شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
سيناريوهات ما بعد اغتيال السنوار... أي مصير ينتظر حماس والحرب الإسرائيلية على غزة؟

سيناريوهات ما بعد اغتيال السنوار... أي مصير ينتظر حماس والحرب الإسرائيلية على غزة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتطرف

الجمعة 18 أكتوبر 202406:06 م

أعلنت إسرائيل، مساء الخميس 17 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، اغتيالها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، بعد عام من المطاردة والملاحقة الحثيثة للرجل الذي يصنّفه الإعلام والجيش الإسرائيليين "مهندس هجوم 7 أكتوبر"، ووُصف مراراً بأنه "ميت يمشي على الأرض".

ومثلما كانت حياته ملحميّةً ومثيرةً للجدل، وتحركاته وقراراته تُغيّران واقع المواجهة بين إسرائيل وحماس، فإن حادثة اغتياله، بما تكشّف من ملابساتها حتى الآن وما قد يتّضح لاحقاً، ربما تكون الحدث الذي قد يُغيّر مسار الحرب الإسرائيلية على غزّة.

فما هي تداعيات اغتيال إسرائيل للسنوار؟ وهل يعني ذلك نهاية الحرب؟ وإلى أي مدى قد تتأثّر حركة حماس بعد غياب زعيمها؟ وهو ما نحاول الإجابة عنه في هذا التقرير.

هل تنتهي الحرب قريباً؟

من الصعب فهم تحركات إسرائيل وخطواتها المقبلة من خلال التصريحات الرسمية فقط، فلطالما كان الحديث السياسي شيئاً والواقع على الأرض شيئاً آخر.

لكن بالنظر إلى تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، يبدو أن تل أبيب تميل إلى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعقيباً على إعلان اغتيال السنوار، إن مقتله يفتح الباب أمام إمكانية وضع حدّ لـ"محور الشر"، ويجدد إمكانية تحرير الأسرى الإسرائيليين الـ101 المتبقّين. وأضاف نتنياهو، مخاطباً زعماء المنطقة: "لدينا فرصة عظيمة لوقف محور الشر الذي تقوده إيران وخلق مستقبل مختلف… مستقبل السلام، ومستقبل الرخاء للمنطقة بأسرها".

تحذّر "جيروزاليم بوست" القيادة الإسرائيلية من الانتشاء باغتيال السنوار ومن اعتبار أن إسرائيل باتت بأمان، مشددةً: "يتعيّن اتخاذ القرارات بشأن ما يجب القيام به بعد ذلك، هذه الحرب لم تنتهِ بعد". فما هي تبعات اغتيال السنوار على حركة حماس أولاً، وعلى مصير حرب الإبادة الإسرائيلية على غزّة؟

من جانبه، وصف وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، عملية الاغتيال بأنها "إنجاز عسكري ومعنوي كبير لإسرائيل وانتصار للعالم الحرّ بأكمله"، وذكر كاتس، أن القضاء على السنوار قد يخلق إمكانيةً للإفراج الفوري عن الأسرى ويؤدي إلى "تغيير الواقع في غزّة"، مؤكداً ضرورة الدعم الدولي لتحقيق هذه الأهداف، حيث فتح القضاء على السنوار الباب لتغيير الأوضاع، وفق ما نقلته معاريف.

في وقت سابق، صرّح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بأن "مصير الصفقة" المتعلقة بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، في يد السنوار. لكن الاغتيال المفاجئ وغير المخطط له للسنوار، ترك المسؤولين الأمريكيين في حيرة حول التبعات المحتملة على الأقل في الفترة القريبة.

ونقلت شبكة "سي أن أن"، عن مسؤول أمريكي لم تسمّه: "ما زلنا لا نعرف ماذا يعني ذلك"، مشيراً إلى أنه قد يكون هناك تحرّك "سريع" نحو وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، ولكن أيضاً "ربما لا يزال هناك طريق طويل أمامنا". ولم يتوقع المسؤولون الأمريكيون الذين تحدثوا إلى "سي أن أن"، أن تؤدي وفاة السنوار إلى اتفاق فوري، بل أشار المسؤول الأمريكي إلى أن الصراع المستمر بين حزب الله وإسرائيل يمكن أن يعقّد أي فرصة محتملة لإنهاء الحرب المتعددة الساحات.

عملياً، القضاء على السنوار يعني تحقيق أهم أهداف إسرائيل من حربها على غزّة، بحسب المحلل العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي، الذي يضيف: "السنوار هو مهندس هجوم 7 أكتوبر، وجميعنا نعرف أن نتنياهو لم يكن سيوقف الحرب دون تصفية السنوار. قد تكون هذه لحظة مناسبة له لإعلان 'النصر'. ومن ناحية أخرى، القضاء على السنوار يعني توجيه ضربة قوية للحركة التي ستظل تعاني لفترة طويلة من خسارة قائدها وزعيمها الميداني الأول".

