شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
تأنيث الهجرة... أو

تأنيث الهجرة... أو "تفاح أخضر للسيدة ناتالي"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

السبت 24 أغسطس 202402:15 م

محاولات التغلب على الحنين هي نضال ضد الهزيمة. ترويضه ضرب من الخيال ودحرجة مستمرة لصخرة سيزيف. توصلتُ إلى هذه النتيجة منذ تركت وطني، وأعلنتُ استسلامي لذاك الجبّار من دون قيدٍ أو شرط، فسيطر عليّ هيمنةً مطلقة، وأبقاني على الطريق أبحث عن ذاتي.

وحين يشتد بي الحنين أقول لا بدَّ من الكتابة، لا بدَّ من توثيق ما كنت أجهله فأصبحت بفضل هذا الإحساس وغربتي واعية به.

غادرت وطني قبل سبع سنوات، تاركة كل شيء وغير مستغنية عن أي شيء في آن واحد. لم أخطط يومًا للهجرة، لكنني وجدت نفسي في فرنسا ضمن قائمة طويلة تُسمى بمهاجري ومهاجرات الأدمغة.

وجدت كل أصدقائي القدامى على هذه القائمة، وحتى أختي الوسطى التحقت بها حاملةً شهادتها العلمية وأغراضها وقطعةً ثانية من بيتنا. حملت هويتي معي في كل مكان، وحولت بيتي لموطن صغير، زينت جدرانه بلوحات "سيدي بوسعيد"، وعمّرت مطبخه بالفخار والنحاس، وأثثت مكتبته بالكتب التي كبرت معها.

زرعت في حديقته ياسمينةً حتى تمتلئ برائحة المشموم وتملأني بها، وغرست فيها زيتونة تثبّت جذورها وجذوري في هذه الأرض. حتى قططي التي تبنيتها لتؤنسني في فترة جائحة "كوفيد" حملت أسماء تونسية، وعلمتني أن لا فرق بين الأيام العادية وأيام الحجر الصحي المكررة للمغترب، ففي ظل التطبيقات الصارمة للحماية من انتقال الفيروس أو غيابها، لا أحد يطرق أبوابنا أو يؤنس وحدتنا، فتعايشت مع محاولاتي لإيجاد إجابات عن السؤال الذي تسلل إلى بيتي وقاسمني طريقي.

تنويع على الغربة

هل غربتي هذه أشدّ وطأة من غربتي في وطني؟ أكرر هذا السؤال وأتقاسم قسوته مع كل من أصادفه. أصطحبه معي في كل الشوارع وأتخفف من حدّة وطأته مرة واحدة في الأسبوع، يوم الثلاثاء، حين أذهب للعمل ولقاء زميلاتي المغتربات مثلي. 

محاولات التغلب على الحنين هي نضال ضد الهزيمة. ترويضه ضرب من الخيال ودحرجة مستمرة لصخرة سيزيف. توصلتُ إلى هذه النتيجة منذ تركت وطني، وأعلنتُ استسلامي لذاك الجبّار من دون قيدٍ أو شرط

في الطريق إلى العمل، في القطار، أستقرئ دون ملل وجوه اللواتي يشبهنني، أتأملهن جيدًا وأبتسم لهن. يبتسمن لي، فأرى في ابتساماتهن مريم وهناء وأسماء، زميلاتي في العمل، اللواتي رغم محاولات بعضهن طمس هوياتهن بل إنكارها أحيانًا، كنت أرى نفس الحنين ونفس السؤال بوضوح في أعينهن.

أربع نساء

كنّا أربع نساء نتحدث تقريبًا نفس اللغة باختلاف اللهجات. جمعنا يوم الثلاثاء، أثناء جائحة "كوفيد"، مطبخ مقر العمل، وبعد انتهاء الجائحة جمعنا سوق ساحة الجمهورية عند الساعة الواحدة بعد الظهر. تتنكر هناء للغتها وأصولها أثناء وجودها مع الزملاء الفرنسيين، فتصرّ على أنها "آنا"، وتستعيد في ساحة الجمهورية هويتها فتتحدث بمغربية طليقة عن طبق "الحريرة" وتبحث بين الباعة عن أفضل "القزبر" لتكتمل "الحريرة" على أكمل وجه.

هناء (28 عاماً)، مهندسة إعلامية درست في المغرب. في لقائنا الأول أخبرتني أن اسمها "آنا"، قالت ذلك بلكنة فرنسية وضحكت، فظننتها تمزح، ولكن سرعان ما اكتشفت أن أكبر مشاكل هناء هو نطق اسمها، واسم ابنها ميخائيل أو ميكائيل كما يحلو لها أن تناديه. لم أستسغ ذلك، وكيف أفعل وأنا لا زلت أحاول دون يأس تعليم زملائي الفرنسيين نطق حرف الحاء حتى يتمكنوا من نطق اسمي. 

مريم (53 عاماً)، عاملة نظافة جزائرية في الشركة التي أعمل فيها، لا تهتم لاسمها، فلا تنزعج من سيمون الذي يناديها "ميغيام" ولا من هناء التي تسميها "ماغي"، ولا تصلح حتى لمن يخطئ ويناديها "مروى". لكنها تنزعج كثيرًا من سولان التي تترك كأسها فوق الطاولة وحولها مناديل متسخة، ومن أحمد الذي لم يفهم بعد أن الصندوق الأصفر للمهملات غير مخصص لفضلات الطعام.  

ارتفاع عدد المهاجرات كسر الصورة النمطية حول مشاركتهنّ في الحياة الاقتصادية فقط داخل الأطر التقليدية. مع مزاحمة النساء الرجال في سوق العمل إلى جانب الرعاية المنزلية. 

أسماء (41 عاماً)، مسؤولة موارد بشرية، تركت زوجها في تونس واصطحبت ابنها ذا العشر سنوات ليحظى بتعليم أفضل من تونس التي لم تترك لها الثورة فرصة أن تصبح كـ"دبي" كما صرحت العرّافة ليلى عبد اللطيف ذات مرّة فكانت مدعاة لسخرية التونسيين. كل يوم ثلاثاء نلتقي في التاسعة والنصف صباحًا أمام آلة القهوة. تختار هناء قهوة بالحليب المكثف والرغوة، وأختار مع أسماء قهوة "إكسبريسو"، وتكتفي مريم بكأس ماء. نتحدث قليلًا ثم تتجه كل واحدة منا إلى مكانها. في منتصف النهار نلتقي في مطبخ الشركة لنتناول الطعام على عجل حتى لا نفوّت فرصة التجوّل في السوق.

عادةً تطلب هناء أو "آنا" طبق سوشي بارداً تأكله بالشوكة لأنها لا تجيد استعمال الأعواد الآسيوية، بينما تشتري أسماء قطعة خبز محشية بالبصل واللحم المفروم من محل جزائري، أما مريم فاعتادت أن تحضر معها ما تبقى من عشاء البارحة، تسخنه بعناية، تتذوقه ثم تأكله وتطلب من كل من يمر بنا تذوق أكلها. أما أنا فأكتفي بقهوة سوداء لأنني منذ فترة أمارس الصيام المتقطع لأخسر بعض الوزن.

قبل الذهاب للسوق، تتصل مريم بصديقتها نصيرة التي تعمل في البناية المجاورة كعاملة رعاية، ترعى بحب امرأة في الثمانين. تخبرها نصيرة أنها انتهت على الفور من الأكل مع السيدة "ناتالي". "سأساعدها على النوم في فراشها ونلتقي".

جمع سوق ساحة الجمهورية بين كل أنماط المهاجرات، أدمغة وسواعد وقلوباً، وأكمل بشبيهات نصيرة جسد المغترب. فهجرة اليوم ليست هجرة أدمغة تخطط وسواعد تبني فقط، بل هجرة قلوب أيضًا ترعى بحب المسنين في برد أوروبا وثلوجها.

