في البدء...
كان الغمام وألواح التنجيم،
امرأة تخيط أوراق اليانصيب
وترتدي ثوب القدر
ورجل على فراش اللذة
يصوب نظراته تجاه تفاحة ذهبية
في صحن الملك.
حواء أضافت نكهة التفاح إلى مذاق الجنة
بذكرى مغموسة في فراش الأرق، بقبلة تنبض في شفتي حبيبتك البعيدة؛ تفتح سجن المرايا على صورتكَ وأنت تمضغ قلبك، تمزجه باللعاب ورغوة القهوة، تنظر كثيراً لابتسامتك المجهدة، ولفحة الشمس لبشرتك منتشية بجذل فوق ياقة قميصك. تبدو أنيقاً جداً، جنّة لم تمسها يد حواء لتعيد ترتيب ديكوراتها العذرية، تبدو ساذجاً أيضاً أن اعتقدت أنكَ ستظل تدعي الفضيلة ونكهة الحب تختصر فحوى لهاثكَ.
حين تلقاها
لا تتل صلواتكَ على حائط
لا تصطحب معكَ أغنية
لا تبح لنفسك الحزن كله
وتتركها تقتات سيرتكَ من عيون الناس؛
اقترب
بقدر رائحة غضبها
حين تذبح أمامها وردة
وتلحس دماءها
قبل أن تنادي اسمها
وتتذوق سكين شفتيها.
تبدو أنيقاً جداً، جنّة لم تمسها يد حواء لتعيد ترتيب ديكوراتها العذرية، تبدو ساذجاً أيضاً أن اعتقدت أنكَ ستظل تدعي الفضيلة ونكهة الحب تختصر فحوى لهاثكَ... مجاز
عراة... وأخيراً
في البدء... كان عليكَ أن تتغزّل بأوراق التوت حين تمحو آثار شهوتك، أن تمشط أجنحة كل الفراشات؛ لتحبس بين أناملك رماد المصابيح وتواجه الليل بقلب جسور، وتخط على جذع شجرة هوية فزاعتكَ الجميلة، التي طردتك من الحقل وعصفورك جائع، على الحب أحيانا أن يمزق سترتك وعليك أن ترتجل حيلة؛ لتبقي الفراش محموماً، وامرأتك تحتك، كمهر جامح روضته لمساتك الشبقة قبل أن تتركه في الدروب.
اسمك يضيء في شفتيها...
ويتم نوره
في هديل نهديها،
اسمك يتمطى فوق جذعها الملتهب
يكنس العشاق
وهو يسترسل في عزف مقامات ضحكتها...
جنة المتطفلين هي وجحيمك.
العدو مرَّ أيضاً من هذا الرحم
كان لا بد من نبيذ مقدس، ونحر دافئ تتدفّق فيه أخطاؤنا العفوية؛ الغربان وحدها كانت تعرف، وأنت سجين جسدك، مذعوراً تبحث عن مناشف، تنزّ من عينيك نظرات شاحبة، وقلبكَ يدخل في شبورة خانقة؛ تبدأ وحدكَ على الأرض، أول مناهج القتل.
كان لا بد أن تسرد قصتك مع الموت، برائحته المغوية التي تزين إزار أخيك، قبل أن تخبره كيف أتينا من جنة البدء، نحمل حرفة المطاريد إلى أزقة الدنيا، نسير ونفتح لعرينا حوانيت، ولموتانا مقابر شائعة في القلب، رغماً عن أن كل دمعة تسقط قتيلها في حفرة على الخد.
بعدما صارت الأرض
منفى
ارتجل الفانون طريقاً آخر
للعودة إلى الوطن؛
صار الغراب مدرّب تنمية بشرية
وأنجب آدم أبرع نحّاتي القبور.
زعيم آخر على الأرض
وحيداً... وحيداً، كما أنتَ وهذا الحزن الساذج، كنقش على الوجه، لا مظاهرة لمسامير ترفع صورتكَ، ولا كنية تزين اسمكَ، لا وهج يحفظ ثبات خطواتكَ في عتمة الطريق، لا الحذر الآن رفيقكَ ولا نجمتكَ العطنة التي تنبع من أعمق آبارك.
