شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
من سبقوهم استُقبلوا بالتعذيب... أسباب تهجير سوريين من الأردن وخلفياتها

من سبقوهم استُقبلوا بالتعذيب... أسباب تهجير سوريين من الأردن وخلفياتها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الأربعاء 29 مايو 202404:05 م

في 9 نيسان/ إبريل الماضي اعتقل الأمن الأردني الطالب السوريّ في إحدى كليات الإعلام عطيّة أبو سالم على خلفيّة توجهه لتصوير التظاهرات الداعمة لغزة، واحتجز إدارياً بأمر من محافظ عمّان دون توجيه تهمة إليه، ومن دون عرضه على النيابة العامة أو قاضٍ منذ ذلك الحين.

لاحقاً أصدرت وزارة الداخلية الأردنية أمراً بترحيله، رغم أنه يحمل وضع "طالب لجوء"، وهو ما دفعه لإعلان الإضراب عن الطعام بعد اعتقاله بشهر وفقدان الوعيّ عدة مرات داخل السجن، لكن لم ينفع هذا الاحتجاج بإلغاء قرار ترحيله، لكنه أنهى إضرابه عن الطعام عقب زيارة المركز الوطني لحقوق الإنسان له في 28 أيار/ مايو، وتقديم وعود بمحاولة التدخّل ومنع ترحيله.

ترحيل السوريين... عقوبة جاهزة 

أبو سالم لم يكن الوحيد الذي تم تهديده بالترحيل، فأثناء تفاعل الناشطين والحقوقيين مع قضيته برزت قصة وائل العشي، وهو شاب سوري آخر، موقوف لدى السلطات الأردنية ومهدد بالترحيل أيضاً، رغم أنه لم يشارك في المظاهرات، لكن أثناء ملاحقة الأمن لشركائه في السكن على خلفية مشاركتهم في المظاهرات اقتادوه معهم.

ووفقاً للمحامي المتابع لقضيّة أبو سالم أحمد سواعي فإنَّ هناك العديد من السوريين الموقوفين في الأردن على خلفية المظاهرات الداعمة لغزة، لكن لم تنتشر أخبارهم؛ لأن ذويهم لا يرغبون بالحديث عنهم خوفاً من التصعيد. 

اعتقل الأمن الأردني طالب الإعلام السوريّ عطيّة أبو سالم على خلفيّة تصويره التظاهرات الداعمة لغزة، واحتجز إدارياً بأمر من محافظ عمّان دون توجيه تهم، أو  عرضه على النيابة العامة أو قاض، وهو مهدّد بالترحيل اليوم من وزارة الداخلية  

وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءاتٍ رسميّةٍ دقيقة حول عدد اللاجئين الذين رحلتهم الأردن منذ عام 2011، إلا أنَّ منظمة "هيومن رايتس ووتش" وثّقت ترحيل نحو 400 لاجئ سوري من الأردن منذ عام 2011 وبشكل جماعي دون منحهم فرصة الطعن بقرارات ترحيلهم.

وبحسب المنظمة فإنَّ سوريا ما تزال غير صالحة لعودة اللاجئين بشكل آمن وكريم، ورصدت كثيراً من الحالات التي ارتكبت فيها الأجهزة الأمنية السورية الاحتجاز والاختطاف والتعذيب والقتل بحق لاجئين عادوا إلى سوريا من الأردن ولبنان بين الأعوام 2017 و2021، إذ تعرّض العائدون للتعذيب أثناء احتجازهم من قبل المخابرات العسكرية السورية وجُنّدوا في قوات الاحتياط العسكرية السورية.

وأعلنت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية التابعة لـلأمم المتحدة في آذار/ مارس هذا العام أن سوريا تشهد "موجة جديدة من العنف" لم تشهدها منذ العام 2020.

ويؤكد المحلل السياسي وليد العويمر لرصيف22 أنَّ سوريا غير آمنة، وخصوصًا في المناطق التي هُجّر منها عدد كبير من السوريين، وذلك مع تعرّضها للهدم والتدمير وانتشار الجماعات والتنظيمات المسلّحة وهو ما يصعّب العودة إليها، لافتًا إلى إعلان الأمم المتحدة عدم ترحيل السوريين قبل التأكد من أمان المناطق، و"بالتالي لا يمكن أن يعودوا ولا يمكن أن يؤمن على حياتهم في هذه المناطق".

القانون الدولي لا يتفق والقوانين الداخلية 

يقول المحامي أحمد سواعي لـرصيف22 إنَّ صلاحية قرار الترحيل تقع في يد وزير الداخليّة أو المحافظ المفوّض من قبل الوزير، وإلغاء هذا القرار لا يتم إلا إن قام مصدر القرار بإلغائه أو إذا أجبرهت المحكمة بالعدول عنه، ولكن القرار يعتبر سارٍ طالما لم يبت فيه من قبل القضاء. 

وثّقت "هيومن رايتس ووتش" ترحيل نحو 400 لاجئ سوري من الأردن منذ عام 2011 وبشكل جماعي دون منحهم فرصة الطعن بقرارات ترحيلهم. 

ويتابع أن سريان القرار بدون القضاء يعتبر حصانة له، وفي الأصل أنه غير محصّن وقابل للطعن، وتكمن المشكلة في إمكانيّة تنفيذه قبل صدور قرار المحكمة حتى إن أقرّت أنه باطل فإن الترحيل سيتم طالما لم يصدر قرارها.

ويلفت سواعي إلى أن حق إبعاد الأجانب عن الأراضي الأردنية مقيّد، ولا يعقل أن يتم الإبعاد لمجرد الشبهة كما في حالة أبو سالم، أو دون وجود لائحة اتهام أو صدور حكمٍ قضائي يثبت مخالفته للقوانين الأردنية، كما لا يجوز إبعاده إن كان هنالك خطر على حياته في المكان الذي سيُبعد إليه.

وتنص الاتفاقيات الدولية التي وقعها الأردن، ومنها اتفاقية منع التعذيب، على حماية حقوق اللاجئين وتمنع ترحيلهم إلى بيئات تهدد حياتهم. كما تنص المادة 21 من الدستور الأردنيّ على عدم جواز تسليم اللاجئين السياسيين بسبب مبادئهم السياسية أو دفاعهم عن الحرية، كما أنها تركت إجراءات تسليم مرتكبي الجرائم من اللاجئين إلى الاتفاقيات الدولية.

في تصريحات لها، تقول المحامية والمستشارة القانونية هالة عاهد إن الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية تستند إلى القوانين المحلية التي تمنح الوزير الصلاحيات لاتخاذ قرارات بالإبعاد في حالة مخالفة الأفراد لتلك القوانين، لكن هذه القرارات قد تتعارض مع الاتفاقيات الدولية، خاصة في حالة الأشخاص الذين يطلبون اللجوء.

وفي حالة أبو سالم فإنه وعدد من أفراد عائلته، معروفون بمعارضتهم لحكم الرئيس السوري بشار الأسد، ومسجلون كطالبي لجوء لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين منذ عام 2013.

العودة الطوعيّة للاجئين السوريين

وبالعودة للمحلل العويمر فإنه يرى أنَّ ملف اللاجئين السوريين من أكثر الملفات التي أرّقت الدولة الأردنية، وأصبحت محوراً أساسياً في جولات الملك عبد الله الخارجية بضرورة التركيز على الأردن في دعم اللاجئين وحتى يستطيع أن يقوم بواجبه في هذا الجانب، وأن الدولة دقت ناقوس الخطر في هذا الموضوع. 

وائل العشي هو لاجئ سوري موقوف لدى السلطات الأردنية ومهدد بالترحيل، رغم أنه لم يشارك في المظاهرات، لكن أثناء ملاحقة الأمن لشركائه في السكن على خلفية مشاركتهم في المظاهرات اقتادوه معهم

فيما دعا نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، الاثنين، خلال كلمة الأردن في أعمال الاجتماع الوزاري لمؤتمر بروكسل الثامن حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة، إلى إنشاء صندوق يدعم العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم.

وأضاف أن الأردن يمثل نموذجاً يقتدى به في تقديم الرعاية للاجئين، كما أنه بذل قصارى جهده للتأكيد أن اللاجئين هم ضحايا الأزمة، لكنه لا يستطيع مواصلة تقديم الخدمات بهذا الجهد ما لم يحظَ بالدعم، لافتًا إلى التخلي عن اللاجئين السوريين، والدول المضيفة لهم من قبل المجتمع الدوليّ.

تمويل استضافة اللاجئين... مكسب أم مخسر للأردن؟  

ويشير كبير المدافعين عن الشرق الأوسط في منظمة اللاجئين الدولية جيسي ماركس إلى تكليف الأردن وكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية غير حكومية قيادة العمليات الإنسانية لمساعدة اللاجئين السوريين، بشرط أن يكون التمويل من الجهات المانحة لا من خزائن الدولة غير أنَّ استمرار الأزمة السوريّة لفترةٍ طويلة ألقى بأعباء على القدرات المالية التي تحتاج إليها هذه المنظمات لتلبية احتياجات اللاجئين.

وفي تموز/ يوليو 2023، أعلنت وكالات الأمم المتحدة عن خفض كبير في برامج المساعدات الغذائية للاجئين السوريين في الأردن، وقد شمل القرار من يقيمون في المناطق الحضرية، بالإضافة إلى مخيمَي الزعتري والأزرق، وهما أكبر مخيمات اللاجئين في الأردن.

وطرحت الحكومة الأردنية عام 2017، خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية والتي تم إعدادها بجهد تشاركي ومكثف بين ممثلين عن الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، ومنظمات الأمم المتحدة والدول المانحة، والمنظمات غير الحكومية.

وقالت وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية إن خطة الاستجابة للأزمة السورية للعام 2023 حصلت على تمويل بلغ 663 مليون دولار، من أصل 2.2 مليار دولار، بنسبة 29.2%، فيما بلغت الفجوة التمويلية نحو 1.612 مليار دولار، تشكل 70.8% من المبلغ المطلوب.

وعام 2022، بلغ حجم تمويل خطة استجابة الأردن للأزمة السورية 760.3 مليون دولار من أصل 2.28 مليار دولار، وبنسبة تمويل بلغت 33.4%، وبقيمة عجز بلغت 1.51 مليار دولار. 

بحسب محامين هناك العديد من السوريين الموقوفين على خلفية المظاهرات الداعمة لغزة والمهددين بالترحيل، لكن لم تنتشر أخبارهم لأن ذويهم لا يرغبون بالتصعيد. 

في حين تصدرت الولايات المتحدة الدول الممولة لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية على مدار السنوات 2015 - 2022؛ إذ بلغ مجموع التمويل المقدم من قبلها نحو 2.88 مليار دولار، وتلتها ألمانيا بحجم تمويل مقداره قرابة 1.53 مليار دولار، وأعقبتهما المملكة المتحدة بتمويلها للخطة تناهز 425 مليون دولار، إلى جانب غيرها من الدول.

كما أعلن برنامج الأغذية العالمي في وقت سابق تخفيض قيمة المساعدات الشهرية بمقدار الثلث لجميع اللاجئين السوريين في مخيمي الزعتري والأزرق البالغ عددهم قرابة 129 ألف لاجئ.

صراع وزارتي الخارجيّة والداخليّة

لا يمكن تجاهل التناقض بين تصريحات وزير الخارجيّة الأردني بترك الخيار للسورين في العودة إلى بلادهم، وبين تصرّفات وزارة الداخليّة الأردنية بترحيلهم أو تهديدهم المستمر بالترحيل، إذ يقول أبو سالم - نقلًا عن المحامي المتابع لقضيته- إنَّ السلطات الأمنية طالبته بتفتيش هاتفه وهددته بالترحيل عدة مرات خلال التحقيق معه.

فيما يؤكد نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش آدم كوغل أنَّ استعجال الأردن في ترحيل الطالب السوري بشكل غير قانوني لمجرد محاولته توثيق احتجاج سلمي مؤيد لفلسطين يثير قلقا بالغًا ويسحق الحق في حرية التعبير ومبدأ عدم الإعادة القسرية.

ويبلغ عدد السوريين الذين جاؤوا إلى الأردن بعد اندلاع الازمة السورية عام 2011، وفق تقديرات رسمية أردنية نحو 1.4 مليون نسمة، ويبلغ عدد المسجلين منهم لدى المفوضية السامية لشوؤن اللاجئين 670 ألف نسمة.

هذا ويعد الأردن ثاني أعلى نسبة في العالم من حيث عدد اللاجئين نسبة للفرد الواحد، ويعيش حوالى 81% من اللاجئين السوريين في مناطق حضرية خارج مخيمات اللاجئين بحسب المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image