نشرت مؤسسة "بِتَر شيلتر" (ملجأ أفضل Better Shelter) السويدية بيانًا صحافيًا بمناسبة مرور عشر سنوات على انطلاق الثورة السوريّة، تذكّر فيه بمأساة اللاجئين السوريين، وتدعو من خلاله - بالتعاون مع منظمات غير حكوميّة ومحليّة ودوليّة- إلى "زيادة الحماية والسلامة والكرامة للأُسر النازحة".
تأسست بتر شلتر عام 2010 بالشراكة مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR، ومؤسسة خيرية تابعة لشركة أيكيا السويدية للأثاث المنزلي السهل التنفيذ، واعتمدت شراكتهما على توفير منازل صغيرة سابقة التجهيز يسهل فكها وتركيبها، لتكون بديلاً للخيام التي يعيش فيها اللاجئون.
منذ العام 2015 وفرت بتر شلتر أكثر من ستين ألف مسكن مؤقت، مسبق الصنع، لتقام في مخيّمات لاجئين في أكثر من ستين بلدًا حول العالم، خصصت منها 6700 مسكن في العام 2020 للاجئين السوريين، إذ حصل حوالى 30 ألف سوري على مسكن مؤقت عوضًا عن الخيمة في محافظتي إدلب وريف حلب.
أحوال اللاجئين السوريين
منذ بدأ السوريون اللجوء إلى تركيا في نيسان/أبريل 2011، بسبب ارتفاع وتيرة العنف في بلدهم منذ أواسط آذار/مارس 2011، وصلت أعداد اللاجئين السوريين حول العالم إلى حوالى 5.6 مليون، و6.1 مليون داخل سوريا. ويتوزع اللاجئون السوريون بشكل رئيسي في دول الجوار، وخاصة لبنان وتركيا والأردن، وفي دول قريبة كمصر والسودان وفي دول أوروبيّة أبرزها ألمانيا والسويد وهولندا.
ازدادت أوضاع اللاجئين السوريين في دول الجوار سوءًا مع مرور الوقت، وخاصة بعد انتشار فيروس كورونا المستجد. وقال البنك الدولي في دراسة حديثة إنّ حوالى 4.4 مليون شخص في البلدان المضيفة للاجئين السوريين، الأردن ولبنان وإقليم كردستان العراق، بالإضافة إلى مليون لاجئ سوري و180 ألف نازح عراقي، وقعوا في براثن الفقر بسبب فيروس كورونا.
كثيرًا ما تكون تكاليف هذا "الاندماج" البشريّة والنفسيّة والماديّة على اللاجئين وعلى المجتمعات المضيفة وعلى المانحين، أقل بكثير من تكاليف بناء المخيمات والحياة فيها.
هذا فضلًا عن غرق مخيمات كثيرة في الشتاء، كما حدث مرات عديدة في مخيم الزعتري، أكبر المخيمات السوريّة وهو يقع شمال الأردن ويضم عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين، أو إحراق مخيمات سوريين لاجئين في لبنان، أو استخدام الحكومة التركيّة للاجئين السوريين كورقة سياسيّة.
ذكر بيان مؤسسة "بِتَر شيلتر" أنّ هجومًا (شنته الحكومة السوريّة بمساندة القوات الروسيّة) على شمال غربي سوريا في 2019، تسبّب في تهجير مليون شخص في المنطقة. كما ذكر البيان أنّ الفيضانات التي سببتها الأمطار خلال كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير الماضيين هجّرت حوالى 150 ألف شخص. وأضاف البيان أنّ حوالى 1.6 مليون شخص الآن في شمال غربي سوريا بحاجة إلى مأوى طارئ وأنّ أغلبهم يسكنون في خيام. في هذه الحالات، تظهر الحاجة إلى مؤسسات مثل بتر شلتر.
