يظلّ الحب جدلاً لا ينتهي، بسيطاً كالماء ومعقداً كالحرب، تظل النقاشات حول ماهيته وحول ما يدور داخل الإنسان إذا وقع فيه، وعن التزامات الحب: هل يمكن أن نلزم أنفسنا ونختار؟ نقع في حب من ونتجنّب من؟ هل يمكن أن نكتب لأنفسنا "كتالوج" من المحظورات ونطبقه؟ ربما لأن الإجابة "لا"، نستطيع استشراف لماذا لا تُجدي التحريمات نفعاً، ولماذا لا تستطع الهيمنة الدينية أو السياسية السيطرة المطلقة على شعورنا، الذي نحسبه فعل مقاومة، غيظاً وعجزاً، أو كما قال فوكو: "حيثما وجِدت السُلطة، توجد المُقاومة".
يحب أحمد تيريز وتحب فاطمة مينا، والعكس. ينكر المجتمع ذلك، فهو يكره العلاقات المختلطة ويقتلها، يسعى لدفنها في قاع النيل أو في الأراضي البعيدة، يحرق ويكسر وينتشى بفعلته، يقلب موازين الكون ربما، حتى يحقّق نصراً: تذهب فاطمة لأحمد وتعود تيريز لمينا، ويغفو ليستكمل أعماله العادية في اليوم الثاني، محتقراً مفردات تخصّ الحقوق والحريات الشخصية، وبالطبع يرى أن علمانية الفكر تعني "أن تستطيع النوم مع أمك".
يحب أحمد تيريز وتحب فاطمة مينا، والعكس. ينكر المجتمع ذلك، فهو يكره العلاقات المختلطة ويقتلها، يسعى لدفنها في قاع النيل أو في الأراضي البعيدة، يحرق ويكسر وينتشى بفعلته، يقلب موازين الكون ربما، حتى يحقّق نصراً: تذهب فاطمة لأحمد وتعود تيريز لمينا
الزواج المختلط في المسيحية
"لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين، لأنه أية خلطة للبر والإثم، وأية شركة للنور مع الظلمة، وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن". هكذا ينصّ بولس الرسول في رسالته الثانية إلى "أهل كورنثوس"، على تحريم الزواج المختلط بين المسيحيين وغير المسيحيين بشكل كامل، حتى أنه يذهب للحديث عن الأرامل فيقول: "المرأة مرتبطة بالناموس مادام رجلها حياً. ولكن إن مات رجلها فهي حرّة لكي تتزوج بمن تريد في الرب فقط"، كما أوصى يهوه هكذا في سفر "التثنية" بخصوص الزواج من غير المؤمنين: "لا تصاهرهم. ابنتك لا تعط لابنه وابنته لا تأخذ لابنك، لأنه يردّ ابنك من ورائي، فيعبد آلهة أخرى، فيحمى غضب الرب عليكم ويهلككم سريعاً".
تنقسم الطوائف المسيحية في مصر إلى الطائفة الأرثوذوكسية، وهي تمثل الأغلبية من المسيحيين، وتضمّ الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية وكنيسة الروم وكنيسة الأرمن الأرثوذوكس، إلى جانب الطائفة الإنجيلية، والتي تأتي في الترتيب الثاني من حيث المنتمين لها من المسيحيين في مصر، وتمثل الطائفة عدداً من الكنائس، بالإضافة إلى الكنيسة الكاثوليكية القبطية وهي الأقل من حيث التعداد، عطفاً على وجود طوائف مسيحية أخرى لا تعترف الكنيسة بهم، مثل "السبتيين" المعترف بهم قانونياً، وشهود يهوه وغيرهم.
يناقش المسيحيون مسألة الزواج المختلط على مستويين، الأول وهو الزواج من الطوائف الأخرى: أرثوذوكس- إنجيلي/كاثوليكي، والثاني هو الزواج الذي يقترن فيه المؤمن/ة المسيحي/ة بأي إنسان غير مؤمن.
