"في ما يخص العلاقة بإسرائيل، ينتمي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى جيل ونوع آخر من القيادة؛ فهو أصغر سناً، ويختلف تماماً عن الحرس القديم. ليست لديه مشاعر سلبية تجاه إسرائيل مثل والده وإخوة والده، ويذكرنا بن سلمان كثيراً برئيس الإمارات محمد بن زايد، الذي يقول البعض إنه كان معلم بن سلمان في الماضي حتى حدثت قطيعة بين الاثنين على خلفية ضلوع بلديهما في أكثر من نزاع".
رد الباحث يوئيل جوزنيسكي، رئيس برنامج الخليج العربي في معهد دراسات الأمن القومي (INSS)، وزميل Middle East Institute، وعمل في السابق بديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلي، بهذا الرأي على تقديرات، ترى تبايناً في المواقف بين الملك السعودي وولي عهده حول إشكالية تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل؛ فبينما يعترض الأب على الفكرة، يدعمها الأمير الشاب، ويعوِّل عليها كثيراً في انفتاح بلاده على الغرب والولايات المتحدة تحديداً؛ فضلاً عن تطلعات جامحة يصبو إليها بن سلمان قبل تتويجه ملكاً.
وتأتي قراءة إسرائيل لسياسات بن سلمان وغيره من زعماء المنطقة قبل أسابيع من تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في 20 كانون الثاني/ يناير المقبل؛ فاحتكاكات الأخير المباشرة وغيرها إبان الولاية الأولى بزعماء المنطقة، وفقاً لتقديرات إسرائيلية، تستدعي إعادة تدقيق وربما تفتيش في أدمغة رؤوس الأنظمة العربية، لا سيما بعد ولاية جو بايدن، التي طرأت خلالها تحوُّلات وصدامات مفصلية إزاء كل ما يخص الإشكالات الإقليمية.
تحت عنوان "الزعماء المحيطون بنا"، انطلقت حملة إسرائيل الرامية إلى تحليل سياسات وشخصيات قادة عرب، ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" سلسلة تقارير تحليلية ومعلوماتية في هذا الخصوص للكاتبة الصحافية ليؤور بن آري، استنطقت فيها رؤى أكاديميين ومتخصصين إسرائيليين في الشأن العربي والخليجي؛ لكن تناول الحملة وكذلك توقيتها ترك انطباعاً، ربما يؤكد مآرب تل أبيب من مرحلة ما بعد تنصيب قاطن البيت الأبيض الجديد.
"ليست لديه مشاعر سلبية تجاه إسرائيل مثل والده وإخوة والده" و"يحاط بأفراد عائلته، ولهم على حياته وأيديولوجياته تأثير كبير"... تحت عنوان "الزعماء المحيطون بنا"، انطلقت حملة إسرائيل الرامية إلى تحليل سياسات وشخصيات قادة عرب، هكذا حلّل إسرائيليون شخصيات بن سلمان وبن زايد وتميم بن حمد وبشار الأسد والسيسي وغيرهم
"صكوك غفران" لبن سلمان
لتحريك ملف تطلعات انضمام السعودية إلى قاطرة اتفاقات أبراهام، أسهبت الحملة في مغازلة سياسات وشخصية محمد بن سلمان؛ وبعد وصفه في التقرير بـ"المجزوم"، الذي عزفت أوروبا والولايات المتحدة عن الاقتراب منه في بداية ولايته، انبرت ليؤور بن آري على لسان الباحث الإسرائيلي يوئيل جوزنيسكي في منح "صكوك الغفران" لبن سلمان: "ليس هناك شخص كامل، ولا بد من الاعتراف بنضوج الأمير الشاب، وتراجعه عن أخطائه وصداميته واندفاعه في أكثر من ملف، لا سيما إيران، التي ضاهى في السابق بين مرشدها علي خامنئي وهتلر. انفتح أيضاً في علاقاته على الدولة الفارسية، وضمن ولو نسبياً تحصين المملكة ضد ضربات الذراع الإيراني في اليمن (الحوثيون)، وانكفأ على تطوير المملكة ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً".
وفي محاولة لإبراز مدى اعتدال سياسة بن سلمان، عدَّ الباحث الإسرائيلي انسحاب ولي العهد السعودي من مناطق سياسية شائكة مثل: تورطه في قضايا استقالة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري، ومقاطعة قطر، والحرب في اليمن، والتدخلات في شمال أفريقيا، وربما دوره – إن صحَّت تقارير بهذا الخصوص - في محاولة إسقاط الملك عبد الله في الأردن، فضلاً عن مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي.
