شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
ما الذي يخيف أكراد سوريا بعد عودة ترامب إلى حكم أمريكا؟

ما الذي يخيف أكراد سوريا بعد عودة ترامب إلى حكم أمريكا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

تتباين الآراء والمواقف حيال فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وكلٌ يبني مواقفه إما على سياسات ترامب خلال فترة حكمه الأولى لأمريكا أو بناء على المستجدّات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، بما فيها سوريا. لكن مخاوف أكراد سوريا من هذه العودة تحكمها عدة عوامل منطقية. 

نقطة الفصل التي تزيد مخاوف أكراد سوريا من عودة ترامب إلى الحكم، تتصل بأمرين أساسيّين أولهما هو أنه سبق لترامب أن تعهّد في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 -بعد اتصال مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان- وقف تزويد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بالأسلحة، وفقاً لوزير الخارجية التركي حينها، جاويش أوغلو. وثانيهما هو الانسحاب الأمريكي الجزئي والمؤقت من مناطق عملية "نبع السلام" في 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، والاتفاق التركي الأمريكي الخاص بوقف مؤقت لإطلاق النار وتعليق العملية العسكرية التركية.

لهذا، يعيش الأكراد في سوريا هاجس الإجابة عن سؤالين مُلحّين يتعلقان بـ"سيناريوهات السياسات الأمريكية"، و"مصير ومستقبل إدارة المنطقة"، خاصّةً أن الولايات المتحدة تُسيطّر بطريقة غير مباشرة على نصف الموارد البشرية الإستراتيجية بما في ذلك حقول النفط والسدود والأراضي الزراعية الخصبة، جنباً إلى جنب مع دورها القوي في إدارة الصراع مع الجانب السوري والروسي والإيراني في المنطقة حول مستقبل البلاد، وهي تعتمد في ذلك بشكل كبير عبر دعمها لحلفائها العسكريين في "قسد".

يعيش الأكراد في سوريا هاجس الإجابة عن سؤالين مُلحّين يتعلقان بـ"سيناريوهات السياسات الأمريكية"، و"مصير ومستقبل إدارة المنطقة" عقب عودة ترامب إلى الحكم، خاصّةً أن الولايات المتحدة تُسيطّر بطريقة غير مباشرة على نصف الموارد البشرية الإستراتيجية بما في ذلك حقول النفط والسدود والأراضي الزراعية الخصبة

مخاوف الأكراد من ولاية ترامب الثانية

في حديثه مع رصيف22، يقول عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني - سوريا، ونائب رئيس الائتلاف السوري المعارض، د. عبد الحكيم بشّار: "لا يمكن النظر إلى منصب ترامب من وجهة نظر كردية فقط، فالملفات أمامه متداخلة، كالحرب الروسية الأوكرانية، وملف إيران، وما يجري في غزة ولبنان، والوجود الإيراني في سوريا، والمنافسة مع الصين اقتصادياً وتقنياً، كلها ملفات تنتظر حلولاً، وأعتقد أن الملف الكردي يأخذ حيّزاً هامشياً لدى ترامب مقارنةً بهذه الملفات".

ولا يزال الأكراد، وعموم سكان المنطقة، يحملون في ذاكرتهم، مشهد الانسحاب الأمريكي من المنطقة الكردية، خاصّةً رأس العين وما حولها، وهو ما يعتبره الأكاديمي في علم الآثار، ومدير مركز چاڤ لاستطلاعات الرأي، سليمان إلياس، في حديثه إلى رصيف22، سبباً مباشراً لتلك المخاوف. يقول: "بسبب الانسحاب الأمريكي، احتلّت الفصائل المرتبطة بتركيا بعض المناطق الكردية وهو ما يضغط على الموقف الكردي من الولاية الجديدة لترامب"، ومع ذلك يستغرب "الخوف الكردي من نتائج الانتخابات الأمريكية، فأكثر من دعم قسد وساندهم مالياً كان ترامب والحزب الجمهوري، وغالباً ستضطر تركيا إلى التوقّف عن قصف المنشآت الحيوية في شمال شرقي سوريا" خلال حكم ترامب.

يعلّل إلياس عدم الربط بين مواقف ترامب خلال دورته السابقة والدورة التي تبدأ في غضون أيام بأن "ترامب رجل مال واقتصاد، وهو يركّز أكثر على المصالح المتبادلة، مثل إغلاق الطرق والمنافذ أمام الصين وزيادة سيطرتها على السياسات الاقتصادية الدولية".

أما الباحث في مركز عمران للدراسات الإستراتيجية، معن طلّاع، فيوضّح لرصيف22 طبيعة مخاوف أكراد سوريا من رئاسة ترامب، ويربطها بمجمل التغيّرات والتطوّرات التي تعصف بالمنطقة. يقول: "موقف الفواعل ما دون الدولة في سوريا مع وصول الإدارة الأمريكية الجديدة، ومع المتغيّرات والتطوّرات على المستوى الإقليمي، هو الترقّب والحذر الشديدان. ورغم ثبات المشهد والحدود المتشكّلة وانشغال كل فواعل ما دون الدولة، بتحدّياتها الداخلية والتعامل مع واقع التقسيم والنفوذ الموجود، فإن أبرز المشاهد المُنجزة هو وقف إطلاق النار الهشّ، دون أي تقدّم في العملية السياسية".

ووفقاً لطلّاع أيضاً، فإن "الإدارة الذاتية وقسد من أهم تلك الفواعل التي ترغب في التناغم مع المتغيّرات، خاصّةً أن الفواعل ما دون الدولة التقليدية مثل حركة حماس وحزب الله، تتعرّض لضربات موجعة جداً. ورغم اختلاف تموضع الملف السوري ضمن أروقة الإدارات الأمريكية، لا تزال فترة الرئيس الأسبق باراك أوباما هي الأكثر تحكّماً في المشهد السوري، وعدم الانخراط في الصراع بين السلطة والمعارضة، أو التعامل مع نتائج المشهد والنظر للعلاقة مع تركيا، لذلك تجد جميع الفواعل ما دون الدولة، وعلى رأسها الإدارة الذاتية، تحت تأثير هذا التشويش والارتباك".

من جهته، يسلّط سكرتير حزب السلام الكردستاني، أحد أبرز أحزاب الإدارة الذاتية، طلال محمد، الضوء على المخاطر التي تحدّق بالإدارة الذاتية خاصّةً مع التقارب الأمريكي التركي. يقول لرصيف22: "الخطر موجود دائماً، ولا يرتبط فقط باحتمال ارتفاع مستوى التقارب بين واشنطن وأنقرة في عهدة ترامب الثانية. فالإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية منذ بداية تأسيسهما تتعرّضان للمخاطر والهجمات من جهات وأطراف وتنظيمات عدة منها تركيا والنظام السوري وتنظيم داعش وغيرها من الفصائل المدعومة من تركيا".

ويعزو طلال تلك الهجمات إلى بناء الإدارة الذاتية وقسد "نظاماً ديمقراطياً"، على حد تعبيره، متابعاً "يُشكّل الأكراد جزءاً من النظام الديمقراطي لذلك يواجه المخاطر والتحدّيات على أيدي مَن لا يؤمنون بالديمقراطية كسبيل أو حل للأزمة السورية، ولا يريدون أي مشروع تفوح منه رائحة كردية".

"وفي المقابل، المقاومة أيضاً موجودة دائماً، وهي السلاح الرئيسي الذي نعتمد عليه"، يضيف طلال، معرباً عن رفضه المقارنة بين قرارات ترامب في دورته السابقة والوقت الحالي، معلّلاً ذلك بأن "تغييرات كبيرة حدثت خلال فترة رئاسة جو بايدن، منها الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب الإسرائيلية على غزة وعلى جنوب لبنان، وتصاعد وتيرة الضربات الإسرائيلية على سوريا، فضلاً عن التصعيد الكبير بين إسرائيل وإيران، وموقف تركيا الداعم لغزة ضد الهجمات الإسرائيلية في المنطقة عموماً، وكلها عوامل قد تساهم في تغيير سياسة ترامب الخارجية".

