيران من قضية الصحراء الغربية، إذ تخلت عن اعترافها بالجمهورية الصحراوية، وأعلنت دعمها لخيار تسوية الملف من خلال الأمم المتحدة، كما دعم المغرب أيضاً حق إيران في استعمال الطاقة النووية لأغراض سلمية، قبل أن يعود لقطع العلاقات واتهام إيران بنشر التشيع في المغرب.
يقول الأستاذ موسى إن الانفراج الذي عرفته العلاقات المغربية خلال الفترة بين 1991 و2009 كان ملحوظاً، إذ تبادل مسؤولو البلدين الزيارات، وتُوّج هذا المسلسل بالزيارة الرسمية الرفيعة المستوى للوزير الأول المغربي الأسبق عبد الرحمن اليوسفي على رأس وفد ضخم سنة 2001. وهي الزيارة التي أثمرت التوقيع على العديد من الاتفاقيات التي شملت مجالات متعددة، وعلى الخصوص الشق التجاري والاقتصادي.
ويضيف: "خلال هذه المرحلة نشطت السفارة الإيرانية في الرباط في تنظيم الأسابيع الثقافية والفنية وإقامة العديد من المعارض الفنية في مختلف المدن المغربية. كما شاركت دور النشر الإيرانية بكثافة في مختلف دورات المعرض الدولي للكتاب والنشر، بعرضها للكتب الفارسية، وبالأخص الكتب الدينية الشيعية".
واستأنف البلدان من جديد علاقاتهما الديبلوماسية سنة 2016 بعد قطيعة استمرت سبع سنوات، ليعودا إلى الخصام مرة أخرى سنة 2018.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 5 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه