قبل 6 سنوات بدأ محمد سمير مشروعه الصغير في تربية الأرانب باعتبارها وسيلة مناسبة للربح بشكل سريع، ولديه الآن ما يقرب من 50 أنثى منتجة، ولكنه بدأ مع الوقت يواجه مشكلة ارتفاع الحرارة التي تؤثر بشكل سلبي على الأرانب وإنتاجيتها.
محمد (35 سنة)، الذي يعيش في محافظة الغربية في مصر يقول لرصيف22: "اخترت الأرانب لأني أحبها كما أنه مشروع مربح وغير مكلف، ولكن مع ارتفاع درجة الحرارة بشكل كبير تتعرض الأرانب للإجهاد الحراري والعقم. عادة تلد الأرانب من 4 إلى 8 مرات سنوياً وتكون فترة الحمل بين 28 إلى 34 يوماً، ولكن في الحرارة العالية يحدث لها عقم مؤقت، وكذلك انخفاض للمناعة، إلى جانب عدم زيادة الوزن بل ونقصانه أحياناً".
كان لدي تقريباً 90 أماً من الأرانب، فقدت 85 منها نتيجة انخفاض المناعة والاجهاد الحراري.
التسمم الدموي البكتيري هو الذي تعرضت له أمهات الأرانب التي يملكها حامد أبو بكر (38 سنة) من محافظة البحيرة، وهو يربي هذه الحيوانات منذ 12 عاماً، بينما تعرض في الأعوام الأخيرة لفقد أكثر من 90% من إنتاجه، مما دفعه لإغلاق مزرعته والاكتفاء بتربية بعض الأمهات على سطح بيته. يقول لرصيف22: "كان لدي تقريباً 90 أماً، فقدت 85 منها بسبب التسمم الدموي، والحقيقة أن انخفاض مناعة الأرنب والذي يحدث بسبب الاجهاد الحراري كان السبب الرئيسي في ذلك".
وفي هذا السياق يقول الدكتور خالد الخولي رئيس قسم الإنتاج الحيواني والداجني والسمكي بكلية الزراعة جامعة دمياط لرصيف22: "لا تمتلك الأرانب غدداً عرقية، والمدى الحراري المناسب لتربيتها يتراوح ما بين 18 – 23 درجة مئوية، لذا تواجه تحديات كبيرة مع ارتفاع درجات الحرارة، فتلجأ لشرب المياه الكثيرة والتبول بكثرة، ولكن ذلك أقل كفاءة من الغدد العرقية".
ويمكن إيجاز الآثار السلبية للحرارة على الأرانب كما يشرح الخبير في انخفاض معدل التحويل الغذائي، أي زيادة في كمية المأكول من الطعام تقابلها زيادة طفيفة جداً في وزن الأرنب، وقلة مقاومة الأمراض، وزيادة معدل النفوق، وانخفاض في الكفاءة التناسلية سواء للذكور أو الإناث، فنجد انخفاضاً في الخصوبة وقلة قابلية أمهات الأرانب للتلقيح، كما يزيد معدل فقد الأجنة، وتنخفض خواص السائل المنوي للذكور، وهي أمور بدأت تلاحظ بقوة في السنوات العشر الأخيرة.
كما أن التغيرات المناخية قد تؤثر بالسلب على محيط المكان الذي تربى فيه الأرانب، فمع ارتفاع الحرارة والرطوبة تزيد الميكروبات وترتفع نسبة الأمونيا من مخلفات الأرانب، فتسبب مشاكل تنفسية وتزيد فرص الإصابة بالتسمم الدموي البكتيري.
أهمية تربية الأرانب في مصر
تعد مصر الدولة الرابعة عالمياً في إنتاج الأرانب بمعدل 70 ألف طن من الذبيحة و7.6 مليون رأس من الأرانب. وفي تصريحات سابقة، ذكرت الدكتورة نجوى عبد الهادي رئيسة الجمعية المصرية لمنتجي الأرانب بأن الأرانب من أهم المشاريع الصغيرة التي يعتمد عليها صغار المزارعين والمنتجين في مصر، إلى جانب أنها من أهم المشاريع الذي تعتمد عليه المرأة المعيلة في الريف.
وفي تقرير صادر عن تطور صناعة الأرانب في مصر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو"، يتبين بأن أكثر من 90% من إنتاج الأرانب يتم في المناطق الريفية وبين صغار المنتجين مع عدد قليل من المزارع الكبيرة.
اخترت الأرانب لأني أحبها كما أنه مشروع مربح وغير مكلف، ولكن مع ارتفاع درجة الحرارة تتعرض للإجهاد الحراري والعقم. عادة تلد الأرانب من 4 إلى 8 مرات سنوياً وتكون فترة الحمل بين 28 إلى 34 يوماً، ولكن في الحرارة العالية يحدث لها عقم مؤقت، وكذلك انخفاض للمناعة
وتحتوي لحوم الأرانب على عناصر غذائية مهمة، فهي غنية بالبروتينات والأملاح المعدنية والفوسفور والحديد والزنك. كما أن لحم الأرانب من اللحوم القليلة الدهنيات، ونوعية الدهون التي يحتويها مفيدة للجسم.
ويقول الدكتور أحمد فتحي استشاري الثروة الحيوانية والداجنة لرصيف22 إن الأرانب أكثر إنتاجية وأسرع في الربح من الدواجن والأبقار، إذ يلد الأرنب من 6 إلى 8 مرات في العام وفي كل مرة ينتج ما يقرب من 10 صغار، ولكنها أيضاً الأكثر حساسية وتأثراً بارتفاع الحرارة والتغيرات المناخية.
وتكمن الأزمة وفق رأي فتحي في أنه لا يتم التعامل مع الأرانب على أنها مصدر رئيسي من مصادر الثروة الحيوانية، فلم تحظَ هذه الصناعة بعد باهتمام كبير من المؤسسات الرسمية مقارنة بالدواجن واللحوم الحمراء، ولا يعرف كثير من صغار المربين في الريف كيفية التعامل مع الحيوان في الجو الحار وكيفية تغذيته بشكل مثالي يحقق الاستفادة الكاملة منه، وما زالت ليست لها شعبية كبيرة بين المستهلكين المحليين.
المربي الصغير ضحية
يوضح المربي حامد أبو بكر بأن مشروع تربية الأرانب يبدأ بأن يشتري المربي الصغير اثنين من الأمهات وبعض الأعلاف، بتكلفة لا تتجاوز 500 جنيه (12 دولاراً)، وتبدأ الأرانب في وضع 10 أرانب تقريباً كل 40 يوماً، وإن لم تكن هناك أي مشكلة فيتوقع المربي أن يكون مكسبه 4 أو 5 آلاف جنيه (نحو 100 دولار) كل ستة أشهر، مع الاستمرار في شراء العلف واستمرار المكسب، ولكن ارتفاع أسعار الأعلاف قلل من هامش الربح، إلى جانب زيادة الفيروسات التي تصيب الأرانب بسبب الحرارة، بينما يظل سعر الأرنب الذي يكون وزنه كيلوغرامين، ثابتاً عند مئتي جنيه (4 دولارات).
وفي دراسة عن نفوق الأرانب في مصر أجريت على 110 من الإناث وضعت نحو 2200 مولوداً، تبين بأن معدل الوفيات قد يصل إلى 77% بين صغار الأرانب، ففي مرحلة ما قبل الفطام (الشهر الأول من العمر) توفي نحو 67% من المواليد، و31% في مرحلة ما بعد الفطام (حتى عمر 6 أشهر)، ما يعني المزيد من الخسارات للمربين خاصة الصغار.
خلال أشهر الصيف الحارة، يحاول المربي محمد سمير قدر الإمكان أن يحافظ على برودة العنابر الخاصة بالأرانب حتى لا تتعرض للعبء الحراري، وذلك من خلال خفض الرطوبة.
ويشرح ما يقوم به من إجراءات: "أستخدم الشفاط لتقليل الرطوبة وطرد الروائح والغازات الموجودة داخل العنبر، وفي المقابل يدخل هواء نقي، فأحاول جعل الهواء الداخلي مثل الخارجي، كما أشغّل خلية التبريد وهي عبارة عن ألواح من الورق وبداخلها مياه تركب على النوافذ المقابلة للشفاط، وبذلك يدخل الهواء المرطب إلى العنبر".
تعد مصر الدولة الرابعة عالمياً في إنتاج الأرانب، وهي من أهم المشاريع الصغيرة التي يعتمد عليها صغار المزارعين والمنتجين في مصر، إلى جانب أنها من أهم المشاريع الذي تعتمد عليه المرأة المعيلة في الريف
ويشير إلى أن هذه العملية بالنسبة إلى عنبر صغير لا تتجاوز مساحته ثلاثين متراً مربعاً، تكلف نحو 4 آلاف جنيه لتركيب الشفاط والخلية، بينما من يملك مزرعة كبيرة فيها 10 عنابر مثلاً، فيتكلف ما يزيد عن 40 ألف جنيه (نحو 850 دولاراً) لتبريد العنابر.
ويشير الخبير أحمد فتحي إلى إن استثمارات كبار مربي الأرانب تحتاج أموالاً كثيرة لتوفير الجو المناسب من خلال خلايا التبريد والشفاطات وتهيئة الجو المناسب، ويوضح بأن درجات الحرارة في السابق كانت لا تزيد عن 35 أو 38 مئوية وكان المربين يستطيعون السيطرة عليها بتقليل الرطوبة، كما أن الحر الشديد كان يأتي فقط في شهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس، ولكن الآن تبدأ الحرارة في الازدياد بداية من نيسان/ إبريل حتى أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر أحياناً، فأصبحت التكلفة أكبر.
نصائح وحلول
يضع الدكتور خالد الخولي عدداً من النصائح التي يجب أن يأخذ بها المربون لتقليل الخسائر، وأن تعمل عليها الدولة لدعم المربين الصغار.
أولاً: يجب الحفاظ على الأصول الوراثية المصرية أي الأرانب البلدية، وإنتاج خطوط هجينة متأقلمة على التغيرات المناخية ومقاومة للأمراض الوبائية.
ثانياً: التطوير الكامل لمساكن أو عنابر الأرانب من خلال تحويلها من عنابر شبه مغلقة إلى عنابر مغلقة أو مزارع ذكية، يتم فيها التحكم الكامل بمقومات البيئة الداخلية التي توفر الظروف المثلى للتربية، وتجهيزها بمصادر طاقة نظيفة مثل ألواح الطاقة الشمسية.
ولأن تلك الإجراءات تحتاج لأموال كثيرة، فيمكن تطوير خامات العزل الحراري في مواد البناء خاصة في المناطق الصحراوية، وتحديث طرق صرف المخلفات لعدم تراكم الغازات الضارة، وتطوير نظم التبريد والتكييف بما يتناسب مع المدى الحراري للأرانب.
ثالثاً: التغذية، ومن خلالها يتم الحرص على إنتاج أعلاف تغطي احتياجات الأرانب من الطاقة، واستخدام أعلاف متوازنة تتناسب مع الحالات الإنتاجية في ظل التغيرات المناخية.
كما نصح بضرورة اتباع الإرشادات الصحية اللازمة والمهمة ومنها التطهير، والعزل الصحي، والتخلص من الأرانب النافقة بشكل مستمر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين