شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"سأعيش اللحظة مع طفلي فالمستقبل قد لا يأتي"... عن هشاشة الأمومة في الحرب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والنساء

الثلاثاء 10 سبتمبر 202401:35 م

صرت أخشى أن أغضبه. بدأت أصاب بالذعر حينما ألمح الدموع تترقرق في عينيه. ألعنني كل مرة أسمع فيها صوته المتحشرج، بالكاد أفهم كلماته التي يتفوه بها من فمه الصغير، محاولاً لفت انتباهي إلى أنني أحزنت قلبه العذب بتلك الفعلة التي أقدمت عليها عندما كنت أنهَرهُ دون وعي ودون قصد. ولكنه لا يستطيع الغوص بداخلي كي يتأكد من حسن نيّاتي.

تلك المشاعر باتت تتملك قلبي الذي صار هشاً بعدما أصبحت أمّاً، وصار أكثر هشاشة بفعل الأوجاع التي سببتها لنا الحروب. صرت ضعيفة أمام تلبية رغبات صغيري، ألبيها على الفور أحياناً، وأحياناً أخرى ندخل في سجال، فأحاول ابتلاع غضبي وإظهار القليل منه نتيجة لفعلة صبيانية يقوم بها، وينتهي بي المطاف محتضنة صغيري الباكي، وفور إرضائه، أجهش أنا في البكاء. 

متى أصبحت أمومتي هشة؟ 

سألت نفسي ذات يوم متى أصبحت بهذه الهشاشة؟ كيف وصل بي الحال إلى هنا؟ ألست أنا تلك المرأة التي تنتفض على عادات المجتمع وتقاليده التي تحد من حريتها؟ ألست أنا تلك المرأة التي قررت أن تواجه أنظمة دكتاتورية وسلطات أبوية يفرضها عليها المجتمع والنظام وغيرهما؟ وأنا أيضاً تلك المرأة التي تحدّت نفسها بأن تكون أماً صالحة، وصحافية تحترم قلمها، صارمة في التمسك بما تؤمن به.

فكيف وصلت تلك المرأة إلى هنا؟ هشة القلب؟ عيناها تترقرقان بالدموع بعد أبسط نقاش بينها وبين ولدها ضمن محاولات تربيته التربية الإيجابية التي يتحدثون عنها، والتي افتقدتها وغيري كثر حينما كنا صغاراً. 

وجدتني ألبي جميع رغبات طفلي، وأحاول جاهدة الابتعاد عن رفض ما يحتاج إليه طالما في حدود المسموح والمعقول. ولكن عدت لأسأل نفسي: لماذا أصبح قلبي بهذه الهشاشة؟ وكانت إجابتي: إنها الحرب

كنت أتابع أخبار الحرب، الناقلة للوجع والفقد والخزي الذي نشعر به جميعاً عبر هاتفي، فرأيت أباً مكلوماً يحمل بين يديه صغيره الذي ارتقت روحه إلى بارئها، ينظر إلى السماء ويسأل المولى: ما الحكمة؟!

يمر من بعده صوت الأم الثكلى التي تركض في ذهول وسط جثامين الشهداء، تحدّق في الوجوه من حولها، فلا ترى سوى أطفالها الصغار في كل منهم. مرددة: لقد ارتقوا جوعى. فهل ستطعمهم من زاد جنتك يا الله؟ اختلطت الأصوات في مسمعي حينما عدت في لحظة إلى عالمي ووجدت ابني يلقي بنفسه بين ذراعي باكياً.

قبيل ذلك بدقائق كنا قد تشاجرنا قليلاً، نهرته لعدم التزامه وعوده لي أن يخصص ساعة يومياً للقراءة، وساعة أخرى لنلعب معاً. بات يقضي ساعات اليوم يلعب الكرة في ملعب صغير بجوار المنزل، أو يلعب مع أبناء الجيران في الشارع الذي نقطن فيه، والساعات المتبقية يقضيها أمام الشاشات، إما التلفاز أو مقاطع الفيديو على الإنستغرام.

تتكرر العادات كل يوم، وتتكرر كلماتي أيضاً كل يوم حتى أصبحت مثل أسطوانة مشروخة، وصرت أبدو مكررة ومملة.

في هذا اليوم انتقدت أفعاله ببضع كلمات تستخدمها عادة الأمهات مثلي. تركني ومكث في غرفته قليلاً، ثم عاد لمناقشتي باكياً. نزلت كلماته سهاماً مدببة على قلبي وروحي، سألني إذا كنت ما زلت أحبه؟ جحظت عيناي من سؤاله الذي يخفي وراءه ألماً يعتصر قلبه، وأنا السبب في ذلك؟

فعاود الكَرّة، هل ما زال لي أهمية في حياتك يا أمي أم صرت شيئاً عادياً مثل باقي الأشياء والأشخاص؟ من أين له أن يأتي بهذه الاستفسارات؟ وما هو الوجع الذي يخفيه داخل قلبه الأخضر العذب ليوصله إلى هذا المكان المظلم، وليشعره بتلك الأحاسيس الثقيلة؟

وجدتني في النهاية ألبي جميع رغباته، أحاول جاهدة الابتعاد عن رفض تنفيذ ما يحتاج إليه طالما في حدود المسموح والمعقول. ولكن عدت لأسأل نفسي: لماذا أصبح قلبي بهذه الهشاشة؟ وكانت إجابتي: إنها الحرب… ١١ شهراً مضت وكأنها ١١ عاماً، لم نعهد سوى الفقد والألم والحرمان وأمهات ثكلى وقلوب مكلومة يعتصرها وداع صغير أو شقيق أو زوج أو أب أو صديق، ونحن مكبلون لا حيلة لنا سوى صراخ غير مسموع من قبل الحكام وصناع القرار.

مشاعر الفقد تلك باتت ترعبني، فبين ليلة وضحاها أصبح من المعتاد في هذا العالم الموحش أن نفقد بعضنا بعضاً.

عاصرت ذات مرة مشاعر الفقد والحرمان من طفلي، حينما أجبرت على ذلك قرابة عامين كضريبة ندفعها في أوطاننا إيماناً منا بمبادئ عزمنا على التمسك بها، وعزمنا على تقبل دفع الثمن بالسجن تارة وبالنفي تارة أخرى.

لا أقصد بقولي هذا مساواة مشاعر الفقد والحزن بين عامين وربما أكثر مثل غيري كثر بسبب السجن، وبين الفقد بالاستشهاد أو الإصابة بجروح لن تندمل إلا بسنوات، أو فقد أحد الأطراف بالجسد، ما أرغب في قوله هو الحديث عن الألم الذي يعتصر قلب كل أم حينما يكون مصابها جللاً في ذويها تحديداً.

حينها علمت سبب استسلامي أمام ترقرق عينيه وصوته الذي بالكاد يخرج من حنجرته ليبلغني أنني تسببت له في ألم. خوفي من الفقد، خوفي من انتهاء هذا العالم في أي لحظة وفي أي مكان. شعرت أنني لست وحدي الخائفة والمذعورة، شعرت أن هناك أمهات مثلي يتشاركن ذات المشاعر، ولذا فكرت في سؤالهن: كيف أثرت الحرب عليهن وعلى قلوبهن؟ كيف تأثرن بالحرب وكيف باتت تطغى على بعض الطباع وأسلوب تربيتهن لأبنائهن في ظل آلة الحرب والدم التي لا تتوقف؟ 

لنعش الآن... لن أرهق نفسي بالتفكير بالمستقبل  

تقول سارا عبد الناصر، وهي أم مصرية ومعتقلة سابقة، مقيمة في تركيا منذ نحو عامين، بعدما أُجبرت على ترك مصر مع زوجها وأبنائها خشية الاعتقال مرة أخرى: "بلا شك، أثرت الحرب تأثيراً كبيراً على نفسيتي، وانعكس ذلك على تربيتي لأطفالي. على الرغم من أنني في المنفى وبعيدة عن أبنائي الكبار الذين أُجبرت على تركهم في مصر، بعدما اختطفهم مني زوجي السابق، إلا أنني تغيّرت في تعاملي معهم. ربما يكون السبب هو البُعد، وكذلك الظروف الصعبة التي نمر بها، وبعد السفر رزقت بطفلين اخرين بعد زواجي الثاني".