وإذا كان بن سلمان قد عدَّل المناهج الدراسية في بلاده، وانتزع منها ما يحول دون التآخي بين الأديان، رأى الباحث الإسرائيلي أن ذلك "ليس حباً في إسرائيل أو اليهودية، بل لجلب مزيد من الاقتصاد والرفاهية ورؤوس الأموال، وتنفيذ كافة المشروعات، التي يصطبغ بعضها بأبَّهة مفرطة جداً مثل مدينة المستقبل "نيوم".
وبنفس البراغماتية، لا ينتزع بن سلمان من جدول أعماله انضمام المملكة لقاطرة التطبيع مع إسرائيل، وذلك، بحسب جوزنيسكي، "ليس حباً في الإسرائيليين، وإنما تطلعاً لأهداف يأتي على رأسها: عوائد التطبيع من الولايات المتحدة، التي تضمن تعزيز العلاقات بين الجانبين، واقتناص اتفاق الدفاع الأمريكي، فضلاً عن لحاق متوقع بنادي الطاقة النووية المدنية، وترصيع تاجه الملكي مستقبلاً بأبرز جواهر المجد". الأكثر من ذلك، يود بن سلمان أن يكون هذا الشخص الذي حلحل القضية الفلسطينية، أو يروج لها على الأقل إقليمياً ودولياً، ولذلك يريد أن يرى من إسرائيل خطوات بناء ثقة حيال الفلسطينيين، وذلك ليس لأنه يهتم كثيراً بالفلسطينيين، بل لأنه يريد أن يكون الشخص الذي يجني ثمار ذلك، وفقاً لتحليل الباحث الإسرائيلي، الذي وجَّه رسالة تقارب ضمنية للأمير السعودي الشاب: "إلى حد كبير، يحمل بن سلمان مفاتيح السلام في المنطقة. إنه زعيم دولة إقليمية مهمة جداً لإسرائيل، خاصة فيما يتعلق بإيران".
فتح مستشفيات عُمان أمام جرحى مليشيات الحوثي
بمنظور الأولويات حيال زعماء المنطقة، وما يتعلق منها بالمفات الأكثر إلحاحاً على إسرائيل، انتقلت حملتها إلى سلطان عُمان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد (69 عاماً)، الذي تولَّى منصبه في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، أو بالأحرى بعد حرمان ترامب من ولايته الرئاسية الثانية بداية العام ذاته. عند التعامل مع ملف السلطنة الخليجية وزعيمها، رأى الباحث الإسرائيلي دكتور عوزي رابي، وهو باحث أول في مركز ديَّان، ومركز الدراسات الإيرانية بجامعة تل أبيب أن عُمان قد تصبح المرشَّحة الثانية للانضمام إلى اتفاقات أبراهام بعد السعودية، عازياً تقديراته إلى سوابق العلاقات (المعلنة وغيرها) بين مسقط وتل أبيب.
وأضاف: "سلطان عُمان الراحل قابوس بن سعيد كان أول من حاول بعد توقيع اتفاقات أوسلو تطوير علاقات السلطنة مع إسرائيل، لكن بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 تراجع السلطان؛ فتعلَّم هو وحاشيته حتمية الحذر عند التقدم نحو هذا النوع من العلاقات. ويجنح السلطان هيثم في سياسته إلى أن الأمر لا يستحق الجرأة في هذا الشأن كما كانت عليه عُمان في الماضي، وربما يتيح زهده في الاقتراب من إسرائيل أو حتى التريُّث فيه، علاقة السلطنة الخاصة مع الولايات المتحدة؛ أما ما بقى على حاله ولم يتغير من قابوس إلى هيثم، فهو العلاقات مع إيران".
غير ذلك، تميل سلطنة عُمان في علاقاتها الخارجية إلى الحياد، فعلاقتها بإيران لا تمنع نظيرتها مع الولايات المتحدة، رغم أنها قد تفرض عليها (كرهاً) تبني سياسة "تقليم الأظفار". ربما يبدو ذلك بوضوح مع فتح أبواب مستشفيات السلطنة أمام جرحى مليشيات الحوثي، إذ يتحسَّب هيثم بن طارق من انزلاق توترات اليمن إلى حدوده الجنوبية معه.
لا تخفي إسرائيل رغبتها في تطبيع العلاقات مع السلطنة الخليجية، وترى الكاتبة ليؤور بن أري أن "هيثم بن طارق هو عنوان مستقبل علاقات إسرائيل مع إيران"، وبلاده بوابة الوساطة الأكثر خبرة في المنطقة، ويمكنها خدمة الولايات المتحدة قبل إسرائيل عبر التواصل مع إيران خلال فترة ما بعد تنصيب دونالد ترامب؛ لكن السلطان الجديد يبدو أقل جرأة قياساً بسلفه. "وحتى إذا كان متواضع الحماسة، ولا يكترث بتسريع الخُطى، فليس ثمة شك في احتياج واشنطن إلى حياديته، لمنع أي احتكاكات في مضيق هرمز، الذي تمر منه يومياً الطاقة العالمية"، بحسب عوزي رابي.