في السوق، نساء يتبضعن ونساء يتنزهن ونساء يبعن، أسماؤهن ولهجاتهن مألوفة جدًا، فأغلبهن مهاجرات.

تأنيث الهجرة

تتزايد أعداد النساء اللواتي يهاجرن من بلدانهن الأصلية بحثًا عن فرص جديدة، ليس فقط كتابعات لأسرهن، ولكن أيضًا كرائدات يتحملن مسؤوليات اقتصادية وعائلية جديدة. فكما تحملت أسماء مسؤولية بيتها وابنها عوضًا عن زوجها، تخلت مهاجرات كثيرات عن فكرة القوامة للرجال آباءً أو أزواجًا.

عُرفت ظاهرة هجرة النساء بمصطلح تأنيث الهجرة. في فترة الثمانينات، لاحظت السوسيولوجية "ميرجانا موركوفاسيتش" أن الدراسات حول الهجرة غالبًا ما أغفلت دور النساء، حيث كانت الهجرة تُدرس من منظور ذكوري فقط. هذا الإغفال أدى إلى تصور الرجال كمرجع وحيد، ما جعل النساء غير مرئيات في النقاشات حول العمل والهجرة، مما أدى إلى ما سمي بـ "الغياب المزدوج" للنساء. لقد أظهرت "موركوفاسيتش" وباحثات أخريات في ذلك الوقت أن الهجرة كانت مقتصرة على الرجال فحسب، دون اعتبار للنساء. 

كنّا أربع نساء نتحدث تقريبًا نفس اللغة باختلاف اللهجات. يجمعنا سوق ساحة الجمهورية عند الساعة الواحدة بعد الظهر. تتنكر هناء للغتها وأصولها أثناء وجودها مع الزملاء الفرنسيين، فتصرّ على أنها "آنا"، وتستعيد في ساحة الجمهورية هويتها فتتحدث بمغربية طليقة 

هجرة النساء، ظاهرة غير مرئية: فما هي عوامل الإغفال؟ تشير الباحثتان "بيا إيبيرهاردت" و"هيلين شفينكن" إلى عدة عوامل ساهمت في هذا الإغفال، منها استبعاد النساء من الأوساط الأكاديمية، وتحكم الرجال في طرق البحث، والتحيزات الجندرية في المصادر التاريخية والبيانات، والاهتمام الزائد بالرجال كمحور للدراسة مع تهميش النساء. ساهمت هذه العوامل في اعتبار المهاجرين ذكورًا فقط من خلال صورة العامل، الزوج أو الأب. أدى هذا التهميش للنساء إلى تصور الهجرة الاقتصادية على أنها هجرة ذكورية بالأساس.

ارتبطت هجرة الرجال في دراسات الهجرة بالأسباب الاقتصادية، بينما اقتصر ذكر هجرة النساء على الأسباب الاجتماعية مثل الالتحاق بالزوج أو استكمال مراحل الدراسة العليا. يمكننا أن نفهم من خلال تحليل خطابات ومقالات تحليل ظاهرة الهجرة في الماضي أنها

ذات صبغة جندرية ضد النساء تتماشى مع تقسيم أدوار العمل النمطي. مع بدايات ظهور تيار النقد النسوي، شكلت فترة الثمانينات تحولًا أوليًا في التعاطي مع ظاهرة تأنيث الهجرة.

