شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
مع تكرّر الاعتداءات... هل تَقلب تطبيقات

مع تكرّر الاعتداءات... هل تَقلب تطبيقات "للنساء فقط" الطاولة على "أوبر مصر"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

الاثنين 10 يونيو 202402:01 م

في العام 2014، ظهر تطبيق "أوبر" للنقل فى مصر، أي بعد نحو 4 أعوام من إطلاقه في الولايات المتحدة الأمريكية.

التنقّل عبر تطبيق رقمي، غيّر كثيراً من مفاهيم النقل لدى المصريين، خاصة السيدات اللواتي وجدن في الوسيلة الجديدة فرصة للتخلص من زحام وسائل النقل التقليدية، ووجدنه أكثر أمناً واستقلالية. لكن هذا الشعور تناقص مع تراجع قواعد الأمان المناسبة شيئاً فشيئاً، لعدد من الأسباب قد يكون أحدها تزايد أعداد الشركات العاملة في مجال النقل الفردي والجماعي مثل "أوبر" و"كريم"، أو لتعرّض بعض مستخدمي هذا التطبيق ومستخدماته لمضايقات أو حتى لجرائم.

الانطباع بوجود مخاطر خاصة على السيدات تزايد مع الوقت، ورسخت هذه الفكرة روايات النساء اللواتي تعرضن للتحرش والخطف والسرقة، أو القتل كما في واقعة "حبيبة الشماع"، الذي عُرفت قضيتها إعلامياً بـ"فتاة الشروق". 

هل تدفع "أوبر مصر" تعويضات للمتضررين؟

بين الأعوام 2009 و2016، دفعت "أوبر" غرامات تقدّر بنحو (162 مليون دولار) في الدعاوى المتعلقة بالسلامة فى بلدان هولندا وبريطانيا. ولاحقاً واجهت الشركة دعوى قضائية جماعية في الولايات المتحدة الأمريكية بدعوى "منح مرتكبي الاعتداء الجنسي والتحرش الجنسي والعنف الجسدي إمكانية الوصول إلى الآلاف من الضحايا الضعفاء في جميع أنحاء البلاد". 

تواجه شركة "أوبر" دعوات قضائية في كل العالم، لكن في مصر على وجه الخصوص تعزّز الانطباع بوجود مخاطر خاصة على السيدات مع مرور الوقت، ورسخت هذه الفكرة روايات النساء اللواتي تعرضن للتحرش والخطف والسرقة، أو القتل كما في واقعة "حبيبة الشماع" 

وفي عام 2022، واجهت "أوبر" دعوى قضائية أخرى من 550 إمراة بتهم الاعتداء الجنسي عليهن فى سان فرانسيسكو، ما نتج عنه تطبيق قواعد صارمة وضعها المسؤولون هناك لمواجهة مخاطر وسائل النقل عن طريق التطبيقات الرقمية.

في المقابل، لم تتغير إدارة التطبيق في مصر كما هو الانطباع العام لدى المستخدمين، الذين يؤكد بعضهم تراجع إجراءات الأمان مع تزايد طلبات التقديم للعمل مع الشركة،  وذلك حسبما أعلن النائب المصري محمود عصام موسى، الذي قدّم طلب إحاطة بشأن عدم وجود رقابة على "أوبر".

حادثة "حبيبة الشماع" 

تزايد الجرائم والتجاوزات عالمياً جعل بعض الدول تقوم بوقف التطبيق كالمغرب، أو إلغائه نهائياً من العمل داخل أراضيها كالدنمارك، ومقاطعة كاتالونيا الإسبانية. أما في مصر فوصل الأمر إلى ذروته مع حادث حبيبة الشماع التي ألقت بنفسها إلى خارج سيارة بعدما حاول أحد سائقي "أوبر" التعدي عليها، في حادث أودى بحياتها.

انتشرت القصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت المواجهة الشعبية في مواجهة فوضى "أوبر" سواء باتخاذ تدابير احترازية لحماية السيدات في حالة استخدام التطبيق أو مقاطعته نهائيا وذلك قبل ظهور دعوات داخل البرلمان المصري لمواجهة فوضى التطبيق وتشديد الدور الرقابي الرسمي.

تلجأ بعض السيدات إلى حيل احترازية من أجل حماية أنفسهن في حال تعرضن لأي مضايقة خلال الرحلة، ومن هذه الحيل ما تحدثت عنه سلمى (30 عامًا) التي تستخدم مواصلات النقل الذكي مثل "أوبر" و"كريم"، ولكنها تأخذ العديد من الاحتياطات الخاصة بها قبل أن تستقل السيارة مع الكابتن الذى وصل إليها عن طريق التطبيق. 

خلط الماء بالشطة... للاحتياط 

تقول لرصيف22: "أقوم بإرسال رقم السيارة والموقع المباشر لأخي الكبير قبل الركوب حتى يكون على علم بموقعي وكامل بيانات السائق إذا حدث أى أمر سيىء، ليتمكن حينها من الوصول".