ترى سارا أن فظائع الحرب تجعل الأم تتخيل ابنها في كل فيديو أو صورة يظهر فيها طفل متوفٍّ، أو في جمع أشلاء أطفال. يعتصر القلب بين الحزن وتخيل الفقد، وبين تخيل إحساس الأم المبتلاة. 

تقول أم مصرية: "أشعر أنني أصبحت أكثر هدوءًا في تعاملي مع أبنائي، كأنني أدركت أن لا أحد يضمن الغد. أعيش اللحظة، كأنني أقتنصها، لأنني لا أعلم إذا كانت هناك لحظات أخرى قادمة أم لا. لم أعد أركز على المستقبل كثيراً، ولا أرهق نفسي بالتفكير فيه، فأنا أخشى ألا تأتي تلك السنوات البعيدة"

أشعر أنني أصبحت أكثر هدوءًا في تعاملي معهم، كأنني أدركت أن لا أحد يضمن الغد. أعيش اللحظة، كأنني أقتنصها، لأنني لا أعلم إذا كانت هناك لحظات أخرى قادمة أم لا. لم أعد أركز على المستقبل كثيراً، ولا أرهق نفسي بالتفكير فيه، فأنا أخشى ألا تأتي تلك السنوات البعيدة التي كنت أفكر فيها. أقول لنفسي "لنعش الآن"، لأن لا شيء مضموناً.

تستكمل سارا: "أنظر إلى الأمهات الفلسطينيات بنظرة جديدة ومختلفة. رغم أنهن طالما عشن في حالة حرب دائمة، إلا أن هذه هي أول حرب أشهدها وأتأثر بها كأم. أحاول أن أستمد منهن عن بُعد القوة والصبر والتحدي. ربما أرغب في أن أسير على خطاهن في تسليم الأولاد لله وقبول القدر، وهذا ما يجعلهن قادرات على تقبل الموت بصدر رحب. وعلى الرغم من أنني كأم أعلم تمام العلم أنهن يتجرعن مرارة الألم والفقد، إلا أن الإيمان والتسليم لله والقدر يجعل الله يخفف عنهن".

وتضيف: "بعد كل هذا، أصبحت أكثر هدوءاً، وصرت أقل حدة في تعاملي معهم. كذلك، أصبح قلبي أكثر قوة، لأن أي شيء قد يحدث الآن سيكون أقل وطأة بكثير مما يحدث في الحرب. هذا التعامل جعلني هادئة تجاه نفسي، لأن من يرى بلاء الناس يدرك أن ما نحن فيه أقل بكثير مما يعانيه الآخرون."

بيد لي ان معاناة سارا كأم مصرية حاولت ان تنأى بأطفالها بعيداً عن البطش في أرض بعيدة ليست حال فردية، فقد تقاسمت معها ذات المصير والمعاناة. 

هربت بطفلتي من كل شيء 

زينة وهو اسم مستعار لسيدة سودانية وأم لطفلة تبلغ من العمر ٨ سنوات، اضطرت للسفر إلى مصر بحثاً عن أرض جديدة قد تجد فيها الأمان والاستقرار الذي لطالما وعدت به صغيرتها بعدما خاضتا معاً رحلة شاقة للفرار من ويلات الحرب في السودان منذ عام وأربعة أشهر.

تقول: "طوال شهرين كانت أصوات قذائف المدافع والطيران تصم الآذان في السودان. كنت أرى ابنتي تذبل أمامي كل يوم، يتملكها الذعر كل لحظة أشاهدها وأنا مكتوفة اليدين، لا حيلة لي إلا أن أحتضنها في محاولة لأطمئن نفسي وإياها".

