شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
المفاهيم الخطأ حول الصحة الجنسية: كيف نحاربها ولماذا؟

المفاهيم الخطأ حول الصحة الجنسية: كيف نحاربها ولماذا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

 يأتي هذا التقرير كجزء من مشروع "مش عَ الهامش"،

 والذي يسلط الضوء على الحقوق والحريات والصحّة الجنسيّة والإنجابيّة في لبنان.

الجنس، كلمة يكتنفها الغموض ويلفّها "العيب"، وتدور حولها آلاف الخرافات في مجتمعاتنا. مضحك الأمر قليلاً، إذ كيف لمسألة لولاها ما كنّا، جميعنا، أن تكون محط سريّة تامّة؟

تزداد بعض الخرافات المتعلقة بالصحة الجنسية، ولا تتأثر بمرور الزمن وتطوّر العلم والحياة، كما تنعكس سلباً على علاقة الأفراد بالجسد وخباياه. سلسلة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية كالمستوى التعليمي، والأسرة، والمعتقدات الدينية والسياسية، بالإضافة إلى الوضع الوظيفي، والوصم، أدّت إلى إحجام المجتمعات المحليّة عن الانخراط في الحوارات المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية. غياب النقاش السليم والوصمة المرافقة لهذه المسائل تنتج مفاهيم خطأً وسلبيةً.

"يُعدّ سحب العضو الذكري قبل القذف طريقةً مضمونةً لمنع الحمل"، و"يوفر واقيان ذكريان درجةً أعلى من الحماية"، و"إن تخزين الواقي الذكري في السيارات والمحافظ فكرة جيّدة"، و"الاستحمام بعد ممارسة الجنس يمكن أن يمنع الحمل"، و"بعض الوضعيات الجنسية تحمي من الحمل"، و"الجنس المهبلي هو النوع الوحيد من النشاط الجنسي الذي يمكن أن يتسبب في انتقال الالتهابات المنقولة بالاتصال الجنسي"؛ ما ورد أعلاه كله ليس سوى مفاهيم خطأ يستقيها مجتمعنا في ظلّ هيمنة ثقافة العيب.

تزداد بعض الخرافات المتعلقة بالصحة الجنسية، ولا تتأثر بمرور الزمن وتطوّر العلم والحياة، كما تنعكس سلباً على علاقة الأفراد بالجسد وخباياه

ماذا نعني بالمفاهيم الخطأ حول الصحّة الجنسيّة؟

ترى الأخصائيّة النفسيّة وردة بو ضاهر، أن المفاهيم الخطأ التي تتعلق بالصحّة الجنسيّة تنقسم وتندرج تحت أطر مختلفة:

أوّلاً المتعة: يرى البعض أن الذكر يهتم أكثر بالجنس. أمّا البعض الآخر، فيعتقد بأن هناك نقاطاً معيّنةً تحفّز على المتعة. يظن البعض أيضاً أن الألم طبيعي والواقي الذكري يقلّلان من المتعة، وأن المواد الإباحية هي طريقة مناسبة لفهم الجنس.

ثانياً الجسد: يعتقد البعض بأن الالتهابات المنقولة بالاتصال الجنسي تحدث للأشخاص الذين يمارسون نشاطات جنسيةً عشوائيةً فحسب. يظن البعض أن كل الأجساد بيضاء وخالية من الشعر. كما يعتقد البعض الآخر أن غشاء البكارة يتمزق بعد الجماع الأول، وأنّ القضيب الأكبر هو الأفضل.

ثالثاً التكاثر: لا يعلم البعض أن الحمل يمكن أن يحدث حتى مع وسائل منع الحمل، وفي أثناء الدورة الشهرية، وبالرغم من تقنيات الانسحاب الجيدة.

رابعاً الموافقة: يعتقد الناس أنه ليست هناك حاجة إلى الحصول على موافقة قبل ممارسة الجنس إذا كان الشركاء في علاقة.

ترى بو ضاهر، أيضاً، أن لهذه المسائل والأفكار المغلوطة تأثيراً هائلاً على صحّة الأشخاص النفسيّة. وتضيف: "قد تضغط هذه المعلومات الخطأ ضغطاً كبيراً على الأشخاص. تعتقد مثلاً بعض النساء أنه ليس من الطبيعي أن تكون الأماكن الحسّاسة أغمق من بقية أجزاء أجسادهن، وهذا ما يسبب الكثير من القلق والخوف ولا يجرؤن على التحدث بالأمر مع أحد".