يذهب بن يشاي، أبعد من ذلك بالتكهّن بأنه "من المشكوك فيه أن تتمكن الحركة في الوقت القريب من تهديد إسرائيل، وهو ما يعني عملياً تحقيق أهداف الحرب أيضاً"، مستدركاً بأنه في الوقت نفسه مسألة احتجاز 101 أسير إسرائيلي بين حي وميت، ووجود حماس كقوة سياسية حاكمة في غزّة، تبقيان من المسائل العالقة، فضلاً عن السؤال الأهم حول ما إذا كان نتنياهو يريد فعلاً إنهاء الحرب. يقول بن يشاي: "كما يبدو أن مقتل السنوار كان انتصاراً لنتنياهو، لكنه يضعه في مأزق أيضاً".

ويفسّر ذلك بأن التطورات التي قد تنشأ عن الوضع الجديد -وضع ما بعد السنوار- ليست كلها إيجابيةً، فاغتيال السنوار يُشكّل خطراً على الأسرى المحتجزين في غزّة لدى عناصر حماس والجهاد الإسلامي والجماعات المسلحة الأخرى وبعض العائلات في غزّة، وهؤلاء غير متوقعة ردود أفعالهم بعد اغتيال إسرائيل للسنوار. كما يلفت إلى أن فقدان زعيم ديني كاريزمي مثل السنوار، يمكن أن يؤدي أيضاً إلى "دعوات وتحريض على هجمات انتقامية"، بسبب يأس سكان غزّة الذين رأوا فيه رمزاً.

وبينما يُرجّح بن يشاي، أن "هوية خليفة السنوار" ستكون مؤثرةً في التبعات المحتملة كافة، تساءل يونا جيريمي بوب، في تحليل نُشر في جيروزاليم بوست: في حال أبقت حماس الأسرى الإسرائيليين على قيد الحياة، هل يقبل خليفة السنوار شروط إسرائيل الجديدة والتي تشمل الخروج من غزّة مقابل الإفراج عن الأسرى، على الرغم من معارضة السنوار الشديدة لهذه الفكرة، أم أنه سيتبّع خطّاً مماثلاً للقائد الراحل، ويحاول استخدام الرهائن للحفاظ على استمرارية حكم حماس لقطاع غزّة من خلال إجبار الجيش الإسرائيلي على الانسحاب منه؟

وفي مقال تحريري، تحذّر "جيروزاليم بوست" من الانتشاء باغتيال السنوار، واعتبار أن إسرائيل باتت بأمان، مشددةً على أنه "يتعين اتخاذ القرارات بشأن ما يجب القيام به بعد ذلك. هذه الحرب لم تنتهِ بعد".

وتلفت الصحيفة إلى أنه حتى الآن، لا يزال حزب الله يشكّل تهديداً كبيراً لإسرائيل ويواصل إطلاق الصواريخ والطائرات من دون طيار والقذائف بانتظام على المواقع الإسرائيلية، ولا تزال حماس تمتلك رجالاً مسلّحين وصواريخ تحت تصرّفها، ولا يزال لديها 101 أسير إسرائيلي، زيادةً على استمرار التهديد الحوثي في اليمن بما لديهم من ترسانة من الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار، وقيادتهم قائمة. ثم يردف أن التهديد الذي يلوح في الأفق هو من جانب إيران، وهي دولة مجهّزة بشكل جيد وتدعم جميع الجهات الفاعلة المذكورة ولديها جيشها الخاص المجهّز، وهو ما يعني عملياً أن الحرب لم تنته، بحسب افتتاحيتها.

التبعات على حماس

زيادةً على تبعات اغتياله على مصير الحرب على غزة، فإن المسألة الثانية المهمة التي يثيرها اغتيال السنوار، تتعلق بتداعيات غيابه عن حركة حماس، وإلى أي مدى قد تتأثر الحركة بينما تخسر قائداً بحجم السنوار وهي تواجه حرباً إسرائيليةً شرسةً وكل مقدّراتها بما في ذلك الأنفاق، إحدى أهم نقاط قوتها، مستهدفة بقوة. فإذا كانت حماس عمليّاً لم تُهزم حتى الآن، فهل تتسبب إزاحة السنوار في انهيارها؟ إجابة يونا بوب على هذا السؤال هي: "ربما لا!".

يقول بن يشاي: "كما يبدو أن مقتل السنوار كان انتصاراً لنتنياهو لكنه يضعه في مأزق أيضاً".

بالعودة إلى الوراء، نجد أن إسرائيل قتلت العديد من كبار قادة حماس في المراحل التي كانت فيها المنظمة أصغر حجماً، وكانت دائماً تجد البديل المناسب لرئاستها، وتعيد ترتيب نفسها، وربما يرجع ذلك إلى أن قيادات الحركة وعناصرها على المستويات كافة، يتبنّون الأيديولوجيا نفسها والتي هدفها تدمير إسرائيل، بحيث يمكن استبدال أي شخص. ومع ذلك، فإن مقتل السنوار يشكل ضربةً قويةً من شأنها أن تضعف حماس بشكل كبير حتى إلى ما هو أبعد من المستوى الذي وصلت إليه حتى هذه النقطة، لأن السنوار لم يكن فقط الزعيم الأيديولوجي للحركة، بل كان القائد الميداني والرجل العسكري الرفيع المستوى، والذي يصعب استبداله بسرعة، وفق بوب.