عزمت زينة على ترك السودان والبحث عن مأمن لها ولصغيرتها في مصر. "كل القصص التي نسمعها عن انتهاكات الدعم السريع التي تطال السودانيين في الخرطوم والقصص المفزعة التي مر بها أفراد أسرتي أو أحد الأصدقاء ممن سبقوني كانت كافية أن توقف الدم في عروقي قبل أن نسلك الطريق إلى مصر. كانت بالنسبة لي محاولة انتحارية ولكن لا مفر".

تروي: "خضت وابنتي رحلة استمرت ليومين، كانا أصعب وأطول يومين شهدتهما في حياتي. حتى الآن لا تفارق ذهني صورتنا ونحن متراصون أمام المعبر المصري في انتظار دورنا لتقلنا الحافلة. كانت تلك هي اللحظة الأولى والأخيرة التي استسلمت فيها، كان همي منصباً على أن أجبر صغيرتي وعد على النوم، كي لا تبقى تلك الذكريات في مخيلتها".

تضيف: "اضطررت أن الاستعانة بطبيب نفسي بعد أن بدأت أصاب بنوبات هلع. كنت دائماً في حالة خوف من أن أفقد ابنتي، وازداد تعلقي بها إلى حد كبير. فأصبحت عدوانية تجاه كل من يحاول الاقتراب من ابنتي، سواء من المدرسة أو الأهل أو الغرباء. صار على رأس أولوياتي صحتها النفسية، كنت أقص القصص عما يحدث حولنا وكأنها كرتونية مضحكة، كان من الصعب عليّ أن أظهر امام ابنتي مشاعر الخوف والقلق التي تفتك بي طوال الوقت، وهذا ما تسبب لي بأزمة نفسية لاحقاً". 

أم سودانية: "حتى الآن لا تفارق ذهني صورتنا ونحن متراصون أمام المعبر المصري في انتظار دورنا لتقلنا الحافلة. كان همي منصباً على أن أجبر صغيرتي وعد على النوم، كي لا تبقى تلك الذكريات في مخيلتها".

وعن أكثر اللحظات التي شعرت فيها بالضعف والهشاشة أمام ابنتها في ظل الحرب، تقول إنها كانت بعد شهر ونصف من الحصار داخل المنازل مع استمرار انقطاع الكهرباء لما يزيد عن عشرة أيام متتالية، ورغم وجود طاقة شمسية لديهم في المنزل، إلا أن استهلاك الكهرباء كان بحذر. وفي المساء كانت الخرطوم بأكملها تغرق في ظلام وهدوء نسبي قبل أن يعود صوت القذائف، وتروي بأنها كانت تخشى حتى أن تضيء الغرفة حتى لا يتم استهداف منزلها.

"صرت أستغل فترات الهدنة للخروج من المنزل وأنا أحمل حياتي بين كفي يدي لأجلب لابنتي الحلوى ، وكأن كل يوم يمر يكاد يكون اليوم الأخير تحت ويلات الحرب"

تقول: "مع انعدام خيارات الأكل وقلّتها، ومع أصوات القصف المستمر فوق رؤوسنا، اقتربت أكثر من قرار ترك السودان. أذكر جيداً ذات يوم أني غفوت لدقائق واستيقظت على صوت قصف لأحد البنايات القريبة من منزلنا. أصابني الهلع آنذاك وصرت أهرول هنا وهناك بحثاً عن ابنتي. وكان هذا اليوم بمثابة القطرة التي فاضت بها الكأس، وكنت أمام خيارين: هل أخرج بابنتي إلى المجهول ولا أعلم هل سأصل أم لا، ومتى سألتقي بعائلتي مجدداً؟ أم أبقى هنا وقد نموت في أي لحظة، سواء من القصف أو بهجوم الدعم السريع على منازلنا أو جوعاً وعطشاً؟ كانت أصعب مرحلة، وكان عليّ أن أحدد مصيري ومصير ابنتي".

