شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
الحد الفاصل بين القومية والتطرّف في ملاعب كرة القدم... سياق الصدام التركي الألماني

الحد الفاصل بين القومية والتطرّف في ملاعب كرة القدم... سياق الصدام التركي الألماني

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الأربعاء 10 يوليو 202402:28 م

أوقف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" اللاعب التركي مريح ديميرال عن اللعب مباراتين مع منتخب بلاده، بتهمة إظهار لفتة سياسية خلال مباراة بلاده ضد النمسا في ثمن نهائي يورو 2024 المقامة في ألمانيا.  

ديميرال كان قد سجّل هدفي الفوز لتركيا ليقودها إلى الدور ربع النهائي للمرة الأولى منذ يورو 2008، إلا أن طريقة احتفاله بالهدف الثاني كانت هي الحدث الأبرز في المباراة، إذ قام المدافع بمحاكاة إشارة "تحية الذئب" بكلتا يديه، وهي إشارة يستخدمها أنصار جماعة "الذئاب الرمادية" أو "أولكو أوجلاكلاري" المحظورة في عدد من الدول الأوروبية.

فتح اليويفا تحقيقاً في الحادثة بناءً على طلب السلطات الألمانية، وهي حادثة الإيقاف الثانية في اليورو بخلفية سياسية، بعد أن أوقف اللاعب الألباني ميريلاند داكو، إثر قيامه بالاحتفال مع جماهير بلاده بعد التعادل مع كرواتيا بهدفين لمثلهما في دور المجموعات ليورو 2024، وهو يحمل المذياع ويردد معهم هتافات معادية لمقدونيا الشمالية. 

حادثتا التوقيف أعادتا النقاش حول دور يويفا ومعاييره المناهضة لدمج السياسة في الرياضة، في وقت يتهمه كثيرون بازدواجية المعايير وعدم تطبيق القواعد على الجميع، خاصةً بعد حرمانه روسيا من المشاركة في تصفيات اليورو على خلفية حربها في أوكرانيا، والسماح للمنتخب الإسرائيلي بذلك برغم حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة.

ما هي جماعة "الذئاب الرمادية"؟

بالعودة إلى إشارة ديميرال، فإنها ترمز إلى "الذئاب الرمادية" وهي جماعة يمينية قومية تركية، تأسّست أواخر عام 1960 على يد الجنرال ألب أرسلان توركش، الذي كان قد شارك في الانقلاب الذي أطاح رئيس الوزراء عدنان مندريس قبل أن يؤسّس ويترأس الحركة القومية التركية.

تطلق الجماعة على نفسها أيضاً تسمية "فرق الموت"، وهي تنشط في مجالات حياتية مختلفة، والانتساب إليها متاح للأتراك حصراً، ومعظمهم من الشبّان والطلبة الذين هاجروا من القرى والأرياف إلى اسطنبول وأنقرة. 

إيقاف ديميرال وحركة "الذئاب الرمادية" ليست السبب المباشر… لماذا احتفلت الجماهير التركية بخروج ألمانيا من ربع نهائي يورو 2024 على يد إسبانيا، ولماذا ردّ الألمان الدين لهم بالتعبير عن سعادتهم بخروج تركيا لاحقاً، أمام هولندا الخصم اللدود لألمانيا كروياً؟

تتبنى الحركة أفكاراً يمينية، ويؤمن المنتسبون إليها بتفوق العرق التركي، وهي متهمة بالوقوف وراء هجمات عنيفة داخل تركيا وفي الخارج، وقد تم حظرها في النمسا عام 2019، وهي الدولة التي سجّل ضدها ديميرال واحتفل على طريقة الذئاب الرمادية، ما يعطي الموضوع دلالة أكبر، فيما دعت أحزاب كبيرة في عدة بلدان أوروبية إلى حظر نشاطاتها، من بينها ألمانيا.

يستخدم المنتسبون إلى الجماعة إشارة "تحية الذئب"، وهي إشارة باليد على شكل رأس الذئب، عبر رفع السبابة والبنصر، وضم الوسطى والخنصر إلى الإبهام بكلتا اليدين، مع رفع الكفين فوق الكتفين. 