ويتوقّع السياسي الكردي أن عوامل كهذه قد تتسبّب في "انخفاض مستوى التقارب بين واشنطن وأنقرة وليس العكس، وأيضاً احتمال الشعور بأهمية بقاء القوات الأمريكية في شمال سوريا وشرقها، بحكم الضرورة والواقع، الأمر الذي قد يدفعنا إلى الاعتقاد بأنه لا تغيير- في المدى المنظور- في خريطة شمال سوريا وشرقها، ولا عمليات عسكرية تركية جديدة كما يتخوّف البعض".

"أكثر من دعم قسد وساندهم مالياً كان ترامب والحزب الجمهوري" و"ربما يلعب ترامب دوراً في التقريب بين قسد وتركيا، واستيعاب المخاوف التركية"... ما الذي يخيف أكراد سوريا من عودة ترامب إلى حكم أمريكا؟ وما مصير إدارتهم الذاتية في عهده؟

أما الأكاديمي الكردي فريد سعدون، فيرى أن سياسات ترامب البراغماتية لا يُمكن التنبؤ بها "إلا في ميزان المكاسب والربح اللذين يحققهما من أي قرار. فهو يعتمد على مبدأ الربح والخسارة، وهو سياسة تخلق هواجس مخيفة عند حلفاء الولايات المتحدة وشركائها في المنطقة، من إمكان التخلّي عنهم في أيّ لحظة، خاصّةً إذا كان فك الارتباط والتحالف سيحقّقان لإدارته مكاسب". 

يُذكّر سعدون بأن أكراد سوريا لديهم تجارب مريرة مع ترامب الذي سحب قواته من المنطقة متخلّياً عنهم عام 2019. لكن سعدون يستبعد اتخاذ ترامب قراراً مماثلاً مرة ثانية لأن القرار السابق تسبّب لأمريكا في مشكلات عدة، في مقدّمتها "دخول القوات الروسية تلك المنطقة وتأسيسها قواعد فيها، ووصول فصائل عسكرية مقرّبة من إيران مثل الدفاع الوطني وغيرها" مضيفاً أن انسحاباً جديداً قد يُفسح المجال أمام "الصين للتمدّد أكثر في سوريا، وهي التي تدخل من بوابة إعادة الإعمار والسيطرة على العقود الاقتصادية، والانسحاب من شأنه أن يمنحها فرصاً من ذهب للعب دور أساسي في المنطقة"، حسبما يشرح.

مصير الإدارة الذاتية

في سياق متّصل، يدعو عبد الحكيم بشّار إلى التفرقة بين "حماية الأكراد، والإدارة الذاتية بشكلها الحالي الموالي للعمال الكردستاني" ويقول: "لا أعتقد أن ترامب سيحمي الإدارة الحالية، فعلاقة أمريكا مع تركيا صاحبة الموقع الإستراتيجي تاريخية، ويمتازون بعلاقات ومصالح متبادلة، وهي أهم من علاقة الإدارة الأمريكية مع الإدارة الذاتية".

ويحصر بشّار العلاقة بين الإدارة الذاتية والجانب الأمريكي في "محاربة داعش، وتحجيم دور إيران في سوريا، لذلك فإن موضوع الإدارة الذاتية هو ثانوي بالنسبة لترامب، وليس مُدرجاً على أجندات الإدارة الأمريكية أي ملفات لحماية الأكراد في سوريا، على العكس من الوضع في كردستان العراق، وبقاء القوات والقواعد الأمريكية فيها، رغم الاتفاق بين الإدارة الأمريكية وبغداد على سحب القوات الأمريكية نهاية عام 2026".

من جهته، يدعو طلّاع إلى عدم القياس بناءً على المواقف المسبقة لإدارة ترامب والتي في معظمها "داعمة لإسرائيل، والعودة إلى الشرق الأوسط (أي تكثيف الوجود الأمريكي في المنطقة مرة أخرى)، ومناهضة إيران. وعنوان الأزمات الحالية هو الصفقات الكبرى، وهو منطق عام لإدارة ترامب، أو الدخول في مستنقعات (يقصد أزمات) أكبر، لأن أي حل في أي ملف يستلزم حلاً شاملاً للملفات الأخرى، وهو غير متوفر حالياً".

وبخصوص السلوكيات الواجب على الإدارة الذاتية إتباعها للانتقال من حالة الهشّاشة إلى الاستقرار، يوضّح طلال: "الاستقرار مرتبط بالوضع العام، وما دامت التوتّرات والصدامات موجودة، لن نصل للاستقرار على أرض الواقع. فشمال شرق سوريا جزءٌ من سوريا المشتعلة منذ 13 عاماً، وسوريا جزءٌ من المنطقة التي تتّجه يوماً بعد يوم إلى المزيد من التوتّر والتصعيد. لكن مع ذلك، لا بد من تقوية العلاقات الخارجية، وتمتين الجبهة الداخلية من خلال توحيد الخطاب والصفّ".

 إلى ذلك، يذهب إلياس إلى أنه "من المجحف والخطأ التفكير مبكّراً في موقف وتفضيل ترامب لقسد أو تركيا إذ تختلف المعطيات والقضايا وتفكير ترامب بين ولايته السابقة والحالية" على حد قوله، بينما يعتقد أن الإدارة الأمريكية تهتم بمن يقف لجانبها قائلاً: "قسد يُمكنها تنفيذ المخططات والإستراتيجية الأمريكية في المنطقة أكثر من تركيا، وهي بقيت إلى جانب الإدارة الأمريكية، لذلك لا يمكن لأمريكا تفضيل تركيا على قسد، خاصّةً أن أنقرة أصبحت تعي أن حل القضية الكردية أمر واضح وبديهي في الإستراتيجية الأمريكية ضمن مناطق نفوذها، وهو ما تحاربه تركيا".

ويختتم إلياس حديثه حول الأدوار التي يمكن لقسد لعبها في حال تنفيذ الجانب الأمريكي الضغط العسكري العالي ضد وجود إيران في سوريا، متسائلاً: "بأيّ صيغة على قسد مهاجمة القوات الإيرانية في سوريا؟ وهل أساساً القوات الأمريكية بحاجة لقسد لتنفيذ تلك الهجمات، وهي التي تمتلك الكثير من الأدوات والقواعد العسكرية؟ لكن في حال كانت الضربات للأذرع العسكرية المقربة من إيران، أعتقد أن بإمكان قسد الردّ على أيّ هجوم تقوم به تلك المليشيات، فهي حليف عسكري لأمريكا في سوريا، لكن تنفيذ هجمات ضد إيران أمر صعب للغاية، خاصّةً في ظل غياب القوة الجوية لقسد".

وما بين الحرب والمعارك أو الحوار والسياسة، يرى سعدون أن "أمريكا ستلجأ لتحجيم الدور الإيراني والفصائل الموالية لها وتقديم مساعدات مهمّة لإسرائيل للعب هذا الدور. وفي المقابل، ربما يلعب ترامب دوراً في التقريب بين قسد وتركيا، واستيعاب المخاوف التركية عبر إيجاد منطقة آمنة منزوعة السلاح مع الحدود الجنوبية لتركيا".

ووفقاً لسعدون أيضاً، فإن الحرب بين أمريكا وإيران بدأت فعلياً حيث أنه "سابقاً كان الموقف الأمريكي يقوم على حق الردّ ضد مصادر النيران التي تطال قواعده، أما حالياً فقد تغيّرت المعادلة. فالقوات الإيرانية تقصف مباشرة القواعد الأمريكية وقسد تتسلل إلى غرب الفرات، وهما مؤشران لتطوّر الهجمات وتدخّل مباشر في غرب الفرات". 

ويلفت سعدون إلى أن "أفضل الحلول هو أن يتجنّب الأكراد أن تتحوّل مناطقهم إلى ساحات صراع دولي بين مختلف الأطراف، ولا استقرار لشرق الفرات دون اتفاقات مع الفواعل الدوليين مثل تركيا خوفاً من هجمات برّية جديدة. من مصلحة الأكراد التوصّل إلى حلول مع دمشق والدخول في مفاوضات للوصول إلى حالة دستوريّة رسميّة، والأهم هو الاتفاق الكردي بين الإدارة الذاتية، والمجلس الكردي، وضرورة توحيد الجبهة الداخلية".

"أفضل الحلول هو أن يتجنّب الأكراد أن تتحوّل مناطقهم إلى ساحات صراع دولي بين مختلف الأطراف، ولا استقرار لشرق الفرات من دون اتفاقات مع الفواعل الدوليين مثل تركيا خوفاً من هجمات برّية جديدة. من مصلحة الأكراد التوصّل إلى حلول مع دمشق والدخول في مفاوضات للوصول إلى حالة دستوريّة رسميّة، والأهم هو الاتفاق الكردي بين الإدارة الذاتية، والمجلس الكردي، وضرورة توحيد الجبهة الداخلية"

ويربط طلّاع مخاوف قسد بــ"طبيعة العلاقة التي تجمع تركيا مع أمريكا، والتي ستكون أكثر ارتياحاً في عهد ترامب، لتصبح كل الخيارات مفتوحة"، متوقّعاً أن "تسعى قسد للاستفادة من ذلك عبر محاولة فتح قنوات التواصل مع المعارضة أو الإبقاء على خيار النظام". كما يعتبر أن صعوبة موقف قسد تتمثّل في أنها تتعامل "على نحو شكلي والتحدّيات أمام قسد مرتبطة ببنية ذاتية وبسياساتها الخارجية، وهي ليست وليدة عقل قسد بشكل منفرد بل بقوة داخل الحدود وخارجها، والتحدّيات الذاتية تتطلّب إنتاج مظلّة حقيقية، وليست شكلية، بل تشارك الجميع للسلطة ومراكز القرار بشكل حقيقي والتفاعل مع باقي القوى الوطنية وتعزيز الخطاب الوطني على نحو عملي وليس على نحو المفردات الشكلية".

كذلك، يُحدد طلّاع التحدّيات الخارجية أمام قسد، قائلاً: "جزء من صناعة القرار مرتبط خارج الإدارة الذاتية خاصّةً المواقف من المعارضة والنظام وروسيا وتركيا والدول العربية وهو يتطلّب الارتقاء لإدراك شكل المتغيّرات في الإقليم والمشهد السوري، ولا يوجد مؤشرات دالة على أن الإدارة الذاتية ستتحوّل من تقديم الإيحاءات إلى مرحلة الانسجام والانخراط في تشكيل مظلّة متينة تؤكد حسن التمثيل التشاركي والخطاب الوطني".

وحول مستقبل العلاقات بين قسد وأمريكا، يرى طلّاع أن الحليف الأكبر لقسد هو أمريكا، لذا فإن أيّ تبدّل في خارطة المصالح الأمريكية والمواقف سينعكس سلباً أو إيجاباً على قسد، و"منظومة المصالح الأمريكية نظرياً تقوم على كسر نفوذ إيران في المنطقة، وإذا تطوّر الصراع إلى عمليّات عسكرية برّية يستلزم قوّة محلية، لكن حتى اللحظة لا مؤشرات على تطوّر الأوضاع، بل الواضح هو الرغبة في عدم جعل الجغرافيا السوريّة جزءاً من الصراع، وعدم جرّها إلى ساحة حرب مع إيران.

وفقاً لذلك، والحديث ما يزال لطلّاع، فإن "أمريكا لا تبحث حالياً عن قوّة برّية تقاتل إيران، فهو هدف غير موجود في الوقت الحالي، لكن لو حدثت تغيّرات في خطط الحرب، ستأتي بتبدّلات على مستوى الأمن الإقليمي عامةً، وسيتحوّل المشهد إلى شكل آخر وحرب إقليمية واسعة".

ويرفض طلال الزجّ بقسد في أي صراعات جانبية أو إقليمية، خاصّةً الصراع الأمريكي الإيراني، على اعتبار أن "قوات سوريا الديمقراطية مكوّنة من السوريين بمختلف مكوّناتهم، ونطاق عملها شمال سوريا وشرقها، وهدفها محاربة الإرهاب والدفاع عن المشروع الديمقراطي المتمثّل في الإدارة الذاتية الديمقراطيّة، وبالتالي لا علاقة لها بأي تصعيد بين إسرائيل وإيران، أو بين أي قوّة دوليّة أخرى وإيران، وهذه القوات لن تكون طرفاً في أي صراع أو نزاع".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image