وتكمل: "في خضم كل ذلك شعرت أن قلبي يغمره المزيد من الحب والخوف في آن واحد على ابنتي الوحيدة، وأنه يتوجب عليّ أن أعتني بها أكثر وألبي احتياجاتها قدر المستطاع. صرت أستغل فترات الهدنة للخروج من المنزل وأنا أحمل حياتي بين كفي كي أجلب لها الحلوى والأشياء التي تسعدها، وكأن كل يوم يمر يكاد يكون اليوم الأخير تحت ويلات الحرب. ولكن في نهاية الأمر تعلمت شيئاً هاماً: الأمان الذي يشعر به الأطفال يُغذى بقدر حبنا واهتمامنا بهم".

وتختم حديثها بنصيحة للأمهات اللاتي ما زلن تحت القصف: "أعلم أنه من الصعب جداً المحافظة على رباطة الجأش في ظل هذه الأوضاع، ولكن على الأقل علينا أن نبقي أبناءنا بعيدين عن الأخبار وحكايات الخوف والرعب". 

الحرب علمتني أن أعلّم أطفالي الواقعية

على قدر ما استوقفتني شجاعة زينة أمام رحلة شاقة حاملة صغيرتها، والصعاب التي واجهتها سارا وأبناؤها، فوجئت بأسلوب تربية فاطمة ابنتها البالغة من العمر خمس سنوات. 

أم مغربية: "نحن نشهد كل لحظة أهوالاً تحدث بحق أطفال غزة والسودان وبلدان أخرى تدمرها الحروب، لذا تنامى لدي شعور بأن أكون أكثر وعياً وواقعية في أسلوب تعاملي وتربيتي لابنتي"

فاطمة الزهراء، مهندسة مغربية مقيمة في مصر، تقول: "قررت أن أسير على خطى والدتي في التربية، فحاولت أن أنقل ما تربيت عليه في الصغر إلى ابنتي. وعلى النقيض تماماً، لم أعمل على تلبية جميع احتياجات ابنتي، ولم أصب بالهشاشة التي أصيبت بها أمهات أخريات بسبب أخبار الفقد الناجمة عن الحرب. عملت على أن أعرفها على الحياة البسيطة غير المرفهة. فهناك على الجانب الآخر من العالم إذا عثر طفل على خيارة ستغمره سعادة الدنيا، ولذا وجدت أن ما نوفره لها في الوقت الحالي كافٍ لها".

بسبب الحرب، أصبحت فاطمة أكثر حرصاً في التعامل بواقعية مع ابنتها، لتكون نشأتها صحية ومتماشية مع الظروف التي تحيط بنا. تقول: "نحن نشهد كل لحظة أهوالاً تحدث بحق أطفال غزة والسودان وبلدان أخرى تدمرها الحروب، ولذا تنامى لدي شعور بأن أكون أكثر وعياً وواقعية في أسلوب تعاملي وتربيتي لابنتي. في الوقت ذاته، لا أحرمها من شيء، ولكن عليها أن تعتاد الأساسيات التي يفتقر إليها الآلاف من الأطفال في بلدان الجوار".

تتجلى في قصص هؤلاء الأمهات القوة الهائلة التي تتمتع بها الأمومة في مواجهة أصعب الظروف. فالحرب، رغم ما تحمله من قسوة، تعمق من إحساسنا بالحب والخوف معًا على من نحب. في ظل هذا الألم، يتعلم المرء أن حبنا واهتمامنا بأطفالنا هي الضمان الحقيقي لأمانهم النفسي. لهذا، علينا أن نستمر في منحهم هذا الحب، وأن نحاول جاهدين حماية قلوبهم الصغيرة من صدمات الواقع القاسي.

لعله في ظل هذه الأوقات العصيبة، تذكرنا قصص الأمهات بأننا، رغم كل شيء، نملك قوة داخلية تمكننا من احتضان أبنائنا وحمايتهم من كل ما يعصف بهم. علينا أن نستمد قوتنا من حبنا لهم، ومن إيماننا بأننا، بصمودنا وحبنا، نمنحهم الأمان في عالم تسوده القسوة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image