حل مؤقت
تقول الباحثة في المركز الألماني لأبحاث الاندماج والهجرة، د.شغف حويّك، لرصيف22 إنّ هذه المساكن لا يمكن أن تكون حلًّا طويل الأمد ، وتشبهها بـ"تزيين السجن"، وتفسّر: "المشكلة الرئيسيّة ليست الخيام، رغم سوئها. المشكلة الرئيسيّة هي وجود مخيمات في الأصل".
ترى حويّك أنّ الأفضل أن تكون المخميات، "حتى لو كانت بيوتًا أسمنتيّة، وليست مجرد بيوت سهلة التفكيك كما بيوت بِتَر شلتر" مراكز إيواء مؤقت لتقديم المساعدات الأوليّة، ومن ثمّ يجب أن يندمج اللاجئون في المجتمعات المضيفة بعيدًا عن المخيمات. وكثيرًا ما تكون تكاليف هذا "الاندماج" البشريّة والنفسيّة والماديّة على اللاجئين وعلى المجتمعات المضيفة وعلى المانحين، أقل بكثير من تكاليف بناء المخيمات والحياة فيها، حسب تقديرها.
ويرى منسق الحملات والتواصل في مؤسسة "بِتَر شيلتر"، أنطوني مرجان في حديثه لرصيف22 أنّ هدف المساكن البديلة التي تبنيها "بِتَر شيلتر" هو "تحسين جودة حياة اللاجئين وإعطاؤهم الحق في الشعور بالأمان، إضافة إلى أنّ هذه البيوت توفّر خصوصيّة كبيرة للاجئين، وهي تقاوم العوامل المناخيّة المختلفة على عكس الخيام التي تُدمّر عند أول عاصفة".
وصلت أعداد اللاجئين السوريين حول العالم إلى حوالى 5.6 مليون، و6.1 مليون نازح في الداخل السوري.
مدن المخيمات؟
"لا يمكن أن تتحول المخيمات إلى مدن ومساكن دائمة إلّا بقرار سياسي" تقول د. حويّك. وتضرب مثالًا بمخيم الزعتري، حيث يعتبر الكثيرون إنّ الزعتري مدينة، لكن "لا يمكن أن تكون مدينة، فالمدينة [بتعريفها السوسيولجي] لا بد أن تتفاعل مع العالم الخارجي. [بينما المخيمات هي] أماكن مغلقة مثل السجون، حتى لو بنت اقتصادات كاملة داخلها"، في الزعتري لا توجد علاقات مدينة ولا بنية سكنيّة كمدينة، لا يوجد صرف صحي ولا كهرباء ولا مدارس ولا مستشفيات ولا مسارح ولا حريّة الدخول والخروج"، حسب حويّك.
مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت ما زال مخيمًا واقتصاده داخلياً، رغم مرور عشرات السنوات على إنشائه، بالمقابل مخيم برج حمود للأرمن في بيروت، الذي نشأ في بدايات القرن الماضي، تحوّل بمرور الوقت إلى جزء من المدينة بسبب وجود قرار سياسي آنذاك بدمج اللاجئين في المجتمع اللبناني.
المثال الوحيد لمخيم، أُنشِئ بعد وضع الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951، وتحوّل إلى جزء من المدينة في منطقة الشرق الأوسط، هو مخيم اليرموك في مدينة دمشق، وحدث ذلك بسبب قرار سياسي بإدماج الفلسطينيين في المجتمع السوري، حسب الباحثة د. حويّك.
يضيف أنطوني مرجان في حديثه مع رصيف22 أنّ هدف مؤسستهم على المدى الطويل يتطابق مع أهداف الأمم المتحدة، وهو عودة اللاجئين إلى بيوتهم ومدنهم وقراهم، وليس إعادة توطينهم في بلاد أخرى، "وهو كذلك الهدف على المدى القصير، في حال توفر حلّ سياسي"، يقول مرجان.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 9 ساعاتجميل جدا وتوقيت رائع لمقالك والتشبث بمقاومة الست
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أياممقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ 6 أياممقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ اسبوعينلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعيناخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.