في كتيب التعليمات، سبحت الأرانب أميالاً في جحورها، خلف الخوف العجيب، وتزينت عيناها بالهلع، كان أخفّ كوابيسها أن تجد فراءها الناعم يتبختر فوق كتفي امرأة، وفيما تذكر كانت اللغة هشّة، لا تستطيع أن تقف عليها دون أن تنكسر إحدى فقرات عنقكَ، وتورط نفسكَ في قطيع، يفهم صراخكَ بالجبن نفسه، يرفعك كما يليق بزعيم ملهم، عبر عن مخاوفه بالكلمات اللازمة ليثبت أن في الحرب فكرة عن الحياة الثمينة، المترفة التي يسعى إليها الجميع.
السفينة التي جمعت فيها أولاد عمومتك
وحيداً... وحيداً، وكل هذه المسافات بينك وبينك، لم يعد قلبكَ يقفز من جيبك ليرتطم بالسماء ويلتصق بنبوءة أكثر أبدية، لم يعد صوتكَ يصرخ فوق الحواجز وينبه الفارين بأن الجحيم ما هو إلا رحلة مشي في زورق دون رفقة أو حذاء، وليس أبعد من شرنقتك التي تخاتل الموج إلا السير بتؤدة، داخل شريحة في رأس روبوت يحلم بقُبلة من مكنسة كهربائية.
تعرف أن الوقت عدوّك، والأصفاد التي تكبل خطواتكَ، فيما يلدغك الانتظار بأسراب طرق مقفرة، يسلبك المشي بفضول، نقاء سريرة قدميكَ وزهد عينيك في شرب كؤوس الفتنة ببال مرتاح وذنوب خفية.
ذاكرتك الآن ممتلئة، كطوفان يكتسح من أمامه، قرى، مدن وقلاع قلبكَ الحصين، وقبيل المساء تسقط بمحاذاة امرأة، تركض خائفة إلى أحضانك أو قرب شجرة، يتكوم ظلها على أسفلت مدينة، تحاصرها الفوضى رغم رأفة الجنازير.
تطير
كأول لمسة وتر حر
يفر إلى السماء
دون أن تلتقط خطواته
موسيقى الجنازات.
على الحب أحيانا أن يمزق سترتك وعليك أن ترتجل حيلة؛ لتبقي الفراش محموماً، وامرأتك تحتك، كمهر جامح روضته لمساتك الشبقة قبل أن تتركه في الدروب... مجاز
لأنك وسيم أكثر من اللازم
في البئر، تفيض التجاعيد بآيات القدر، تنظر إليكَ الدماء كأنك الراعي، تقلب وجهكَ على جمر ناي، وتستغيث، تقطع الذئاب مخالبها بسكين اللذة، تنظر إليكَ كسيدها الجديد، تبوح باسمكَ، معزوفتك الأثيرة، والوطن الذي غربل قلبكَ واصطفاك لغربة بعيدة، تسقط ذبيح ملامح ذاهلة وشواء ثمين.
في السجن
تقذفنا الجدران بلحاء أصابعنا
ونشارة الشمس،
يقف الوقت شاهداً
على ذبولك
فيما تصارع ظلك بالأيدي
بالذاكرة
بالوجه الذي بدا نازحاً من مجزرة
ومازال يفتقدك،
على الجانب الآخر من حياتنا
لا شيء يحدث أكثر من دمعتين
فؤاد محطم
ووحدة
تشاركك خطاك
وسريرك...
الجمال أيضاً حرفة
الغريب، حين أخبروه أنه ذاهب إلى البلد الطيب، حيث كل نقطة ضوء تجتمع وأخريات في الكتاب المقدس، ارتعد، خشي ألا يعطيه الرب صفحة فارغة له وحده؛ تجتر من أصابعه كلماته المرتجفة ونقاط ضعفه.
قالت له شجرة:
المكان عبء ثقيل،
الخوف ركب ظهره
وطار به إلى الماضي
حيث لا موت يعبر إلا بوجبة معتبرة
ولا حاكم يهذر في الخطب طويلاً
والشمس تراقبه،
التقط لي صورة معك
أو اعطني قليلاً من النار،
وحين تباع
حين تفسّر حلم الخلاص
وتصبح ملكاً
اشتر لي مصر.
على الصليب تمرّدت ملامحنا
تحدّث كرجل، أو كنبي في المهد، هذا لا يعني أنكَ لن تحتاج إلى حضن ينتشلك من يهوذا وأعوانه قرب الصلبان، يتحرّك قدركَ بتردّد مع عائلة نجوم، ضاع منها الحادي فوق أحد كباري العاصمة، ربما كان على ماركس أن ينسجم أكثر مع الأفيون، ربما على المشي داخل الكتب أن يبتكر لنا أيدي تمنحنا السلام، وربما على الفاكهة المحرمة أن تتنزل في سلال الفقراء.