على المستوى الأول، والذي هو أقل حدّة في التعاطي والنقاش، تحرّم الكنيسة الأرثوذوكسية الزواج من أي طائفة أخرى، وتشترط، لإتمام الزواج، اتحاد الملة والطائفة، وينظر رجال الدين الأرثوذوكس إلى الطوائف الأخرى نظرة استعلاء تجعلهم يرفضون الزواج منهم، وإذا قبلوه فلهم شروطهم، والتي أهمها أن تعاد معمودية الطرف المختلف في الكنيسة وحسب الإيمان الأرثوذوكسي، أي يصبح الطرف الأخر منتمياً رسمياً للأرثوذوكسية، حتى يستطيع الخطيبان الحصول على شهادة "خلوّ موانع" والتي تطلب عند إجراء مراسم الزواج في الكنيسة، ومن يتزوّج من خارج الكنيسة الأرثوذوكسية يُحرم من ممارسة الأسرار والطقوس داخل الكنيسة.
فيما ترى الكنيسة الكاثوليكية أن زواج أي كاثوليكي/ة من شخص مسيحي غير كاثوليكي له بعض الضوابط، أهمها أن يضمن الكاثوليكي ألا يُنتزع منه إيمانه، وألا يبتعد عن الكنيسة، ويعمّد ويربي أبناءه حسب الإيمان الكاثوليكي، كما يطلب من الطرف الآخر أوراق انضمام للطائفة لأنه شرط قانوني لإتمام الزواج، حتى لا يُعامل الزوجان بحسب الشريعة الإسلامية في المحاكم إذا لجأوا للانفصال فيما بعد.
فيما تمثّل الكنيسة الإنجيلية التيار الأكثر تحرّراً، فلا تشترط أي شروط في حالة الزواج المختلط بين إنجيلي/ة وأرثوذوكسي/ة أو كاثوليكي/ة، وتعتبر أن التحريم هنا نوع من العنصرية والانغلاق.
على المستوى الثاني، تتفق الطوائف المصرية الثلاث على التحريم الكامل للزواج المختلط الذي يشمل طرفاً غير مسيحي، وتعتبر حدوثه بمثابة موت للطرف المسيحي، وترك للمسيح وخروج عن الإيمان بشكل كامل، ولا تعدّ هذه قضية يجب أن تكون مطروحة للنقاش من الأساس، تحديداً في ظلّ دولة تعد المسيحية فيها أقلية، واستناداً لبعض النصوص الكتابية، عطفاً على أن بعض الكنائس ترى أن الزواج هو سر مقدس له طقوسه المقدّسة، وهو اتحاد بين شخصين مسيحيين يقبلان الروح القدس وينجبان أطفالاً مسيحيين بالتبعية، وهي شروط لا تتحقق أبداً إذا تم إباحة الزواج المختلط على هذا المستوى بين مسيحي/ة ومسلم/ة.
ترى بعض الكنائس أن الزواج هو سرّ مقدّس له طقوسه المقدّسة، وهو اتحاد بين شخصين مسيحيين يقبلان الروح القدس وينجبان أطفالاً مسيحيين بالتبعية، وهي شروط لا تتحقق أبداً إذا تم إباحة الزواج المختلط على هذا المستوى بين مسيحي/ة ومسلم/ة
الزواج المختلط في الإسلام
يتفق غالبية الفقهاء في الإسلام على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم، فيما يفتون بجواز المسلم من مسيحية أو يهودية ولا حرمانية في هذا، ويمثل المذهب السنّي الأغلبية الساحقة في مصر، ويشرح شيخ الأزهر، الإمام أحمد الطيب، هذه المعادلة الخاصة بالزواج المختلط، فيقول إن الزواج في الإسلام مشروع ديني في المقام الأول وليس مدنياً، واستخدم القرآن مرتين تعبير "الميثاق الغليظ"؛ الأولى وصف بها علاقة الله مع الأنبياء، والثانية علاقة الرجل والمرأة، فالمسلم يجوز له الزواج من المسيحية واليهودية لأنه يؤمن بعيسى وموسى، لكن لو عكسنا الأمر وأصبح الزوج مسيحياً أو يهودياً فهو لا يعترف بمحمد ولا بعقيدته، فإذا اعترف وأصبح مسلماً تزوجها، لأنه يجب ألّا نضع امرأة مسلمة تحت حكم رجل لا يقبل ولا يعترف بدينها.
وعلى الرغم من سيادة هذا الرأي الذي يحرّم زواج المسلمة بغير المسلم، لأسباب تستند على تفسيرات لنصوص قرآنية، ولأسباب تخص قوامة المسيحي أو اليهودي على المسلمة، والأهم من كل ذلك "كارثة" تبعية الأطفال لأب غير مسلم، ظهرت أصوات ليست بقليلة تطرح طروحات بديلة، منهم الدكتور مصطفى راشد، الذي قال إنه لا يوجد نص قرآني واحد صحيح يمنع زواج المسلمة من غير المسلم، ومن يحتكم إلى آية "وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ" فهذا تدليس، لأن المشركين هم الكفار وليسوا أهل الكتاب، وقد فرّق القرآن بين الاثنين، ولا يوجد ما يسمى بـ "إجماع الفقهاء" لأن الأمة لم تجتمع في قضية واحدة، ولو استندنا في التحريم للآية واعتبرنا المشركات هن المسيحيات واليهوديات، فمن باب أولى أن يحرّم زواج المسلم أيضاً من غير المسلمة، وهنا يظهر الفكر الذكوري الذي يطرح تفسيراً للآية بوجهين، مؤكداً إنه مجرد "تفسير ذكوري لا يصح".
واتفق مع هذا الطرح الزعيم الإسلامي السوداني الدكتور حسن الترابي، بأن زواج المرأة المسلمة من غير المسلم، مسيحياً كان أو يهودياً، جائز، ووصف تحريم هذا الزواج بأنها مجرد "أقاويل وتخرّصات وأوهام وتضليل"، الهدف منها جرّ المرأة إلى الوراء، وفسّر أن منع زواج المرأة المسلمة من غير المسلم ليس من الشرع في شيء، والإسلام لم يحرّمه ولا توجد آية أو حديث يحرّم زواج المسلمة من الكتابي مطلقاً، وأكّد أن التحريم قديماً كان بسبب الحروب بين المسلمين وغيرهم، ويزول التحريم بزوال السبب.
فيما أثارت الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، الجدل منذ سنوات قليلة، بتصريحاتها حول نفس القضية، والتي قالت فيها إن إجماع الآراء على التحريم ناتج عن مجموعة من الاجتهادات من بعض النصوص، لكن لا يوجد أي نص قاطع يحرّم زواج المسلمة من كتابي، وطالبت فقهاء العصر الحديث أن يعكفوا على دراسة هذه القضية، مشيرة إلى معاناة المسلمات في الغرب عند الزواج.
يتفق غالبية الفقهاء في الإسلام على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم، فيما يفتون بجواز المسلم من مسيحية أو يهودية ولا حرمانية في هذا
حب وعنف
رغم كل هذا التحريم، يُخيل للمرء أن هؤلاء المسيحيين والمسلمين كائنات تمّ برمجتها آلياً، تستطيع كبح نفسها مئة بالمئة وتبرمج قلوبها على هذه النصوص الناهية، القاطعة للعلاقات المختلطة، وذلك في ظلّ مجتمع تشابكي لا يعمل فريق بمنأى عن آخر، لكن الحقيقة غير تلك الصورة المهترئة، فعلاقات الحب ومحاولات الارتباط بين الطرفين تظهر وتتمدّد وموجودة مهما تم إنكارها.
نشرت الصحفية المصرية دينا عبد العليم مقالاً تحت عنوان "اعترافات فتاة مسلمة أحبت 3 مسيحيين في 4 سنوات"، حكت فيها تجاربها العاطفية التي أوقعها القدر فيها مع ثلاثة شباب مسيحيين، وفي كل مرة كانت تقرّر قطع العلاقة مجبرة لأنها مسلمة، وقالت في نهاية مقالها: "ليس لدى تفسير لما حدث سوى أن المشاعر الإنسانية مجردة تماماً، ولا تنظر لدين، ولا يقف أمامها طائفة أو مذهب، هي مشاعر تنطلق مهما كانت الديانات ولن تتوقف إلا إذا قرّر الإنسان أن يصمد أمامها وينهيها. أنا كنت قوية واستطعت ذلك أكثر من مرة، لكنى على يقين بأن هناك آلاف الشباب مرّوا بقصص حب انتهت بجحيم بسبب الهلال والصليب".