عرجت تحليلات الباحثة الإسرائيلية إلى المقارنة بين بن زايد وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، مشيرة إلى أن كلا الزعيمين يتمتعان ببراغماتية وقوة كبيرة، ورغم أنهما لا يتقاربان لكنهما يحاولان. لكليهما وجهات نظر قد تبدو متشابهة رغم تباين الأيدلوجيات، ويدركان أنه يتعين عليهما تنسيق المواقف الإقليمية في بعض الأحيان
"اللاعب مع جميع الأطراف" و"العالق بين واشنطن وطهران"
ولا يبتعد الرئيس السوري بشار الأسد (59 عاماً) عن بوصلة التحليلات الإسرائيلية، إذ ترى العقيد ميري إيزان، وهى مسؤول كبير سابق في هيئة الاستخبارات العسكرية (أمان)، وزميل بمعهد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أن الأسد ذو قدرة فولاذية عند تحصين نظامه، وتضيف: "لم ينج غير بشار من عواصف "الربيع العربي"، ونجا أيضاً من عقاب التورط في اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، رغم شبهات تحوم حول ضلوعه في الحادث؛ ونجا كذلك من انسحاب القوات السورية من لبنان.
لكن، هل تهدد هجمات إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة الحاكم الذي نجا من كل الأزمات؟ يجيب على السؤال بالنفي الدكتور إيال زيسر، خبير تاريخ سوريا ولبنان المعاصر، ونائب رئيس جامعة تل أبيب: "فرص تأثير هجمات إسرائيل على الأسد ضئيلة جداً".
ويضيف زيسر: "إسرائيل نفسها تواصلت عبر قنوات غير مباشرة قبل عدة أسابيع مع نظام الأسد، وتعهَّدت بالعمل على إزالة العقوبات المفروضة عليه مقابل وقف عمليات تهريب السلاح من سوريا إلى حزب الله في لبنان، لكن بشار يجيد اللعب مع كافة الأطراف تقريباً، فبينما تتقارب معه الدول العربية، تتودَّد إليه إيران أيضاً، فضلاً عن علاقته الوطيدة بموسكو".
وفي هذه النقطة تؤكد العقيد إيزان: "الإيرانيون يمدُّونه بقدرات ضد المتمردين، وتدعمه الدول العربية في هذا الغرض أيضاً، وكل ذلك هو خياره الوحيد في المستقبل". ويعود إيال زيسر لاستشراف مستقبل الأسد، مشيراً إلى أن الدولة الوحيدة التي يمكنها تهديد الأسد - إن أرادت - هى إسرائيل، لكنها لم ولن تفعل ذلك، لا سيما في ظل احتمائه بالروس، وإسرائيل لا ترغب في الصدام مع موسكو.
محمد شياع السوداني (54 عاماً) رئيس وزراء العراق، تعتبره إسرائيل أكثر الزعماء العرب العالقين بين الولايات المتحدة وإيران؛ فرغم أنه كان من أبرز المعارضين لصدام حسين، وشارك في تظاهرات مناوئة له بعد حرب الخليج الأولى عام 1999، لكنه كان حينها موظفاً بالحكومة العراقية، ووصل فجأة لمنصب رئيس الوزراء. تتوقع منه واشنطن حماية قواتها هناك، لكن قطع البازل التي وضعتها إيران على أرض بلاده، لا تمنحه مساحة كافية للمناورة؛ فما أكثر تحدياته القادمة؟ وهل ينجح في مواجهتها؟
داني سيترينوفيتش، باحث مشارك في برنامج إيران بمعهد دراسات الأمن القومي (INSS)، الرئيس السابق لفرع إيران في قسم الأبحاث بهيئة الاستخبارات العسكرية (أمان)، يشير عند الإجابة على السؤال إلى أن "التحدي الأكبر أمام السوداني هو تحييد المليشيات الموالية لإيران في العراق؛ أما فرص نجاحه في هذه المهمة فهى ضئيلة للغاية".
وعزا الباحث الإسرائيلي تقديراته إلى أن حكومة العراق لا تغاير في ضعفها النموذج اللبناني، إذ لا يمكنها في حقيقة الأمر تهديد القوة العسكرية للمليشيات، لا سيما أن ضعف رؤساء الوزراء من هذا النوع هو سر اختيارهم؛ فلو لم يكن السوداني ضعيفاً لما سمحوا له باقتناص المنصب، بحسب تعبير سيترينوفيتش.