لا أحد يمزح هنا
بالتأكيد، لا يوجد ضحك مجاني
أو قلوب بسيطة على طاولة اللعب،
المهرج دائماً ينظر بأسى
إلى أحذية المتفرجين الثمينة؛
هل جرب أحدكم التحديق لمرة
في ثقوب جواربه؟
الملاك الذي فر من كتاب التاريخ
لا توجد رحلات آمنة، ولا خطى إضافية يرثها ظلك، الليل يتوسل لينام في قصتك، وغالباً ما كان الظلام حقيبة منسية فوق ظهرك، النهار بارد وخائف من انعكاس وجهه، والشمس البعيدة أكبر محرقة للمرايا. لذا الخسائر والخيبات لن تجلب لك التعاطف؛ للبكاء أسبابه المنطقية، دموعنا ثمينة تعودنا أن تأخذ الجانب الجاد في حزنه وليس الضعيف فقط.
في البدء، قال: اقرأ
أعطاني فأساً
لم أنتبه
لم أفهم
ولم أع
كيف تجمعت كل هذه المقابر
بلا شاهد واحد
سواي وجملة: القراءة للجميع.
البيت الزجاجي الذي نعيش فيه
الحياة طويلة بامتداد لكمتك، وقصيرة بقدر مشجب يتفقد معاطفه في حرب، يلزمها أن تغمض عينيكَ كثيراً حتى يمر الحزن بهدوء، دون أن يتذكرك أو تترك له فرصة؛ لسرقة ملامحك الوديعة، كلجان تقصي الحقائق التي لا تعرف كيف ينتهي الناس بهذه الأسباب التافهة.
تجول وحدك
فوق سطرك
المكتوب في مزحة
على لسان مهرج،
ومن الصعب أن تتفادى الطعنات
أن تحتفظ بثباتك؛
حتى شهيقك
يجرحه مرور السكين
بثمرة تفاح
في مطبخ الجيران.
الموت الذي يحتفظ ببذوره
كل الطرق تؤدي إلى الموت، سواء جلست منكمشاً في جزيرتك المنعزلة أو مصفوفاً في قوارير الحفريات، مفروضاً على مائدة أسرتكَ الفقيرة أو مسجّى في صناديق ثلج وفورمالين تنتظر الفناء الرحيم؛ تبقى ممزقاً في قلوب شتى، لا تدري أي قطعة منكَ مازالت حية وظلك يتعفن بالجوار، يبحث عنكَ، أنتَ أبداً لن ترى الشمس.
ثمة ليل باق
كصداع في رأس السماء
والوقت الذي تبحث عنه بالتحديد
من حديقة السجن إلى شوك الإكليل؛
وقت شديد الحذر
يشعل سيجارة
وينتظر
أن تنزلق من بين أضلعك
وردة
فراشة
أو لفافة بانجو
بقيمة نافذة لمعالجة الأرق والفضول
تؤلم
كنزهة قصيرة في الفردوس
تظل عالقة في سيرتك الذاتية
كخطيئة.
ربما كان على ماركس أن ينسجم أكثر مع الأفيون، ربما على المشي داخل الكتب أن يبتكر لنا أيدي تمنحنا السلام، وربما على الفاكهة المحرمة أن تتنزل في سلال الفقراء... مجاز
مناسك الحزن
لاستعادة غيمة أو نجمة هاربة من طالعك، عليك أن تشارك السماء الأرباح من صلاتك، تجثو قرب سريرك تراقب انخفاض الأنسولين في دمك، كليتك المتفانية، ترشح مرارة الصبار في أصيصه على النافذة وقلبك ينذر دقاته لامرأة واحدة، ولن يكون الأمر ممتعاً أبداً إلا إذا احتاج المذبح إلى قطع غيار جيدة أضحية بشرية مثلاً أو خطبة قبل صلاة الجمعة عن القيمة الروحانية للبكاء خلف الرئيس، والباقي من أسماء عائلتك يقدمون قرابين كل يوم لأول حادث طريق.
في اليوم السابع
كان الجراب ملآن
أعطاه المزيد من قطع الصلصال،
خرافاً سمينة
وسكيناً
فراح يصطفي لنفسه حصاناً
على رقعة الشطرنج
ونام يحلم
بحنكة الوزير
قُبلة السيدة النبيلة
وإرث الملك.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...