أثارت حكاية دينا الرأي العام وقتها، واتهمها الناس بالكفر، وخاضوا في شرفها ونادوا بقتل هذه الفتاة "الفاجرة قليلة التربية، التي حكت هذه الحكاية دون خجل"، على الجانب الثاني، ترسل فتيات مسيحيات إلى عدد من الكهنة أسئلة متكرّرة ومعتادة حول علاقات عاطفية تربطهن بشباب مسلمين، وعن ارتباكهن من هذه المسألة التي يحرّمها الدين وتسنّ الأسر لها السكاكين الفورية، وتنقلب المسألة من طبيعتها الخاصة لقضية أمن دولة!
العلاقات المختلطة سبب في العنف الطائفي
ترتجف العلاقة بين مسيحيي ومسلمي مصر إن ظهرت قصة عاطفية بين اثنين مختلفي الديانة، يصل الأمر ذروته إن كان الرجل مسيحياً، فلن يدفع الثمن وحده بل يشاركه كل المسيحيين في منطقته، والذين يتعرّضون لعقوبات جماعية من تهجير قسري وحرق بيوتهم ونهب ممتلكاتهم، وممارسة الاستقواء عليهم كأقلية ليس في يدها ما تفعله سوى قبول التأديب والغضب.
في هذا السياق، تذكر مريم المغلاوي، في دراسة بعنوان "LAW, LOVE AND VIOLENCE: INTERFAITH ROMANCE IN MODERN EGYPT"، أن سيناريو العلاقات الرومانسية والجنسية بين مختلفي الأديان من أبرز الأسباب التي تؤدي للعنف الطائفي في مصر، وبنظرة خاطفة على السنوات العشر الأخيرة، نجد أن عدداً كبيراً من الحوادث الطائفية ضد المسيحيين اندلعت بسبب شائعات حول قصص حب، وتشير إحدى الأطروحات التي اعتمدت عليها الدراسة، إلى أن العلاقات بين الجنسين واختفاء النساء والفتيات، تمثل السبب الثاني أو الثالث الأكثر شيوعاً للاعتداءات الطائفية، حيث كانت السبب وراء 15.7% من جميع الحوادث التي سجلتها الدراسة (46 حادثة من أصل 292).
تتفق معها دراسة "في عرف من؟ عن دور الجلسات العرفية في النزاعات الطائفية ومسئولية الدولة" التي أجرتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والتي ذكرت أن النزاعات المرتبطة بالعلاقات العاطفية أو الجنسية بين مختلفي الديانة جاءت في المرتبة الثانية، بواقع 13 حالة ونسبة 29% تقريباً.
فيما يسود هذا التحريم القطعي، دينياً ومجتمعياً، ويصل حد العنف بفوارق الوتيرة والدرجة من أقلية لأكثرية والعكس، فإن رؤية المشهد من بعيد يضعنا أمام عادات وتقاليد مرتبطة بسياق جغرافي ومجتمعي وقانوني أكثر منه ديني، فالمسلمات في تونس مثلاً حصلن، بموجب القانون، على حقهن في الارتباط بغير مسلمين، والمسلمات من جنسيات مختلفة في أوروبا يرتبطن بغير مسلمين، وأفتى بعض الشيوخ بذلك اعتماداً على وجودهن كأقلية صغيرة في بلاد مسيحية، وعلى عدم وجود نصّ تحريم قاطع، وفي المقابل لا يشكل الارتباط بغير مسيحيين عقدة مفصلية للمسيحيين والمسيحيات خارج مصر، لأنه في النهاية جزء من الحريات الشخصية، بعكس التعامل معه هنا كقضية عامة تخص الجميع.