حاولت الأبحاث النسوية في بداياتها تفكيك الدور النمطي للنساء في الهجرة، لا سيما أن الإحصائيات بيّنت ارتفاع نسبة المهاجرات، وهو ما كسّر الصورة النمطية حول مشاركتهنّ في الحياة الاقتصادية فقط داخل الأطر التقليدية. مع مزاحمة النساء الرجال في سوق العمل ومشاركتهنّ في الحياة الاقتصادية إلى جانب أعمال الرعاية المنزلية، تم إعادة النظر في مفهوم العمل الذي تجاوز الأنشطة الاقتصادية المتعارف عليها. سمحت التعريفات الجديدة للعمل بتجاوز التحديد الطبيعي للعمل المنزلي وتسليط الضوء على أهمية الدور الاقتصادي للنساء فيه.

اعتادت مريم أن تحدثنا عن أحلامها التي أفلتت منها عندما اكتشفت صعوبة العيش في الجزائر. كرهت يومها وضيق عيشها وتقشفه الذي لم يمكّنها حتى من سداد فواتيرها أو تدريس أبنائها أو حتى تأجير بيت عادي. رأت حبّها لزوجها يتضاءل كأحلامها مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية وضعف الأجور، فاقترحت على زوجها الهجرة إلى فرنسا للعمل سويًا. تقوم مريم اليوم بكلّ أشغال البيت دون مساعدة أحد وتعمل خارج البيت كعاملة نظافة في شركتين. لا تتذمر أبدًا بل تقول دائمًا إنها بفضل هذا صارت قادرة على إرسال مساعدة مادية شهرية لوالدتها وتدريس شقيقتها في الجامعة. ما زالت تتقشف، لكن تقشفها اليوم يسدد كل فواتيرها ويساعد أهلها ويبني لها بيتًا جميلاً في وطنها الأم.

التغيرات في الأدوار

شهدت فترة الثمانينات وما بعدها تزايد أعداد النساء في حركة التدفقات الهجرية، إذ لم تعد النساء يسافرن مع عائلاتهنّ إلى الخارج بل من أجل العمل ومساعدة أهاليهنّ. منذ فترة التسعينات، أصبحت النساء قائدات للهجرة الأسرية ومصدرًا ماليًا رئيسيًا لعائلاتهن في أوطانهن. وفقًا لتقرير الهجرة العالمية لعام 2024، شكلت النساء حوالي 48.1% من إجمالي المهاجرين الدوليين في العالم. أنتجت ظاهرة تأنيث الهجرة تغييرًا كمّياً وتحولات نوعية في اندماج النساء في عمليات الهجرة، إذ تباينت أوضاعهنّ بين التمكين والاستقلالية وبين الهشاشة والاستغلال، وتظهر حدّة التفاوت بين التمكين والاستغلال في أشكال التحيزات الجندرية والعنصرية والطبقية ضدّ النساء.

في بدايات استقراري بفرنسا، وأثناء بحثي عن فرصة عمل وفق مؤهلاتي وتجربتي المهنية في تونس، واجهت بعض الصعوبات، كان أشدّها رد موظفة موارد بشرية بعد تحديدي مرتبي: "هذا مرتب رجل." ففرنسا بلد المساواة ما زال يعيش التمييز بين النساء والرجال على مستوى الأجور. كما كان تجديد الفترة التجريبية للنساء في الأوساط المهنية الفرنسية أيضًا أمرًا بديهيًا خوفًا من حملهن. رغم هذا الاستغلال والتمييز ضد النساء وخاصة المهاجرات مثلي، فإنّ الكثيرات أثبتن وجودهن في سوق العمل، فتقلدن مناصب عليا أو غيرن حتى مجال اختصاصهن، فعلى عكس بلداننا، يوفر سوق الشغل هنا إمكانية تعلم مجالات جديدة وتطوير ذواتنا فيها.

عولمة مهن الرعاية

أصبح العمل المنزلي في العقود الأخيرة مهنة دولية بارزة ترتبط بشكل وثيق بظاهرة تأنيث الهجرة. إذ شهد العالم تدفقًا متزايدًا للعاملات المنزليات، مما أدى إلى بروز مفهوم "تسريب الرعاية." يشمل مفهوم مهن الرعاية رعاية الأشخاص بشكل عام وخاصة رعاية المسنين. هذا المجال، الذي يمكن اعتباره نوعًا من العمل الإنتاجي، يعتمد بشكل كبير على العواطف والمشاعر، حيث أن العاملات فيه يقمن بأدوار تتعلق بالرعاية العاطفية والنفسية للمحتاجين. 

يشير مفهوم "تسريب الرعاية" إلى ظاهرة استقدام عاملات الرعاية من بلدان أخرى لتلبية الطلب المتزايد على هذه الخدمات في دول أكثر ثراءً. 

لا تخفي نصيرة المهاجرة الجزائرية امتنانها بفرصة العمل لدى المسنّة الفرنسية، إذ كان مستحيلا قبل سنوات أن تحلم بالعمل في فرنسا والإقامة بها بصفة شرعية، فبعد خروجها من الدراسة الثانوية في الجزائر اكتفت بتعلم الطبخ والأعمال المنزلية لترعى عائلتها، لم تدرك حينها أن اتقانها للأعمال المنزلية سيكون بوابة الحظ بعد أن اقترح عليها شقيقها المقيم بفرنسا العمل لدى مسنّة فرنسية، فوافقت دون تردد. 

إن مفهوم "تسريب الرعاية" والمترجم عن الإنجليزية "care" يشير أساسًا إلى ظاهرة استقدام عاملات الرعاية من بلدان أخرى لتلبية الطلب المتزايد على هذه الخدمات في دول أكثر ثراءً. هذا المفهوم يشبه فكرة "تسريب الأدمغة"، لكنه يركز على القوة العاملة العاطفية التي تترك بلدانها الأصلية، فتُحرم تلك البلدان من الدعم العاطفي والرعوي الضروري الذي كانت توفره الأسر والمجتمعات الصغيرة.

أدت التحولات الاجتماعية والاقتصادية في ظل العولمة إلى تقليل الاعتماد على التضامن الأسري والمجتمعي في توفير الرعاية، وزيادة الحاجة إلى العمالة المنزلية المستوردة. وهو ما يعكس تراجع قدرة المجتمعات الأوروبية على تقديم الدعم العاطفي والرعوي لأفرادها، وزيادة الاعتماد على العمالة المأجورة لتلبية هذه الاحتياجات. وبهذا، صارت مهن الرعاية والأعمال المنزلية جزءًا من عملية اقتصادية واجتماعية أوسع تتطلب اعترافًا وسياسات تدعم العاملات المنزليات وعاملات الرعاية وتحمي حقوقهن في سياق الهجرة المعولمة.

تفاح أخضر للسيدة ناتالي

يكتظ السوق أكثر، تتأفف "آنا" من كثرة الناس وتتركنا، بينما تظهر نصيرة امتنانها حبها الكبير لله على النعم الوفيرة التي يوفرها هذا السوق، وتختار بعناية أكبر تفاحًا أخضر للسيدة "ناتالي". تبتسم مريم لأسماء، ثم يكتظ رأسها بقائمة مشتريات عائلتها وبحساب ما تبقى لها من ميزانيتها فتطلب مساعدتي كي لا تخطئ، وأفعل.

نكمل التسوق ونذهب لمقهى قريب لعائلة جزائرية، يضج بالمهاجرين والمهاجرات. نجلس وأعيننا على الحافلات والمارة والطريق، نصيرة وتفاحات "ناتالي" العضوية، مريم وقفّة أولادها الثقيلة التي حملتها معها، أسماء وانشغالها بدروس ابنها، ثم تعود لنا "آنا" تحمل حلوى الماكارون الفرنسية في علبتها الفخمة. نتقاسمها معًا، نأكل ونضحك، تصرّ كل واحدة منا على دفع الحساب، ثم تعود كل واحدة لعملها ومشاغلها بعد أن نفخ هذا اللقاء الروح في جسد المهاجر قلبًا وساعدًا ودماغًا. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image