"الحريص على التنسيقات الاستخباراتية" و"فاقد الثقة في إسرائيل"
في بورصة التحليلات الإسرائيلية لزعماء المنطقة، يصعد مؤشر العاهل الأردني عبد الله الثاني (62 عاماً)، ليحتل المركز الأول في التقارب مع الغرب. يميل أكثر من غيره لاستخدام اللغة الإنجليزية بدلاً من العربية، ويطيب خاطره مع السفر خارج البلاد، فضلاً عن تمسُّكه بالعلاقات والتنسيقات الاستخباراتية مع إسرائيل، وهو ما يثير غضب العشائر الأردنية التي تدين بالولاء للقصر الملكي؛ لذلك يحرص عبد الله الثاني على توزان مصالح البلاد مع المزاج العام للجماهير الأردنية، بحسب الدكتور رونين إسحاق، رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في الكلية الأكاديمية بالجليل الغربي.
ربما يستدعي الالتصاق الجغرافي بين المملكة الهاشمية وإسرائيل تنسيقاً مباشراً، خاصة مع توقيع معاهدة السلام بين الجانبين، المعروفة باتفاق "وادي عربة" عام 1994، لكن ذلك لا يمنع وضع خطوط حمراء للعلاقة مع إسرائيل، عدَّها عبد الله الثاني ووالده قبله الملك الحسين، وهى وفقاً للخبير الإسرائيلي: ضم أجزاء من الضفة الغربية، وتغيير الوضع القائم في القدس، وتهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى الأردن.
وفي أكثر من مناسبة داخل وخارج المملكة الهاشمية، مرَّر الملك عبد الله الثاني رسائل بهذا الخصوص إلى إسرائيل، وجاء فيها: "تغيير الوضع القائم في القدس يعني إلغاء اتفاق السلام. قبلي قال الملك الحسين ذلك أكثر من مرة؛ وعندما هاجموه بشأن اتفاقية السلام مع إسرائيل، قال إنه يمنع بها تهويد القدس من خلال قبول المادة 9.2 من اتفاقية السلام، التي تعطي الأردن مكانة خاصة فيما يتعلق بالأماكن المقدسة".
"عند تحليل شخصية وسياسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (70 عاماً)، لا بد من الربط بين نشأته القاهرية بحى الجمَّالية الشعبي، وصورته في الطفولة مع الزعيم جمال عبد الناصر، وتعليمه في مدرسة عسكرية قبل الالتحاق بالأكاديمية المؤهِّلة للالتحاق ضابطاً في الجيش المصري (سلاح المشاة)"، وفقاً لميرا تسوريف، محاضرة أولى في قسم تاريخ الشرق الأوسط وأفريقيا بجامعة تل أبيب وخبيرة المصريات في مركز ديَّان.
لعبت هذه المراحل دوراً كبيراً في تكوين شخصية السيسي وبناء سياساته؛ فالنشأة في حي شعبي ثقلت شخصيته بالتديُّن، ولم ينتبه ممثل جماعة الإخوان المسلمين في قصر الاتحادية (قصر الرئاسة)، الدكتور محمد مرسي إلى أن السيسي لا ينتمي للإخوان، وإنما يضاهي في تديُّنه 98% من المصريين. أما صورته مع عبد الناصر، فتعكس مدى إجلال أسرته للزعيم المصري الراحل، والمؤسسة العسكرية التي خرج من رحمها.
بعد استعراض الأزمات التي يعانيها السيسي منذ توليه الرئاسة وحتى الآن، ويأتي في طليعتها بطبيعة الحال الأزمة الاقتصادية الخانقة، قفزت المحاضِرة الإسرائيلية ميرا تسوريف إلى مشروع السيسي الأكثر نجاحاً، وهو القضاء على الإرهاب في سيناء، مشيرة إلى أن ذلك هو ما حدا به إلى رفض تدفق اللاجئين الفلسطينين على شبه الجزيرة. وأضافت: "لن يتحمَّل الرئيس المصري خلق أزمة أمنية جديدة في سيناء، خاصة وهو يعلم أن الفلسطينيين لن يتوقفوا عن الهجوم على إسرائيل، وأن الهجمات ستكون حينئذ من سيناء".
"كان على إسرائيل أن تفهم أن لديها شريك. هناك مصلحة مشتركة لمصر ولنا، ويجب ألا نثق في قطر - بل في القاهرة. ولكن في هذه الأثناء، نحن (إسرائيل) نشكك ونهين ونرتكب كل الأخطاء الممكنة"، تقول الباحثة الإسرائيلية، وتضيف: "فقدت مصر الثقة في إسرائيل، التي حاولت من خلال دوائر أوروبية وأمريكية ممارسة ضغوط على السيسي، وأصبح نقص الثقة سبباً مباشراً في تردي العلاقات بيننا ومصر".
بين "اللاعب مع جميع الأطراف" و"العالق بين واشنطن وطهران" و"الفاقد الثقة في إسرائيل" و"الحريص على التنسيقات الاستخباراتية"... هكذا يرى الإسرائيليون الزعماء العرب. فهل يراهم ترامب بأعين حليفته المقرّبة؟
عمل مكثّف لفترات زمنية خلف الكواليس
من بوابة التكنولوجيا، سوَّقت إسرائيل لعلاقتها برئيس الإمارات محمد بن زايد (63 عاماً)، وتقول الدكتورة موران زيغا، المتخصصة في الشأن الإماراتي بمعهد "مسارات" الإسرائيلي، والمحاضرة بجامعة حيفا والجامعة العبرية، إن تطوُّر التقنيات التكنولوجية الإسرائيلية كانت باعثاً رئيسياً في توقيع اتفاقات أبراهام مع الإمارات العربية المتحدة. رغم ذلك وخلال الحرب في قطاع غزة، لم يترك بن زايد فرصة أو مناسبة، إلا وكال الانتقادات لحكومة نتنياهو، وأبدى اعتراضاً شخصياً على تشكيلتها الحالية.
في المقابل لا يكره بن زايد شيئاً أكثر من جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي حركة حماس، التي يعتبرها فصيلاً من الجماعة ذاتها. لعل ذلك كان سبباً في دعمه نظام السيسي ضد الإخوان، وخلافات خرجت للعلن مع أمير قطر تميم بن حمد، نظراً لدعمه الإخوان، وتوفيره ملاذاً لقادة حماس في الإمارة الخليجية.
وفقاً للباحثة الإسرائيلية، يحاط الرئيس الإماراتي بأفراد عائلته، ولهم على حياته وأيدلوجياته تأثير كبير، لا سيما والدته الشيخة فاطمة بنت مبارك الكتبي، وأشقائه من ذات الأم. ويُعرف عن بن زايد تواريه بعيداً عن عيون الكاميرات، فيميل إلى العمل المكثف لفترات زمنية خلف الكواليس، بحسب الباحث يوئيل جوزنيسكي، رئيس برنامج الخليج العربي في معهد دراسات الأمن القومي (INSS).
تؤكد ذلك أيضاً الباحثة زيغا، ولكن بأسلوب مختلف: "يتمتع رئيس الإمارات بحكمة وذكاء ربما تفوق عدداً كبيراً من الزعماء العرب، ويؤكد دائماً أنه "لا بد من الهدوء في أوقات العمل"، وتفادي سيولة الإدلاء بتصريحات؛ ولعل جدِّيته كانت محفزاً لعدد من الشركات الإسرائيلية على العمل في الإمارات حتى قبل اتفاقات أبراهام.
وينفرد بن زايد بنفوذ واسع خارج حدود بلاده، ويقول الدكتور جوزنيسكي في هذا الخصوص: "أثيرت ادعاءات حول مدى دعمه وتدريبه لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لكن علاقتهما تغيَّرت في ضوء المنافسة الاقتصادية والسياسية الشرسة بين البلدين".
وعرجت تحليلات الباحثة الإسرائيلية إلى المقارنة بين بن زايد وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني (44 عاماً)، مشيرة إلى أن كلا الزعيمين يتمتعان ببراغماتية وقوة كبيرة، ورغم أنهما لا يتقاربان لكنهما يحاولان. لكليهما وجهات نظر قد تبدو متشابهة رغم تباين الأيدلوجيات، ويدركان أنه يتعين عليهما تنسيق المواقف الإقليمية في بعض الأحيان.
في العام الماضي، التقى الزعيمان الإماراتي والقطري أكثر من ذي قبل، خاصة في ظل إدراكهما للتحديات المشتركة في المنطقة. فقط اختار أمير قطر احتضان التهديد والتواصل مع التطرف، وكانت الإمارات العربية المتحدة تتصرف طوال هذه السنوات بنهج معاكس، بحسب موران زيغا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Nahidh Al-Rawi -
منذ 12 ساعةتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
Tester WhiteBeard -
منذ 14 ساعةkxtyqh
بلال -
منذ يومحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...
HA NA -
منذ 5 أياممع الأسف
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.