أحدث احتفال ديميرال بهدفه ضد النمسا عاصفة كبيرة في الأوساط الرياضية والسياسية، فقد استدعت ألمانيا على الفور سفير تركيا في البلاد، وناقشت معه تصرف ديميرال، بحسب ما نقلته شبكة سي أن أن عن الخارجية الألمانية.

ديميرال الذي يلعب حالياً للنادي الأهلي السعودي، دافع عن طريقة احتفاله بعد المباراة، قال : "أنا فخور جداً بكوني تركياً، وشعرت بهذا الفخر بعمق بعد تسجيل الهدف. أردت أن أعبر عن ذلك، وأنا سعيد للغاية لأنني فعلت ذلك".

كما أشار مدافع يوفنتوس السابق إلى أنه رأى بعض الجماهير التركية في المدرج تستخدم تحية الذئب، وهذا يعني أن اليويفا سيطلق تحقيقاً في سلوك المشجعين الأتراك، وقد يتم منع المشجعين الذين قاموا بالأمر من دخول الملاعب في ما تبقى من مباريات في يورو 2024.

الخلاف انتقل إلى وسائل التواصل

الانقسام حول قضية ديميرال امتد إلى مواقع التواصل، فدافع الأتراك عن لاعبهم، واستنكروا ما اعتبروه حملة منظمة في وسط أوروبا وغربها ضده، بينما طالب صحافيون ومؤثرون في النمسا وألمانيا بمعاقبة ديميرال، ووصل الأمر إلى المطالبة باستبعاد تركيا من المسابقة.

الصحافي الرياضي النمساوي المعروف ميشال بونفالو حمل بشدة على ديميرال من خلال حسابه على منصة إكس، كتب: "يرفع ديميرال شعار الذئاب الرمادية، كما أنه يستخدم العبارة الشهيرة للجماعة القومية؛ سعيد هو الذي يقول إنه تركي"، مضيفاً: "متى سيتحرك الاتحاد الأوروبي ضد هذه القمامة اليمينية؟".

عقب ذلك، عدّل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مواعيده، وقرر السفر إلى ألمانيا لمشاهدة مباراة ربع النهائي بين تركيا وهولندا، الأمر الذي رأى فيه محللون رسالة دعم من أردوغان للاعبيه، على ضوء الأزمة الدبلوماسية التي سبّبها احتفال ديميرال. 

الموقف الرسمي التركي كان إلى جانب ديميرال وضد الاتحاد الأوروبي، حيث اعتبرت وزارة الخارجية التركية أن تعامل السلطات الألمانية مع ديميرال ينضوي ضمن خانة "كراهية الأجانب"، وأن تحقيق الاتحاد الأوروبي مع اللاعب غير مقبول. 

انعكس وقف ديميرال على الجمهور التركي الذي أظهر إشارة "تحية الذئب" في مباراتهم ضد هولندا في الدور ربع نهائي يورو 2024، والتي انتهت بخسارة منتخب تركيا وتوديعه البطولة في حضور أردوغان وزوجته، كما قامت الجماهير التركية بإحداث فوضى عارمة بعد المباراة وافتعلت المشاكل مع الجماهير الهولندية، فضلاً عن أعمال الشغب. 

ثلاثة مليون تركي في ألمانيا

يعيش في ألمانيا أكثر من ثلاثة مليون مواطن من أصول تركية، يشكّلون إحدى أكبر الجاليات في ألمانيا وأكثرها تأثيراً في المجتمع، وهي أكبر جالية تركية خارج البلاد أيضاً. وقد شهدت العلاقة بين الألمان والأتراك المهاجرين في ألمانيا الكثير من الشد والجذب، ويتبادل الطرفان الاتهامات باستمرار.

فالألمان يتهمون المهاجرين الأتراك بعدم احترام القوانين والأنظمة العامة، وبأنهم لا يندمجون بشكل جيد في المجتمع الألماني، ويتصرّفون على أنهم أتراك لا ألمان فيما يعتبر الأتراك الذين يعيشون في ألمانيا أنهم يُعاملون بعنصرية وبفوقية من الألمان الأصليين.

بدأت الهجرة من تركيا إلى ألمانيا في ستينيات القرن الماضي، حين وقّعت حكومة ألمانيا الاتحادية آنذاك اتفاقية مع تركيا، تنص على جلب عمال أتراك إلى برلين، للمساهمة في النهضة الصناعية والتجارية الكبيرة التي كانت تشهدها البلاد يومها، في ظل النقص الكبير باليد العاملة في ألمانيا التي كانت لا تزال تتعافى من التبعات المدمّرة للحرب العالمية الثانية.

استغل مئات الآلاف من العمال الأتراك هذه الفرصة، وهاجروا إلى ألمانيا بحثاً عن فرصة عمل وحياة أفضل، وطمعاً في تحسين أوضاع ذويهم في تركيا، واستمرت موجات الهجرة في السنوات اللاحقة، حتى أصبح الأتراك يمثلون نحو 5% من السكان المقيمين في ألمانيا. ومع ظهور الجيل الثاني والثالث من المهاجرين الأتراك، بدأت تظهر المشاكل والخلافات كما يحصل دائماً في هذه الحالات. الألمان شعروا بأنهم ضاقوا ذرعاً بالأتراك بعدما زاد عددهم وبدأوا بتنظيم أمور جاليتهم، فيما رأى الأتراك أنهم يعاملون بعنصرية من المواطنين الألمان، وصولاً إلى مطالبتهم بالعودة إلى بلادهم، كما روى بعض الشهود لوكالة "دويتشه فيله" الألمانية.

يعيش في ألمانيا أكثر من ثلاثة ملايين مواطن من أصول تركية، يشكّلون إحدى أكبر الجاليات في ألمانيا وأكثرها تأثيراً في المجتمع، وهي أكبر جالية تركية في الخارج أيضاً. وقد شهدت العلاقة بين الألمان والأتراك المهاجرين في ألمانيا الكثير من الشد والجذب، ويتبادل الطرفان الاتهامات باستمرار. لماذا؟

لم يهاجر الأتراك إلى ألمانيا بشكل قسري كما هو حال السوريين الذين هجّرهم نظام بشار الأسد، وبالتالي، بقيت علاقتهم مع بلدهم الأصلي متينة، وعملوا بجد للحفاظ على هويتهم التركية وإرثهم القومي، متمسكين بالعادات والتقاليد التركية، الأمر الذي تسبب على الدوام بتوتر العلاقات بين الألمان والأتراك في ألمانيا. 

المشاحنات بين الطرفين وصلت إلى أروقة السياسة وعلى أعلى المستويات، ففي العام 2016، أعرب عدد من الساسة الألمان عن قلقهم من النفوذ الذي يمتلكه حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، على الأتراك المقيمين في ألمانيا. 

وقد قال زعيم الأغلبية النيابية في ألمانيا يومها، فولكر كاودر، والمقرّب من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إنه يجب على الأشخاص المنحدرين من أصل تركي أن يلتزموا "بقوانيننا وعاداتنا"، مبدياً قلقه ممّا أسماه محاولات حزب العدالة والتنمية التأثير على الناس ذوي الأصول التركية في ألمانيا. 

أتى كلام كاودر بعد خروج مظاهرات واسعة في ألمانيا دعماً لأردوغان، إثر الانقلاب العسكري الفاشل ضده صيف 2016، وقد قُدّر المشاركون في التظاهرات بأكثر من 35 ألف شخصاً، وكان أردوغان ينوي أن يوجّه خطاباً لهم من إحدى ساحات مدينة كولونيا، لكن السلطات الألمانية لم تسمح بالأمر، ما خلق بلبلة في العلاقة بين البلدين.

يتمتّع الرئيس أردوغان بشعبية كبيرة بين الأتراك في ألمانيا، ففي انتخابات 2018 حصل على أكثر من 60 بالمئة من أصواتهم، بينما لم تتخطَ النسبة التي حصل عليها في تركيا نفسها حاجز الـ 53 نقطة مئوية. النسبة نفسها تقريباً ظهرت في الاستفتاء على الدستور في العام 2017. 

على النقيض تماماً من أتراك ألمانيا، فإن شعبية أردوغان منخفضة في الدول الغربية الأخرى بعيداً عن تركيا، فهو لم يحصل مثلاً سوى على أصوات 18% من الأتراك في الولايات المتحدة، و21% في بريطانيا.  

