شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
حليقة الرأس الجميلة والحزينة التي قالت:

حليقة الرأس الجميلة والحزينة التي قالت: "لا تنسوني" ورحلت… الممثلة الإيرانية فَريماه فَرجامي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة نحن والنساء

السبت 10 أغسطس 202401:17 م

يمكن عدّ الممثلة الإيرانية فَريماه فَرجامي، الأقل حظاً وتقديراً في السينما الإيرانية بعد الثورة الإسلامية، حيث كان من الممكن لها أن تشتهر وتتوفق، نظراً إلى موهبتها في التمثيل وجمالها، لكن القدر كان يخبّئ لها ما لم يكن في الحسبان.

الشباب والدخول إلى المجال الفنّي

وُلدت فَريماه فَرجامي، في ربيع عام 1952، في طهران، ودخلت مجال الفن وهي في الثامنة عشرة من عمرها، بدعوة من الممثل الإيراني الشهير جمشيد مشايخي، الذي كان موظفاً في قسم المسرح وقتها، واحترفت الفن من خلال المشاركة في إعلانات للبرامج الإذاعية والتلفزيونية، كما أدّت دوراً في مسرحية "الدمية الشمعية" (بالفارسية: آدمك مومي)، وذلك قبل أن تكمل دراستها في عام 1977.

فَريماه فَرجامي

وفي عام 1978، بعد أن تخرجت من قسم الفنون المسرحية في كلية السينما والمسرح في جامعة الآداب في طهران، عملت محررةً وباحثةً في مركز الدراسات الثقافية وتنسيق المجلس الأعلى للثقافة والفنون، وفي مجلة "الثقافة والحياة"، حيث يمكن عدّ عملها هذا، الحدث الأكبر في مسيرتها المهنية، لا سيما أنها شاركت في مسرحية للمخرج المسرحي الإيراني محمود أستاد محمد.

بعد ذلك، وفي عام 1980، أي بعد عام واحد من انتصار الثورة الإسلامية في إيران، صعدت على خشبة المسرح مع الممثل الإيراني الشهير خسرو شكيبايي، في مسرحية "الليلة الحادية والعشرون"، وبقدرتها وموهبتها في التمثيل، أسرت المخرج الشهير الإيراني مسعود كيميائي الذي كان بين الحاضرين.

يمكن عدّ الممثلة الإيرانية فَريماه فَرجامي، الأقل حظاً وتقديراً في السينما الإيرانية بعد الثورة الإسلامية، حيث كان من الممكن لها أن تشتهر وتتوفق

بعدما أظهرت موهبتها في التمثيل، اختارها كيميائي، للتمثيل في فيلم "الخط الأحمر"، وكان ذلك أول تجربة سينمائية لها، لكن الفيلم لم يُعرض بسبب عدم مراعاة الحجاب، وتكرر هذا الأمر مع فيلمها الآخر "قال ثلاثتهم"، للمخرج الإيراني غلام علي عرفان، والذي واجه المصير نفسه، ولم يُعرض بسبب الحجاب. بعد هذين الفيلمين وبين عامي 1980 و1984، واصلت هذه الممثلة نشاطها الفني على المسرح فحسب.

التألق في الثمانينيات وفرص العمل مع عظماء السينما

في عام 1984، ظهرت فَريماه على شاشة السينما بمشاركتها في فيلم آخر لمسعود كيميائي، جسدت فيه دور امرأة مدمنة، ويمكن القول إن الظل الثقيل لهذا الدور ظلّ يؤثر على حياة الممثلة حتى النهاية. بعد عامين حصلت على فرصة للتمثيل في أحد أعظم الأعمال السينمائية في إيران، أي فيلم "المستأجرون"، الذي صنعه المخرج الإيراني الشهير وصاحب الأثر الكبير في السينما الإيرانية، داريوش مهرجويي، وبرغم أن دورها لم يكن كبيراً في هذا الفيلم، إلا أنه يمكن عدّ هذه التجربة، من أهم التجارب السينمائية في مسيرتها.

في العام نفسه، صدر فيلم آخر لها تحت عنوان "بلا مأوى"، وكان هذا الفيلم من إخراج علي رضا داود نجاد، لكنه لم يحظَ بأي اهتمام من قبل الجمهور. بعدها وفي عام 1988، عرض عليها كيميائي، واحداً من أهم أدوارها، وهو دور "مؤنس" في فيلم "رصاص"، حيث ظهرت أمام الكاميرا حليقة الشعر، كأول ممثلة إيرانية تظهر هكذا بعد الثورة الإسلامية، ورسخ هذا الدور في ذاكرة محبّي السينما.

فَريماه فَرجامي في لقطة من فيلم

على الرغم من أدائها الرائع في هذا الفيلم، إلا أنها لم تربح الجائزة الأولى للتمثيل في مهرجان فجر السينمائي، بل حازت فقط على دبلوم الشرف.

خلال عام 1989، ظهرت فَريماه في فيلم "الأم"، حيث تشاركت البطولة مع كبار الممثلين كأمين تارُخ ومحمد علي كِشاورز وغيرهما، ولم تستلم أي جائزة عن دورها هذا، لكن بعد عام من عرض فيلم "الأم"، أدّت دور "فروغ الزمان"، في فيلم "المشهد الأخير" للمخرج الإيراني واروج كريم مسيحي، وحصلت أخيراً على الجائزة الأولى لأفضل ممثلة.

التسعينيات ومطلع الألفية... نهاية المسيرة الفنية

لعل الدور المهم الوحيد الذي أدّته فَريماه فَرجامي، في التسعينيات، هو دور "آفاق" في فيلم "نرجس"، للمخرجة رخشان بني اعتماد، وبعد ذلك، شاركت في أفلام أخرى مثل "سرّ الوردة الحمراء" و"الاتصال الشيطاني"، وهما من إخراج حسن قُلي زاده.

بعد ذلك مثّلت في فيلم "القدح" للمخرج سيروس ألوَند، ومن ثم أدّت دوراً في فيلم "الماء والعطش"، من إخراج فريدون جيراني، كما شاركت في العديد من الأفلام الأخرى، لكن الحقيقة هي أن هذه الأفلام كانت مختلفةً تماماً عن تجاربها السينمائية في الثمانينيات، وقد تسببت في انطفاء بريقها.

فَريماه فَرجامي في فيلم "الأم"

بعد هذه التجارب الفاشلة في التسعينيات، انتهت مسيرتها الفنية في مطلع الألفية، وبدأت تُنسى صورة فَريماه، الممثلة الجميلة والقوية التي صوّرت حياة النساء الجريحات بأجمل صورة على الشاشة، وذلك بعدما عانت من الإدمان لسنوات عديدة، والذي كان يشار إليه غالباً باسم "المرض". في هذه الفترة، ظهرت في عمل أو اثنين من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية.

ولم يكن واضحاً، ما إذا كانت ظروف حياتها غير المواتية وقسوتها تجاه نفسها، قد أوصلتها إلى الفشل الفني، أو أن آلية السينما الإيرانية الإسلامية، التي كانت على استعداد لتحمّل أي ثمن لمنع نجومية الممثلات الموهوبات، قد تسببت في ذلك. على أي حال، فإن فَريماه فرجامي، أصبحت منسيةً تماماً في مطلع الألفية الجديدة.

"أخبروا الناس ألا ينسوني"

عام 2010، دُعي الممثل الإيراني أمين تارخ، إلى برنامج "سبعة" (بالفارسية: هفت) السينمائي، الذي كان يقدّمه السينمائي فريدون جيراني، وخلال هذه الحلقة التي حلّ تارخ، ضيفاً عليها، بُثّت محادثة مسجلة مع فَريماه فَرجامي، وتسبب هذا التسجيل في العديد من الخلافات، إذ تحدثت فيه فَريماه، عن القسوة التي عاشتها، لكنها لم تكتفِ بهذا الحد، بل قامت بالتشهير بزملائها القدامى وكذلك ببعض الممثلين البارزين الآخرين.

سألها فريدون جيراني: "ماذا تريدين من الناس؟"، فأجابت: "قل لهم ألا ينسوني". بعد بثّ هذه المحادثة عدّ العديد من الممثلين/ات، أن هدف صنّاع القرار التلفزيوني والمشاركين في إعداد هذا البرنامج، هو تشويه صورة فَريماهْ 

خلال هذه المحادثة، سألها فريدون جيراني: "ماذا تريدين من الناس؟"، فأجابت: "قل لهم ألا ينسوني". بعد بثّ هذه المحادثة في البرنامج المباشر، عدّ العديد من الممثلين/ات، ومن بينهم أمين تارخ، أن هدف صنّاع القرار التلفزيوني والمشاركين في إعداد هذا البرنامج، هو تشويه صورة فَريماه وغيرها من الممثلين/ات المذكورين/ات. وبعد هذا الحدث قاطع العديد من السينمائيين هذا البرنامج.

فَريماه فَرجامي

شاركت فَريماه فَرجامي، للمرة الأخيرة في فيلم "لا مينور" (La minor)، الذي أخرجه مهرجويي عام 2019، وكان ظهورها فاشلاً، حيث يمكن القول إن هذا الفيلم لم يكن فاشلاً لفَريماه وحسب، بل كان أسوأ أعمال مهرجويي نفسه.

في العام نفسه، نظم الناقد السينمائي أمير بوريا، حفل تكريم لفَريماه فَرجامي، بحضور العديد من أصدقائها وزملائها، ولكنها لم تحضره، واكتفت ببثّ محادثة مسجّلة معها، ووفقاً لها كان دليل اتخاذ هذا القرار، هو حفظ صورتها لدى الناس.

وفي هذا الحفل، تحدّث الكثير من الحضور عن تاريخها وتأثيرها في السينما الإيرانية، كما تحدّث أمين تارُخ، عنها وعن التأثير المدمّر للإدمان الذي سيطر عليها. توفيت فَريماه فَرجامي عام 2023، بعد سكتتين دماغيتين متتاليتين بفارق شهرين، عن عمر يناهز 71 عاماً، لتنتهي الحياة الحزينة لممثلة كان من الممكن أن تصبح نجمةً عالميةً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image