شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
الأمراض الجنسية بين المراهقين... كيف نوقف الوباء الصامت؟

الأمراض الجنسية بين المراهقين... كيف نوقف الوباء الصامت؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحريات الشخصية

الثلاثاء 27 أغسطس 202401:10 م

تحتل الصحة الجنسية مكانةً بالغة الأهمية في حياة العديد من الأفراد، مع ذلك غالباً ما يتم تجاهلها لأسباب متنوعة.

يمثّل البلوغ بداية رحلة مضطربة لاكتشاف الذات والعلاقات مع الغير والفضول الجنسي. وبرغم حساسية هذه المرحلة العمرية في تكوين الإنسان وشخصيته، إلا أن هذه الفترة من الاستكشاف والنمو محفوفة أيضاً بالتحديات والمخاطر في الأمور المتعلقة بالجنس أو حقيقة الجسد تحديداً. والحقيقة المؤلمة، هي أن معظم المراهقين/ ات في جميع أنحاء العالم يتصارعون/ ن مع وباء صامت هو مشكلات الصحة الجنسية والإنجابية، سواء أكانت أمراضاً منقولةً جنسياً أو الحمل غير المقصود مروراً بالعنف الجنسي والإكراه وصولاً إلى مشكلات استشكاف الجسد دون وعي بالطريقة الصحية التي يجري بها ذلك.

فهذه الفترة حرجة جداً من التطور البدني والعاطفي والاجتماعي لدى الإنسان، وتنبع خطورة هذه الفترة الحاسمة بفعل العديد من التغيرات الفيزيولوجية والنفسية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالصحة الجنسية، وهي تغيّرات جذرية تؤدي إلى صناعة تكوين الإنسان وشخصيته وصورته عن نفسه وعن العالم.

ويؤدّي جهل المراهق/ ة بالجنس وكيفيته وآثاره إلى نتائج سلبية عليه وعلى شريكه، ففي تلك المرحلة العمرية لا يعرف الصبيان والبنات الفروق بين الجنسين، وفي ظنّ كل منهما أنه جنس أفضل، بينما لا يدركان حقيقة أنهما جنسان مختلفان لكل منهما دورة في الحياة، وحينما يتقبل الطفل/ ة هذه الحقائق، ويتمثّلها في نفسه، لا يكون هناك ثمة مجال للمشكلات التي تنتج عن الجهل بحقائق الجنس، ومن تلك المرجعية تأتي ضرورة تعليم الجنس أو التثقيف الجنسي في مرحلة مبكرة.

ضرورة الوعي الصحّي المبكر

وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن الأشخاص الذين يبدؤون بممارسة الجنس في وقت مبكر من المراهقة، هم أكثر عرضةً للإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً، وتالياً فإن توفير التربية الجنسية الشاملة للمراهقين/ ات أمر ضروري لتزويدهم/ نّ بالمعرفة والأدوات اللازمة لاتخاذ قرارات لصحتهم/ نّ ولصحة المجتمع.

معظم المراهقين/ ات في جميع أنحاء العالم يتصارعون/ ن مع وباء صامت هو مشكلات الصحة الجنسية والإنجابية، سواء أكانت أمراضاً منقولةً جنسياً أو الحمل غير المقصود مروراً بالعنف الجنسي والإكراه وصولاً إلى مشكلات استشكاف الجسد دون وعي بالطريقة الصحية التي يجري بها ذلك

وتوصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، بأنه ينبغي لأطباء الأطفال أن يحثّوا المدارس على الإصرار على برامج التربية الجنسية الشاملة، وعلى صنّاع الترفيه إنتاج المزيد من البرامج التي تحتوي على محتوى جنسي مسؤول، وعلى وسائل الإعلام الحدّ من إعلانات ومشاهد الجنس للكبار قبل الساعة العاشرة مساءً.

في حديثه إلى رصيف22، يقول الدكتور أحمد الباسوسي، استشاري الطب النفسي وأستاذ علم النفس في كلية الطب في جامعة القاهرة: "إن التثقيف الجنسي ضرورة مُلحّة وبشكل نظامي في المدارس والمناهج الدراسية، بعد أن تخلصنا تقريباً من محرمات الاقتراب من هذه المناطق بغرض مشاركة الطلاب المعلومات الصحيحة في أمور العلاقات بين الذكور والإناث، وطرائق التعامل الصحيح والسويّ مع الآخر، خاصةً مشاركتهم في الحياة الجنسية، والتعرف السليم على الأعضاء الجنسية والوظائف التكاملية في جسم الإنسان حتى ينعم الجميع بحياة جنسية سليمة ممتعة بعيداً عن الشجار والغضب والكبت أو الخيانة مع شريك آخر".

دور الأسرة في الصحة الجنسية للمراهقين

تلعب الأسرة دوراً مهماً في تشكيل معتقدات المراهقين/ ات ومواقفهم/ نّ تجاه الصحة الجنسية، حيث يمكن للتواصل المفتوح والصادق بين الآباء/ الأمهات وبين المراهقين/ ات، أن يخلق مساحات آمنةً للنقاشات حول العلاقات والحدود والسلوك الجنسي المسؤول، فمن خلال تعزيز بيئة داعمة، يمكن للآباء/ الأمهات توجيه أطفالهم نحو اتخاذ خيارات صحية وطلب المساعدة عند الحاجة، وهذا لن يحدث سوى بإزالة بعض حواجز التربية النفسية بين الوالدين وأبنائهم/ بناتهم، واختيار طرائق أكثر مصارحةً ومكاشفةً.

يقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي والمخ والأعصاب في مصر، في تصريح لرصيف22، إنه في ظل حالة الانهيار الثقافي التي نعيشها تكثر الاضطرابات الجنسية والسلوكية: "لا بد من توعية لأبنائنا، وتحسين علاقة الأب مع أبنائه بشكل إيجابي فلا ينساقوا لأي اضطرابات جنسية، والعكس صحيح، أي كلما ساءت علاقة الأب مع أبنائه تحدث عملية تعويضية تنتج عنها اضطرابات جنسية عند الأبناء".

تلعب الأسرة دوراً مهماً في تشكيل معتقدات المراهقين/ ات ومواقفهم/ نّ تجاه الصحة الجنسية، حيث يمكن للتواصل المفتوح والصادق بين الآباء/ الأمهات وبين المراهقين/ ات، أن يخلق مساحات آمنةً للنقاشات حول العلاقات والحدود والسلوك الجنسي المسؤول

وفقاً للمركز الوطني للمعلومات التقنية الحيوية في الولايات المتحدة، فإن التواصل قبل بدء النشاط الجنسي حول المخاطر والوقاية هو أمر ضروري حيث يرتبط بممارسات الجنس الآمن، وقد تم تحليل 5،461 استبياناً من بين المستجيبين الذكور (24.3%)، ومن بين الإناث (10.6%)، وقالوا إنهم نشطون جنسياً، وأفاد ما يصل إلى 83.1% بأنهم تحدثوا مع الوالدين حول العلاقات الجنسية، حيث كان التواصل أكثر شيوعاً مع الأمهات، وقد ارتبطت المناقشات حول المخاطر والوقاية قبل بدء ممارسة الجنس باستخدام الواقي الذكري في أول جماع.

وفي دراسة أخرى للمركز نفسه، تم أخذ عيّنة مكوّنة من 1،083 شاباً وشابةً، تتراوح أعمارهم/ نّ بين 13 و17 عاماً، وكشف التحليل أن الشباب أقل احتمالية بكثير لبدء الجماع إذا علّمهم والداهم أن يقولوا لا، ووضعوا قواعد واضحةً، وتحدثوا عما هو الصواب والخطأ.

وباء صامت

بعيداً عن الأسرة، يؤثر المجتمع ككل على كيفية إدراك المراهقين/ ات للجنس والصحة الجنسية، وتلعب أنظمة التعليم ومقدّمو الرعاية الصحية ومنصات الإعلام دوراً في تشكيل السرديات حول الجنس والعلاقات، ومن خلال تعزيز المعلومات الشاملة والدقيقة حول الصحة الجنسية، يمكن للمجتمع أن يساعد في الحد من الوصمة وزيادة الوعي وتشجيع السلوك المسؤول بين المراهقين/ ات.

تقول سارة لرصيف22، وهي شابة مصرية تبلغ من العمر 35 عاماً، إنها حين كانت طالبةً في المدرسة الثانوية كانت فضوليةً بشأن ممارسة الجنس، وقد سمعت عن ذلك من أصدقائها، لكنها لم تتلقَّ أي تعليم جنسي رسمي يضبط لها المسألة. وفي أحد الأيام قررت استكشاف فضولها مع صديقها، ولجهلهما بالجنس لم يستخدما الحماية، فحملت سارة وهربت من القرية مع صديقها إلى أن عادا بزواج مكتوم غير قانوني وبلا زفاف رسمي، حيث ينص القانون المصري على أن سنّ الزواج 18 عاماً.

بالإضافة إلى الحمل غير المخطط له، قد يقع بعض المراهقين/ ات في فخّ الخجل، بحيث يعاني البعض بصمت من مشكلات صحية مرتبطة بالجنس، من دون القدرة على البوح بها أمام الأهل، خوفاً من العقاب.

في هذا السياق، يقول الدكتور أحمد الباسوسي، لرصيف22، إن مشكلات الصحة الجنسية لدى المراهقين وباء صامت يتطلب اهتماماً عاجلاً، حيث يُسهم الجهل وضغوط الأقران والافتقار إلى التثقيف بالموافقة والصدمة في حدوث مشكلات الصحة الجنسية في هذه الفئة السكانية الضعيفة: "الموافقة مهمة للغاية كونها تفصل بين الرغبة والحق الجنسي وبين الاعتداء الجنسي، وفي تلك المرحلة كثير من المراهقين لا يفرّقون بين الأمرين، ولشعورهم بالخطأ لا يتحدثون كونهم بالأساس لا يعرفون كيفية التصرف في مثل هذه الأحوال، لأن سنوات المراهقة هي وقت مهم جداً وحساس للغاية يحدث للإنسان ويتسبب في حدوث تغيّرات جسدية وعاطفية واجتماعية كبيرة".

إستراتيجيات للوقاية من الأمراض المنقولة جنسياً لدى المراهقين

إن منع انتشار الأمراض المنقولة جنسياً بين المراهقين/ ات، يتطلب اتّباع نهج متعدد الجوانب كالتعليم والاختبار والعلاج.

وتوصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية الأمريكي، بأن يتم اختبار المراهقين/ ات النشطين/ ات جنسياً سنوياً أو بشكل متكرر إذا كان لديهم شركاء جنسيون جدد أو متعددون، وأنه يجب على المراهقين/ ات أيضاً استخدام الواقي الذكري باستمرار وبشكل صحيح، للحد من خطر الإصابة بتلك الأمراض، وتوصي كذلك بتلقّي بعض الأشخاص للتطعيمات للوقاية من التهاب الكبد الوبائي ب، وفيروس الورم الحليمي البشري.

إن مشكلات الصحة الجنسية لدى المراهقين وباء صامت يتطلب اهتماماً عاجلاً، حيث يُسهم الجهل وضغوط الأقران والافتقار إلى التثقيف بالموافقة والصدمة في حدوث مشكلات الصحة الجنسية في هذه الفئة السكانية الضعيفة

وتقول منظمة الصحة العالمية، إن أكثر من 30 نوعاً مختلفاً من البكتيريا والفيروسات والطفيليات تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي، بما في ذلك الجنس المهبلي والشرجي والفموي، كما يمكن أن تنتقل بعض الأمراض المنقولة جنسياً من الأم إلى الطفل في أثناء الحمل والولادة والرضاعة الطبيعية، مشيرةً إلى أن علاج ذلك يكون من خلال تلقّي المعلومات والتعليم والإرشاد الجنسي الذي من شأنه أن يعمل على تحسين قدرة الناس على التعرف على أعراض تلك الأمراض وزيادة احتمالات سعيهم إلى الحصول على الرعاية وتشجيع الشريك الجنسي على القيام بذلك.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard