شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
هل اتعظ الناخب من ألمانيا النازية... كما زُعم خلال الحرب على غزة؟

هل اتعظ الناخب من ألمانيا النازية... كما زُعم خلال الحرب على غزة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والمهاجرون العرب

الاثنين 10 يونيو 202405:07 م

صدر الاستقراء الأولي لنتائج الانتخابات الأوروبية في ألمانيا مساء أمس، الأحد، وفي نقاش تلفزيوني بعد صدروه، عبّر رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي لارس كلينغبايل، وهو نفس الحزب الذي ينتمي إليه المستشار الألماني أولاف شولتز، عبرّ عن إحباطه من تحقيقهم أسوأ نتائج في تاريخهم، وكسب حزب "البديل لألمانيا" اليميني المتطرف أصواتاً، ليحل في المرتبة الثانية ضمن الانتخابات البرلمانية الأوروبية بأفضل نتيجة في تاريخه القصير، وعبّر كلينغبايل عن أمله بأن توقظ هذه النتائج الناس عندما يرون أن: "النازيين باتوا أقوى"، لتجيبه رئيسة "البديل" أليس فايدل بسؤال إن كان قد لقبهم للتو بالنازيين؟ فأجاب ببساطة:"نعم"، أمر وجدته "وقاحة" منه، قبل أن تتدخل سارة فاغكنشت، زعيمة تحالف جديد، يُوصف باليساري الشعبوي المداهن لروسيا، وتدعو كلينغبايل ألا يطلق التعميمات، فهناك بالفعل فاشيون متصالحون مع الماضي النازي في "البديل" لكن ليسوا جميعهم على هذا النحو.

كسب حزب "البديل لألمانيا" اليميني المتطرف أصواتاً سمحت له بأن يحل في المرتبة الثانية ضمن الانتخابات البرلمانية الأوروبية، مما دفع رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي لارس كلينغبايل، للتعبير عن أمله بأن توقظ هذه النتائج الناس عندما يرون أن: "النازيين باتوا أقوى"

هزت نتائج الانتخابات البرلمانية التحالف الحاكم في ألمانيا، وسط دعوات من المحافظين لانتخابات مبكرة، ولكن ألا تلعب الحرب الإسرائيلية على غزة دوراً محورياً في نتائج الانتخابات الأوروبية في ألمانيا؟، نعم كان أمراً متوقعاً!

بالنظر إلى عدم تحولها إلى موضوع رئيسي في الحملة الانتخابية، وبقاء الحرب على غزة موضوعاً هامشياً يتوقف عنده ساسة الأحزاب السائدة، كما حدث في مناظرة تلفزيونية على شبكة التلفزة العامة ARD عندما طرح شاب في مقتبل العمر سؤالاً عن مواصلة ألمانيا إرسال السلاح لإسرائيل رغم القصف الإسرائيلي المتواصل الذي طال حتى أناساً في مخيمات بعد أن دُمرت منازلهم، فجادلت كاترينا بارلي، مرشحة الحزب الاشتراكي، بالإشارة إلى علاقتهم الخاصة مع إسرائيل كبلد بات ملجأ لليهود، مؤكدة أنها مع ذلك ترى أن حكومة إسرائيل، التي لا تتعاطف معها لأنها تضم يمينيين متطرفين، بالغت في ردة فعلها على هجوم حماس، وأن عليها ضمان حماية المدنيين. فيما عارض مرشح تحالف فاغنكشت، الذي يقدم نفسه حزباً مناهضاً للحروب، إرسال المزيد من الأسلحة لإسرائيل.

إلا أن ميل المشهد السياسي عموماً نحو أقصى اليمين، وحصول حزب البديل لألمانيا، الذي بات من المثبت كونه يمينياً متطرفاً في عدة ولايات على ثاني أفضل نتيجة في البلاد، وتفوقه في شرق ألمانيا على أحزاب التحالف الحاكم الثلاثة مجتمعة، يرمي بسؤال عن مدى مصداقية الزعم المتكرر في الأشهر الأخيرة في ألمانيا، بعد هجوم حماس على إسرائيل، وحرب إسرائيل على غزة، عن الاتعاظ من الماضي النازي، تحت شعار: "ليس مجدداً الآن Never again is now"، في إشارة إلى رفض سياسي على الأقل ومجتمعي كما ساد الانطباع، لتكرار الإبادة الجماعية ضد اليهود، أمر جادلت شخصيات يهودية تقدمية سلفاً في تفسيره، بأن عليه أن يسري على جميع الشعوب لا الشعب اليهودي فحسب.

رداً على استطلاع لآراء ناخبي حزب "البديل" بعد خروجهم من التصويت يوم الأحد، أكد 95٪ منهم أنهم يرون: "من الجيد رغبة الحزب تقييد دخول الأجانب واللاجئين أكثر للبلاد"، وأكد 82٪ منهم أن الأمر سيان بالنسبة لهم، إن كان أجزاء من الحزب يمينيين متطرفين، طالما أنهم يتناولون القضايا الصحيحة، ورأى 17٪ منهم أنه من الجيد أن يعمل "البديل" عن قرب مع روسيا والصين.

رداً على استطلاع لآراء ناخبي حزب "البديل" بعد خروجهم من التصويت يوم الأحد، أكد 95٪ منهم أنهم يرون: "من الجيد رغبة الحزب تقييد دخول الأجانب واللاجئين أكثر للبلاد".

هذه الأرقام تتعارض مع المزاعم المتكررة منذ سنوات عن كون ناخبي حزب البديل هم في المقام الأول ممن يريدون الاحتجاج على سياسات الأحزاب الأخرى، وتشي بأن ناخبيه يريدون حقاً واقعاً "بديلاً" متطرفاً وعنصرياً أكثر مما هو عليه الحال بالفعل، حيال كل من هو أجنبي أو من أصول أجنبية، وإن كان ذلك يعني وصول ساسة بنفس نازي للسلطة.

هذه النتائج التاريخية حققها "البديل" رغم سيطرة الفضائح على حملته الانتخابية، واختباء اثنين من مرشحيه تفادياً للمزيد من الأضرار. فقد انسحب المرشح الرئيسي، ماكسمليان كراه، من المجلس الرئاسي الاتحادي ل "البديل"، وأعلن الكف عن ظهوره في الحملة، بعد تصريحات له لصحيفة لا ربيبلكيا الإيطالية اعتبر فيها أنه ليس كل أعضاء قوات الأمن الخاصة النازية "إس إس" كانوا مجرمين بالضرورة، هذا تصريح كان متطرفاً على نحو لا يحتمل، لدرجة دفعت حزب التجمع الوطني الفرنسي "اليميني المتطرف" بزعامة مارين لوبان إلى إعلان إيقاف العمل مع "البديل".

وكانت العلاقة بين الحزبين قد تدهورت بالفعل، بعد أن كشف تحقيق صحفي قبل أشهر عن اشتراك ساسة من "البديل" بما عرف باجتماع فيلا "فانزيه" قرب برلين، ناقش فيه ناشطون وساسة من اليمين المتطرف ليس ترحيل الأجانب الذين لا يحملون حق إقامة فقط من ألمانيا، بل أيضاً ملايين الألمان من أصول مهاجرة، في واقعة ذكرت باجتماع نازي خلال الحرب العالمية الثانية وضعت فيه خطة "الحل النهائي" لإبادة اليهود.

واعتقل موظف لدى المرشح "كراه" خلال الحملة الانتخابية، واتهم بالتجسس لصالح الصين. وفُتح تحقيق أيضاً ضد زميله المرشح الآخر على قائمة "البديل" الأوروبية بيتر بيسترون بتهمة غسيل الأموال وقبض رشوة من روسيا. لكن كل ذلك لم يؤثر على

الناخبين/ات الشباب (16٪ ممن تقل أعمارهم عن 25 عاماً انتخبوا البديل بحسب استقراء أولي)، بل من الآمن التأكيد على أنهم ينتخبون اليمين الفاشي وهم بوعي كامل على انه بالفعل "يمين فاشي".

الجدير بالذكر أنه في منتصف أيار/مايو الماضي، قضت محكمة ألمانية على بيورن هوكه، زعيم "البديل" في ولاية تورنغن الشرقية بدفع غرامة قدرها 13 ألف يورو لاستخدامه شعاراً ممنوعاً عائداً للجناح العسكري للحزب النازي "العاصفة"، خلال فعالية انتخابية منذ سنوات. نتائج الاستقراء الأولي لولايات شرق ألمانيا يوم أمس الأحد أظهرت عدم تأثر الناخبين بذاك الحكم، إذ تصدر "البديل" النتائج بـ27٪ (بزيادة قدرها 7.5٪)، وحصل في ولاية ساكسونيا على 41٪ من الأصوات.

طارق الأوس، الناشط السياسي السوري الألماني، المتحدث السياسي باسم منظمة "برو أزول" المناصرة للاجئين، تساءل مستنكراً النتائج: "في أي مجتمع نعيش عندما يُنتخب البديل، وهو حزب عنصري وقومي، رغم فانتازيا الترحيل واتخاذ التجسس كهواية، كثاني أقوى قوة في الانتخابات الأوروبية؟".

سوسن شبلي، السياسية الألمانية الفلسطينية، من الحزب الاشتراكي، رأت في هذه النتائج: "كارثة"، تجعلها كإنسانة وأم ومسلمة ومهاجرة، خائفة بشدة، يعلم الناخبون/ات ماذا يمثله الحزب (البديل)، هذا ما أُريد له أن يحصل تماماً".

 السياسية الألمانية الفلسطينية، سوسن شبلي، من الحزب الاشتراكي، رأت في هذه النتائج: "كارثة"، تجعلها كإنسانة وأم ومسلمة ومهاجرة، خائفة بشدة

هذه النتائج، بينت "قلق" الناخبين/ات حيال مواضيع مثل زيادة مستويات الجريمة وتأثير "الإسلام القوي" على ألمانيا، و"كثرة" الغرباء، وكشفت عن مناصرة راسخة عصية على التغيير، ليمين متطرف متصالح مع النازية ويضم في صفوفه مقللين من شأن الهولوكوست، تجعل ملايين من أمثال سوسن وطارق قلقين من حقيقة أنه ربما لم يتم التعلم من الماضي المظلم حقاً، كما رُدد على أسماعنا مراراً وتكراراً قبل أشهر.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image