وتكمل: "أقوم أيضاً بشيء آخر كحماية لي سمعت عنه من منصات السوشال ميديا من مجموعات الفتيات، وهو خلط الماء بالشطة، وجعل هذه الزجاجة في حقيبتي الخاصة حتى إذا تعرضت لأي نوع من أنواع العنف أقوم برش هذا الشيء في عيني المعتدي فلا يستطيع إيذائي، وقد كنت في البداية أسير بسلاح القطر أو صاعق الكهرباء ولكن قد علمت أن هذا ممنوع قانونيًا لذلك ألجأ إلى حيلة خلط الماء بالشطة". 

تواجه "أوبر" مطالبات من نواب في البرلمان المصري بوقف ترخيصها إلى حين ضمان تحقق شروط السلامة والأمان للركاب، والمحاسبة للعاملين فيها. 

مقاطعة التطبيق، أو شراء سيارة خاصة بالتقسيط، هما كذلك من الحلول القصوى التي لجأت إليها بعض الفتيات. في هذا السياق تقول إيمان (31 عامًا) التي تعمل فى جهة حكومية بالعاصمة الإدارية الجديدة: "حالة الخوف التى انتشرت بين الفتيات من الاعتداءات التى حدثت مؤخرًا جعلتنى أقوم بشراء سيارة بالتقسيط حتى وإن كان السعر فوق مقدرتي".

وتضيف لرصيف22: "مكان عملي بعيد عن مكان سكني، وكنت أستقل أوبر طوال الوقت ولكن مع تكرار الحوادث خلال الفترات الماضية فكّرت في شراء سيارة خاصة لي بالتقسيط، وبدأت بالفعل في تعلم قيادة السيارات وحصلت على سيارتي، وما أنفقه في دفع القسط هو ما كنت أنفقه في التنقلات تقريباً".

وتقول منى أبو غالي (42 عامًا) لرصيف22 أن كل قلقها هو على ابنتها بالأساس، لأنها تستخدم هذه التطبيقات هي وصديقاتها". تضيف: "خلال الفترة الماضية ألزمت ابنتي بركوب مترو الأنفاق، أو المواصلات العامة حتى وإن كان هذا الأمر يسبب إرهاقاً لها".

أوبر ترد على الاتهامات

وكان بعض أعضاء البرلمان منهم النائبة أمل سلامة، عضوة لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب قد تقدموا بطلب إحاطة إلى الحكومة بوقف ترخيص عمل شركة "أوبر" ومثيلاتها في مصر بشكل مؤقت، وذلك بعد محاولة سائق تابع للشركة هتك عرض سائحة ألمانية، والذي حُكِم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات وذلك حسبما أعلنت النائبة المصرية منال سلامة.

وبتاريخ 27 فبراير لعام 2024 قامت شركة أوبر بالرد على جميع ما تم تداوله بشأنها وشأن سائقيها، وقالت فى بيان إن الشركة تُلزم جميع السائقين بتقديم صحيفة الحالة الجنائية كأحد اشتراطات استخدام التطبيق، ويلتزم جميع السائقين بتقديم الأوراق المطلوبة التي تؤهلهم لاستخدام تطبيق أوبر، نافيه ما تم تداوله عنها بأنها لا تطلب تحليل مخدرات من السائقين. 

ظهرت مؤخراً في مصر تطبيقات نقل ذكية "للنساء فقط"، حيث جميع الكباتن سائقات، وحين لا يسمح للرجل بالركوب وحيداً إلا إذا كان برفقة امرأة أو مع عائلته. وتعمل هذه التطبيقات التي لا تزال في مرحلة التجريب من خلال مجموعات سوشال ميديا محدّدة داخل نفس المنطقة 

كما أكدت الشركة في بيانها أنها قامت بالتعاون مع خبراء ومنظمات داعمة لتوفير وحدات تعليمية إلزامية للسلامة التي يجب على جميع السائقين إكمالها خلال دورتهم المبكرة للمتابعة في القيادة باستخدام تطبيق أوبر، وتتناول تلك الوحدات السلوكيات السيئة غير المقبولة على المنصة، كما أكدت أنها تقوم بتثقيف الركاب والسائقين حول الإرشادات المجتمعية والسلوك المسموح به عند استخدامهم للتطبيق.

ونوّاب يطالبون بوقف ترخيص الشركة

النائب عبد المنعم إمام عضو مجلس النواب المصري كان قد تقدّم بعدة توصيات هي: التأكيد أن الشركات العاملة في مجال النقل البري باستخدام تكنولوجيا المعلومات هي شركات خدمات نقل وليس شركات عاملة في مجال التطبيقات الرقمية؛ وبالتالي فهي تعد ناقلاً، ومعنية بضمان سلامة الركاب، وهو التزام وجوبي لا يجوز مخالفته أو التحلل منه وإلزام وزارة النقل بسرعة إنفاذ جميع أحكام قانون تنظيم خدمات النقل البري للركاب باستخدام تكنولوجيا المعلومات الصادر بالقانون رقم (87) لسنة 2018، والقواعد والإجراءات اللازمة لتطبيق أحكام القانون المُشار إليه والصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (2180) لسنة 2019.