من جانبه، يعقّب بن يشاي، بأن سقوط السنوار يمثّل ضربةً معنويةً لحماس، وعلى المدى المتوسط ​​قد يؤدي إلى انخفاض حاد في دوافعها لمواصلة القتال، فقد كان السنوار شخصيةً دينيةً إسلاميةً أسطوريةً، وهذه الحقيقة، كما أثبتت التجربة، لها تأثير كبير وتُثبّط عزيمة المؤمنين الذين يتّبعونه.

ويوضح بن يشاي، أنه من الممكن أن تؤدي إزاحة السنوار إلى دفع معظم سكان غزة النازحين، الذين يتجمّعون في مناطق الإيواء على شاطئ البحر في منطقة المواصي في خان يونس، إلى الجرأة والتمرّد ضد حماس، لافتاً من جديد إلى أن رد فعل الشارع الغزّاوي، وكذلك دوافع عناصر حماس، سوف تتأثر بهوية الخليفة المحتمل للسنوار. وهو يتابع بأنه إذا نجح محمد السنوار، شقيق الزعيم الراحل، في أن يصبح الرجل الأول في الحركة، فمن الممكن أن يبثّ الخوف في قلوب الغزّيين من التمرد ضد حماس.

ويصف المحلل الإسرائيلي/ محمد السنوار، بأنه "شخصية تثير الخوف، ولا يقلّ قسوةً عن أخيه، برغم أنه أقل كاريزميةً"، زاعماً بأن محمد السنوار ورد اسمه كخليفة محتمل لمحمد الضيف، القائد العسكري البارز الذي تزعم إسرائيل تصفيته دون تأكيد حماس للخبر. ويردف بن يشاي، بأنه لا يعتقد أن محمداً يمتلك "السلطة" التي كان يتمتع بها شقيقه في إمكانية فرض قرار مركزي بشأن مصير الأسرى الإسرائيليين، أو في إدارة القطاع الذي لا تزال حماس تحكم أجزاء كبيرةً منه.

ويختم المحلل الإسرائيلي بأنه إذا فشل خليفة السنوار في إرساء القانون والنظام في قطاع غزّة، وتوفير المساعدات الإنسانية، فإن هذا قد يؤدي إلى شبح تقسيم قطاع غزة حيث ستسود الصراعات والفوضى الشاملة، وستكون فرصة إسرائيل للدخول والبقاء في القطاع، وهو ما سيؤدي إلى انهيار حماس بشكل كامل.

يذهب بن يشاي أبعد بالتكهّن بأنه "من المشكوك فيه أن تتمكن الحركة في الوقت القريب من تهديد إسرائيل، وهو أيضاً ما يعني عملياً تحقيق أهداف الحرب"، مستدركاً بأن مسألة احتجاز 101 أسير إسرائيلي بين حيّ وميت، ووجود حماس كقوة سياسية حاكمة في غزّة لا تزال مسائل عالقةً، والسؤال الأهم: هل يريد نتنياهو فعلاً إنهاء الحرب؟

الخطوة التالية يحدّدها نتنياهو؟

إذا كان نتنياهو يريد صورة النصر التي تضيف له المزيد من المقاعد في الانتخابات، وتحميه من معارضة اليسار في إسرائيل، فها هو قد حصل عليها. فقبل عام تعهّد بأن يقضي على كل مخطّطي "هجوم 7 أكتوبر"، والآن، تقول إسرائيل إنها قتلت محمد ضيف، ومروان عيسى، وقد تأكّد اغتيال إسماعيل هنية، وصالح العاروري، ويحيى السنوار، وغيرهم من كبار قادة حماس. بذلك، يكون جميع من تتهمهم إسرائيل بأنهم "مخططو هجوم السابع من أكتوبر" في عداد الموتى، على حد قولها. ما يعني أن نتنياهو يستطيع إعلان "الانتصار" ووقف الحرب. لكن يبقى السؤال: هل حقاً يريد نتنياهو وقف الحرب؟

يقول بوب إنه إذا قرّر نتنياهو ـ-إما أيديولوجياً أو بسبب المخاوف بشأن الهجمات الانتخابية من جانب اليمين المتطرّف- أنه يجب عليه الاستمرار في الحرب حتى يتمكن من إنهاء وجود وسلطة حماس في غزّة سياسياً، فإن الحرب قد تستغرق وقتاً طويلاً.

وفي هذه الحالة، يتوقع بوب أن يكون قرار وقف الحرب في يد الرئيس الأمريكي القادم، الذي سيُنتخب نهاية هذا العام، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، حيث أعلن كل من كامالا هاريس ودونالد ترامب، المرشحان الرئاسيان، لأسباب مختلفة، أنهما يريدان إنهاء هذه الحرب.

ويختم بأن "نتنياهو سينتظر الخطوة التالية من حماس في ما يتعلق بالأسرى، ولكن بالمعنى الأوسع، فإن الخطوة التالية هي صاحب القرار فيها".

إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image