ترتجف العلاقة بين مسيحيي ومسلمي مصر إن ظهرت قصة عاطفية بين اثنين مختلفي الديانة، يصل الأمر ذروته إن كان الرجل مسيحياً، فلن يدفع الثمن وحده بل يشاركه كل المسيحيين في منطقته، والذين يتعرّضون لعقوبات جماعية من تهجير قسري وحرق بيوتهم ونهب ممتلكاتهم
أين يقع القانون من هذه الحكايات؟
تتعامل الدولة مع المواطنين في مصر على اعتبار أنهم مسلمين ومسيحيين، وتقسم القوانين التي تنظم الأحوال الشخصية على هذا الأساس، فمثلاً للشريعة الإسلامية تأثير على العديد من القوانين المصرية، وهذا يؤدي في كثير من الأحيان إلى تبعية المرأة المسلمة ورفض بعض الحقوق الأساسية، مثل الزواج المختلط بين الأديان، بينما في مادتها الثالثة تدفع بتنظيم الأحوال الشخصية للمسيحيين إلى الكنيسة، فهي صاحبة الحق الوحيد في التصريح بالزواج أو الطلاق، وعلى هذا فإن الدولة تفضّل التعامل مع رأسين للمواطنين عامة، وهما الأزهر والكنيسة في إدارة الحيوات الشخصية للناس.
ولهذا، تشرعن القوانين من ناحية العنف الطائفي الواقع بسبب ارتباط مسلمة بمسيحي، لأنها ترفضه وتتركه لتنظيم الدين والمجتمع، ولا تعتبره شأناً خاصاً، ومن ناحية أخرى ترسّخ لعنف وتسلّط المؤسسة الكهنوتية على حرية الأفراد المسيحيين، فلا زواج إلا بتصريح "خلو موانع"، ولا طلاق إلا لـ "علّة الزنا"، حتى ولو أوشك طرف على قتل الآخر.
الأمر لا يقف عند هذا الحد العبثي، إنما يمتدّ للسيطرة على مظاهر هذا الارتباط، فيوقع بعض الأساقفة غرامات مالية باهظة في حال قرّر العروسان إقامة حفل زواج بعد صلاة الإكليل "فرح وأغاني ورقص"، ويتعسّف آخرون في إتمام الزواج نفسه في حالة لم يلتزم أي طرف ببعض الشروط، مثلما قرّر مطران إحدى المحافظات، منذ سنوات، إلغاء أكاليل قرية بأكملها لأنها لم تلتزم بشروطه الشخصية في طريقة الاحتفال بالخطوبة!
عطفاً على أن القوانين بشكلها الحالي تظل مرتبكة بحال تم الزواج بين مختلفي الأديان "مسلم بمسيحية كحالة شائعة"، فلا يرث طرف عن الآخر، وتظهر مشكلات حضانة الأطفال وميراثهم فيما بعد، وبالطبع لا تعترف بزواج المسلمة من مسيحي وتعدّه "جريمة زنا"، كما تهدر حقوق الأقليات الأخرى الموجودة في مصر وتجبرهم على شكل معين من الارتباط والزواج، مثل البهائيين والشيعة، والطوائف المسيحية الصغيرة التي لا تعترف بها الكنيسة، مثل شهود يهوه.
من أجل ذلك، نطالب دائماً بقانون مدني علماني موحّد، حيث يختفي أو يغيب الزواج المدني مثلاً، كحل جذري عن عقل المشرّع المصري، لأسباب سياسية واجتماعية، فالقانون يتيح الزواج المدني في حالة الأجانب فقط، أو أن يكون طرف من الطرفين أجنبياً بشكل كامل، وتعارض الكنيسة الزواج المدني، لأنه خيار يفقدها السيطرة المادية والروحية على المسيحيين في مصر، وتعارض السلطات الدينية الإسلامية بالتبعية أي شكل من أشكال الزواج غير الديني.
هنا، يطرح عمرو عبدالرحمن، سؤالاً وجيهاً في مقالته "الدولة وأحداث العنف الطائفي في مصر": ماذا لو كان المفجّر الرئيسي لغالبية أحداث العنف الطائفي في مصر، منذ بداية الثمانينيات وحتى ما بعد يناير 2011، هو الإطار التشريعي نفسه الذي يحكم علاقة الدولة بالمجتمع بشكل عام، وبمجال الأحوال الشخصية على وجه الخصوص؟ هنا يتطلب الأمر الانتقال من الدعوة لتطبيق القانون على الجميع إلى الشروع في إعادة هيكلة هذه العلاقة نفسها بين الدولة والمجتمع على أسس جديدة تماماً، مختلفة عما ساد خلال أكثر من قرن ونصف من عمر الدولة الحديثة في مصر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.