بالإضافة إلى إلزام الحكومة بتعزيز سبل سلامة الركاب من خلال استحداث وسائل حماية إضافية، وبصفة خاصة مراقبة عملية النقل البري باستخدام تكنولوجيا المعلومات عبر الكاميرات والتسجيل الصوتي والتشديد على قيام جميع الشركات الراغبة في العمل في المجال بتوفير مركز لخدمة العملاء لاستقبال الشكاوى، وتسجيلها بشكل منتظم على أن تكون قاعدة بيانات الشكاوى مرتبطة إلكترونياً عند طلبها بأي وسيلة من الوسائل بوزارة النقل، وتقوم الوزارة بمتابعة التنفيذ.

ظهور تطبيقات مواصلات "للنساء فقط" 

ولأن للسوق قوانينه التي تقوم على المنافسة وسد حاجات الزبائن بالأساس، ظهرت فكرة تطبيق خاص بالسيدات، تعمل به سائقات فقط.

تقول هبة زكي (36 عامًا) وهي بلوغر استخدمت أحد التطبيقات الخاصة بالنساء، إنها قبل أن تقبل على الحملة الدعائية درست الأمر وكل سُبل الأمان للسيدات، وإنها استخدمت هذا الأبلكيشن 3 مرات لنفسها وأكثر من 3 مرات مع ابنتها البالغة من العمر 14 عامًا. 

تقول إحدى الفتيات إنها ترسل لأخيها اسم ورقم وخط الرحلة في كل مرة تستخدم "أوبر"، بينما تعمد أخرى للاحتفاظ برشاش ماء وشطة لحماية نفسها في حال واجهت خطر التحرش أو الاعتداء.  

وتشرح هبة لرصيف22 بأن التعامل مع هذه الشركة يكون من خلال استخدام المجموعات الخاصة بهن على السوشال ميديا، والتي تضم آلاف السيدات، وفي نفس الوقت تكون الشركة على علم تام بالتنسيق الذى يحدث داخل المجموعة بين الراكبة والكابتن. 

يقول د. فرج السيد، وهو مؤسس التطبيق الخاص بالسيدات إنه يجري اختباراته الآن، وسيكون قريباً في متناول الجميع، وإن الشركة تعمل من خلال عدد ضخم من غروبات الواتساب حيث تم تخصيص غروب لخدمة كل منطقة، وتعمل على هذه الغروبات سائقات يكنّ غالباً من نفس منطقة الغروب أو من مكان قريب منه.

ويضيف: "التجهيز للفكرة جاء منذ ما يزيد عن سنة ونصف تقريبًا، وهو الوقت الذي تم استغراقه لمعرفة ما يحتاجه السوق المصري، وقد وجدنا أنه لا بد من تعزيز نواحي الحماية وتوفير الطمأنينة للركاب بشكل عام، وللسيدات والأطفال بشكل خاص".

وعن المعايير قال: "ندقق بشكل جيد في اختيار السائقة الكابتن ونحرص على الاحتفاظ بنسخة من أوراقها، ونشدد الرقابة على طريقة عمل الكابتن على غروبات وصليني في كل المناطق ووضعنا إشراف قوي من سيدات تم تدريبهن بشكل جيد على وضع رقابة صارمة على ما يجري، واتخاذ الإجراء المناسب في الوقت المناسب لتوفير الاطمئنان للعميلة والكابتن على حد سواء".

وختم: "نمنع منعًا باتًا ركوب رجل بمفرده، ولكن ونظرًا لأن وصليني خصصت للسيدات والأطفال والأسر فنسمح باستخدام الخدمة للرجل إذا كان بصحبته سيدة أو طفل أو أسرته".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

رصيف22 من أكبر المؤسسات الإعلامية في المنطقة. كتبنا في العقد الماضي، وعلى نطاق واسع، عن قضايا المرأة من مختلف الزوايا، وعن حقوق لم تنلها، وعن قيود فُرضت عليها، وعن مشاعر يُمنَع البوح بها في مجتمعاتنا، وعن عنف نفسي وجسدي تتعرض له، لمجرد قولها "لا" أحياناً. عنفٌ يطالها في الشارع كما داخل المنزل، حيث الأمان المُفترض... ونؤمن بأن بلادنا لا يمكن أن تكون حرّةً إذا كانت النساء فيها مقموعات سياسياً واجتماعياً. ولهذا، فنحن مستمرون في نقل المسكوت عنه، والتذكير يومياً بما هو مكشوف ومتجاهَل، على أملٍ بواقع أكثر عدالةً ورضا! لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم، وأخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا!.

Website by WhiteBeard
Popup Image