وبحسب خبراء ومحللين قابلتهم "دويتشه فيله"، من بينهم الباحثة في علم الاجتماع صابرينا ماير فإن السبب الأساسي في ارتفاع شعبية أردوغان بين الأتراك في ألمانيا، يعود إلى نجاحه في مخاطبة مواطنيه في ألمانيا بطريقة تُشعرهم بأهميتهم وبالتقدير بسبب أصلهم التركي، في وقت فشلت السياسات التي انتهجتها الحكومات الألمانية المتعاقبة بتوليد الشعور بالانتماء إلى ألمانيا لدى الأتراك هناك. 

في عام 2011، زار إردوغان ألمانيا، وكان يومها رئيساً لوزراء تركيا، والتقى الجالية التركية هناك، وقد قال في خطاب حضره أكثر من 10 آلاف شخص، إنه يتخوّف من الطريقة التي تتم معاملة المهاجرين بها في ألمانيا، وإنه مع اندماج الأتراك في المجتمع الألماني، لكنه ضد أن يتم تجاهل حقوق الأقليات، كما دعا الأطفال هناك إلى تعلّم اللغة التركية قبل اللغة الألمانية. 

وقد ردّ عليه وزير الخارجية الألمانية يومها غيدو فيسترفيله، وطلب من الأطفال تعلم الألمانية أولاً، باعتبار أنها الطريقة الأفضل لهم للاندماج في المجتمع.

بالعودة إلى كرة القدم، هناك عدد كبير من اللاعبين المحترفين في ألمانيا يحملون الجنسيتين الألمانية والتركية، وقد قرر بعضهم تمثيل منتخب ألمانيا فيما ارتأى البعض الآخر تمثيل بلده الأصلي.

ولعلّ أبرز هؤلاء هو مسعود أوزيل، النجم الألماني ذو الأصول التركية المتوّج مع منتخب ألمانيا بمونديال 2014، والذي شكّلت أخباره على الدوام مادة دسمة للصحافة التركية والألمانية على حدّ سواء.

مثّل أوزيل كل الفئات العمرية لمنتخب ألمانيا، واختار اللعب مع المنتخب الأول رغم تلقيه عرضاً لتمثيل منتخب تركيا. بدأت المشاكل بين أوزيل والصحافة الألمانية منذ عام 2018، فالأخيرة اعتبرت أن أوزيل يقدم نفسه على أنه تركي أكثر منه ألماني، وأن ردّات فعله الباردة تجاه المنتخب كانت تظهر إلى العلن وتستفز الجماهير بحسب رأيهم، وكان يُتّهم بشكل خاص بأنه لا يتفاعل مع النشيد الألماني قبل المباريات كبقية اللاعبين. 

في المقابل، كان أوزيل يتهم الجماهير الألمانية ومن خلفها الصحافة بأنها تعامله بعنصرية لأنه من أصول تركية، وأنها تحمّله مسؤولية الخسارة دائماً، دون أن توجه أي انتقادات للاعبين من أصول ألمانية، وقد اعتزل صانع الألعاب عقب نهاية مونديال روسيا 2018، بسبب هذه الانتقادات، على حدّ تعبيره. 

يذكر أن أوزيل كان قد ظهر في صورة مع أردوغان قبل أسابيع من انطلاق مونديال روسيا، وإلى جانبه إلكاي غوندوغان قائد المنتخب الألماني الحالي، وقد استدعت الصورة موجة انتقادات عارمة في الصحافة الألمانية حينها، ضد أوزيل بالذات. كما انتقد سياسيون ألمان كبار تصرّف أوزيل، من بينهم ميركل، باعتبار أنه لا يحق له التصرّف كتركي، بينما هو يمثل المنتخب الوطني الألماني. 

مؤخّراً بات عدداً من النجوم الألمان من أصول تركية يفضّلون تمثيل منتخب تركيا على حساب ألمانيا، من بينهم كنان يلديز (أمه ألمانية ووالده تركي هاجر إلى ألمانيا) وكان أزون، إلا أن أبرزهم هو نجم منتخب تركيا الحالي هاكان أوغلو المولود في ألمانيا لأب تركي - ألماني والذي قرر تمثيل تركيا وقال إنه يشعر بالفخر لذلك، وإنه يأمل أن يعود يوماً إلى تركيا. 

يحظى أردوغان بشعبية واسعة في أوساط الأتراك المهاجرين في ألمانيا. يعزو محللون ألمان ذلك إلى نجاحه في مخاطبة مواطنيه في ألمانيا بطريقة تُشعرهم بأهميتهم وبالتقدير بسبب أصلهم التركي، في وقت فشلت السياسات التي انتهجتها الحكومات الألمانية المتعاقبة بتوليد الشعور بالانتماء إلى ألمانيا لدى الأتراك هناك

نتيجة كل هذه المشاحنات، كان متوقعاً، قبل يورو 2024، أن بعض الجماهير التركية ستعمد إلى استغلال حدث رياضي بقيمة بطولة أوروبا لتمرير رسائل سياسية وثقافية وقومية، وللتعبير عن هويتها.

توقيف 19 مشجعاً تركياً بتهمة الشغب

قامت الشرطة الألمانية باعتقال 19 مشجعاً تركياً بتهمة إثارة الشغب، أثناء احتفال آلاف المشجعين الأتراك، في شوارع مدينة غليسنكرشن، بالفوز على النمسا والتأهل إلى ربع النهائي. الشرطة الألمانية أطلقت المفرقعات النارية والغازات المسيلة للدموع لتفريق الجماهير. كما أوقفت الشرطة الألمانية مسيرة لجماهير تركية قبل ساعات من انطلاق المباراة ضد هولندا، بسبب قيام المشاركين فيها برفع شعار الذئاب الرمادية، وقالت الشرطة الألمانية عبر حسابها على موقع إكس: " مسيرات الجماهير ليست منصة للرسائل السياسية". 

الجماهير التركية احتفلت بخروج ألمانيا من ربع نهائي اليورو على يد إسبانيا، وعبّرت عن فرحتها العارمة عبر الإنترنت، تحديداً منصة إكس (تويتر سابقاً)، وأعاد الكثير منهم نشر صورة ديميرال وهو يحتفل على طريقة الذئاب الرمادية. وهو ما فعله الصحافي التركي المعروف إبراهيم هاسكولوغلو، الذي نشر خبر خروج ألمانيا من اليورو، مع صورة ديميرال. بينما ردّ الألمان الدين لهم، وأعربوا عن سعادتهم بخروج تركيا لاحقاً، حتى وإن كان خصمها هو هولندا العدو اللدود لألمانيا كروياً.  

حضر إذاً أردوغان  مع زوجته أمينة إلى ألمانيا لمشاهدة مباراة منتخب بلاده ضد هولندا، وقد جلس إلى جانبه مسعود أوزيل في لقطة لا تخفى دلالتها فيما كان لافتًا عدم وجود أي مسؤول ألماني إلى جانب أردوغان، ما اعتبر رسالة ألمانية سياسية ضده. 

الرئيس التركي زار غرفة ملابس فريقه بعد الخسارة أمام هولندا، وهنّأ أفراده على الأداء الذي قدموه ووصفهم بالأبطال، قبل أن يغادر ألمانيا دون أن يكون له أي لقاء مع أحد من سياسيّها.

ممَا لا شك فيه أن المناوشات بين الأتراك والألمان لم تبدأ في يورو 2024، وهي أبعد بكثير من كرة القدم، ولها جذور اجتماعية وقومية وعرقية، واحتفال ديميرال على طريقة "الذئاب الرمادية" هو نتيجة لهذا الصراع. هناك الكثير من الجاليات في ألمانيا، ولكل جالية مشاكلها ومخاوفها وتأثيرها في المجتمع الألماني وطريقتها للتفاعل معه، لكن الجالية التركية هي الأبرز بحكم أنها الأكثر عدداً من جهة، ولأن الأتراك متمسكون بهويتهم وثقافتهم في وقت يتخوف الألمان من هذه المسألة، ويتهمون الأتراك بعدم الانتماء وتقديم نفسهم دائماً على أنهم أتراك لا ألمان.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image