من يحارب ثقافة العيب المهيمنة؟

هذه الثقافة المهيمنة، تعمل بعض الجمعيات جاهدةً على محوها ونشر الثقافة الجنسية الصحيحة كبديل منها، كجمعية مرسى مثلاً. تهدف مرسى إلى زيادة الوعي بالصحة والحقوق الجنسية والإنجابية وتحسين إمكانية الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية الشاملة. أضف إلى ذلك، تقدّم مرسى الخدمات مع فريق متعدد التخصصات في بيئة يسهل الوصول إليها وآمنة وخالية من الأحكام المسبقة. تقدّم مرسى أيضاً خدمات مجهولة الهويّة وتلعب هذه الخدمات دوراً مهماً في زيادة الوعي حول الصحة الجنسية والإنجابية، مثل خدمات الاستشارة والاختبار الطوعية التي تتضمن اختباراً سريعاً لفيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد B&C والزهري... وخلال جلسات VCT، يتلقى المستفيدون معلومات حول أعراض الالتهابات المنقولة بالاتصال الجنسي والعلاج والوقاية والتواصل مع الشركاء والموافقة. أيضاً، تجري مرسى المزيد من اختبارات الالتهابات المنقولة بالاتصال الجنسي مع الأطباء للكشف عن التهاب الكبد الوبائي والكلاميديا والسيلان. تُجري الجمعية أيضاً فحوصات عنق الرحم والاستشارات الطبية إذا ظهرت على الشخص أعراض معيّنة واحتاج/ ت إلى علاج. تقدّم مرسى بالإضافة إلى ذلك الاستشارات الاجتماعية والنفسية وتقوم بإجراء جلسات تثقيفية لجميع الفئات العمرية حول أعراض الالتهابات المنقولة بالاتصال الجنسي والعلاج والوقاية وأفضل الممارسات والتواصل بين الشركاء وصحّة المرأة.

هذه الثقافة المهيمنة، تعمل بعض الجمعيات جاهدةً على محوها ونشر الثقافة الجنسية الصحيحة كبديل منها، كجمعية مرسى مثلاً. تهدف مرسى إلى زيادة الوعي بالصحة والحقوق الجنسية والإنجابية وتحسين إمكانية الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية الشاملة

كيف تكافح مرسى انتشار المفاهيم الخطأ؟

في حديث إلى رصيف22، تقول فاطمة خليل، منسّقة قسم التعليم والخدمات في مرسى: "هناك عدد كبير من المفاهيم الخطأ المتعلقة بالصحّة الجنسيّة. أحياناً يمكن أن تكون هذه المفاهيم الخطأ شخصيةً وذاتيةً وتستند إلى تجربة الأفراد، وهي تختلف من شخص إلى آخر. سأذكر بعض الأمثلة حول المفاهيم الخطأ: يخضع البعض للاختبار الطبي فقط في حال الشعور ببعض الأعراض، ولكن يمكن أن تكون الالتهابات المنقولة بالاتصال الجنسي صامتةً. ممكن أن يعاني الشخص من التهاب منتقل جنسياً من دون وجود عوارض، وتالياً يمكن نقل الالتهاب إلى الشخص الآخر، لذلك معيار الفحص لا يقاس فقط في حال وجود عوارض".

 يساعد التحدث عن الصحّة الجنسية على فهم أساسياتها.

تشدّد خليل على أهمية الفحوصات الطبية، وتقول: "الاختبارات هي للحفاظ على حياة جنسية صحية. نجري الاختبارات لحماية أنفسنا والآخرين ولكي نكون قادرين على علاج أي مرض محتمل في وقت مبكر". وأضافت: "يعتقد بعض الناس أن الالتهابات المنقولة بالاتصال الجنسي تنتقل من خلال نوع معيّن من الممارسات، مثل الإيلاج، في حين أن بعض الالتهابات المنقولة بالاتصال الجنسي يمكن أن تنتقل عن طريق الجنس الفموي مثلاً، أو من خلال الملامسة. بعض الناس لا يعرفون أن هناك علاجاً للأمراض المنقولة جنسياً أو أنه يمكن علاج فيروس نقص المناعة البشرية. وهذه مفاهيم أخرى خطأ أيضاً، تتعلق بالصحة الجنسية".

نشر الوعي والثقافة الجنسية

لمحاربة المفاهيم الخطأ، تقوم مرسى بنشر الوعي حول الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية، ويقوم فريق عمل الجمعية بتحضير جلسات تثقيفية في المدارس والجامعات لجميع الفئات العمرية، حول الالتهابات المنقولة جنسياً والوقاية والأعراض والعلاج والأهم من ذلك الموافقة والتواصل بين الشركاء واستكشاف الجسم وما إلى ذلك.

تضيف خليل في هذا الإطار: "لقد طورنا مؤخراً منهجاً حول صحة المرأة أيضاً. في أثناء تقديم الخدمات، لا نقوم بإجراء الاختبار فحسب، بل نشارك أيضاً المعلومات العلمية والكافية حول الموضوعات المتعلقة بالصحة الجنسية، وهنا نصحح المفاهيم الخطأ. نقوم أيضاً بنشاط لزيادة الوعي حيث نقوم بتوزيع الواقي الذكري في الأماكن التي يرتادها الشبان والشابات لتعزيز الممارسات الجنسية الآمنة. من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بنا، نقوم بحملات مناصرة ونشارك أيضاً المعلومات بطريقة إيجابية وشاملة حول جميع الموضوعات المتعلقة بالصحة الجنسية، لذلك نقوم بتطبيع الحديث عن الصحة الجنسية عموماً".

"يعتقد بعض الناس أن الالتهابات المنقولة بالاتصال الجنسي تنتقل من خلال نوع معيّن من الممارسات، مثل الإيلاج، في حين أن بعض الالتهابات المنقولة بالاتصال الجنسي يمكن أن تنتقل عن طريق الجنس الفموي مثلاً، أو من خلال الملامسة"

هل نصل إلى يوم تعي فيه مجتمعاتنا أهمية الصحّة الجنسية؟

تهدف مرسى إلى الوصول إلى يوم يفهم فيه مجتمعنا أهمية الصحة الجنسية، ولا نضطر إلى التعامل مع المعلومات الخطأ. تقول خليل إن هذا الهدف لا يمكن أن يتحقق من دون التعاون والعمل الجماعي. وتضيف: "لتحقيق أهدافنا يجب أن نبدأ بتطبيع المحادثة حول الصحة الجنسية. بالنسبة إلى أولئك الذين ينشطون جنسياً، ربما يقومون بالتواصل مع شركائهم أكثر، والتواصل مع مصادر موثوقة للحصول على معلومات، كما أعتقد أن التربية الجنسية مهمة جداً في المدارس لأنه عندما نتحدث عن الصحة الجنسية، لا نعني فقط الالتهابات المنقولة جنسياً أو الأعراض أو الاختبارات، فالصحة الجنسية ترتبط أيضاً بالتفضيلات وبنمط الحياة والمتعة واستكشاف الجسد والبلوغ والهرمونات. من الضروري العمل على منهج تعليمي عن التربية الجنسية في المدارس وزيادة الوعي لجميع المجتمعات والأشخاص من جميع الخلفيات حول الموضوعات المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية، ونأمل أن نصل إلى أهدافنا قريباً".

تجدر الإشارة إلى أن مرسى لا تشجع على ممارسة الجنس أو عدم ممارسته، ولكنها تعمل كجمعية على توفير المعلومات الصحيحة للجميع من أجل اتخاذ القرارات الصحيحة في هذا الإطار.

يساعد التثقيف الجنسي والتعرف على الجنس على اتخاذ الخيارات الجنسية الجيدة. نحن بحاجة إلى الوعي والمزيد من الوعي، بعيداً عن المفاهيم الدينية والمجتمعية والعائلية الضيقة. نحن بحاجة إلى خلق مساحات للناس لتبادل الخبرات وكسر كل المحظورات

التثقيف الجنسي لكسر المفاهيم الخطأ

يساعد التحدث عن الصحّة الجنسية على فهم أساسياتها. يساعد التثقيف الجنسي والتعرف على الجنس على اتخاذ الخيارات الجنسية الجيدة. نحن بحاجة إلى الوعي والمزيد من الوعي، بعيداً عن المفاهيم الدينية والمجتمعية والعائلية الضيقة. نحن بحاجة إلى خلق مساحات للناس لتبادل الخبرات وكسر كل المحظورات.

للحصول على أي معلومة تخصّ الصحة الجنسيّة والانجابية، يمكنكم/ نّ التواصل مع جمعية مرسى على الرقم التالي: 01380515، وعبر البريد الإلكتروني التالي: visitus@marsa.me.

يتم إجراء التحاليل وورش العمل في مكاتب جمعية مرسى في منطقة بدارو في بيروت، كما يلبّي فريق عمل الجمعية أي طلب لإجراء ورش العمل وجلسات التثقيف ونشر التوعية حول الصحة الجنسية في المدارس والجامعات على مختلف الأراضي اللبنانية، ويتم إجراء التحاليل ونشر التوعية في مخيمات اللاجئين أيضاً.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard